قراءتان للحراك الغربي ضد إيران في إطار «الطاقة الذرية»

ممثل إيران لدى «الذرية الدولية» محمد رضا غائبي يتحدث في الهاتف قبل انطلاق اجتماع مجلس المحافظين في فيينا أمس (أ.ف.ب)
ممثل إيران لدى «الذرية الدولية» محمد رضا غائبي يتحدث في الهاتف قبل انطلاق اجتماع مجلس المحافظين في فيينا أمس (أ.ف.ب)
TT

قراءتان للحراك الغربي ضد إيران في إطار «الطاقة الذرية»

ممثل إيران لدى «الذرية الدولية» محمد رضا غائبي يتحدث في الهاتف قبل انطلاق اجتماع مجلس المحافظين في فيينا أمس (أ.ف.ب)
ممثل إيران لدى «الذرية الدولية» محمد رضا غائبي يتحدث في الهاتف قبل انطلاق اجتماع مجلس المحافظين في فيينا أمس (أ.ف.ب)

لم تكن مسارعة وزير الخارجية الإيراني للرد على سعي الدول الغربية الرئيسية «الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا» بدفع من الأولى لاستصدار قرار من مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة النووية يتضمن تنديداً بعدم تعاون إيران وعجزها عن تقديم «إجابات مرضية» بخصوص مصدر آثار اليورانيوم التي وجدت في ثلاثة مواقع غير معلنة مثيرة للدهشة بالنظر للتحديات التي يطرحها على السلطات في طهران، وللمآلات التي يمكن أن يسلكها والتي من شأنها أن تضع إيران في موقع صعب.
وتعتبر مصادر أوروبية في باريس أن مصدر القلق الرئيسي بالنسبة لإيران يكمن في احتمال أن يفتح تبني القرار الغربي الباب أمام نقل الملف النووي إلى مجلس الأمن الدولي، والسعي لتشغيل ما يسمى آلية «سناب باك» المتضمنة في بنود الاتفاق النووي لعام 2015 وفي قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 الذي صدق عليه.
وتمثل آلية «سناب باك» ورقة ضغط رئيسية خطيرة على الجانب الإيراني بسبب كيفية تفعيلها في مجلس الأمن. وعملياً، يكفي أن يتقدم أي من «الأطراف المشاركة» في اتفاق فيينا بشكوى إلى المجلس بحجة تبين وجود «فشل ذريع» لطرف من الأطراف «والمقصود به هنا إيران» في احترام تعهداته حتى يتعين على المجلس المذكور الالتئام. ويتعين على المجلس، خلال مهلة ثلاثين يوماً، أن يصوت على مشروع قرار يدعو نصه إلى تأكيد استمرار رفع العقوبات الدولية «غير الأميركية» التي كانت مفروضة على إيران قبل أن تجمد بفضل الاتفاق المسمى رسمياً «خطة العمل الشاملة المشتركة». ويكفي عندها أن تصوت أي دولة تتمتع بحق النقض «الفيتو» ضد المشروع حتى يستأنف العمل بالعقوبات السابقة بشكل آلي. واللافت أن الفقرة الخاصة بصياغة النص وبالتصويت جاءت بشكل مبتكر جداً بحيث إنها تحرم الدول الرافضة لإعادة فرض العقوبات عملياً من حق النقض وتحفظه للدول الساعية لإعادة العمل بها.
وسبق لإدارة الرئيس السابق دونالد ترمب أن حولت تفعيل «سناب باك»، إلا أنها واجهت موجة من الجدل باعتبار أن واشنطن قد خرجت من الاتفاق وفقدت بذلك حقها في التوجه لمجلس الأمن. وكان الرد الأميركي أن القرار 2231 يتحدث عن الأطراف «المشاركة» في الاتفاق وهو حال واشنطن رغم انسحابها منه.
ترى المصادر المشار إليها أن تفعيل آلية «سناب باك» سيقضي عملياً على مفاوضات فيينا. وتشير هذه المصادر إلى أن فشل طهران في توفير الإجابات المقنعة للوكالة الدولية ليس أمراً جديداً؛ إذ إن آثار اليورانيوم المترتبة على أنشطة بشرية والتي يظن أنها على علاقة ببرنامج نووي عسكري، ليست جديدة إذ تعود لعام 2003 وهي سابقة لاتفاق 2015 ولم تحل دون توقيعه. واللافت أيضاً أنه منذ انطلاق مفاوضات فيينا، إبان رئاسة حسن روحاني أو خلفه إبراهيم رئيسي، امتنع الغربيون عن التصويت على أي نص من شأنه القضاء على أي فرصة لإعادة إحياء الاتفاق مع بعض التعديلات علماً بأن طهران لجأت مراراً إلى لغة التهديد والوعيد لإجهاض أي قرار من مجلس حكام الوكالة.
ولم تشذ إيران عن هذه الممارسة هذه المرة؛ إذ سارع حسين أمير عبداللهيان بمناسبة اتصال هاتفي مع «وزير» الخارجية الأوروبي يوم الجمعة الماضي ثم من خلال تغريدة أمس على حسابه على تويتر إلى التنبيه من تبعات «إجراء غير بنَّاء» من طرف الغربيين ملوحاً بـ« رد فوري» لبلاده.
وكتب عبداللهيان قائلاً: «إن أي عمل سياسي من جانب الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث داخل الوكالة الدولية سيؤدي، بلا شك، إلى رد متناسب وفعال ومباشر» من جانب إيران. ووفق الوزير الإيراني، فإنه «يتعين على الذين يدفعون بقرار معادٍ لإيران تحمل تبعاته».
ثمة قراءتان للخطوة الغربية: الأولى تعد أن الهدف منها هو الضغط سياسياً على طهران لدفعها إلى العمل بالتزاماتها والاستجابة لمطالب «الذرية الدولية» التي أبرمت اتفاقاً مع طهران ينص على مسار لتوضيح مصدر اليورانيوم في المواقع الثلاثة ذات الصلة. وتلعب الوكالة، كما قال مديرها رافاييل غروسي، دور «الضامن» لحقيقة البرنامج النووي الإيراني، وبالتالي فإن بقاء «مناطق ظل» فيه والشكوك بأن إيران ما زالت على عادتها في محاولة إبعاد جوانب من أنشطتها النووية عن العيون، خصوصاً تلك التي قد تكون ذات أهداف عسكرية، تمنع الوكالة من القيام بالدور المعهود إليها. ووفق هذه القراءة، فإن مشروع القرار الذي ظهر إلى العلن بعد نشر تقرير الوكالة الدولية الأسبوع الماضي محدود الهدف.
أما القراءة الثانية فإنها تركز على أن غرض الغربيين استخدام مشروع القرار لجلب طهران مجدداً إلى طاولة المفاوضات في فيينا المتوقفة منذ ما يزيد على الشهرين، بسبب ما يعتبره الغربيون «مطالب إيرانية لا علاقة لها بالعقوبات» المفروضة على طهران بسبب برنامجها النووي. والمقصود بذلك تمسك إيران برفع «الحرس الثوري» الإيراني عن لائحة وزارة الخارجية الأميركية للمنظمات الإرهابية الأمر الذي ترفض واشنطن الاستجابة له. وثمة إجماع بين المتابعين للشأن الأميركي أن اقتراب موعد الانتخابات النصفية «الخريف القادم» والمعارضة القوية داخل الكونغرس من الجمهوريين ومن بعض الديمقراطيين لتطبيع وضع الحرس الثوري الذي تعتبره واشنطن مسؤولاً عن عمليات إرهابية عديدة والضغوط التي تمارس على الإدارة من الداخل والخارج، كل ذلك يدفع إدارة بايدن إلى الحذر. ووفق القراءة نفسها، فإن التحرك داخل الوكالة الدولية هدفه «تليين» موقف إيران بشأن «الحرس الثوري» ودفعها للقبول بحل وسطي طرحه المبعوث الأوروبي إنريكي مورا على الوزير عبداللهيان خلال زيارته لطهران يومي 8 و9 مايو (أيار) الماضي. وإذا ما نجحت هذه الخطة تكون الإدارة الأميركية ومعها حلفاؤها الغربيون قد «أصابوا عصفورين بحجر واحد»: الأول، الحصول أخيراً على توقيع إيران على الاتفاق الذي يتم التفاوض بشأنه منذ أكثر من عام وبالتالي إعادة العمل ببنوده التي تنظر إليها الإدارة الأميركية على أنها السبيل الأفضل لإعادة تحجيم البرنامج النووي بعد أن حقق تقدماً كبيراً إلى درجة اقتراب طهران من «العتبة النووية». والثاني، إعادة ضخ النفط الإيراني في الأسواق العالمية ما سيعيد التوازن إليها ويفضي إلى خفض الأسعار التي وصلت إلى مستويات قياسية. وبذلك، يلعب مشروع القرار دور الهراوة الغليظة التي ترفع بوجه طهران للاستفادة من الوقت الذي ما زال متبقياً قبل أن تصبح العودة إلى الاتفاق المعدل عديمة الفائدة.
يبقى السؤال: ما طبيعة الرد الإيراني؟ واضح أنه مرتبط بما سيحصل خلال الأسبوع الجاري وبما سترسو عليه صياغة مشروع القرار والأهم الخيارات والأهداف والبدائل الغربية والإيرانية المرتبطة حكماً بالتطورات السياسية والأمنية والعسكرية ذات الصلة.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)
رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)
TT

