استغرق الأمر أقل من 3 أشهر لكي تقفز دولتان أوروبيتان حياديتان تاريخياً من المعسكر الوسطي الذي جلستا فيه طوال العقود الماضية، إلى معسكر الغرب. فبين 24 فبراير (شباط) الماضي، الذي يصفه الأوروبيون بـ«نقطة تحوّل» للقارة عندما بدأ الاجتياح الروسي لأوكرانيا، و18 مايو (أيار) يوم تقدمت فنلندا والسويد بطلب عضوية حلف شمال الأطلسي (ناتو)، أمضى قادة الدولتين الشماليتين 83 يوماً يناقشون فيها ويبحثون عن أجوبة لأسئلة باتت تؤرقهم. فنلندا بالذات، وهي التي تتشارك حدوداً طويلة مع روسيا تصل إلى 1300 كلم، شعرت فجأة بمدى ضعفها وانكشافها. أما السويد، فرغم أنها لا تتشارك حدوداً برية مع روسيا، خشيت أن تبقى معزولة داخل أوروبا في حال بقيت خارج «ناتو». وحقاً، استنتج القادة بعد نقاشات طويلة وتحول في الرأي العام المحلي، من أن الانضمام إلى الحلف بات ضرورة. وهكذا مشى يوم 15 مايو ممثلو السويد وفنلندا لدى «ناتو»، جنباً إلى جنب، كل متأبطاً ملف دولته لتقديم طلب عضوية رسمي في الحلف.
ترحيب الدول الغربية الأعضاء في «ناتو» بطلب كل من فنلندا والسويد الانضمام إلى الحلف كان واسعاً. وتعهدت تلك الدول، خاصة ألمانيا، بتسريع الموافقة على طلبي الانضمام ومنع الغرق في البيروقراطية والنقاشات الطويلة. وما يُذكر أن لكل دولة من الدول الثلاثين المنضوية تحت مظلة «ناتو» الحق في أن تصدق أو لا تصدق على طلبي الانضمام عبر تصويت في البرلمان وموافقة حكومة كل دولة. وفي حين بدت 30 دولة مرحبة ومستعدة لتسريع العملية، أعلنت دولة واحدة، هي تركيا، رفضها ضم الدولتين الأوروبيتين الشماليتين وبدأت تضع العراقيل أمام العملية.
ومع أن تركيا قد تخفق في النهاية من منع ضم فنلندا والسويد، لكنها من المؤكد قادرة على إبطاء العملية التي اعتقد البعض أنها قد تكون سلسة وسريعة. ورغم أن وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو أبدى ليونة في الاجتماعات التي عقدها من زعماء «ناتو» وفنلندا والسويد، فإن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يبدو غير مستعد للتفاوض، على الأقل في تصريحاته العلنية. وهو يتهم الدولتين بدعم «منظمات إرهابية» وإيواء أعضائها. وهنا لا يتحدث إردوغان فقط عن حزب العمال الكردستاني، المصنّف على لائحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي، بل يقصد أيضاً مؤيدي «وحدات حماية الشعب الكردي» التي قدمت لها الولايات المتحدة ودول أوروبية الدعم العسكري والتدريب لمواجهة «داعش» في شمال سوريا.
- موقف إردوغان
وحقاً، يريد إردوغان من فنلندا والسويد تصنيف «وحدات حماية الشعب الكردي» منظمة إرهابية كذلك، وتسليم 11 مطلوباً قدمت أنقرة لائحة بأسمائهم للدولتين تزعم أنهم «إرهابيون أكراد». وتضاف إلى ذلك لائحتان إضافيتان، الأولى تضم 12 لتسليمهم من فنلندا، والأخرى 21 شخصاً لتسليمهم من السويد؛ بحجة انتمائهم إلى جماعة فتح الله غولن الذي يتهمه الرئيس التركي بالتحضير للانقلاب الفاشل في العام 2016. وهو يطالب أيضاً برفع حظر توريد السلاح إلى بلاده الذي كانت قد فرضته فنلندا والسويد على تركيا في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 بسبب العملية العسكرية التركية في الشمال السوري.
من جهتهما، ترفض فنلندا والسويد اتهامات أنقرة بإيواء «إرهابيين» أو دعم «جماعات إرهابية»، وتردان بأن حرية التعبير من الأساسيات بالنسبة لهما، وهو ما تتمسكان به في رفضهما تسليم المطلوبين الذين تريد تركيا استعادتهم. وللعلم، كانت تركيا في الماضي قد سلّمت لوائح مطلوبين مشابهة لدول أوروبية لديها جاليات تركية وكردية كبيرة مثل ألمانيا والنمسا، اللتين ترفضان كذلك تسليم أي من المطلوبين الذين تعتبرهم تركيا «إرهابيين»، من بينهم صحافيون أتراك حصلوا على اللجوء في تلك الدول.
- شتولتنبيرغ... مطمئن
رغم هذه «العراقيل» التركية، يبدو ينس شتولتنبيرغ، أمين عام «ناتو»، والمسؤولون في فنلندا والسويد واثقين من قدرتهم على تغيير رأي إردوغان عبر الحوار. بيد أن البعض بدأ يتساءل ما إذا كانت تركيا قد أصبحت «شريكاً مزعجاً» في «ناتو» وما إذا كانت عضويتها في الحلف ما زالت أساسية؟ لا سيما أن هذه ليست المرة الأولى التي «تعرقل» فيها أنقرة قرارات داخل الحلف، ففي العام 2006 رفض إردوغان كذلك الموافقة على تعيين آندرس فوغ راسموسن أمين عام الحلف السابق (سلف شتولتنبيرغ) للمنصب، بحجة أن بلاده الدنمارك تدعم أيضاً الأكراد. وطالب إردوغان آنذاك بإغلاق قناة كردية كانت تبث من الدنمارك مقابل موافقته على تعيين راسموسن. وبعد أشهر من التفاوض، وافقت أنقرة على تعيين راسموسن... وبدا حينذاك أن الحلف لم يقدم أي تنازلات. غير أن القناة الكردية في الدنمارك أغلقت بعد سنة من تعيين راسموسن؛ ما دفع كثيرين إلى الاعتقاد بأن اتفاقاً خفياً أبرم مع أنقرة منحها فيه الحلف ما تريده.
واليوم، عاد إردوغان ليستخدم الورقة نفسها مع فنلندا والسويد، والثانية تحديداً، التي تعيش فيها جالية كردية كبيرة يصل أعدادها إلى 100 ألف نسمة تقريباً، وحيث نجح سياسيون أكراد فيها بدخول البرلمان السويدي. وبالتالي، أدت استضافة السويد لهذه الجالية الكردية الكبيرة، وأحياناً تسامحها مع رفع أعلام لحزب العمال الكردستاني أو حتى غض النظر عن تجمعات لهم، إلى تناقل وسائل إعلام تركية تقارير وروايات تتهم فيها سلطات استوكهولم باتخاذ مواقف «ليّنة من الإرهابيين». وبالفعل، تداولت وسائل الإعلام التركية أخباراً عن استضافة الخارجية السويدية ومعهد «أولوف بالمه الدولي» في العاصمة السويدية استوكهولم اجتماعات لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري، الذي تعتبره أنقرة فرعاً يتبع حزب العمال الكردستاني، ولكن الدول الغربية تراه شريكاً أساسياً في مواجهة «داعش»... نظراً لكونه الجناح السياسي لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية التي قاتلت التنظيم الإرهابي.
هذا، ومع أنه من المستبعد أن توافق السويد أو فنلندا على مطالب إردوغان المتعقلة بالحد مما تعتبره حرية التعبير، لا يستبعد البعض عقد صفقات «من تحت الطاولة» مع تركيا لتخطي عقبة موافقتها على ضم الدولتين الشماليتين، كما حصل في العام 2009 مع راسموسن. فرغم تشكيك البعض، تظل تركيا شريكاً أساسياً للحلف الأطلسي. إذ إنها انضمت إليه بعد 3 سنوات فقط من تأسيس، وأصبحت عضواً كاملاً عام 1952 بعدما وقفت إلى جانب الغرب في وجه الاتحاد السوفياتي. ثم إنها تعد ثاني أكبر قوة عسكرية ضمن دول «ناتو». ويستفيد الحلف كثيراً من موقعها الجغرافي الاستراتيجي على البحر الأسود وفي الشرق الأوسط، وهو ينشر قواعد عسكرية مهمة فيها بين أوروبا وآسيا، كما تخزّن الولايات المتحدة كذلك أسلحة نووية على أراضيها. كل هذا يمكن أن يفسر «تسامح» شركاء تركيا الأطلسيين معها خلال السنوات الماضية رغم «الإزعاج» المتزايد الذي تتسبب به، خاصة بعد قرارها شراء منظومة صواريخ دفاعية من روسيا اعتبره مسؤولون في «ناتو» بأنه يشكل «خطراً أمنياً» على أنظمة الحلف الدفاعية. أكثر من ذلك، أصبح إردوغان مقرباً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السنوات الماضية، خاصة بعد الحرب في سوريا، حيث ينسق الطرفان عملياتهما العسكرية. وفي المقابل، زادت التوترات في السنوات الماضي بين تركيا والدول الغربية في «ناتو» بعد عملية أنقرة العسكرية شمال سوريا، حيث قاتلت الأكراد المسلحين والمدربين والمدعومين من الولايات المتحدة بمواجهة «داعش».
- قراءات أميركية مختلفة
لذا؛ ورغم الأهمية الاستراتيجية التي تقدمها تركيا لـ«ناتو»، فإن معارضة إردوغان لضم فنلندا والسويد دفعت البعض للتشكيك بمدى حاجة الحلف لتركيا. وفي هذا السياق، حذّر السيناتور الأميركي السابق جوزيف ليبرمان (ديمقراطي) في صحيفة الـ«وول ستريت جورنال» من أن «سياسات أنقرة، خاصة لجهة تقاربها مع بوتين، قوضت مصلحة الناتو»، داعياً الحلف إلى التفكير في «طردها»، وكتب «تركيا عضو في الناتو، لكن تحت حكم إردوغان ما عادت تعد تلتزم بالقيم التي يرتكز عليها» الحلف. وكانت قد صدرت في الماضي تصريحات مشابهة في واشنطن عن أعضاء في الكونغرس، مثل السيناتور بوب مينندز (ديمقراطي) الذي قال بعد عملية تركيا العسكرية في سوريا عام 2019، إن «تركيا تحت حكم إردوغان لا يمكن أن تكون... ولا يجب اعتبارها... حليفاً».
ولكن المدافعين عن تركيا يقولون بأنها ما زالت حليفاً أساسياً، رغم أن إردوغان يقوّض صورتها كشريك يعتمد عليه داخل الحلف. بل يعتقد بعض هؤلاء أن الرئيس التركي في النهاية لن يقف في وجه ضم فنلندا والسويد، وإن هدفه تحقيق مكاسب انتخابية قبل الانتخابات العام المقبل. ويشير آخرون أيضاً إلى أن قلق إردوغان من حزب العمال الكردستاني والأحزاب التي يعتبرها متفرعة منه، «مخاوف مشروعة» على الحلف أن يأخذها بجدية. ويفسّر هذا مساعي «ناتو» والدول الأعضاء لتخطي هذه المعارضة التركية لضم فنلندا والسويد عبر عقد اجتماعات مكثفة مع المسؤولين الأكراد وتصريحاتهم بأن الحلول ممكنة. وتقلل حتى واشنطن من أهمية «الخلافات» التركية مع فنلندا والسويد؛ إذ قالت السفيرة الأميركية لدى «ناتو» جوليان سميث أن ما يحصل «يبدو وكأنه مشكلة لدى تركيا مع فنلندا والسويد وسندعهم يحلونها بأنفسهم»، لتضيف بأن واشنطن مستعدة للمساعدة في حال دعت الحاجة. وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بعد ذلك، خلال اجتماعه بنظيره الفنلندي في واشنطن، إنه «واثق من أن الأمور ستتقدم إلى الأمام».
في المقابل، ثمة من يحذر من ضم فنلندا والسويد إلى «ناتو» رغم المكاسب الظاهرة التي يمكن للدولتين تقديمها للحلف. إذ كتبت ايما آشفورد، من «مركز سكوكروفت للاستراتيجيات والأمن في المجلس الأطلسي»، في موقع «بلومبرغ»، «إن ضم فنلندا والسويد سيظهر من دون شك الوحدة الأوروبية ضد روسيا من جهة، ومن جهة أخرى سيضمن عدم ترك أي دولة داخل الاتحاد الأوروبي عرضة لهجوم خارجي من دون أن تتمتع بحماية الناتو». لكنها تستدرك، فتوضح «هناك نقاط سلبية أخرى على الحلف التفكير بها قبل قبول عضوية الدولتين». وتعدد من هذه النقاط تركيز فنلندا والسويد على الدفاع عن أراضيهما... ما يطرح أسئلة حول مدى قدرتهما على الالتزام بمبدأ الناتو الأساسي، وهو مبدأ الدفاع المشترك عن كل أراضي الحلف. وربما ما يعزز هذه النقطة التي تتحدث عنها آشفورد، رفض الدولتين أن تكون على أراضيهما قواعد عسكرية دائمة للحلف أو تخزين لأسلحة نووية.
وتتحدث آشفورد أيضاً عن «الصداع» الذي ستتسبب به فنلندا للحلف بسبب «انكشاف أراضيها» على روسيا على طول حدود طويلة تمتد بطول 1300 كلم، كاتبة «الأراضي الفنلندية كابوس استراتيجي، وستزيد بشكل دراماتيكي من انكشاف الحلف لأي اعتداء من موسكو».
- وضعا فنلندا والسويد
الواقع، أن فنلندا وقعت في الماضي ضحية موقعها هذا، وخاضت مع الروس حرباً قاسية تعرف بـ«حرب الشتاء» في نهاية العام 1939 استمرت 3 أشهر ونصف الشهر، وانتهت بتخلي فنلندا عن 9 في المائة من أراضيها لصالح الاتحاد السوفياتي السابق. وبعد الحرب العالمية الثانية، التي اصطفت فيه فنلندا إلى جانب ألمانيا النازية بشكل أساسي بهدف استعادة أراضيها تلك، اضطرت قيادتها إلى توقيع اتفاقية مع روسيا تتعهد فيها بالبقاء على الحياد مقابل أمنها. ومن هنا، فإن حياد فنلندا ليس خياراً، بل هو اضطرار. ويتعارض هذا مع وضع السويد، التي اتخذت خياراً بـ«الحيادية» يعود لفترة أقدم بكثير من فنلندا. إذ بدأ بعد نهاية حروب نابوليون في العام 1814، ونجحت بالحفاظ عليه حتى في ظل الحرب العالمية الثانية، وكانت هذه «الحيادية» نتيجة مباشر لتجارب سيئة خاضتها في حروب سابقة... قررت بعدها الإحجام عن الخوض في صراعات القارة. ورغم انضمام السويد إلى الاتحاد الأوروبي بجانب فنلندا عام 1995، فإنها اختارت خارج «ناتو» أولاً للحفاظ على حياديتها، وثانياً من مبدأ التضامن مع فنلندا التي كانت ستبقى الدولة الوحيدة داخل الاتحاد الأوروبي خارج أسرة الحلف.
- تأثير حرب أوكرانيا
وفي الواقع، رغم توسع الحلف عبر السنين ليضم دول الشمال الأخرى، بقيت فنلندا والسويد على حياديتهما من منطلق أن التهديدات الروسية بعيدة. وظلت الدولتان متمسكتين بذلك رغم العملية العسكرية التي نفذتها روسيا في أوكرانيا عام 2014 وضمت على إثر القرم إليها، وكذلك العملية السابقة ضد جورجيا عام 2008، ولكن الحربين السابقتين ما كانتا حربين شاملتين كما حصل ويحصل في أوكرانيا منذ أكثر من مائة يوم. وهو الأمر الذي يبدو أنه لعب الدور الأساسي في دفع الدولتين دفعاً إلى أحضان «ناتو».
ولكن التحذيرات التي تحدثت عنها آشفورد في مقالها في «بلومبرغ»، تتناول تحديداً العمليات العسكرية الروسية السابقة. فهي تقول، إن على دول الحلف «التفكير بمخاطر رد الفعل الروسي المبالغ... فروسيا بدأت حروبا ثلاثة بسبب احتمال توسيع الناتو، فقد غزت جورجيا عام 2008٨ والقرم عام 2014 قبل الحرب الحالية. ومع أنه من الواضح عجز موسكو حالياً عن بدء عملية عسكرية جديدة واسعة، لا يمكن استبعاد احتمال رد الرئيس فلاديمير بوتين بطريقة غير منطقية على توسيع الناتو الجديد الذي سيجعل من الحلف على بعد 200 ميل من مدينة بطرسبرج التي ولد فيها».
- حالة الدنمارك الخاصة... شراكة واستثناءات
> العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا لم تدفع فقط بفنلندا والسويد لطلب عضوية «ناتو»، بل أحدثت تحولات كبيرة أيضاً في السياسة الدفاعية لدى دولة ثالثة هي الدنمارك. فمنذ عام 1993 - تاريخ انضمامها للاتحاد الأوروبي - احتفظت الدنمارك بقرار للبقاء خارج السياسة الدفاعية الأوروبية، من بين حوافز قدّمت لها للدخول إلى الاتحاد. ففي عام 1992، رفض الدنماركيون، في استفتاء شعبي، الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكنهم عادوا ووافقوا بعد إدخال تعديلات على الاتفاق منحهم استقلالية فيما يتعلق بالقضايا الدفاعية والعدلية والاحتفاظ بعملتهم من دون تبني اليورو. وصوّت بعد ذلك الفنلنديون، الذين يرفضون حتى اليوم اندماجاً أكبر بالاتحاد الأوروبي، للدخول إلى الاتحاد وفق هذه الاستثناءات.
ولكن قبل أيام صوّت الدنماركيون للانضمام إلى السياسة الدفاعية الأوروبية، في استفتاء شعبي أيّد فيه 67 في المائة من المشاركين الانضمام للسياسة الأوروبية الدفاعية. وقالت رئيسة الحكومة الدنماركية، عقب الاستفتاء، إن الدنماركيين «أرسلوا رسالة مهمة للحلفاء الأوروبيين ولبوتين، وأظهروا أنه عندما يغزو بوتين دولة حرة ويهدد استقرار أوروبا، فإن الآخرين سيتحركون أقرب إلى بعضهم». ويعتبر محللون أن قرار الدنمارك هذا، مع قرار فنلندا والسويد بالانضمام للناتو، سيقوي «دول الشمال» ويزيد من تأثيرها في الاتحاد الأوروبي. ووصف أمين عام حلف «ناتو» السابق اندرس فوغ راسموسن، وهو رئيس وزراء سابق للدنمارك، إن قرار بلاده «يبعث برسالة قوية بأن الدنمارك تقف مع حلفائها للدفاع عن الحرية والديمقراطية».
من جهة أخرى، رغم أن الدنمارك عضو في «ناتو» فهي لا تشارك بالمهمات العسكرية الأوروبية ولا التدريبات ولا السياسة الأوروبية الدفاعية. وبعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تخوف كثيرون من أن تكون الدنمارك الدولة التي ستتبع بريطانيا بالخروج. ولكن الكلام على الخروج من الاتحاد الأوروبي تراجع كثيراً ولم يعد حتى أكثر الأحزاب شعبوية وهو «حزب الشعب» اليمين المتطرف، يتحدث بالأمر. ولهذا وصف البعض الاستفتاء بقبول الانضمام للسياسة الدفاعية الأوروبية بـ«التاريخي» على اعتبار أن الدنماركيين معروفون برفضهم الالتصاق أكثر بالاتحاد الأوروبي ورفضوا في استفتاءين في السابق عامي 2000 و2015 اعتماد عملة «اليورو» والانضواء تحت سياسة العدل الأوروبية.