غروندبرغ في مسقط للضغط على الحوثيين لإنهاء حصار تعز وفتح الطرق

واشنطن تشكر السعودية على جهودها للاستقرار في اليمن

TT

غروندبرغ في مسقط للضغط على الحوثيين لإنهاء حصار تعز وفتح الطرق

بينما أعربت واشنطن عن شكرها للمملكة العربية السعودية على جهودها للاستقرار في اليمن، يسابق المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ الزمن، قبيل انتهاء الهدنة الإنسانية بين الحكومة اليمنية والميليشيات الحوثية (الخميس) ضمن مساعيه لانتزاع الموافقة على تمديدها، في وقت تصر فيه الحكومة على ضرورة فك الحصار عن تعز، وإرغام الانقلابيين على الوفاء بالتزاماتهم بموجب الهدنة.وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن لدى تواصله أخيراً مع وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، شكر للمملكة جهودها في تعزيز وتمديد الهدنة في اليمن.
وأفاد مكتب المبعوث الأممي بأنه التقى في مسقط (الثلاثاء) المتحدث باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها محمد عبد السلام فليتة، إلى جانب مسؤولين عمانيين، وذلك غداة لقائه في عدن رئيس مجلس القيادة الرئاسي ومسؤولين في الحكومة اليمنية الشرعية.
وأكد غروندبرغ -بحسب مكتبه- على «ضرورة إعادة فتح الطرق في تعز ومناطق أخرى من اليمن، وتجديد الهدنة، وأخذ خطوات جديّة تجاه إنهاء النزاع بشكل شامل».
وفي حين تقول الحكومة اليمنية إنها أوفت بكافة التزاماتها بخصوص تنفيذ الهدنة التي بدأت لمدة شهرين في الثاني من أبريل (نيسان)، سواء على صعيد وقف القتال أو على صعيد فتح مطار صنعاء أمام الرحلات التجارية، وكذا السماح بتدفق الوقود إلى ميناء الحديدة، لا يزال ملف فك الحصار عن تعز وفتح الطرق الحيوية هو الجزء المعطل من الهدنة بعد انقضاء جولة من المفاوضات بهذا الخصوص.
ومع وجود بوادر جدية تشير إلى إمكانية انتزاع غروندبرغ موافقة الحكومة الشرعية والحوثيين لتمديد الهدنة بالاستناد إلى الضغوط الدولية والحقوقية، من المرتقب أن تستأنف المفاوضات في شأن فك الحصار على تعز وفتح الطرق، مع تبلور مقترح يسعى المبعوث الأممي إلى إقناع الطرفين به.
وكانت المصادر الرسمية اليمنية قد أفادت بأن المبعوث التقى (الاثنين) في عدن، رشاد محمد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي، ومعه نائباه عيدروس الزبيدي، وعبد الله العليمي، وهي ثالث زيارة لغروندبرغ خلال شهر إلى العاصمة المؤقتة عدن.
وقالت وكالة «سبأ» الحكومية، إن العليمي ونائبيه اطلعوا من المبعوث الأممي على مستجدات الجهود الجارية بشأن تنفيذ الهدنة، وفرص تمديدها والبناء عليها، لدفع ميليشيا الحوثي نحو السلام الشامل والعادل، وفقاً للمرجعيات المحلية والإقليمية والدولية المتوافق عليها.
وعرض غروندبرغ -بحسب الوكالة- «نتائج المرحلة الأولى من المفاوضات، حول فتح معابر تعز والمحافظات الأخرى التي استمر فيها تعنت الميليشيا الحوثية، وعدم التزامها بتنفيذ بنود الهدنة المتعلقة بفتح الطرق في محافظة تعز والمحافظات الأخرى، من أجل تخفيف المعاناة عن الشعب اليمني».
وخلال اللقاء «شدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي على أهمية دفع الميليشيا للوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق الهدنة، بما في ذلك فتح كافة المعابر، ودفع رواتب الموظفين من عائدات سفن المشتقات النفطية الواصلة إلى مواني الحديدة».
وأكد العليمي استمرار دعم الجهود الأممية من أجل تنفيذ بنود الهدنة، وتقديم مزيد من المبادرات لتخفيف المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني، وعدم المساومة حول أي حق من حقوقه المكفولة بموجب الدستور والقوانين الدولية ذات الصلة.
المساعي الأممية المسنودة بدعم أميركي وأوروبي، واكبها حراك دبلوماسي ودعوات حقوقية من منظمات دولية لتمديد الهدنة، بالتزامن مع وصول 8 من سفراء الاتحاد الأوروبي ومبعوثيه إلى عدن (الثلاثاء) في سياق الدفع نحو التمديد، وتقديم الدعم لمجلس القيادة الرئاسي اليمني.
وفي تغريدة على «تويتر» قال وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك، إنه استقبل عدداً من السفراء والمبعوثين الأوروبيين «في رسالة دعم سياسية لمجلس القيادة الرئاسي، وتأكيد دعم بلدانهم للهدنة الإنسانية وتنفيذ بنودها، وفي المقدمة رفع الحصار عن مدينة تعز»، بحسب تعبيره.
وفي سياق متصل، طالبت 32 منظمة دولية عاملة في اليمن في بيان مشترك بتمديد الهدنة، من بينها منظمات: «أوكسفام»، و«إنقاذ الطفولة»، و«المجلس الدنماركي»؛ حيث تطرق البيان إلى إيجابيات الهدنة. وقال: «بصفتنا منظمات تعمل مع المجتمعات المحلية في اليمن، نعلم أن العائلات قد سئمت القتال وترغب في مواصلة حياتها».
وخاطب البيان الحكومة الشرعية والحوثيين بالقول: «بإمكانكم إهداء حياة أفضل لليمنيين، ولا تدعوا شهر يونيو (حزيران) هو الشهر الذي يستأنف فيه القتال وتفشل الخدمات العامة ويُزهق المزيد من الأرواح البريئة، وليكن شهراً يشهد مزيداً من التقدم نحو سلام دائم وفرصة لليمنيين لإعادة بناء حياتهم».
ومع سعي الأمم المتحدة وتطلع المجتمع الدولي إلى تمديد الهدنة الإنسانية، يرى قطاع عريض في الشارع اليمني الموالي للحكومة الشرعية، أن فك الحصار عن تعز سيكون مؤشراً على نجاح أي خطوات أممية مستقبلية لصناعة السلام، وهو الأمر الذي تحاول الميليشيات الحوثية عرقلته حتى الآن.
وفي أحدث تصريحات قادة الجماعة الحوثية، هدد رئيس مجلس حكم انقلابها مهدي المشاط، في تصريحات، بأنهم سيتمسكون بموقفهم بخصوص فتح الطرق في تعز؛ حيث تقترح الجماعة فتح طرق ثانوية، بخلاف ما تطالب به الحكومة الشرعية.
ونقلت وسائل إعلام الميليشيات عن المشاط قوله: «في حال لم تلمس لجنتنا العسكرية المفاوضة في الأردن بوادر جديدة بخصوص الطرق المغلقة لتخفيف معاناة الشعب اليمني، ستُعلن عن مبادرة أحادية من جانبنا».
وفي مقابل تطلع مجلس القيادة الرئاسي اليمني إلى إحلال السلام وإنهاء الانقلاب، يبدي زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي ارتياباً كبيراً من الجهود الدولية والأممية، ومن التطورات المتسارعة في صفوف الشرعية، لجهة توحيد قرارها السياسي والعسكري.
وأبلغ الحوثي أتباعه في أحدث تصريحاته (الاثنين) بالاستعداد للقتال مجدداً، زاعماً أن من وصفهم بـ«الأعداء»: «يواصلون ترتيباتهم العسكرية بهدف التصعيد في المراحل المقبلة». كما حذرهم من أن «الهدنة مؤقتة»، ومن وجود «مؤامرات اقتصادية وسياسية شاملة» تستهدف جماعته.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.