الخوف يسود كييف إثر قصف روسي جديد

أوكراني يراقب من بعيد سحب الدخان الناتجة عن القصف الروسي على كييف (رويترز)
أوكراني يراقب من بعيد سحب الدخان الناتجة عن القصف الروسي على كييف (رويترز)
TT
20

الخوف يسود كييف إثر قصف روسي جديد

أوكراني يراقب من بعيد سحب الدخان الناتجة عن القصف الروسي على كييف (رويترز)
أوكراني يراقب من بعيد سحب الدخان الناتجة عن القصف الروسي على كييف (رويترز)

استيقظت ناتاليا (72 عاماً)، اليوم الأحد، في كييف على سلسلة انفجارات قوية هزت العاصمة الأوكرانية للمرة الأولى منذ أواخر أبريل (نيسان) الماضي، بعد أسابيع من العودة إلى حياة شبه طبيعية في العاصمة رغم الحرب مع روسيا.
وشنت القوات الروسية ضربات عدة استهدفت فجراً بنى تحتية للسكك الحديدية في كييف على بعد 10 كيلومترات من وسط المدينة. وأفاد مراسلون ميدانيون بأن الجيش أقام ممراً آمناً في محيط بنى تحتية للسكك الحديدية مانعاً الوصول إليها. وقالوا إن الواجهات الزجاجية لمبنى مؤلف من 10 طوابق تحطمت بالكامل، وإنه في نحو الساعة التاسعة (06.00 بتوقيت غرينيتش) تمكنت فرق الإطفاء من إخماد النيران التي اندلعت فيه.
وأكدت روسيا أنها دمرت مدرعات سلمتها دول من أوروبا الشرقية لأوكرانيا في الضربات الجوية التي استهدفت كييف. وقالت ناتاليا؛ التي لم تشأ الكشف عن اسمها كاملاً: «سمعت نحو 6 انفجارات عند الساعة 5.57 صباحاً» علماً بأنها موظفة سابقة في الموقع الذي قُصف.
وأفادت معلومات أولية بأن الانفجارات لم تسفر عن سقوط قتلى، وقال رئيس بلدية كييف، فيتالي كليتشكو، إن جريحاً نقل إلى المستشفى. وعملت امرأة في مكان قريب على تنظيف الزجاج المكسور في الشارع أمام مركز ثقافي تحطمت نوافذه بسبب الانفجارات.
عمل ليونيد (63 عاماً) أيضاً في الموقع الذي قُصف، طيلة 45 عاماً. وقال: «ليس هناك أي هدف عسكري في الداخل، لكنهم يقصفون كل شيء». ولفت إلى أنه لا يخاف على نفسه لأنه «عاش حياته»، لكنه يقلق على مصير أحفاده. وتابع: «لا نعلم إذا ما كان سيتكرر ذلك. لا يمكن التنبؤ».
فُكّ الخناق عن العاصمة الأوكرانية في نهاية مارس (آذار) الماضي حين انسحبت القوات الروسية من منطقة كييف ومن شمال أوكرانيا لتركيز جهودها على دونباس في شرق البلاد، والتي يسيطر عليها جزئياً منذ عام 2014 انفصاليون موالون لروسيا.
وعاد نحو ثلثي سكان كييف البالغ عددهم نحو 3.5 مليون شخص إلى العاصمة التي فر منها معظم سكانها في بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير (شباط) الماضي، حسبما أكد فيتالي كليتشكو في 10 مايو (أيار) الماضي. واستأنفت السفارات الغربية التي هجرت كييف في بداية الحرب، نشاطاتها في العاصمة الأوكرانية.
وأشار رئيس بلدية كييف إلى أن السلطات لا يمكنها أن تعطي ضمانات أمنية، فيما يؤكد عدد من المسؤولين الأوكرانيين أن روسيا لم تتخل عن طموحها بالاستيلاء على كييف. وكانت روسيا قد صرفت تركيزها عن كييف نهاية مارس الماضي ومطلع أبريل، لكنها عادت وقصفت المدينة في 28 أبريل الماضي خلال زيارة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
على شرفتها التي تبعد نحو 100 متر من موقع القصف، تُظهر تيتيانا (58 عاماً) النوافذ العديدة المكسورة في المبنى الأبيض الذي تقيم فيه. تقطن تيتيانا في بولندا، لكنها أتت إلى كييف من أجل زيارات عائلية. «حين سُمع دوي الانفجارات، خرج الجميع»؛ بحسب قولها.
وأفاد سلاح الجو الأوكراني بأن قاذفات روسية من نوع «تو95» محلقة فوق بحر قزوين أطلقت فجراً صواريخ «كروز» باتجاه كييف دُمّر أحدها. وعلى مسافة قريبة، تضررت شقة فاسيل (43 عاماً) وتحطمت النوافذ. وقال حاملاً أرنبين أبيضين في كيس بلاستيكي: «الناس خائفون الآن».


مقالات ذات صلة

السفيرة الأميركية في كييف ستغادر منصبها

الولايات المتحدة​  السفيرة الأميركية في كييف بريدجيت برينك (أرشيفية - أ.ف.ب)

السفيرة الأميركية في كييف ستغادر منصبها

أكدت وزارة الخارجية الأميركية الخميس أن السفيرة الأميركية في كييف بريدجيت برينك ستغادر منصبها في وقت يعمل الرئيس دونالد ترمب على التقرب من روسيا لإنهاء الحرب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الدفاع البريطاني جون هيلي ووزير الجيوش الفرنسية سيباستيان لوكورنو وكايا كالاس مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي قبل اجتماع في مقر الناتو في بروكسل (رويترز)

الأوروبيون يناقشون قوة سلام لأوكرانيا لكن أسئلة رئيسية ما زالت بلا إجابة

اجتمع وزراء الدفاع من نحو 30 دولة في بروكسل، يوم الخميس، لمناقشة «قوة طمأنة» أوروبية لأوكرانيا في حالة وقف إطلاق النار في الحرب مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا صورة قدمها مركز «سوبرهيومانز» للأمير هاري مع المصابين نتيجة الحرب في أوكرانيا (أ.ب)

الأمير هاري يلتقي ضحايا الحرب في أوكرانيا خلال زيارة غير معلنة

أعلن متحدث باسم الأمير هاري، اليوم الخميس، أنه التقى ضحايا الحرب في زيارة غير معلنة إلى أوكرانيا، باعتبارها جزءاً من عمله المستمر مع الجرحى من قدامى المحاربين.

«الشرق الأوسط» (كييف)
شؤون إقليمية القنصلية الروسية في إسطنبول استضافت الجولة الثانية من محادثات التطبيع الدبلوماسي مع أميركا (أ.ب)

جولة ثانية من المحادثات الأميركية - الروسية حول أنشطة البعثات الدبلوماسية

اختتم وفدان أميركي وروسي جولة ثانية من المحادثات لمناقشة أنشطة البعثات الدبلوماسية في البلدين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج زيارة وزير الخارجية السعودي الرسمية إلى الولايات المتحدة الأميركية تتوّج أسبوعاً حافلاً من التنسيق رفيع المستوى بين البلدين (الخارجية السعودية)

خلال أسبوع... 5 محطات من المشاورات الثنائية تعزّز مستوى التنسيق بين الرياض وواشنطن

شهد التنسيق السعودي - الأميركي 5 محطات من المباحثات الثنائية خلال أسبوع، تضمّنت مشاورات سياسية ودفاعية إلى العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية والدولية.

غازي الحارثي (الرياض)

قناة بنما إحداها... المناطق الساخنة للصراع العالمي بين الولايات المتحدة والصين

تُعَدُّ المنافسة العالمية بين الولايات المتحدة والصين سمةً بارزةً في العلاقات الدولية المعاصرة (رويترز)
تُعَدُّ المنافسة العالمية بين الولايات المتحدة والصين سمةً بارزةً في العلاقات الدولية المعاصرة (رويترز)
TT
20

قناة بنما إحداها... المناطق الساخنة للصراع العالمي بين الولايات المتحدة والصين

تُعَدُّ المنافسة العالمية بين الولايات المتحدة والصين سمةً بارزةً في العلاقات الدولية المعاصرة (رويترز)
تُعَدُّ المنافسة العالمية بين الولايات المتحدة والصين سمةً بارزةً في العلاقات الدولية المعاصرة (رويترز)

احتدمت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في الأيام الأخيرة الماضية مع فرض رسوم جمركية مرتفعة متبادلة بين البلدين، مما يعيد إلى الواجهة الاهتمام بنقاط المنافسة الساخنة الأميركية الصينية حول العالم، حيث من الممكن لهذا الاحتدام للحرب التجارية بينهما أن يؤدي إلى تأجيج صراعات واسعة النطاق.

تُعَدُّ المنافسة العالمية بين الولايات المتحدة والصين سمةً بارزةً في العلاقات الدولية المعاصرة، حيث تتنافس القوتان العُظميان على النفوذ في مجالات متعددة تشمل الاقتصاد، والتكنولوجيا، والدبلوماسية. وفيما تسعى الولايات المتحدة إلى الحفاظ على موقعها الريادي في النظام الدولي، تطمح الصين لتكون القوة العالمية الرائدة بحلول عام 2049 مع مرور 100 عام على تأسيس النظام الشيوعي في البلاد.

من تايوان وبحر الصين الجنوبي ودول جزر المحيط الهادئ، مروراً بأفريقيا فأميركا اللاتينية وصولاً إلى قناة بنما، تشكّل هذه المناطق، أرضاً خصبة للصراع الجيوسياسي والاقتصادي بين واشنطن وبكين.

صورة جوية تُظهر سفينة شحن تمر في قناة بنما 1 فبراير 2025 (رويترز)
صورة جوية تُظهر سفينة شحن تمر في قناة بنما 1 فبراير 2025 (رويترز)

قناة بنما

تُعَدُّ قناة بنما ممراً مائياً حيوياً يربط بين المحيطين الأطلسي والهادئ، مما يجعلها ذات أهمية استراتيجية لكل من الولايات المتحدة والصين.

وتتمتع الولايات المتحدة، التي بنت قناة بنما مطلع القرن الماضي وأدارتها إلى أن تسلّمتها بنما عام 1999، بنفوذ اقتصادي كبير على بنما. وبصفتها المستخدم الرئيسي للقناة وأكبر مصدر للاستثمار الأجنبي المباشر في بنما - 3.8 مليار دولار سنوياً - تستطيع الولايات المتحدة التأثير على عملية صنع القرار البنمي، وفق مركز الدراسات الأميركي «المجلس الأطلسي» Atlantic Council.

وتسعى الصين إلى تعزيز مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية في منطقة قناة بنما من خلال عدة وسائل، حيث تستثمر بكين في البنية التحتية للقناة عن طريق شركات صينية، وأثار هذا الوجود مخاوف في واشنطن بشأن إمكانية استخدام هذه المواني لتعزيز النفوذ الصيني في المنطقة.​

في عام 2017، قطعت بنما علاقاتها الدبلوماسية مع تايوان وأقامت علاقات رسمية مع الصين، مما فتح الباب أمام مشاركة بنما في مبادرة «الحزام والطريق» الصينية. هذا التحول أتاح للصين توسيع نفوذها في البنية التحتية والمشاريع التنموية في دولة بنما.

تُشغّل الشركة الصينية سي كيه هاتشيسون القابضة ومقرها هونغ كونغ، ميناءين على طرفي قناة بنما. يثير هذا الوجود الصيني مخاوف بشأن البنية التحتية للقناة والمناورات الاستراتيجية المحتملة لبكين، لا سيما في ظل تعميق علاقات الصين مع دول أميركا اللاتينية، حسب «المجلس الأطلسي».

قدرة على التجسس

هذه التحركات الصينية، أثارت قلق الولايات المتحدة، حيث صرّح وزير الدفاع الأميركي، بيت هيغسيث، خلال زيارته لبنما، أمس الثلاثاء، بأن الولايات المتحدة تسعى لاستعادة السيطرة على القناة من النفوذ الصيني. وأشار إلى تعزيز التعاون الأمني مع بنما لضمان عدم استخدام الصين لعلاقاتها التجارية لأغراض التجسس أو التأثير على العمليات في القناة. ​

ويتهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب الصين بأنها تسيطر على قناة بنما، وقال في مناسبات عدة إن بلاده لم تسلمها للصين بل لبنما، وطالب باستعادة واشنطن السيطرة على القناة.

على الرغم من أن الشركة الصينية المستثمرة في القناة ليست مملوكة للدولة الصينية، كما يقول رايان بيرغ، مدير برنامج الأميركتين في «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية»، فإن هناك مخاوف في واشنطن بشأن مدى سيطرة بكين على الشركة، حيث تتدفق عبر هذين الميناءين (اللذين تديرهما الشركة الصينية) ثروة من المعلومات الاستراتيجية المفيدة المحتملة حول السفن المارة عبر الممر المائي.

ويقول بيرغ: «هناك توتر جيوسياسي متزايد ذو طابع اقتصادي بين الولايات المتحدة والصين. وسيكون هذا النوع من المعلومات المتعلقة بالبضائع مفيداً للغاية (إذا تسرّب للصين) في حال نشوب حرب في سلسلة التوريد»، وفق ما نقلته شبكة «بي بي سي» البريطانية.

تايوان

يُعدّ مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي من أبرز مناطق الصراع بين الولايات المتحدة والصين، مما يُشكّل تهديدات كبيرة للاستقرار الإقليمي والأمن العالمي ومستقبل النظام الدولي.

من منظور استراتيجي، تُعدّ تايوان موقعاً جغرافياً بالغ الأهمية نظراً لموقعها بين بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي، وهما من أهم الممرات البحرية في العالم. تحتوي هذه المنطقة على بعض من أهم ممرات الشحن العالمية، مما يجعل تايوان لاعباً أساسياً في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي والأمن التجاري.

تُبدي الصين حساسيةً بالغةً تجاه تايوان، وتعدّها مقاطعة منشقة عن الصين. كما صرّح القادة الصينيون برغبتهم في أن تُصبح تايوان جزءاً من الصين بحلول عام 2049. وتطلق الصين أيضاً تدريبات عسكريةً دورية في محيط تايوان، بما في ذلك تدريبات بالذخيرة الحية واختبارات صاروخية. وقد حذّرت الصين كبار المسؤولين الأميركيين من زيارة تايوان، قائلةً إنّ مثل هذه الخطوات من شأنها أن تنتهك السيادة الصينية وتهدد بشكلٍ مباشر سياسة «الصين الواحدة» التي تنتهجها واشنطن تجاه الجزيرة. وتهدف بكين من التدريبات العسكرية استعراض القوة العسكرية الصينية، وثني تايوان عن نيل إعلان استقلالها، وتحذير الولايات المتحدة ودول أخرى من تأييد استقلال تايوان.

وتسعى الصين إلى موازنة الوجود البحري الأميركي في مضيق تايوان، كما عززت الصين أسطولها البحري، مركزةً على زيادة عدد السفن الحربية وتحديث أسطولها البحري بشكل عام، حسب موقع «مودرن دبلوماسي» (الدبلوماسية الحديثة) المتخصص.

يُشار إلى أن تايوان كانت تحت السيطرة الكاملة لإمبراطورية كينغ الصينية منذ سنة 1683، ثم مستعمرة يابانية في عام 1895. وفي عام 1945، استولت الصين على الجزيرة، وأصبحت تايوان تحت سلطة حكومة قومية في الصين بقيادة الجنرال تشيانغ كاي تشيك. وبعد هزيمة القوميين في الحرب الأهلية الصينية وإعلان الشيوعيين قيام «الصين الشعبية» في البر الصيني، تمركز القوميون في تايوان وأطلقوا عليها اسم «جمهورية الصين».

من الجانب الأميركي، ينبع اهتمام واشنطن بتايبيه من عاملين رئيسيين: اعتبارات اقتصادية واستراتيجية.

مصدر قلق للأمن القومي

تلعب تايوان دوراً محورياً في سلاسل التوريد العالمية، حيث تُنتج أكثر من 60 في المائة من أشباه الموصلات في العالم، وأكثر من 90 في المائة من أحدث الرقائق الإلكترونية. تُعدّ هذه الرقائق أساسية في كل صناعة حديثة تقريباً، حيث تُحفّز الابتكارات في مجالات الاتصالات والحوسبة والرعاية الصحية والأنظمة العسكرية والنقل والطاقة النظيفة والذكاء الاصطناعي، وفق «معهد تحليل العلاقات الدولية» الإيطالي.

بالنسبة للولايات المتحدة، تُمثل هيمنة تايوان على تصنيع أشباه الموصلات شريان حياة اقتصادياً ومصدر قلق للأمن القومي في آنٍ واحد، لا سيما في حال وقعت الجزيرة تحت سيطرة جمهورية الصين الشعبية.

وبينما تُمثل أشباه الموصلات ركيزة التكنولوجيا الحديثة، فهي بالتالي مهمة أيضاً لأنظمة الدفاع الحيوية، بما في ذلك أنظمة الأسلحة المتقدمة، والأمن السيبراني، والبنية التحتية للاستخبارات. قد يؤثر أي خلل في إنتاج الرقائق في تايوان بشدة على التفوق التكنولوجي والعسكري للولايات المتحدة.

وبقاء جزيرة تايوان في تحالف مع واشنطن وخارج سيطرة الصين، يحافظ على سلسلة الجزر الأولى First Island Chain التي تشكل جزيرة تايوان جزءاً منها. هذه السلسلة تمثّل خط دفاع أولياً للولايات المتحدة بوجه الصين وتحد من قدرة بكين على توسيع نفوذها البحري في عمق منطقة المحيط الهادئ، وهي منطقة حليفة لواشنطن وتتمركز فيها قواعد عسكرية أميركية.

وفيما أبقت الولايات المتحدة اعترافها بحكومة تايوان ممثلاً رسمياً للصين على مدى عقود، حوّلت واشنطن هذا الاعتراف إلى جمهورية الصين الشعبية عادّة إياها حكومة شرعية وحيدة للصين في الأول من يناير (كانون الثاني) عام 1979.

ومنذ ذاك الحين تساءلت تايوان باستمرار عما إذا كانت واشنطن ستتدخل عسكرياً في حال تعرضها لعدوان من بكين. ورغم عدم اعترافها رسمياً بتايوان دولة مستقلة، دأبت الولايات المتحدة على دعم دفاعات الجزيرة ضد أي غزو محتمل من جمهورية الصين الشعبية من خلال تزويدها بالأسلحة. وقد أُضفي الطابع الرسمي على هذا الدعم بموجب قانون العلاقات مع تايوان، الذي يُلزم الولايات المتحدة بتقديم المساعدة لتعزيز القدرات الدفاعية لتايوان، ولكنه لا يُلزم القوات الأميركية صراحةً بالتدخل في حال نشوب حرب بين الصين وتايوان.

بحر الصين الجنوبي

أثارت مطالبات الصين بالسيادة على بحر الصين الجنوبي - وما يُقدر بـ11 مليار برميل من النفط غير المستغل و190 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي في هذا البحر - حفيظة الدول الآسيوية المتنافسة على السيادة في المنطقة، بروناي وإندونيسيا وماليزيا والفلبين وتايوان وفيتنام. فمنذ أوائل سبعينات القرن الماضي، بدأت دول المنطقة بالمطالبة بجزر ومناطق مختلفة في بحر الصين الجنوبي، مثل جزر سبراتلي، التي تزخر بموارد طبيعية ومناطق صيد غنية، بحسب مركز أبحاث «مجلس العلاقات الخارجية» الأميركي Council on Foreign Relations.

في السنوات الأخيرة، أظهرت صور الأقمار الاصطناعية تزايد جهود الصين لاستصلاح الأراضي في بحر الصين الجنوبي من خلال زيادة حجم الجزر أو إنشاء جزر جديدة كلياً. فبالإضافة إلى أكوام الرمال على الشعاب المرجانية القائمة، شيّدت الصين مواني ومنشآت عسكرية ومهابط طائرات - لا سيما في جزر باراسيل وسبراتلي - حيث لديها عشرات المواقع. كما عسكرت الصين جزيرة وودي بنشر طائرات مقاتلة وصواريخ كروز ونظام رادار.

يثير هذا النشاط التوسعي للصين في بحر الصين الجنوبي مخاوف الولايات المتحدة التي تخشى هيمنة بكين على منطقة اقتصادية حيوية وممر تجاري عالمي.

ولحماية مصالحها السياسية والأمنية والاقتصادية في المنطقة، تحدت الولايات المتحدة المطالبات الإقليمية الصينية الحازمة وجهود استصلاح الأراضي من خلال إجراء دوريات بحرية لأسطولها تأكيداً على حرية الملاحة وتعزيزاً لدعم شركاء واشنطن في جنوب شرقي آسيا.

وترتبط الولايات المتحدة والفليبين بمعاهدة دفاعية، مما يزيد احتمال جرّ واشنطن إلى صراع عسكري محتمل بين الصين والفلبين حول رواسب الغاز الطبيعي الكبيرة أو مناطق الصيد المربحة في المنطقة البحرية المتنازع عليها بين مانيلا وبكين.

فرقاطة صواريخ موجهة أسترالية (يسار) مع سفينة هجومية برمائية أميركية وطراد صواريخ كروز موجّه أميركي ومدمِّرة أميركية مجهّزة بصواريخ موجّهة في بحر الصين الجنوبي 18 أبريل 2020 (رويترز)
فرقاطة صواريخ موجهة أسترالية (يسار) مع سفينة هجومية برمائية أميركية وطراد صواريخ كروز موجّه أميركي ومدمِّرة أميركية مجهّزة بصواريخ موجّهة في بحر الصين الجنوبي 18 أبريل 2020 (رويترز)

ما بين الصين وأميركا

وتُبدي دول جنوب شرقي آسيا، وخاصةً دول رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)، حذراً في تعاملها مع كلٍّ من الولايات المتحدة والصين. فالتوترات الأميركية الصينية بشأن تايوان وبحر الصين الجنوبي تضع دول جنوب شرقي آسيا في موقف حرج. فهي تعتمد بشكل كبير على الصين في التجارة وعلى الولايات المتحدة في الأمن بشكل خاص.

وتكتسب الولايات المتحدة وصولاً متزايداً إلى المواقع العسكرية في دول مثل الفلبين، ومع ذلك، تُعرب دول رابطة دول آسيان عن قلقها أيضاً من التورط في نزاع بين الولايات المتحدة والصين، مما قد يُلحق الضرر بالاستقرار الإقليمي والتجارة.

وعلى نحو مماثل، يربط الحوار الأمني ​​الرباعي (كواد)، الذي يضم الولايات المتحدة واليابان والهند وأستراليا، أهدافه بشكل غير مباشر بضمان الأمن الإقليمي بشكل عام، على اعتبار أن عدم استقرار مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي من شأنه أن يزعزع الاستقرار في المنطقة.

صورة من قرية سيروا في جزيرة فيجي إحدى دول جزر المحيط الهادئ 15 يوليو 2022 (رويترز)
صورة من قرية سيروا في جزيرة فيجي إحدى دول جزر المحيط الهادئ 15 يوليو 2022 (رويترز)

جزر المحيط الهادئ

تقع دول جُزر المحيط الهادئ بين الولايات المتحدة والصين وأستراليا، وتتمتع بأهمية استراتيجية أمنية دفاعية. حافظت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة على نفوذها ووجودها العسكري في منطقة المحيط الهادئ. في المقابل، وعلى مدى العقد الماضي، ركّزت الصين على تعزيز علاقاتها في هذه المنطقة من خلال زيادة المساعدات والتنمية والدبلوماسية والتعاون الأمني، وفق تقرير سابق لصحيفة «الغارديان» البريطانية.

على الرغم من صغر مساحة دول جزر المحيط الهادئ، انتقلت هذه المنطقة من فترة الإهمال الاستراتيجي قبل عقد من الزمن فقط لتصبح موضع اهتمام ومنافسة جيوسياسية على النفوذ في المنطقة بين الولايات المتحدة والصين.

أفاد تقرير عن مؤسسة «فردريش إيبرت» الألمانية للدراسات السياسية، بأن الاهتمام الدبلوماسي الغربي تلاشى بمنطقة المحيط الهادئ بعد الحرب الباردة، وفي فترة ما بعد 11 سبتمبر (أيلول) 2001، بدأت المصالح الصينية وقتذاك في النمو بالمنطقة حيث دعمت الصين مجموعة من الاقتصادات النامية من خلال مبادرة «الحزام والطريق»، من خلال تقديم قروض للبنى التحتية منخفضة الفائدة لهذه الدول التي تعاني من ضعف البنى التحتية. وقد سمح ذلك بتوسيع النفوذ الصيني في المحيط الهادئ.

أثارت القروض المقدمة من الصين لهذه الدول مخاوف دبلوماسية؛ لأن هذه القروض تجلب معها النفوذ الصيني، وفق تقرير «فردريش إيبرت»، وقد رجّح خبراء أن تستخدم الصين نفوذها المتزايد في المحيط الهادئ لزيادة عزل تايوان عن الدعم الدبلوماسي الذي تتلقاه من دول المنطقة.

وتمكنت الصين بالفعل من أن تنتزع اعتراف عدد من دول جزر المحيط الهندي بتايوان لصالح بكين، وهو مطلب صيني أساسي. وحصلت بكين على وصول موسع لأسطول الصيد الخاص بها، وفق تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية.

الرئيس الأميركي حينها جو بايدن يلتقط صورة مع قادة منتدى جزر المحيط الهادئ في البيت الأبيض بواشنطن 25 سبتمبر 2023 (أ.ب)
الرئيس الأميركي حينها جو بايدن يلتقط صورة مع قادة منتدى جزر المحيط الهادئ في البيت الأبيض بواشنطن 25 سبتمبر 2023 (أ.ب)

مساعدات دفاعية

ولكن أكثر ما يقلق المراقبين الغربيين هو إمكانية استفادة بكين من نفوذها المتنامي في جزر المحيط الهادئ لزيادة انتشار الجيش الصيني. ويخشى بعض القادة العسكريين الغربيين من أن يؤدي النفوذ الصيني المتزايد في المنطقة إلى بناء المزيد من القواعد العسكرية الصينية في الخارج مما يهدد بعزل أستراليا، وقطع خطوط الإمداد من الخارج عنها، في حين أن كانبيرا حليف حيوي للولايات المتحدة في المحيط الهادئ.

لمواجهة النفوذ الصيني المتنامي في المحيط الهادئ، كثّفت الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأميركي السابق جو بايدن مساعداتها الدفاعية والأمنية للمنطقة. ووقّعت واشنطن اتفاقيات أمنية مع بابوا غينيا الجديدة وفيجي، وجدّدت اتفاقيات الارتباط الحر مع بالاو، وولايات ميكرونيزيا الموحدة، وجزر مارشال، وافتتحت سفارة في جزر سليمان، وفق شبكة «سي إن إن» الأميركية.

أفريقيا

تشهد القارّة الأفريقية صراع نفوذ متصاعداً بين الصين والولايات المتحدة، حيث تسعى كلتا القوتين إلى تعزيز حضورها الاقتصادي والسياسي والعسكري في المنطقة. ولطالما عُدّت أفريقيا ساحة تنافس دولية لما تمتلكه من موارد طبيعية غنية وأسواق ناشئة، واليوم يتجلى هذا التنافس بشكل أوضح من خلال الاستثمارات التي تقودها كل من بكين وواشنطن.

وفي السنوات الماضية، رسخت الصين مكانتها بوصفها أكبر شريك لأفريقيا في المساعدات والقروض والاستثمار الأجنبي المباشر والتجارة، متجاوزة الولايات المتحدة، وفق موقع «أكاديمية الأعمال الدولية» AIB Insights الأميركي المتخصص.

اعتمدت الصين منذ سنوات سياسة «القوة الناعمة» في القارة الأفريقية، عبر مشاريع البنية التحتية الضخمة التي تمولها في إطار مبادرة «الحزام والطريق». أنشأت بكين مواني، وطرقاً، وسككاً حديدية، ومستشفيات، وقدّمت قروضاً بمليارات الدولارات لدول أفريقية، ما جعلها شريكاً اقتصادياً أساسياً. في المقابل، يرى بعض المراقبين أن هذه القروض قد تؤدي إلى وقوع بعض الدول في «فخ الديون» وتمنح الصين نفوذاً سياسياً طويل الأمد.

تعزيز التعاون الأمني

أما الولايات المتحدة، فقد أعادت في السنوات الأخيرة تركيز اهتمامها بأفريقيا، بعدما لاحظت تنامي الحضور الصيني بشكل غير مسبوق. وتسعى واشنطن إلى استعادة مكانتها من خلال تعزيز التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى تشجيع الشراكات الاقتصادية القائمة على «الشفافية والاستدامة».

لمواجهة النفوذ الصيني في القارة السمراء، بدأت الولايات المتحدة استثمارات كبيرة في القارة. ومن الأمثلة البارزة على ذلك إحياء مشروع سكة ​​حديد ممر لوبيتو في أنغولا. أولاً، تم دعم المشروع بتمويل صيني لتعزيز الاتصال الإقليمي وتسهيل التصدير. رداً على ذلك، زار الرئيس الأميركي السابق جو بايدن أنغولا في ديسمبر (كانون الأول) 2024، حيث أعلن عن استثمار بقيمة 600 مليون دولار في ممر لوبيتو بديلاً للتمويل الصيني.

وتشهد بعض الدول الأفريقية التي تتعاون بشكل وثيق مع الولايات المتحدة تراجعاً في مشاركة الصين في مشاريع البنية التحتية والاستثمار الأجنبي المباشر. على سبيل المثال، بينما استفادت كينيا من المبادرات المالية والتعاون الأمني ​​المدعوم من الولايات المتحدة، تراجعت فيها الاستثمارات الصينية في قطاعات رئيسية مثل الاتصالات والطاقة، بحسب «أكاديمية الأعمال الدولية».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب - حينها مرشحاً جمهورياً للانتخابات الرئاسية - يزور حدود ولاية تكساس مع المكسيك 19 نوفمبر 2023... يتهم ترمب الصين بإدخال مخدر الفنتانيل إلى الولايات المتحدة عبر حدود المكسيك (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب - حينها مرشحاً جمهورياً للانتخابات الرئاسية - يزور حدود ولاية تكساس مع المكسيك 19 نوفمبر 2023... يتهم ترمب الصين بإدخال مخدر الفنتانيل إلى الولايات المتحدة عبر حدود المكسيك (رويترز)

أميركا اللاتينية

امتدت المنافسة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين أيضاً إلى أميركا اللاتينية. وعلى مدى العقدين الماضيين، نمت مصالح الصين في أميركا اللاتينية بشكل كبير. أهداف بكين في المنطقة ثلاثية الأبعاد: اقتصادية، ودبلوماسية، وجيوسياسية. مع تطلعاتها نحو مزيد من الانخراط الاقتصادي، نمت تجارة الصين مع أميركا اللاتينية - بما في ذلك واردات المواد الخام والإمدادات الغذائية وصادرات السلع المصنعة - من نحو 18 مليار دولار في عام 2002 إلى أكثر من 450 مليار دولار في عام 2022. بالتوازي مع ذلك، سعت الصين إلى الاستفادة من هذا النفوذ الاقتصادي المتنامي لإعادة ترتيب التحالفات الإقليمية وعزل تايوان.

وفي بعض البلدان، انخرطت بكين في محاولات أكثر استفزازية لموازنة الوجود الأميركي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. على سبيل المثال، كشف تقرير صادر عن باحثين في «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» عن أدلة على وجود منشآت تجسس صينية مشتبه بها في كوبا، مصممة لجمع إشارات استخباراتية حول الأنشطة الأميركية، بحسب معهد «بروكينغز» الأميركي للدراسات.

وتشمل جهود الصين تعزيز العلاقات العسكرية مع نظيراتها في أميركا اللاتينية عن طريق مبيعات الأسلحة والتبادلات العسكرية وبرامج التدريب.

ولا تزال فنزويلا أكبر مشترٍ للمعدات العسكرية كما اشترت الأرجنتين وبوليفيا والإكوادور وبيرو طائرات عسكرية صينية ومركبات أرضية ورادارات دفاع جوي وبنادق هجومية بقيمة ملايين الدولارات. وعلى سبيل المثال، نقلت الصين معدات عسكرية رئيسية بقيمة 634 مليون دولار تقريباً إلى تلك الدول الخمس بين عامي 2009 و2019. وبالمثل، سعت كوبا إلى تعزيز علاقاتها العسكرية مع الصين، حيث استضافت جيش التحرير الشعبي الصيني في عدة زيارات للمواني، حسب تقرير لمركز دراسات «المجلس الأطلسي».

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يصافح الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال اجتماع في قاعة الشعب الكبرى ببكين 13 سبتمبر 2023 (رويترز)
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يصافح الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال اجتماع في قاعة الشعب الكبرى ببكين 13 سبتمبر 2023 (رويترز)

استثمارات واسعة

بين عامي 2000 و2018، استثمرت الصين 73 مليار دولار أميركي في قطاع المواد الخام في أميركا اللاتينية، بما في ذلك بناء مصافٍ ومعامل معالجة في دول غنية بالفحم والنحاس والغاز الطبيعي والنفط واليورانيوم. وركزت بكين كذلك على الاستثمار في إنتاج الليثيوم فيما يُعرف بدول «مثلث الليثيوم» (الأرجنتين وبوليفيا وتشيلي)؛ حيث تحتوي هذه الدول مجتمعةً على ما يقرب من نصف احتياطي العالم من الليثيوم، وهو معدن أساسي للسيارات الكهربائية والبطاريات. وشاركت الصين في تمويل مشاريع بنى تحتية من موانٍ وسكك حديدية في عدد من دول أميركا الجنوبية.

من ناحية أخرى، حافظت الولايات المتحدة لقرون على مصلحة راسخة في أميركا اللاتينية. ونظراً للقرب الجغرافي لهذه المنطقة من البر الأميركي، غالباً ما ينعكس عدم الاستقرار الإقليمي في المنطقة على واشنطن عبر الحدود الجنوبية مع المكسيك. ونتيجةً لذلك، غالباً ما يركّز التدخل الأميركي على الجهود الفورية لتعزيز الاستقرار والحد من تدفقات الهجرة، مثل أمن الحدود.

وأعرب صانعو السياسات والمسؤولون العسكريون الأميركيون في مناسبات عديدة عن مخاوفهم بشأن تنامي الوجود الصيني في أميركا اللاتينية. وفي عام 2021، صرّح الأدميرال كريغ إس الرئيس السابق للقيادة الجنوبية الأميركية، قائلاً: «إننا نفقد ميزتنا التموضعية في هذا النصف من الكرة الأرضية، ونحتاج إلى تحرك فوري لعكس هذا الاتجاه».

ويتهم الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب الصين بالاتفاف على الرسوم الجمركية عبر فتح مصانع في المكسيك، ويتهم ترمب بكين كذلك بتصدير مخدر الفنتانيل إلى الولايات المتحدة عبر الحدود المكسيكية، في حين ترفض الصين هذا الاتهام.

الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارة للرئيس الأميركي دونالد ترمب في فلوريدا... يعد ميلي من الحلفاء الوثيقين لإدارة ترمب (رويترز)
الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارة للرئيس الأميركي دونالد ترمب في فلوريدا... يعد ميلي من الحلفاء الوثيقين لإدارة ترمب (رويترز)

في مواجهة «الحزام والطريق»

ولطالما جادل الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، الذي قاد سياسة أميركا اللاتينية خلال فترة ولايته بصفته نائباً للرئيس باراك أوباما، بأن على الولايات المتحدة تجديد دورها القيادي في المنطقة لمواجهة صعود الصين. أطلق بايدن مبادرة «إعادة بناء عالم أفضل» في عام 2021 مع نظرائه في مجموعة الدول السبع، واصفاً الصين بـ«المنافس الاستراتيجي» ومتعهداً بتعزيز الشراكات الأميركية في نصف الكرة الأرضية الغربي. هدفت المبادرة إلى مواجهة «مبادرة الحزام والطريق» الصينية من خلال تطوير البنية التحتية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، بما في ذلك في أميركا اللاتينية. وفي قمة الأميركتين لعام 2022، أعلن بايدن عن مجموعة من المبادرات الاقتصادية الجديدة، بما في ذلك إنشاء «شراكة الأميركتين من أجل الرخاء الاقتصادي»، التي تسعى إلى جعل المنطقة أكثر تنافسية اقتصادياً.

وسعى مشروع قانون من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، قدّمه السيناتور بوب مينينديز (ديمقراطي عن نيوجيرسي) والسيناتور ماركو روبيو (جمهوري عن فلوريدا وهو وزير الخارجية الحالي في إدارة ترمب) عام 2022، إلى مواجهة «النفوذ الخبيث» للصين في أميركا اللاتينية من خلال تعزيز التعاون الأمني ​​المتعدد الأطراف وجهود مكافحة المخدرات. وتشمل المقترحات التشريعية الأخرى دعوات إلى الولايات المتحدة لإقامة شراكات تجارية دائمة مع دول في نصف الكرة الغربي لتشجيع «إعادة توطين» سلاسل التوريد من الصين إلى دول أقرب للولايات المتحدة.