كشفت مصادر سياسية يمينية في تل أبيب، أمس (الاثنين)، أن مجموعة من المستوطنين اليهود المتطرفين بالتنسيق مع جهات في قيادة مجلس المستوطنات، يدرسون بشكل جدي إقامة 10 بؤر استيطانية جديدة، خلال زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إسرائيل والمنطقة، المقررة أواخر شهر يوليو (تموز) المقبل. وقد أثار هذا الإعلان موجة اعتراضات، وقال عدد من الوزراء إن «هذه عملية ابتزاز خطيرة للحكومة لكنها معادية لإسرائيل برمتها».
وقال نائب وزيرة الاقتصاد، الجنرال يائير غولان، من حزب «ميرتس» اليساري، إن هذه المبادرة، إذا تم تنفيذها ستكون بمثابة ضربة مشابهة لتنفيذ عملية تفجير ضخمة ضد مصالح إسرائيل الاستراتيجية، «لأنها تأتي لإحداث ضرر في علاقاتها بأهم حلفائنا وأصدقائنا».
وكانت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، قد كشفت أمس، أن قادة المستوطنين يعتزمون تنظيم عشر مجموعات لإقامة هذه البؤر في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، بزعم الاحتجاج على عدم التزام الحكومة الحالية بالتسوية التي تم التوصل إليها معهم، بشأن الإبقاء على البؤرة الاستيطانية على جبل صبيح التي يطلق عليها المستوطنون تسمية «أفيتار»، والتي قررت الحكومة إخلاءها وأبلغت المحكمة بذلك في الأسبوع الماضي. ويدعي المستوطنون أن الحكومة خدعتهم، لأنها وعدتهم بفحص الوثائق والموافقة على إقامة هذه البؤرة في حال ظهور بينات تدل على أن الأرض ليست ملكاً شخصياً للفلسطينيين، وأن الوثائق أكدت أن الأرض هي ملك عام، ولذلك «يجب منحها للمستوطنين وتحويل البؤرة إلى مستوطنة شرعية». ويعتبرون قرار الإخلاء خرقاً للاتفاق معهم.
المعروف أن فكرة البؤر الاستيطانية طرحت لأول مرة عام 1996، بمبادرة من أرئيل شارون، عندما كان يشغل منصب وزير الطاقة والبنية التحتية في حكومة بنيامين نتنياهو الأولى. فقد دعا آنذاك، الشباب الطليعي، إلى احتلال رؤوس الجبال والتلال وسائر المرتفعات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، للحيلولة دون تسليمها للفلسطينيين لاحقاً في إطار أي تسوية مستقبلية بين الجانبين. وبذلك بدأت حملة استيطان واسعة، وأقيمت 170 بؤرة استيطان عشوائية (وفي إحصاء آخر يصل الرقم إلى 220 بؤرة)، من دون إذن رسمي. ومع أن حكومة نتنياهو، والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بعدها، لم تمنح البؤر الاستيطانية أي غطاء قانوني واعتبرتها مستوطنات غير شرعية، إلا أنها وفرت الحماية العسكرية لها، ووفرت المستوطنات الكبيرة الدعم اللوجيستي لها. وفي كثير من الأحيان استخدمتها الحكومة أداة للابتزاز، فكانت تحارب المستطوطنين في الظاهر، ولكنها تدير مفاوضات معهم وفق معادلة: «خذ وأعطِ». فالحكومة تمنح الشرعية لبعض منها، والمستوطنون يوافقون على إخلاء البعض الآخر.
ويوجد اليوم 198 مستوطنة إسرائيلية (ما نسبته 87 في المائة من عدد المستوطنات الإسرائيلية الكلي في الضفة الغربية)، والبالغ 198 مستوطنة و176 بؤرة استيطانية إسرائيلية، تسيطر على 201 كيلومتر مربع من الضفة الغربية. ولا يكتفي المستوطنون بذلك، ويواصلون مساعيهم لزيادتها وتوسيعها. وتوجد مجموعة كبيرة من المستوطنين المتطرفين، تمارس اعتداءات إجرامية على المواطنين الفلسطينيين تصل إلى حد القتل، كما حصل لعائلة الدوابشة في قرية دوما، الذين تم إحراقهم وهم نيام، فضلاً عن القيام بتخريب المزروعات الفلسطينية وإحراق المحاصيل. وقد وصفهم الجنرال جولان، وهو نائب الرئيس الأسبق لهيئة رئاسة أركان الجيش، بأنهم «دون البشر»، وأثار عليه ردود فعل عنيفة. وقال عن مستوطني بؤرة أفيتار: «إنهم مقيمون في منطقة تم إخلاؤها بصورة قانونية في عام 2005، لا يجب أن يكون أحد هناك. عندما كنت قائداً لفرقة يهودا والسامرة في الجيش، لم أسمح لأي شخص بالاستيطان في بؤرة حومش الاستيطانية، وفي الأسابيع الأخيرة أصبحت بؤرة للعنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين». وتابع غولان: «هؤلاء الأشخاص الذين يأتون للاستيطان هناك، ويقومون بأعمال شغب في قرية برقة [الفلسطينية المتاخمة] ويحطمون شواهد القبور - ينفذون بوغروم (مذبحة باللغة العبرية). نحن، الشعب اليهودي، الذي عانى من البوغرومات على مر التاريخ، هل نرتكب الآن بوغرومات ضد الآخرين؟».
ولكن رئيس الوزراء نفتالي بنيت هاجمه قائلاً: «أقوال غولان صادمة وتعميمية وترتقي إلى فرية الدم». كما هاجمه رئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو، قائلاً: «مستوطنو يهودا والسامرة هم رواد الصهاينة الذين يستوطنون أرض أجدادنا. بعد هذا التصريح المخزي، المأخوذ مباشرة من المصطلحات النازية ضد الشعب اليهودي، ينبغي لبنيت إقالة غولان فوراً».
ويلقى المستوطنون تشجيعاً دائماً من غالبية القادة السياسيين، لذلك لا يضعون حدوداً لمطالبهم. ومع النشر أنهم ينوون إقامة 10 بؤر استيطانية خلال زيارة بايدن لإسرائيل، أعلن وزير الأمن الداخلي، عومر بار ليف، أن بين المستوطنين، يوجد أناس معادون للإدارة الأميركية وللحكومة الإسرائيلية، وهؤلاء يحاولون إحراج الرئيس بايدن بشكل خاص لخدمة خصومه في واشنطن.
المستوطنون لإحراج الرئيس الأميركي بـ10 بؤر استيطانية خلال زيارته
وزراء يتحدثون عن «عملية ابتزاز»
المستوطنون لإحراج الرئيس الأميركي بـ10 بؤر استيطانية خلال زيارته
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة