تراث «بلاد الرافدين» يسجل حضوره في القاهرة

عبر منسوجات ونحاسيات وأباريق الفنان العراقي علي الطائي

الفنان علي أمين الطائي
الفنان علي أمين الطائي
TT

تراث «بلاد الرافدين» يسجل حضوره في القاهرة

الفنان علي أمين الطائي
الفنان علي أمين الطائي

تُعد الحرف التقليدية في العراق من أبرز الفنون التي تتجذر في عمق ثقافة هذا البلد وتاريخه، فضلاً عن تنوعها الواسع وثرائها الحضاري، ويحرص الفنانون العراقيون على حفظ هويتهم الفنية حتى عند خروجهم من وطنهم الأم إلى دول أخرى، ومنهم علي أمين الطائي، الذي افتتح أخيراً بالقاهرة غاليري فنياً يحمل اسمه، وعدَّ متابعون الغاليري الجديد أنه «نافذة على ثقافة وحضارات بلاد الرافدين من خلال ما يتضمنه من منتجات تواجه أي موجات للاندثار أو للانحسار للشخصية الفنية لبلاده».
في أعماله كل ما من شأنه أن يرمز إلى «بلاد الرافدين»، فهي كترانيم قادمة من أعتاب بوابات بابل، إذ تضم تشكيلة فنية واسعة منها المنسوجات والنحاسيات والفخاريات واللوحات والمعلقات والحُليّ والقلل، والأباريق، والأواني والحباب والمزهريات ووحدات الإضاءة، وغير ذلك من منتجات تبرز الرموز الفولكلورية الشعبية والقباب ذات الشبابيك القديمة والألوان الصادحة المبهجة التي يحرص على استخدامها.

                                                                    فولكلور شعبي وتطريز يدوي
يقول الطائي لـ«الشرق الأوسط»: «نشأت في أسرة صغيرة في بغداد حتى سن الثامنة والعشرين من عمري، قبل مغادرة العراق، فقدت كنت أنتوي إقامة مشروعي الخاص في مسقط رأسي، وأستكمل مسيرة والدي في الفن والحياة، إلا أن ظروف الحرب وتداعياتها في حينها حالت دون ذلك، ومن هنا جئت إلى مصر من دون تخطيط مسبق، فكانت لي أرضاً طيبة وشعباً مضيافاً».
تتميز أعمال علي الطائي بتنوع شديد حيث يقدم مجموعة كبيرة من الحرف والأساليب الإبداعية المختلفة، ويأتي ذلك انعكاساً لتعدد الحرف والصناعات الفنية العراقية، يقول: «تراث العراق غني ومتنوع، فالفنون الموجودة في المنطقة الشمالية بالعراق على سبيل المثال تختلف عما هي عليه في منطقتي الوسط والجنوب».
ويؤكد الطائي أنه يقدم أعمالاً تندرج بشكل أساسي تحت مسمى الفنون التشكيلية، فكل ما يخص الفن أحتفي به للغاية، وكل عمل وإن كان بسيطاً فهو بصفة عامة أرض خصبة لتكوين قطعة فنية، فما بين اللوحات والمعلقات الجدارية والمفروشات والخزف والمعادن والكثير من التفاصيل يكمن فني».

                                                                                     زخم فني وحضاري
ورغم أنه يستلهم من تراث بلاده وينهل من كنوزها فإن منجزاته الفنية لا تعد تقليداً أو نسخاً مكررة من أعمال سابقة، إذ تحمل تكوينات لونية مختلفة، ومزجاً جريئاً من الخامات، يقول: «أستخدم في الرسم جميع أنواع الألوان من زيت وأكريلك وأحبار وباستيل وفحم وغير ذلك، كما تتعدد في المجسمات والمعلقات والمفروشات وسائط من القماش والخشب والزجاج والفخار، بل أدمج بالعمل الواحد أكثر من نمط وأسلوب ومدرسة وخامة ليخرج العمل إلى النور محاكياً الغرابة والتميز».
ويتابع: «رسمت أيضاً على المسطحات يدوياً، فحتى الجدران كان لها نصيب من خطوطي وكل تلك الخامات إلى جانب الدقة الشديدة التي أنمنم بها تفاصيل لوحاتي قد أضفت على أعمالي صبغة الاختلاف، ولكم تكون سعادتي حين أسمع من الناس مقولة: نحن نعرف فنك من قبل أن نشاهد توقيعك مذيلاً في زاوية العمل».
اللافت أن الفنان الحاصل على شهادتين جامعيتين إحداهما في هندسة الكهرباء والأخرى في علوم الكومبيوتر وإن كان يقدم فناً عراقياً خالصاً فإنه في الوقت ذاته يقدم خطاباً تشكيلياً يحمل قيماً بصرية يتحاور من خلالها دائماً مع الجمهور باختلاف ثقافتهم ومرجعيتهم التراثية، مستنداً إلى خياله، ما يدفع المتلقي إلى محاولة فك رموز العمل التشكيلي بصرف النظر عمّا يحمله من رموز وموتيفات جاءت من حضارة بعينها.

                                                        أناقة بتوقيع التراث العراقي بتوقيع علي الطائي
استلهم الطائي في أعماله أشكالاً لحيوانات بعضها مألوف وبعضها الآخر منقرض، فإلى جانب الفيلة والأسود والأسماك نعثر على الثيران المجنحة ربما تأثراً بالثور الآشوري، كما نلتقي مع الطيور والحيوانات ذات الأجسام المركّبة التي ترتبط عبر علاقات تشكيلية أسطورية لا تخلو من النزعة الدرامية، كما تطل علينا في أعماله جمال نسوة بغداد والبصرة والموصل وخيرات الأنهار والأرض اليابسة معاً.
وتزخر الأعمال بالموروثات الشعبية التي حددها الفنان في رسوم وأشكال لطالما شاهدها وتأثر بها في البيوت العراقية خصوصاً في الريف مثل حدوة الحصان وكفوف الحناء والعيون الزرقاء، وازدانت كذلك أعماله بكتابات قرآنية وكلمات بالخط العربي تحمل طاقات روحانية وتعبر عن مشاعر وأحاسيس متنوعة تعامل معها جميعاً بروح شاعرية.
إلى هذا يتوقع الطائي لمركزه الفني الانتشار الواسع، ولا يعد تأسيسه في مصر نوعاً من المغامرة أو المخاطرة: «أراه مركزاً ثقافياً عراقياً متكاملاً، فهو يشمل ورشة ومرسماً وصالة عرض لجميع أعمالي الفنية المستلهمة من تراث بلادي، إلى جانب أنه من خلال ما يشهده من نشاطات وندوات إنما يمثل مكاناً لتبادل الأفكار والحوارات الفنية مع الضيوف من فنانين ونقاد وجمهور سواء من المصريين أو العرب والأجانب الزائرين لمصر».
ويواصل: «(أرض الكنانة) تمثل نموذجاً فريداً لدعم كل موهبة حقيقية توجد على أرضها، ويزيد من الأمر بالنسبة لي أن ما بين العراق ومصر الكثير من المشتركات، من حيث الحضارة والتاريخ وتفاصيل الطبيعة ومراكز الثقافة ومنارات العلوم، ما يسهم في اندماجي وانصهاري هنا سريعاً».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

قائد الجيش اللبناني يتقدم رئاسياً وباسيل يواجه صعوبة بتأمين البديل

جلسة التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون قبل ثلاثة أسابيع (الوكالة الوطنية للإعلام)
جلسة التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون قبل ثلاثة أسابيع (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

قائد الجيش اللبناني يتقدم رئاسياً وباسيل يواجه صعوبة بتأمين البديل

جلسة التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون قبل ثلاثة أسابيع (الوكالة الوطنية للإعلام)
جلسة التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون قبل ثلاثة أسابيع (الوكالة الوطنية للإعلام)

يخطئ من يستعجل الرهان، منذ الآن، على أن قائد الجيش اللبني العماد جوزف عون استُبعد من السباق إلى رئاسة الجمهورية كونه لا يزال يتصدر لائحة المرشحين، وفق ما تقول مصادر نيابية لبنانية لـ«الشرق الأوسط». وتؤكد أنه (عون) لا يزال يتمتع بتأييد محلي ودولي، ومن غير الجائز الدخول في بحث يتعلق بالخيارات الرئاسية ما بعد استبعاده بذريعة أنه في حاجة إلى تعديل دستوري بأكثرية ثلثي أعضاء البرلمان، وبعدد مماثل لإيصاله إلى القصر الجمهوري في بعبدا.

وتؤكد المصادر النيابية، التي تدور في فلك الكتل الوسطية في البرلمان، ومعها عدد من النواب المستقلين، أن «ورقة عون الرئاسية لا تزال قائمة بقوة، ولا يمكن منذ الآن الانجرار وراء حرق المراحل» قبل ثلاثة أسابيع من الموعد الذي حدده رئيس المجلس النيابي نبيه بري في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية.

قائد الجيش العماد جوزف عون (رويترز)

وتلفت إلى أن الكتل النيابية تنصرف حالياً لإعادة تجميع صفوفها والالتفات إلى النواب الذين يتموضعون في منتصف الطريق بين المعارضة ومحور الممانعة في محاولة لكسب تأييدهم. وتكشف المصادر لـ«الشرق الأوسط» أنها لم تحقق حتى الآن التقدم المطلوب، فيما قطع العدد الأكبر من النواب المنتمين إلى الطائفة السنية شوطاً على طريق التحضير للقاء جامع يرجّح بأن يُعقد قريباً فور الانتهاء من التحضير له تحت عنوان رفض المجيء برئيس من طرف سياسي واحد.

وتنقل عن عدد من النواب السنّة قولهم إن الاجتماع سيضم أكثر من 15 نائباً، وأن لا مانع من تطعيمه بنواب من الطوائف الأخرى ممن «نتوافق وإياهم على ضرورة انتخاب رئيس لا يشكل تحدياً لأحد ويتمتع بالمواصفات التي حدّدتها اللجنة (الخماسية)، لأن من دونها لا يمكن تعبيد الطريق للانتقال بالبلد إلى مرحلة التعافي».

وتؤكد المصادر نفسها أن الحضور لن يقتصر على نواب من لون واحد، وأن المدعوين ينتمون إلى أبرز المكونات النيابية في البرلمان، وتقول بأن التحضير للقاء نيابي سني جامع نوقش في الاجتماع الذي عُقد بين النواب فؤاد مخزومي وعبدالرحمن البزري وفيصل كرامي ومسؤول «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» (الأحباش) عن الملف الرئاسي أحمد الدباغ. وتتوقع أن يشارك في الاجتماع، إضافة إلى مخزومي والبزري وكرامي، النواب سجيع عطية، وأشرف ريفي، وأحمد الخير، ووليد البعريني، ومحمد سليمان، ومحمد يحيى، وأحمد رستم، وعبد العزيز الصمد، وحسن مراد، وعدنان الطرابلسي، وطه ناجي، وعماد الحوت، ونبيل بدر، وبلال الحشيمي. ولم تستبعد أن ينضم إليهم المرشح نعمت أفرام وجميل عبود.

تحولات المنطقة

وتضيف أن المدعوين سيناقشون إمكانية مقاربة الملف الرئاسي من موقع موحد من دون الدخول في أسماء المرشحين، على الأقل في المدى المنظور. وتؤكد أن التحولات التي شهدتها المنطقة ستكون حاضرة على طاولة البحث في ضوء سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، والاستعداد لتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته.

وترى المصادر نفسها أن بعض النواب من المدعوين يستعدون، مع سقوط بشار الأسد، للتموضع محلياً وعربياً في الوسط لاعتقادهم أن التحولات أدت إلى إعادة خلط الأوراق محلياً وصولاً إلى إصرارهم على تشكيل قوة نيابية ضاغطة يُحسب لها حساب في انتخاب الرئيس، ولا يمكن تجاهلها في حال توافقت مع «اللقاء الديمقراطي» و«اللقاء النيابي المستقل» الذي يضم النواب الذين خرجوا أو أُخرجوا من «التيار الوطني الحر» برئاسة جبران باسيل.

وتراهن على أن توصل النواب السنّة إلى إقامة تكتل نيابي يعني أنه انضم إلى عداد من يسمونهم بالرقم الصعب الذي لا يمكن تجاهله للتوصل إلى رئيس توافقي، وبالتالي تمكنوا من إثبات حضورهم في انتخابه بخلاف التعاطي معهم سابقاً على أنهم يفتقدون إلى المرجعية القادرة على التأثير في القرار السياسي.

خريطة التحالفات

وتكشف المصادر أن مجرد توافق النواب السنّة على إقامة تجمع نيابي شامل يعني حكماً أن البرلمان مع الاستعدادات الجارية لانتخاب الرئيس يشهد تحولاً في ميزان القوى لا يمكن تخطيه، خصوصاً أن خريطة التحالفات النيابية لم تعد كما كانت قبل سقوط بشار الأسد وانكفاء إيران إلى الداخل بعد أن افتقدت إلى وحدة الساحات.

استعجال باسيل

وتؤكد أن الاستعدادات، من وجهة نظر باسيل، لمرحلة ما بعد استبعاد العماد عون من السباق الرئاسي لا تلقى التجاوب المطلوب باعتبار أنه - أي عون، لا يزال يتقدم السباق، وأن استعجاله ليس في محله. وهذا ما اصطدم به باسيل لدى إقناعه، كما يقول خصومه، «الثنائي الشيعي» (حركة أمل وحزب الله) للتحرك لضمان تأييد 65 نائباً أو أكثر لإيصال مرشحهما في دورة الانتخاب الثانية إلى الرئاسة، خصوصاً أنه يتعذر عليه تأمين العدد المطلوب، مع ميل زعيم تيار «المردة» سليمان فرنجية للتموضع في مكان آخر لن يكون في عداده باسيل، وهو يتحضر لتحديد موقفه النهائي من المرشحين، وإن كان أعلن سابقاً دعمه ترشيح العماد عون في حال عزوفه شخصياً عن الترشح.

تباين مع «الثنائي»

وتلفت إلى أن اجتماعه بالمعاون السياسي لرئيس البرلمان النائب علي حسن خليل انتهى على تباين، برغم أن مصادر في «الثنائي الشيعي» ما زالت تراهن على استرداده وكسب تأييده، وتتعامل مع موقفه المستجد على أنه ليس أكثر من رد فعل يمكن استيعابه قبل انعقاد جلسة الانتخاب.

وتقول المصادر إن باسيل بانفتاحه على «الثنائي الشيعي» يراهن على المجيء برئيس من طرف واحد، لكنه يواجه صعوبات، خصوصاً وأن «اللقاء الديمقراطي» (برئاسة النائب تيمور جنبلاط) ليس في وارد انتخاب رئيس هو أقرب إلى اللون الواحد بالمفهوم السياسي للكلمة، ويصر على أن يكون ثمرة تقاطع مع المعارضة. وتؤكد أنه جرت محاولة لكسب تأييد «اللقاء النيابي المستقل» كبديل عن «اللقاء الديمقراطي» لكنه لم يتردد في قطع الطريق، كما تقول مصادره، على من يحاول إيصال فريق من طرف واحد، خصوصاً وأنه يتعذّر على من يدعم هذا التوجّه تأمين 65 نائباً لإيصاله إلى بعبدا.

لذلك لا يزال العماد عون يتقدم المرشحين للرئاسة، ولا يمكن استباق ما سترسو عليه الاتصالات الجارية للانصراف منذ الآن للإعداد لمرحلة ما بعد استبعاده.