واصل قضاة تونس أمس، إضرابهم عن العمل لليوم الثاني على التوالي، احتجاجاً على إعفاء 57 قاضياً من مهامهم، متحدين بذلك قرار الرئيس قيس سعيد الذي أمر وزيرة العدل باقتطاع أيام العمل من رواتب القضاة المضربين.
وقال يسري السلطاني، الكاتب العام لجمعية القضاة التونسيين، إن القضاة على استعداد لتقديم أجورهم وأكثر من ذلك، في سبيل المحافظة على السلطة القضائية، معتبراً أن الاقتطاع من الأجور «يمثل ممارسة للتجويع ولترهيب القضاة قصد دفعهم للتنازل»، ومشدداً على أن «المس من الأمان المالي للقضاة لن يجعلهم يتراجعون عن استقلاليتهم».
من جهته، أوضح رابح الخرايفي، الباحث في القانون النيابي والدستوري، أن القضاة «لن يستفيدوا كثيراً من الإضراب، ولن يجبروا رئيس الجمهورية على إلغاء الأمر الرئاسي المتعلق بعزل القضاة»، مرجحاً إمكانية أن يتبع هذا القرار قرارات أخرى. كما أكد الخرايفي أن إضراب القضاة «سيلحق الضرر بالمتقاضين وسيعطل مصالحهم، وسيزيد من ترسيخ فكرة أن القضاء فاسد لدى العامة، وتزداد نقمة المواطنين على القضاء والقضاة»، مشيراً في هذا السياق إلى أن «الإضراب يؤكد رواية رئيس الجمهورية، التي تذهب إلى أن الفساد مستشرٍ في القضاء، وسيرفع من شعبية الرئيس بالتفاف الناس والمزاج العام حوله».
يذكر أن قضاة تونس قرروا خوض إضراب لمدة أسبوع قابل للتجديد بكل محاكم البلاد.
في غضون ذلك، عين الرئيس سعيد 13 والياً جديداً لسد الفراغ الحاصل في ثماني ولايات (محافظات)، إضافة إلى تعيين خمسة ولاة آخرين ليكتمل النصاب، قبل نحو شهر ونصف الشهر من موعد الاستفتاء الشعبي المقرر في 26 من يوليو (تموز) المقبل. وجاء هذا القرار بعد أن ظلت ولايات صفاقس وسوسة، والمنستير وقابس وسيدي بوزيد، وقبلي وجندوبة وزغوان، تعمل منذ أشهر دون وجود ممثل جهوي للحكومة، وهو ما دفع عدة أحزاب ومنظمات المجتمع المدني للضغط على الحكومة من أجل سد الشغور، وتجاوز حالة غياب القرار السياسي في هذه الولايات المهمة.
وشملت قائمة الولاة المعينين من قبل الرئيس سعيد عدة مفاجآت، من بينها تعيين والٍ على منطقة سيدي بوزيد، مهد الثورة التونسية، سبق أن قضى 21 سنة في حالة بطالة. وعرف عنه معارضته لقرار سعيد المتعلق بإلغاء القانون الخاص بالانتداب في الوظيفة العمومية.
ويرى مراقبون أن الرئيس التونسي فضّل في تعييناته الجديدة التوجه نحو اختصاصات اقتصادية، في محاولة لحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة، واستدلوا على ذلك بوالية نابل الحاصلة على شهادة عليا في العلوم الاقتصادية، ووالي سوسة الذي يعمل مستشاراً لدى الغرفة التجارية الفرنسية - التونسية، وله مؤلفات في القانون الدولي، إلى جانب دراسات حول خصوصية التجارة الإلكترونية، في حين أن والي صفاقس الجديد رجل أعمال ينشط في عدد من القطاعات الاقتصادية، وهو أيضاً خبير في الشأن الاقتصادي.
وبهذا الخصوص، قال بسام الحمدي، المحلل السياسي التونسي، إن الرئيس سعيد استدرك بعض مواقفه السياسية الخاصة بعلاقته برجال الأعمال، ودورهم في المشهد العام الوطني خلال المرحلة الحالية، وعاد إلى نهج التقارب والتودد إلى بعضهم، بهدف نيل بعض الاستقرار الاقتصادي والمالي، مضيفاً أن سعيد «وبعد أن أكد عدة مرات أن كثيراً من رجال الأعمال تسببوا في انتشار طاعون الفساد في البلاد، بدأ يفتح أحضانه لبعض رجال الأعمال، وشرع في استقطاب بعضهم لمشروعه السياسي، لنيل سند اقتصادي قد يقلص من حدة الأزمة الحالية، ويحقق قليلاً من التوازن الاجتماعي»، على حد تعبيره. فيما يرى مراقبون أن سعيد اعتمد هذا النهج الجديد بعد فترة قليلة من إصداره مرسوماً يعرض فيه على رجال أعمال، تورطوا في قضايا فساد، العفو مقابل الاستثمار في مشاريع حكومية.
من جهة ثانية، شدد وزير الشؤون الاجتماعية، مالك الزاهي، خلال تقديم الحكومة لبرنامجها الإصلاحي أمس، على أن جملة الإصلاحات التي أقرتها الحكومة «كانت ضرورية لإيقاف النزيف القائم في البلاد، وما خربته الحكومات السابقة»، مؤكداً أن بعض الإصلاحات لن تشمل ضعفاء الحال والفئات الهشة والطبقة المتوسطة، ولن تكون على حسابها.
كما أبرز الوزير أن هناك إجراءات مصاحبة لهذه الإصلاحات، مؤكداً أن الحكومة تبنت عبر وزارة الشؤون الاجتماعية نهجاً لدعم العائلات المعوزة، من خلال برنامج الأمان الاجتماعي، عبر الرفع في قيمة المنحة الشهرية المخصصة للعائلات الفقيرة، ومحدودة الدخل من 180 ديناراً إلى 200 دينار، وتخصيص اعتمادات للوزارة بقيمة 840 مليون دينار للنهوض بالفئات الهشة، والرفع من عدد العائلات المنتفعة من 270 ألف عائلة إلى 310 آلاف عائلة.
قضاة تونس يواصلون إضرابهم رغم قرار الاقتطاع من رواتبهم
سعيد يعين 13 والياً جديداً بخلفيات اقتصادية
قضاة تونس يواصلون إضرابهم رغم قرار الاقتطاع من رواتبهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة