> هل يحق للناقد توجيه قرائه إلى حيث يريد؟ هل من الصحيح أن الناقد في موقع يتيح له الوصاية على رأي الآخرين بتوجيه رؤيته إلى حيث تخدم مبادئه؟ إذا لم يكن هذا صحيحاً، فما موقع الناقد من الجمهور وحيال الأفلام؟ > بطبيعة الحال، هناك توجيه. حين يُشاهد الناقد فيلماً معيّناً فإنه سيتحدّث عنه من زاوية التعريف به ونقده وتبيان أسباب إعجابه أو عدم إعجابه به. هذا هو الفعل البدهي المتوقع منه وهو ليس بالقدر القليل ويحمل مسؤولية كبيرة حيال جمهوره. > لكن معظم نقادنا لا يكتفون بالحديث عن الفيلم عندما يتناولونه بالنقد. بين السطور، وأحياناً فوقها، تراهم يتحدّثون عن مواقعهم الآيديولوجية حسب منهجه ورؤيته مستخدماً الثقافة والفن في عرضه. هذا يعني أنه غالباً ما يعفي نفسه لا من الكتابة عن الأفلام الأميركية (إذا كان يسارياً) بل من مشاهدتها أيضاً. والعكس صحيح إذا كان يمينياً، رغم أن «اليمينية» بين النقاد محدودة بحفنة قليلة. > هذا الإنجراف نحو تطبيق منهج ذاتي في التعامل مع فيلم دون آخر هو ما لا يحق للناقد القيام به كفعل دؤوب. الكتابة عن الأفلام يجب أن تكون شاملة في الهوية والنوع والفورمات ومُعالجة بنظرة واحدة مفادها البحث عن المميّز إيجاباً أو سلباً وتناول أسبابه ونتائجه. > لا عجب أن النقد لا يستحوذ على اهتمام غالبية مرتادي ومشاهدي الأفلام. هناك فريق منهم لن يقرأ النقد مهما كان صحيحاً، لكن هناك قسم كبير لم يعد يكترث (منذ عقود) بقراءة النقد لأنه لا يتحدّث عن الفيلم بل عن رأيه فيه. > الناقد ليس أستاذاً في مدرسة ولا وصياً على المجتمع ولو أن بعض رسالته تؤول إلى ذلك. هو متخصص في الأفلام - كل الأفلام - يعاملها بدرجة واحدة من الاهتمام وُيبعد رأيه الذاتي عن الطرح، مكتفياً بقراءة الفيلم قراءة صحيحة. م. ر
شاشة الناقد: أفلام على اختلافها لم تأتِ جيدة جداًhttps://aawsat.com/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D9%81%D9%86%D9%88%D9%86/%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7/5088657-%D8%B4%D8%A7%D8%B4%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D9%82%D8%AF-%D8%A3%D9%81%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%81%D9%87%D8%A7-%D9%84%D9%85-%D8%AA%D8%A3%D8%AA%D9%90-%D8%AC%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D8%AC%D8%AF%D8%A7%D9%8B
فيلم محمد حمدي الأول مختلف جداً عن أي فيلم مصري (أو عربي) حٌقّق في تاريخ السينما العربية. الاختلاف بحد ذاته لا يمنح الفيلم درجة التقييم. من الممكن أن يكون مختلفاً وبديعاً أو مختلفاً ورديئاً وهو أقرب إلى التصنيف الثاني. فيلم داكن في الصورة وفي الذوات البشرية التي تسكنه. يجد المخرج لها مبررات مناسبة. هذا لأن أبطاله يتقدمهم دكتور محبط (علاء الدين حمادة)، يعيشون حالات من الكآبة المطلقة تزداد عبثاً مع تناولهم الحشيشة طوال الوقت. أي نحو 90 دقيقة من مدة عرض الفيلم (التي تبلغ 113 دقيقة). وعوض استمتاعهم بهذه «السلطنة» تبقى أدمغتهم واعية وقادرة على الحديث في مسائل وجودية وسياسية (على الخفيف) مع قليل من الشّعر وكثير من الذكريات التي تتشابك بحيث لا تتضح لها زاوية فعلية تنطلق منها أو تعود إليها.
