انتخابات لجان البرلمان اللبناني تفرض تغييراً في الأعراف المسبقة

إجراؤها كرّس العملية الديمقراطية من دون تبدل كبير في توزيع الحصص

الرئيس نبيه بري ونائب رئيس المجلس إلياس بو صعب في جلسة البرلمان أمس (الشرق الأوسط)
الرئيس نبيه بري ونائب رئيس المجلس إلياس بو صعب في جلسة البرلمان أمس (الشرق الأوسط)
TT

انتخابات لجان البرلمان اللبناني تفرض تغييراً في الأعراف المسبقة

الرئيس نبيه بري ونائب رئيس المجلس إلياس بو صعب في جلسة البرلمان أمس (الشرق الأوسط)
الرئيس نبيه بري ونائب رئيس المجلس إلياس بو صعب في جلسة البرلمان أمس (الشرق الأوسط)

نجح «النواب التغييرون» والنواب المعارضون في لبنان في كسر الأعراف التي كانت قائمة في انتخابات اللجان النيابية طوال السنوات السابقة عبر فرضهم التصويت لاختيار رؤساء اللجان وأعضائها بدل «المحاصصة» التي كانت تحصل في توزيع رئاسات اللجان وأعضائها بين الأحزاب ولا سيما الكتل الكبيرة منها. لكن هذا التغيير الذي تجسد في الاستحقاق الثاني بعد انتخابات رئيس البرلمان ونائبه، على أهميته، يبدو أن مفاعيله بدت محدودة بحيث إن توزيع النواب الذين انتخبوا في اللجان التي تصنف على أنها «مهمة»، بقي تقريباً كما كان في السابق، وهو الأمر الذي وإن وضع ضمن اللعبة الديمقراطية، لكنه عكس اتفاقات مسبقة بين الكتل الكبرى التي انتهت باستبعاد معظم مرشحي «التغيير» عنها.
ورغم أن المفاوضات بين الأحزاب والكتل استمرت حتى الساعات الأخيرة قبل موعد الجلسة يوم أمس سعياً للاتفاق على توزيع الكتل برئاساتها وأعضائها لتفادي الانتخابات التي ستستغرق وقتاً طويلاً، فهي لم تنجح في ذلك وأجريت الانتخابات في جلسة قبل الظهر على «لجنة المال والموازنة» و«الإدارة والعدل». لكن نتائج هذه الانتخابات لم تحدث تغييرات لافتة في انتماءات النواب الحزبية على أن يتم انتخاب رؤسائها لاحقاً، وذلك مع ترجيح بقاء النائب في حزب «القوات اللبنانية» جورج عدوان على رأس «الإدارة والعدل» والنائب في «التيار الوطني الحر» إبراهيم كنعان على رأس «المال والموازنة»، فيما سُجل خرق واحد في الأخيرة عبر دخول نائب «كتلة التغيير» إبراهيم منيمنة، إضافة إلى فوز عدد من النواب المعارضين أبرزهم ميشال معوض في «المال والموازنة» ونديم الجميل من «حزب الكتائب» في «الإدارة والعدل».
وقد استغرق انتخاب أعضاء لجنتي المال والموازنة، والإدارة والعدل وقتاً طويلاً، فيما أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن المطلوب من الجميع المشاركة والقيام بالواجب في كل اللجان، ويستطيع النائب أن يشارك في لجنة ليس عضواً فيها، مشيراً إلى تعثر التوافق بالقول: «لقد أفسحنا المجال من أجل التوافق، ومع الأسف لم ألمس هذا الجو، وتأكدوا أنه من دون التوافق لا يمكن أن ننتهي في أسبوع، وأتمنى تخفيف هذا الأمر. المطبخ الحقيقي هو في اللجان».
وبعد انتهاء انتخاب اللجنتين، رفع رئيس مجلس النواب نبيه بري عند الساعة الثانية والنصف من بعد الظهر الجلسة الأولى إلى الساعة السادسة مساء وتم الإعلان عن فوز بالتزكية لخمس لجان أخرى، من أصل 17 لجنة، شارك في كل منها نائب أو أكثر من «نواب التغيير» وهي الشؤون الخارجية، الإعلام والاتصالات، الشباب والرياضة، حقوق الإنسان والمرأة والطفل.
وفي هذا الإطار، يؤكد النائب إبراهيم منيمنة لـ«الشرق الأوسط» «أن ما حصل في انتخابات اللجان هو تكريس للعملية الديمقراطية بعدما كان يتم الاتفاق والمحاصصة على توزيع اللجان النيابية بين الكتل الكبرى، معتبراً في الوقت عينه أن عدم إحداث تغيير كبير في توزيع اللجان الأساسية وإن كان نتيجة اتفاق الكتل الكبيرة فيما بينها، لا يمكن اعتباره خرقاً للقانون أو للعملية الديمقراطية. ويضيف «من الواضح أن الأحزاب صوتت لمرشحي بعضها البعض وبالتالي فوزها كان أكبر لأن حضورها في البرلمان أكبر لكن هذا لا يعني أن النواب الذين لم يحالفهم الحظ لن يشاركوا في اجتماعات اللجان بل سيكونون حاضرين فيها وفق ما يسمح لهم به القانون وسيكونون العين المراقبة التي تتابع وتعارض وتنقل الصورة إلى الخارج».
ووصف الخبير القانوني أنطوان صفير ما حصل يوم أمس لجهة انتخاب اللجان بأنه «أمر جيد» بعيداً عن التوافق الذي اعتدنا عليه والذي كان في أحيان كثيرة يختزل الآراء الأخرى ولا يعطي للنائب حق إبداء رأيه. ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أن ما حصل هو تقدم في العملة الديمقراطية وأظهر تغييراً في تكوين البرلمان الذي بات مؤلفاً من مجموعات مختلفة وأدى إلى عدم التوافق على كل الأمور. وكما منيمنة لا يعتبر صفير أن نتائج انتخابات اللجان التي أفرزت «أكثرية» لصالح الأحزاب خرق للقانون، ويقول المهم أن الانتخابات أجريت والتوافق على الأسماء بين الكتل أمر طبيعي ضمن اللعبة الديمقراطية طالما لم يحصل أي تلاعب بالنتائج.


مقالات ذات صلة

25 حزباً موريتانياً تتنافس في انتخابات «توافقية» سابقة لأوانها

العالم 25 حزباً موريتانياً تتنافس في انتخابات «توافقية» سابقة لأوانها

25 حزباً موريتانياً تتنافس في انتخابات «توافقية» سابقة لأوانها

انطلقت فجر أمس، الحملة الانتخابية للاستحقاقات التشريعية والجهوية والمحلية، التي تنظم بشكل متزامن في موريتانيا يوم 13 مايو (أيار) المقبل، والتي يتنافسُ فيها 25 حزباً سياسياً ضمن أكثر من ألفي لائحة انتخابية، لنيل ثقة 1.7 مليون ناخب موريتاني. وكان من المفترض أن تنظم الانتخابات في شهر أغسطس (آب) المقبل، لكن تم تعجيلها إلى شهر مايو، بموجب اتفاق سياسي بين أحزاب الموالاة والمعارضة، تفادياً لتنظيمها في موسم الأمطار، حيث تنتشر الفيضانات والعواصف، ما يمنع الوصول إلى مناطق نائية من البلد، وهو ما تسبب في مشاكل كبيرة خلال الانتخابات السابقة (2018). وبموجب الاتفاق السياسي نفسه الذي أشرفت عليه وزارة الداخلية

الشيخ محمد (نواكشوط)
العالم 25 حزباً موريتانياً تتنافس في انتخابات «توافقية» مبكرة

25 حزباً موريتانياً تتنافس في انتخابات «توافقية» مبكرة

انطلقت فجر اليوم (الجمعة) الحملة الانتخابية للاستحقاقات التشريعية والجهوية والمحلية، التي تنظم بشكل متزامن في موريتانيا يوم 13 مايو (أيار) المقبل، والتي يتنافسُ فيها 25 حزباً سياسياً ضمن أكثر من ألفي لائحة انتخابية، لنيل ثقة 1.7 مليون ناخب موريتاني. وكان من المفترض أن تنظم الانتخابات في شهر أغسطس (آب) المقبل، لكن جرى تعجيلها إلى شهر مايو، بموجب اتفاق سياسي بين أحزاب الموالاة والمعارضة، تفادياً لتنظيمها في موسم الأمطار، حين تكثر الفيضانات والعواصف، ما يمنع الوصول إلى مناطق نائية من البلاد، وهو ما تسبب في مشكلات كبيرة خلال الانتخابات السابقة (2018). وبموجب الاتفاق السياسي نفسه الذي أشرفت عليه وز

الشيخ محمد (نواكشوط)
العالم «تجمع الأحرار» المغربي يفوز بمقعد نيابي في انتخابات جزئية

«تجمع الأحرار» المغربي يفوز بمقعد نيابي في انتخابات جزئية

فاز حزب «التجمع الوطني للأحرار» المغربي، متزعم الائتلاف الحكومي، بمقعد نيابي جديد عقب الانتخابات الجزئية، التي أُجريت أمس بالدائرة الانتخابية في مدينة بني ملال، الواقعة جنوب شرقي الدار البيضاء. وحصل مرشح الحزب عبد الرحيم الشطبي على أعلى عدد من الأصوات، حسب النتائج التي أعلنت عنها السلطات مساء (الخميس)، حيث حصل على 17 ألفاً و536 صوتاً، في حين حصل مرشح حزب الاتحاد الاشتراكي المعارض على 2972 صوتاً، بينما حل مرشح «الحركة الشعبية» في المرتبة الثالثة بـ2259. ويشغل الشطبي، الذي فاز بمقعد نيابي، منصب المنسق الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار في جهة بني ملال - خنيفرة. وشهدت الانتخابات الجزئية مشاركة ضعي

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم ما الدور المرتقب للقبائل الليبية في الانتخابات المُنتظرة؟

ما الدور المرتقب للقبائل الليبية في الانتخابات المُنتظرة؟

أعادت التحركات الجارية في ليبيا حالياً باتجاه السعي لإجراء الانتخابات العام الجاري، القبائل إلى دائرة الضوء، وسط توقع سياسيين بأنه سيكون لها دور في السباق المنتظر، إذا توفر التوافق المطلوب بين الأفرقاء، والذي تعمل عليه البعثة الأممية. ويرى سياسيون أن الاستحقاق المنتظر يعد بوابة للقبائل في عموم ليبيا، لاستعادة جزء من نفوذها الذي فقدته خلال السنوات الماضية على خلفية انخراطها في حسابات الصراع السياسي والعسكري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم إردوغان يلغي أنشطته الانتخابية اليوم بسبب إنفلونزا المعدة

إردوغان يلغي أنشطته الانتخابية اليوم بسبب إنفلونزا المعدة

قطع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس (الثلاثاء)، مقابلة تلفزيونية مباشرة قبل أن يعود ويعتذر متحدثاً عن إصابته بإنفلونزا المعدة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. ألقى الزعيم البالغ التاسعة والستين ثلاثة خطابات انتخابية، أمس، قبل انتخابات رئاسية وتشريعية في 14 مايو (أيار) تبدو نتائجها غير محسومة. وكان مقرراً أن يُنهي إردوغان الأمسية بمقابلة مباشرة مشتركة مع قناتي «Ulke» و«Kanal 7»، وقد بدأ ظهوره التلفزيوني بعد تأخير لأكثر من 90 دقيقة، ثم قطعه بعد عشر دقائق خلال طرح سؤال عليه. وعاد إردوغان بعد 15 دقيقة واعتذر قائلاً إنه أصيب بوعكة. وأوضح: «أمس واليوم كان هناك عمل كثير.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».