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)
رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)

زاد رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي الجدل المثار حول دعوته زعيم حزب «العمال الكردستاني»، السجين عبد الله أوجلان، للحديث بالبرلمان وإعلان حل الحزب وانتهاء الإرهاب اشتعالاً في وقت تشهد فيه تركيا توتراً وغضباً من جانب الأكراد على خلفية عزل 7 رؤساء بلديات منتخبين من صفوف المعارضة بتهمة الارتباط بالعمال الكردستاني وتعيين أوصياء بدلاً منهم.

وجدد بهشلي، وهو الحليف الرئيسي للرئيس التركي رجب طيب إردوغان حيث يشكل حزبه مع «العدالة والتنمية تحالف الشعب» الحاكم للبلاد، تمسكه بالدعوة التي أطلقها من البرلمان في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لحضور أوجلان إلى البرلمان والحديث أمام المجموعة البرلمانية لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد وإعلان حل المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) وترك أسلحتها وانتهاء الإرهاب في تركيا مقابل رفع عزلته والنظر في تعديلات قانونية قد تفضي لإطلاق سراحه.

ويبدو أن حديث بهشلي بشأن إمكانية إطلاق سراح أوجلان لم تكن مقبولة من جانب إردوغان، الذي رحب بما يقوله بهشلي عن إسقاط الإرهاب من أجندة تركيا لكنه تجنب الرد أكثر من مرة على أسئلة تتعلق بإطلاق سراح أوجلان.

خلافات إردوغان وبهشلي

وأبدى بهشلي نوعاً من الامتعاض من قرارات الحكومة عزل رؤساء بلديات أكراد وتعيين أوصياء بدلاً منهم، لا سيما رئيس بلدية ماردين السياسي الكردي المخضرم أحمد تورك، الذي أعلن بهشلي في كلمة أمام مجموعة حزبه بالبرلمان، الثلاثاء، أن بابه مفتوح للقائه، إذا طلب ذلك.

ومنذ أسبوعين، استقبل إردوغان حليفه بهشلي بقصر الرئاسة في أنقرة، ليبدد المزاعم حول خلاف في الرأي بينهما، وعلى الرغم من نفيهما وجود هذا الخلاف، فإن بهشلي عدل اقتراحه بشأن أوجلان، الذي يعد مدخلاً لإنهاء صراع مستمر منذ عام 1984، حيث لم يتطرق هذه المرة لإطلاق سراح أوجلان.

إردوغان استقبل بهشلي في القصر الرئاسي في 14 نوفمبر لتبديد مزاعم الخلافات بينهما (الرئاسة التركية)

كما لم يتحدث عن أي «عملية سلام جديدة» لحل المشكلة الكردية، على غرار تلك العملية التي انخرطت فيها الحكومة في الفترة من 2012 إلى 2015 مع حزب «السلام والديمقراطية»، الذي كان يتزعمه أحمد تورك في ذلك الوقت، والذي حظرته الحكومة وخلفه عدد من الأحزاب الكردية التي خرجت من رحمه.

وأكد بهشلي أنه لم يتراجع عن دعوته لحضور أوجلان إلى البرلمان، وأن «حزب الحركة القومية يقف وراء ما قلناه في 22 أكتوبر». وقال، أمام نواب حزبه بالبرلمان، إن «فصل الأكراد عن الأتراك أمر مستحيل ومجنون، إن مستقبلنا واحد، ويجب أن نزيل الإرهاب تماماً من جدول أعمالنا من خلال تكاتف أيادينا وانصهار قلوبنا».

وأضاف: «يجب أن يكون هناك اتصال مباشر بين إيمرالي (سجن أوجلان) والمجموعة البرلمانية لحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب».

ولم يتأخر رد حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب على بهشلي، وأعلن رئيسه المشارك، تونجر بكيرهان، أنه والرئيسة المشاركة للحزب، تولاي حاتم أوغللاري، تقدما بطلب إلى وزارة العدل لمقابلة أوجلان.

انتقاد لبهشلي

وانتقد بكيرهان، في كلمة أمام المجموعة البرلمانية للحزب الذي يعد ثالث أكبر أحزاب البرلمان التركي، بهشلي والحكومة التركية، قائلاً: «إنهم يواصلون الخروج ونشر الدعاية القذرة»، ويقولون إن حزبنا لا يستمع لأوجلان، ولا يؤيد الحل (حل المشكلة الكردية في تركيا).

وأضاف: «نريد المساهمة في عملية السلام بصفتنا حزباً، من خلال الذهاب والاجتماع مع أوجلان، ونتحدى... لكن من الخطأ الكبير أن ننظر إلى القضية الكردية على أنها إرهاب».

الرئيس المشارك لحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب تونجر بكيرهان خلال حديثه بالبرلمان الثلاثاء (موقع الحزب)

ومنذ مصافحة بهشلي لنواب حزب الديمقراطية ومساواة الشعوب في افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة في أول أكتوبر، ثم دعوته في 22 أكتوبر لفك عزلة أوجلان وتمكينه من الحديث بالبرلمان، أقدمت السلطات التركية على خطوات متناقضة أكدت الشكوك حول خلاف بين إردوغان وبهشلي.

وبعدما سمحت السلطات لابن شقيق أوجلان، نائب حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب عن مدينة شانلي أورفا، بزيارته في 23 أكتوبر، بعد عزلة استمرت 43 شهراً، عادت وفرضت عليه العزلة مجدداً في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بمنع محاميه من لقائه لمدة 6 أشهر.

مظاهرة في تركيا للمطالبة بإنهاء عزلة أوجلان (رويترز)

وعزلت الحكومة 5 رؤساء بلديات موالين للأكراد في مدن بجنوب شرقي تركيا بسبب ارتباطات بحزب العمال الكردستاني، في خطوة أثارت غضب المعارضة والناخبين الأكراد.

وقبل ساعات قليلة من تكرار بهشلي دعوته بشأن أوجلان، أعلنت وزارة الداخلية التركية أن الشرطة احتجزت 231 شخصاً للاشتباه في صلتهم بحزب العمال الكردستاني، لكن حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب قال إن المعتقلين بينهم مسؤولون محليون ونشطاء بالحزب.

اعتقال مدافعين عن المرأة

على صعيد آخر، اعتقلت الشرطة عشرات الأشخاص في إسطنبول لمحاولتهم الانضمام إلى مسيرة تطالب بحماية أكبر للنساء في تركيا من العنف، حيث قتل أكثر من 400 امرأة هذا العام، في جرائم عنف منزلي أو من جانب الأزواج السابقين أو التمييز على أساس النوع.

صدامات بين الشرطة ومتظاهرات في إسطنبول بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة (د.ب.أ)

وحاول المتظاهرون دخول شارع «الاستقلال» في منطقة تقسيم، ليل الاثنين – الثلاثاء، للاحتفال باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة متحدين حظراً مفروضاً على التظاهر في المنطقة.

وكانت الشرطة أغلقت جميع مداخل شارع الاستقلال وميدان تقسيم الرئيسية ومحطات المترو لمنع التجمعات الكبيرة.