مساعٍ للوصول إلى «تفاهمات» قبل جلسة انتخاب اللجان في البرلمان اللبناني

TT

مساعٍ للوصول إلى «تفاهمات» قبل جلسة انتخاب اللجان في البرلمان اللبناني

تتركز الحركة السياسية والمشاورات في لبنان على تقاسم رئاسة اللجان النيابية وعضويتها والتي حدد رئيس المجلس النيابي نبيه بري جلسة يوم الثلاثاء المقبل لانتخابها. وجرت العادة أن يسبق جلسة الانتخاب تفاهم بين القوى السياسية الرئيسية تجنب الهيئة العامة ساعات طويلة أو حتى عدة أيام لانتهاء عملية الانتخاب. إلا أنه وحتى الساعة لم يتبلور ما إذا كان تفاهم مسبق سيسبق جلسة الثلاثاء أم هناك اتجاه لمعركة انتخابية جديدة تشبه تلك التي حصلت الأسبوع الماضي خلال جلسة انتخاب رئيس للبرلمان ونائب له.
وقال نائب رئيس المجلس إلياس بوصعب بعد اجتماعه أمس مع الرئيس نبيه بري إن «هناك حرصا على البدء بالعمل بأسرع وقت ممكن في كل الأمور من استكمال انتخابات اللجان وغيرها من الأمور العالقة الأخرى، وأيضا هناك أمور أخرى عالقة منذ فترة من الحكومة السابقة».
ويُصعب توزع النواب على عدد كبير من الكتل وإصرار بعضهم على خوض غمار العمل النيابي كـ«مستقلين» التوصل لتفاهمات مسبقة، أضف أن الكباش السياسي الحاد بين مختلف القوى يجعل كلاً منها يسعى لرفع سقفه السياسي ما يرجح كفة التوجه للتصويت لحسم الخلاف على موقع محدد عوض التفاهم على من سيتولاه.
وتُقسم لجان البرلمان النيابي الدائمة إلى 16 لجنة، ويقول الخبير الدستوري الدكتور سعيد مالك إن هناك ما هو منها أساسي وجوهري كلجنة المال والموازنة، الإدارة والعدل، الصحة العامة، الأشغال، ولجان أقل أهمية كالدفاع، الداخلية، البيئة، الشباب والرياضة، أضف إليها 3 لجان فرعية هي حقوق الإنسان، المرأة والطفل والتكنولوجيا. ويوضح مالك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه اللجان هي المطبخ التشريعي بحيث تتم عبرها دراسة ومناقشة اقتراحات ومشاريع القوانين وإدخال التعديلات عليها ليُصار لإقرارها في اللجان المشتركة ومن ثم الهيئة العامة، لذلك نرى أن القوى السياسية تسعى للاستحواذ على رئاسة لجان أساسية»، لافتا إلى «اقتسام هذه اللجان بين المذاهب والطوائف عائد للعرف، فمثلا لجنتا المال والموازنة، والإدارة والعدل تذهبان عادة لماروني، فيما تذهب لجان أخرى لدروز أو سنة أو شيعة...».
ويسعى نواب قوى التغيير الـ13 للانخراط بقوة في عمل اللجان النيابية ليكونوا شركاء فعليين في المطبخ التشريعي، فيراقبون ويضغطون لإقرار قوانين معينة. ولا يبدو أن هناك إصرارا من قبلهم على التوجه لمعركة كسر عظم انتخابية يوم الثلاثاء، بحيث يؤكد أحدهم لـ«الشرق الأوسط» أنهم سيقدمون ترشيحاتهم للأمانة العامة للمجلس، فإذا كان التوزيع منطقيا فلن نضغط باتجاه انتخابات قد تستمر 4 أيام، أما خلاف ذلك فلا شك أننا مستعدون للمواجهة الانتخابية».
وكان حزب «تقدم» استبق إصدار نواب «التغيير» بيانا رسميا بمرشحيهم لعضوية ورئاسة اللجان، فأعلن ترشيح النائبة نجاة عون لعضوية لجنة البيئة بالإضافة إلى لجنة التربية والتعليم العالي والثقافة، والنائب مارك ضو لعضوية لجنة المال والموازنة ولجنة الاقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط، وهما نائبان من ضمن النواب الـ13 التغييريين.
وفي الوقت الذي أكدت فيه بعض المعلومات أن هناك خلافا على رئاسة أكثر من لجنة قد يؤدي حكما للجوء للتصويت، أكدت مصادر حركة «أمل» أنها تفضل أن يكون هناك اتفاق لتمثيل الجميع واحترام الطوائف بموضوع اللجان، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «لا يفترض حصول معارك كما أول جلسة للبرلمان الجديد. إنما بحال لم يحصل اتفاق على كل اللجان فالانتخابات تكون هي الحل».
وهو ما عبر عنه أيضا النائب عن الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب بلال عبد الله الذي استبعد حصول معارك على عضوية ورئاسة اللجان كما حصل بانتخابات هيئة مكتب المجلس باعتبارها في نهاية المطاف لجان اختصاص ويمكن أن يتمثل فيها الجميع، معتبرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التسابق على رئاسة اللجان الأساسية أمر طبيعي، ونحن نتمنى التوصل لتوليفة معينة يتمثل فيها الجميع». وأضاف «بنهاية المطاف يمكن أن يحصل اتفاق على بعض اللجان ويمكن الاختلاف على لجان أخرى لذلك حيث لا اتفاق نلجأ للتصويت»، لافتا إلى أن حزبه يُطالب برئاسة لجنة الصحة النيابية.
أما النائب عن «التيار الوطني الحر» آلان عون فتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن «مساحة كبيرة للتفاهم بما أن هناك إمكانية لتمثيل كل الكتل في كل اللجان وتوزيع رئاسات اللجان عليها وفقاً للأعراف المتبعة»، معتبرا أن «كل من يقول إن هذا نوع من المحاصصة، يجهل كلياً طبيعة العمل التشريعي الذي يتطلب مشاركة ممثلي الكتل في نقاشات القوانين في كل اللجان». وأضاف «ليس هناك أي نفوذ في اللجان النيابية بل هناك تشارك في النقاش لإخراج أفضل صيغة قانون ممكنة على أن القرار والكلمة الأخيرة تعود للكتل النيابية في الهيئة العامة».
وأكد عون تفضيلهم حصول تفاهم بين الكتل للإسراع في تشكيل اللجان والبدء في عملها، «إنما إذا أصر البعض على رفض التفاهم، فلا مشكلة في عملية الانتخاب»، وقال: «نحن نتمسك بحضور وازن في اللجان النيابية كتكتل كبير يريد أن يلعب دوره الرقابي في المرحلة المقبلة ولجنة المال والموازنة هي من الاهتمامات التي لدينا طبعاً، نظراً لدقة الملفات المطروحة والمعالجات المالية المطلوبة».
ولا يبدو حزب «القوات» كذلك معارضا لفكرة التفاهم المسبق الذي يسبق جلسة الثلاثاء، وإن كانت مصادره تؤكد سعيهم ليكون النواب القواتيون في معظم اللجان من منطلق وجود توصية دائمة من رئيس الحزب لكل النواب على ضرورة المشاركة في اللجان وحضور اجتماعاتها، مشددة على أنه «من حق القوات البديهي والطبيعي أن تحافظ على رئاسة لجنة الإدارة والعدل نظرا للدور الفاعل، وبشهادة الجميع الذي لعبه النائب جورج عدوان على رأس هذه اللجنة».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

مدير مكتب بشار: بوتين لم يرد على اتصالات الأسد في الأيام الأخيرة لحكمه

الرئيسان بوتين والأسد في قاعدة حميميم على الساحل السوري يوم 11 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)
الرئيسان بوتين والأسد في قاعدة حميميم على الساحل السوري يوم 11 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)
TT

مدير مكتب بشار: بوتين لم يرد على اتصالات الأسد في الأيام الأخيرة لحكمه

الرئيسان بوتين والأسد في قاعدة حميميم على الساحل السوري يوم 11 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)
الرئيسان بوتين والأسد في قاعدة حميميم على الساحل السوري يوم 11 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)

تحدث مدير المكتب السياسي والإعلامي بالرئاسة السورية سابقاً، كامل صقر، عن تفاصيل الفترة الأخيرة من حكم الرئيس السابق، بشار الأسد، والأسرار المحيطة بلحظات ما قبل مغادرته إلى موسكو، التي من بينها أن الرئيس الروسي لم يرد على محاولات اتصال على مدار 3 أيام في الأسبوع الأخير لحكم الأسد.

وفي مقابلة بُثت مساء السبت مع بودكاست «بتوقيت دمشق»، التابع لقناة «العربية»، قال صقر إن الأسد شعر بالوحدة «عندما لم يتمكن من الاتصال بالرئيس بوتين؛ إذ كانت هناك محاولات استمرت على مدار أيام الثلاثاء، والأربعاء، والخميس، قبل فجر الأحد التاسع من ديسمبر (كانون الأول) (أي يوم سقوط حكم الأسد)».

وأفاد صقر بأن الأسد «طلب الاتصال ببوتين للمرة الأولى، ثم لم يحدث ذلك وتكرر الأمر في اليوم التالي، وفي المرة الثالثة تم الاتصال بـ(مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر) لافرنتييف للطلب منه إبلاغ الرئيس بوتين بأن الأسد يريد أن يحدثه». واستكمل أنه «بعد ساعتين جاء الجواب بأن الرئيس بوتين يزور بيلاروسيا، وهو لا يستطيع التكلم إليك (أي إلى الأسد)».

ورأى المسؤول السوري السابق، الذي كان قريباً من الأسد، أن ذلك الجواب الذي تلقاه الأسد من موسكو لم يكن مقنعاً، وقال كان مفهوماً أن الرؤساء «أينما كانوا، وكيفما توجهوا دائماً يكون لديهم فريق خاص للاتصال، وحتى وزراء الخارجية يستطيعون الاتصال من أي دولة لو طرأ أمر».

ويشير إلى أنه في هذه اللحظة أدرك الأسد حقيقة موقفه، وكان ذلك مواكباً لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة على مدينة حمص.

أحد أفراد قوات الأمن السورية يتحرك يوم 3 يناير الحالي خلال عملية اعتقال موالين لبشار الأسد في حمص (أ.ب)

طلب الدعم

ولا يبدو أن إرجاء الاتصالات كان التأخير الوحيد الذي خيّم على التواصل بين الأسد وبوتين في الأيام الأخيرة، إذ روى صقر تفاصيل لافتة عن اللقاء الأخير الذي جرى بين بوتين والأسد بصفته الرئاسية في موسكو، ويقول عنها: «كان الأسد موجوداً في موسكو في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بهدف لقاء بوتين وطلب المساعدة منه، وفي هذه الأثناء كانت حلب قد أصبحت تحت سيطرة قيادة العملية العسكرية؛ كان مقرراً أن يلتقي (الأسد) الرئيس الروسي، ووصل يوم الأربعاء، (وأصبحت حلب تحت سيطرة إدارة العمليات العسكرية يوم الخميس) لكن اللقاء حصل يوم الجمعة».

ويتابع صقر: «اللقاء حُدد كأول موعد في الثانية ظهراً يوم الجمعة بعد تحرير حلب بيوم، ثم أُجّل إلى الثالثة ثم إلى الخامسة عصراً، والطرف الروسي أبلغنا بأن اللقاء حصراً فقط لبشار الأسد، ويذهب معه مرافقه الشخصي إلى الكرملين».

ولا يعتقد المدير السابق لمكتب الأسد أن تأجيل ذلك اللقاء هو التأخير الوحيد الذي جرى تجاه الأسد من قبل بوتين، بل إنه يخلص إلى أن الرئيس الروسي أيضاً «لم يقدم الدعم» الذي طلبه الأسد.

لافتة في شوارع دمشق للرئيس الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مارس 2022 (رويترز)

وشرح: «حصيلة اللقاء لم تكن جيدةً؛ بمعنى أن الرئيس السوري طلب آنذاك من الرئيس بوتين أن يقدم الدعم العسكري، وأن يفسح المجال لإيران لإيصال الدعم العسكري، وهو ما لم يحقق، وفي الأشهر الأخيرة حصل تقليص نسبي للقوات أو الميليشيات المحسوبة على إيران».

تهديد طائرة إيرانية

وبشأن رد فعل بوتين على طلب الأسد، قال صقر إن الرئيس السوري السابق أبلغه بأن «الرئيس بوتين مباشرة (أمام الأسد) اتصل برئيس أركانه، وطلب منه تهيئة الظروف للحرس الثوري الإيراني بنقل ما يريد من خلال قاعدة حميميم».

ويستدرك: «يبدو أن ما حصل هو عكس ذلك، فالإيرانيون قالوا للأسد إننا لم نتلق أي إشارات ولا تأكيدات بأنه بإمكاننا أن تتحرك طائرات إيرانية إلى قاعدة حميميم، وتعبر أجواء العراق وتهبط في قاعدة حميميم»، وقدّر المسؤول السوري السابق أنه لا يوجد تفسير آخر لما جرى سوى أنها «خدعة».

وزاد أنه «لا الإيرانيون كانوا يرغبون، ولا الروس كانوا أيضاً في معرض أن يضعوا أنفسهم في هذه المعادلة النهائية. الكل تراجع إلى الوراء»، مدللاً على ذلك بأن «الإيرانيين أبلغوا الطرف السوري آنذاك بأن طائرة إيرانية تحركت وعندما وصلت إلى أجواء العراق، أُبلغت من الأميركيين بأنها إذا لم تعد أدراجها إلى طهران سيتم قصفها».

صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الأسد وعراقجي مطلع ديسمبر 2024

وقال صقر: «هذه الرسالة تعني أن الكرملين لم يحصل على الموافقة أو القبول أو السماح بأن تصل مساعدات إيرانية».

وتوقف المدير السابق للمكتب الإعلامي للرئاسة السورية أمام ملحوظة رأى أنها «مهمة» تخللت زيارة الأسد الأخيرة كرئيس إلى موسكو، وعنها يقول: «عادة في لقاءات الرؤساء يكون هناك بيان صحافي، فسألنا الطرف الروسي عن هذه النقطة، خصوصاً وأن الزيارة تم تسريبها عبر قنوات روسية على منصة (تلغرام)... وعندما سألنا الروس هل سيكون هناك بيان مشترك؟ طلبوا منا النقاط التي سنتحدث نحن كطرف سوري فيها، وبعدما أرسلت لهم لم يأتِ رد، ثم طلب منها التريث ساعة فساعة أخرى».

وتابع: «أصبحت الساعة التاسعة (مساء يوم الجمعة) بعد ذلك أبلغنا الطرف الروسي بأنه سيبت في هذا الأمر غداً صباحاً، أي السبت؛ غير أنه في صباح يوم السبت أبلغني الأسد بأن الرئيس الروسي أرسل شخصاً إلى مقر إقامة الأسد، ليبلغه بأنه (أي بوتين) لا يُفضل الإعلان عن الزيارة... وانتهت المسألة».

«الثقة بالروس أكبر»

وبشأن تقييم صقر للثقة الأكثر التي كان يوليها لحلفائه، قال: «الأسد كان يثق بالروس أكثر من الإيرانيين، باعتبارهم الأقوى، والأكثر قدرةً على حماية نظامه، وكان يدرك الثقل الذي تمثله علاقته بالإيرانيين لكنه لم يكن يستطيع أن يتخلى عنهم».

وأكد صقر أن «الإيرانيين اتخذوا قرارات خارجة عن إرادة الأسد في قضايا لوجستية، وتصرفوا أحياناً دون الرجوع إليه».

واستشهد بالخلاف حول العمل في مطار دمشق، الذي قال إنه كان يتعرض لقصف إسرائيلي «مع كل طائرة (مهان) (شركة طيران مقربة من الحرس الثوري الإيراني) تهبط فيه إلى أن تم إيقاف الطيران الإيراني فيه، وطلب من الإيرانيين أن يكون هبوطهم حصراً في حميميم، وكان ذلك تحت رقابة الروس».

مسؤولون سوريون يتفقدون أضراراً لحقت بمدرج مطار دمشق الدولي عام 2023 بعد قصف إسرائيلي (سانا)

وقدّر أن «الطرف الإيراني كان أيضاً يشعر بشيء من الخذلان نسبياً؛ (إذ) كان هناك تقارب سوري - عربي على حساب العلاقة مع إيران، و(حزب الله) كان قد تلقى أقسى ضربة منذ تأسيسه، والظروف كلها لم تكن مناسبة».

أسماء الأسد... «نصف رئيس»

وتطرق صقر إلى دور أسماء الأخرس (زوجة الأسد)، خلال فترة حكم زوجها، وقال إنها كانت بمثابة «نصف رئيس» كما يقال عنها.

وشرح أنها «على المستوى الداخلي كان لأسماء الأسد حضور وتأثير كبير على زوجها، وبالتالي فالقدرة الكبيرة للتأثير عليه تمنحها إمكانية الولوج إلى ملفات متعددة»، لكنه استدرك: «لا أستطيع أن أجزم أنها تدخلت أو تتدخل بها، ولكن أستطيع أن أجزم أنها تستطيع أن تتدخل بها».

صورة لأسماء الأسد في إحدى غرف «قصر الشعب» (رويترز)

ومع تأكيده أن بشار «لم يكن ضعيف الشخصية»، فإنه قال إنه كان ينظر إلى «زوجته كشريكة في قيادة البلاد»، وأضاف أن هذه النظرة «منحتها حضوراً وقوة هائلتين في مختلف المجالات التي كانت تخوض فيها، يضاف إلى ذلك أنها تستطيع امتلاك حجة قوية».