في دقائقه الـ10 الأولى يؤسّس أسلوب عمله من حالات شخصية وتصوير (قام به بنفسه) وإيقاع. هذا الإيقاع خافت باستمرار والمُشاهد عليه أن يفتح أذنيه جيداً ليتمكّن من التقاط الكلمات المتبادلة. هذا لأن الإيقاع الخافت يشمل كذلك الأداء والتلقين وتشخيص الحالات. الدكتور وأصحابه (من ثلاثة لأربعة حسب المشاهد) يركضون في الظلمة مثل جرذان هاربة من مطاردين (لا نعرفهم) ويأوون دوماً إلى خرابات تضمّهم بعتمتها أو إلى شِقق هي بدورها تبدو كخرابات كلّ شيء فيها قديم وباهت. حتى في ساعات النهار فإن النور مبتسر تأكيداً أو ترميزاً للحالة التي يمر بها أشخاص الفيلم.
الصورة، على الرغم من سوداويتها، هي أهم وأفضل من الموضوع المطروح. صحيح أن رجال الفيلم يتعاطون، لجانب الحشيش، مسائل تهمّهم، لكن ليس كل ما يهم شخصية ما في فيلم ما يهم المشاهدين. بالضرورة. لذا تنحصر الحسنات في الصورة. بينما تمرّ المَشاهد بإيقاع خافت ورتيب، مما يحدّ كثيراً من قدرة الفيلم على التواصل مع مشاهديه.
* عروض حالياً في مهرجان مراكش
Maria ★★★
العمق العاطفي لماريا كالاس
«ماريا» هو ثالث فيلم بيوغرافي ينجزه المخرج التشيلي بابلو لاراين (حسب اللفظ الأسباني) بعد (Jackie) «جاكي»، 2016 و(Spencer) «سبنسر»2021. مثل سابقيه هو فيلم عن امرأة ومثلهما هو عن شخصية حقيقية هي مغنية الأوبرا ماريا كالاس (هناك حفنة أفلام عنها أهمها «Maria By Callas» لتوم وولف، 2017) إلى جانب فيلم إيطالي آخر في التحضير بعنوان «Maria/Callas» لروبرت دورنهلم.
معالجة لاراين تختلف كونها متّصلة بالكيفية التي يحاول فيها تقديم رؤيته لشخصياته فهو يسعى دائماً إلى التقاط العمق العاطفي أكثر مما يهتم لسرد السيرة حكائياً. على ذلك، «ماريا» كما يقدّمه هنا يبقى على السطح أكثر من الدخول في عمق شخصيّته. ما يشغله في سرد الأيام الأخيرة من حياة بطلته هو التصاميم الفنية والديكوراتية وتحريك الكاميرا عبرها وهذا جيد لولا إنه يأتي على حساب تحديدٍ أفضل لمن هي ماريا كالاس.
يسرد الفيلم أحداثها الأخيرة وبعض مواقفها الشخصية والفنية لكن الحكاية يمكن لها أن تكون عن أي شخصية لمغنية وإن كانت خيالية. بطبيعة الحال، وكما بات مألوفاً، يعمد المخرج إلى مشاهد استرجاعية (الفلاشباك) بالأبيض والأسود لكن أهم عنصر في هذه الدراما هي محاولة ماريا التغلّب على ذكرياتها مع أرسطو أوناسيس (الذي تركها للزواج من جاكي كينيدي، شخصية فيلم لوراين السابق).
* عروض حالياً في مهرجان البحر الأحمر
TROIS AMIES ★⭐︎
حوارات ومشاهد تُراوح مكانها
لا يبتعد المخرج موريه في فيلمه «ثلاث صديقات» عن التيمة التي اختارها سابقاً لمعظم ما حقّقه من أفلام مثل «تغيير عنوان» (Changement d'adresse) 2007، و«هل نُقبّل» (Shall We Kiss) 2007، و«الأشياء التي نقولها، الأشياء التي نفعلها» (Les Choses qu'on dit, les Choses qu'on fait) 2020. التيمة المذكورة لا تخرج عن نطاق تداول وتناول العلاقات المتأرجحة ما بين الحب والجنس، أو الحب من دون جنس أو العكس.
القصّة في عنوانها: 3 صديقات جوان (إنديا هير)، ريبيكا (سارا فورستييه) وأليس (كامل كوتان) والعديد من الحكايات السابقة (تشعر جوان إنها مسؤولة عن موت حبيبها السابق إريك لأنها تركته)، وفي الحكايات الحاضرة يتداولن التجارب التي مررن بها مع آخرين. لا الأحداث مهمّة ولا الحوار (يمتد بلا نهاية) يعني كثيراً. كل ذلك يَرِد مثل قراءة صفحة واحدة من مجلة إشاعات ومن دون لمسات فنية تذكر. بدورها كل لقطة تشبه، تأسيساً وإدارة. ما يسبقها وما يليها.
* عروض: حالياً في صالات فرنسية
★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز