محكمة الدنمارك العليا ترفض التعويض لـ18 مدنياً عراقياً تعرضوا للتعذيب

أحد أفراد الشرطة الدنماركية (أرشيفية - أ.ب)
أحد أفراد الشرطة الدنماركية (أرشيفية - أ.ب)
TT

محكمة الدنمارك العليا ترفض التعويض لـ18 مدنياً عراقياً تعرضوا للتعذيب

أحد أفراد الشرطة الدنماركية (أرشيفية - أ.ب)
أحد أفراد الشرطة الدنماركية (أرشيفية - أ.ب)

ألغت المحكمة العليا في الدنمارك، اليوم (الثلاثاء)، قرار محكمة استئناف يلزم كوبنهاغن بدفع تعويضات إلى 18 مدنياً عراقياً تعرّضوا للتعذيب خلال حرب العراق، خلال عمليّة مشتركة بين قوات الأمن العراقي وجنود دنماركيين.
لجأ 23 عراقياً إلى القضاء الدنماركي بعد اعتقالهم وتعرّضهم «لتعذيب ومعاملة غير إنسانيّة» خلال عمليّة «الصحراء الخضراء» في منطقة الزبير العراقية على مسافة عشرات الكيلومترات من محافظة البصرة عام 2004.
وعام 2018 حكمت محكمة استئناف على الدولة الدنماركية بدفع تعويضات إلى 18 منهم، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
لكنّ المحكمة العليا كسرت هذا القرار وقضت بأن وزارة الدفاع غير ملزمة بدفع تعويضات بما أنّ القوات الدنماركيّة لم تتورّط في عمليّات التعذيب ولم تكن على علمٍ بها.
وقالت المحكمة في بيان، إنّه «لم يكن للقوات الدنماركيّة أسبابٌ ملموسة... للاعتقاد بأن عراقيين سيتعرّضون للتعذيب».
وكانت محكمة الاستئناف قد رأت أنّ الجنود الدنماركيين «فشلوا في منع عمليّات التعذيب، وإن لم يشاركوا فيها». وقدّرت أن القوات الدنماركيّة كانت على علمٍ بأنّ السجناء معرّضون «لتهديدات حقيقيّة» بالتعذيب من القوات العراقيّة. وأمرت الدولة الدنماركيّة بدفع تعويضات بقيمة 30 ألف كرونة (قرابة 4300 دولار) لكلّ منهم.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

لماذا تقاعس الجيش السوري عن القتال؟

TT

لماذا تقاعس الجيش السوري عن القتال؟

عناصر من الجيش السوري (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش السوري (أرشيفية - رويترز)

كان المجند السوري فرحان الخولي (23 عاماً) في حالة معنوية سيئة ويتلقى راتباً هزيلاً، وقال إن موقعه العسكري الواقع في منطقة قاحلة بالقرب من مدينة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة كان من المفترض أن يضم تسعة جنود، لكن لم يكن فيه سوى ثلاثة بعد أن دفع بعضهم رشىً لضباط من أجل التهرب من الخدمة.

وأضاف أن قادته كانوا يرون أحد المجندين الاثنين اللذين كانا معه غير لائق من الناحية النفسية ولا يمكن الوثوق به في حمل السلاح.

وعلى مدى أعوام، ظل مقاتلو «جبهة تحرير الشام» خلف خطوط القتال القريبة مع دخول الحرب الأهلية السورية في حالة من الجمود. لكن في يوم الأربعاء 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، اتصل بالخولي الضابط المسؤول عنه، الذي كان في موقع عسكري آخر خلف خطوط القتال، وأخبره أن مجموعة من قوات المعارضة في طريقها إليه. وقال الضابط إن الوحدة لا بد أن تقاتل وتتمسك بالحفاظ على موقعها.

وبدلاً من الامتثال للأمر، وضع الخولي هاتفه على وضع الطيران وارتدى ملابس مدنية وألقى سلاحه وغادر الموقع. وفي طريق العودة إلى الجنوب شاهد مجموعات أخرى من الجنود تغادر مواقعها.

دبابات تخلت عنها القوات السورية عند بلدة صوران على الطريق بين حماة ودمشق مع هجوم الفصائل (أ.ف.ب)

وفي مقابلة مع «رويترز» هذا الأسبوع في دمشق، حيث وجد عملاً في مزرعة للخيول، قال الخولي: «ضليت رايح باتجاه حماة، مشي، لا في سيارة ولا شي. طلعت وراي العالم (الناس) كلها جاي وراي، لما شافوا إنه في حدا هرب، صارت كل العالم ترمي سلاحها وتهرب».

وخلال أقل من أسبوعين دخلت قوات المعارضة العاصمة دمشق وسقط الرئيس السابق بشار الأسد مع تلاشي جيشه تماماً. وأنهى هذا المسار على نحو مباغت الصراع الذي استمر 13 عاماً وأودى بحياة مئات الآلاف.

تحدثت «رويترز» إلى نحو عشرة مصادر من بينهم اثنان منشقان عن الجيش السوري وثلاثة ضباط سوريين كبار وقائدان لفصيل عراقي يعمل مع الجيش السوري ومصدر أمني سوري ومصدر مطلع على أسلوب جماعة «حزب الله» اللبنانية، أحد حلفاء الأسد العسكريين الرئيسيين.

ورسمت المصادر، إلى جانب وثائق مخابرات عثرت عليها «رويترز» في مكتب عسكري مهجور في العاصمة، صورة تفصيلية لكيفية انهيار جيش الأسد الذي كان مرهوب الجانب قبل ذلك، بسبب انخفاض الروح المعنوية للقوات والاعتماد الكبير على الحلفاء الأجانب، وخاصة في هيكل القيادة والغضب المتزايد في صفوفه بسبب الفساد المستشري.

يحمل عناصر من الفصائل المسلحة السورية صاروخاً لاستخدامه ضد الجيش السوري في الضواحي الشمالية لمدينة حماة بوسط غربي سوريا (أ.ف.ب)

وطلبت معظم المصادر عدم ذكر أسمائها لأنها غير مخولة بالحديث إلى وسائل الإعلام أو خوفاً من الانتقام.

ووفقاً للمصادر فإنه منذ اندلاع الحرب في عام 2011، أصبحت قيادة الجيش السوري تعتمد على القوات الإيرانية المتحالفة معها والقوات اللبنانية والعراقية الممولة من إيران لتوفير أفضل الوحدات القتالية في سوريا.

وأضافت المصادر أن الجزء الأعظم من هيكل القيادة العملياتية للجيش السوري كان يديره مستشارون عسكريون إيرانيون وجماعات مسلحة متحالفة معهم.

لكن العديد من المستشارين العسكريين الإيرانيين غادروا في الربيع بعد الضربات الجوية الإسرائيلية على دمشق، وغادر الباقون الأسبوع الماضي، وفقاً لقادة الفصائل العراقية الذين عملوا معهم.

وقال المصدر المطلع على تفكير «حزب الله» إن معظم مقاتلي «حزب الله» وقادته غادروا بالفعل في أكتوبر (تشرين الأول) للتركيز على الحرب المتصاعدة في لبنان مع إسرائيل.

وقال عقيد سوري ومصدران أمنيان سوريان ومصدر أمني لبناني مطلع على الجيش السوري إن مركز القيادة والسيطرة المركزي للجيش السوري لم يعد يعمل بشكل جيد بعد رحيل الضباط الإيرانيين و«حزب الله»، وإن الجيش كان يفتقر إلى استراتيجية دفاعية، وخاصة بالنسبة لمدينة حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا.

وعلى النقيض من ذلك، كشف تقرير أصدرته مجموعة الأزمات الدولية بعد سقوط حلب أن قوات المعارضة في الشمال الغربي، التي كانت من الناحية النظرية أقل عدداً من الجيش، أمضت سنوات في توحيد صفوفها تحت غرفة عمليات واحدة كانت تنسق مجموعاتها ووحداتها في القتال.

ولم تتمكن «رويترز» من الاتصال بممثل حالي للقوات المسلحة. وقال قائد إدارة العمليات العسكرية في سوريا أحمد الشرع، المعروف بأبو محمد الجولاني، أقوى شخصية في سوريا في الوقت الراهن، لـ«رويترز»، أمس الأربعاء، إنه سيفكك قوات الأمن السورية. ولم ترد بعثة إيران لدى الأمم المتحدة والفصائل العراقية و«حزب الله» على طلبات للتعليق.

دورية في سوريا تجمع قوات من «حزب الله» والجيش السوري (أرشيفية - رويترز)

قال مصدران أمنيان سوريان إن الجيش لم يقدم خطة واضحة لوحداته عندما تعرضت حلب للهجوم في أواخر نوفمبر ، لكن صدرت لها أوامر بإعداد الخطة بنفسها أو التراجع إلى مدينة حمص الاستراتيجية لمحاولة إعادة تجميع صفوفها.

وسقطت حلب دون قتال كبير في 29 نوفمبر، بعد يومين فقط من بدء الهجوم، وقال ثلاثة ضباط سوريين كبار إن ذلك أثار موجة من الصدمة في صفوف الجيش.

وقالت كل المصادر إن ما تبقى على الأرض كان جيشاً يفتقر بشدة إلى التماسك.

ووصفت المصادر معاناة وحدات عديدة من نقص في العدد نظراً لقبول ضباط رشىً لإخراج الجنود من الخدمة، أو مطالبتهم للجنود بالعودة إلى ديارهم وحصولهم على رواتبهم بدلاً منهم.

وذكر تقرير التوازن العسكري الصادر عن «المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية» أن الجيش السوري ضم 130 ألف فرد في عام 2020. ووصف التقرير الجيش السوري بأنه كان مستنزفاً بشكل كبير من جراء الحرب الأهلية الطويلة وأنه تحول إلى هيكل غير منظم على غرار الجماعات المسلحة، يركز على الأمن الداخلي.

أحد عناصر الفصائل السورية المسلحة يقف فوق طائرة تتبع الجيش السوري في قاعدة عسكرية قرب حماة (أ.ف.ب)

وقال مسؤول أميركي طلب عدم ذكر اسمه، إن الولايات المتحدة تلقت معلومات في الأيام التي سبقت انهيار النظام يوم الأحد، أفادت بحدوث انشقاقات وتبديل للولاءات على نطاق واسع، فضلاً عن انتقال بعض العناصر إلى العراق.

ولم تتمكن «رويترز» من تحديد النقص في قوى الجيش أو قوامه الحالي.

وفي 28 نوفمبر، أصدرت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة أوامر لجميع القوات بأن تكون على أهبة الاستعداد القتالي، وذلك وفقاً لوثيقة عسكرية عثرت عليها «رويترز» في مكتب تابع للمخابرات الجوية في دمشق.

وفي مؤشر على القلق الشديد الذي انتاب النظام السوري، اتهمت الإدارة العامة للمخابرات الجوية السورية، وهي من الأجهزة الرئيسية المقربة من عائلة الأسد، رجالها بالتراخي في نقاط الحراسة في شتى أنحاء البلاد بعد أن اجتاحت المعارضة المسلحة إحدى نقاط التفتيش في الجنوب في الأول من ديسمبر (كانون الأول)، وحذرتهم من عقاب شديد إذا لم يقاتلوا، وفقاً للوثيقة التي اطلعت عليها «رويترز».

ورغم الأوامر والتهديدات، بدأت أعداد متزايدة من الجنود والضباط في الفرار، حسبما ذكرت جميع المصادر. وبدلاً من مواجهة المعارضة المسلحة، أو حتى المتظاهرين العزل، شوهد الجنود وهم يغادرون مواقعهم ويرتدون ملابس مدنية ويعودون إلى منازلهم.

ووجد صحافيو «رويترز» الذين دخلوا سوريا يوم الأحد أن الزي العسكري ما زال متناثرا في شوارع دمشق.

مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

كان الفساد وضعف الروح المعنوية متفشيين في صفوف الجيش.

وقال اثنان من الضباط، أحدهما تقاعد في الآونة الأخيرة والآخر انشق، إن غضب الكثير من الضباط أصحاب الرتب المتوسطة تصاعد في الأعوام القليلة الماضية؛ لأن تضحيات الجيش وانتصاراته في أثناء الحرب لم تترجم إلى تحسين الرواتب والظروف والموارد.

وفي 2020، أبرمت روسيا وتركيا اتفاقاً أدى إلى تجميد جبهات القتال وتقسيم البلاد فعلياً بعد استعادة الأسد السيطرة على معظمها، بما في ذلك جميع المدن الكبيرة والطريق السريع الرئيسي الذي يربط بين دمشق وحلب.

لكن آرون لوند، الباحث في مركز «سنشري إنترناشونال للأبحاث» الذي يركز على الشرق الأوسط قال إن الاقتصاد السوري ظل يعاني بفعل العقوبات الأميركية وانخفاض المساعدات الخارجية.

وأضاف: «ساءت الأمور بالنسبة للجميع، باستثناء الصفوة والنخبة حول الأسد. لابد أن الأمر كان محبطاً بشدة».

وعلى الرغم من أن مراسيم في 2021 رفعت الرواتب العسكرية إلى مثليها تقريباً لمواكبة التضخم الذي تجاوز 100 في المائة في هذا العام، لكن القوة الشرائية انخفضت بشدة مع انهيار الليرة السورية مقابل الدولار.

وقال العقيد مخلوف مخلوف، الذي كان يخدم في لواء هندسي، إنه إذا اشتكى أحد من الفساد كان يتم استدعاؤه للاستجواب أمام محكمة عسكرية، وهو ما حدث معه هو نفسه أكثر من مرة. وأضاف: «نعيش في مجتمع مخيف. نخشى التفوه بكلمة».

وقال في مقابلة أجريت معه في حلب يوم الثلاثاء إن مكان خدمته كان في حماة، لكنه انسحب قبل سقوط المدينة في أيدي مقاتلي المعارضة في الخامس من ديسمبر.

وقال ضابط مخابرات عسكرية كبير في الخدمة إن الغضب تصاعد على وجه الخصوص في العام المنصرم، مضيفاً أنه كان هناك «سخط متزايد تجاه الأسد» حتى بين كبار مؤيديه المنتمين إلى الطائفة العلوية.

تلقي تجربة الخولي العسكرية الضوء على مشكلات الجيش وتساعد في تفسير غياب نزعة الولاء لديه.

تم تجنيده للخدمة الإلزامية التي تستمر 18 شهراً عندما بلغ التاسعة عشرة بعد أن دفع رشوة لأحد الضباط لتأجيل خدمته لمدة عام.

وعندما انتهت فترة خدمته صدر أمر ببقائه في الجيش إلى أجل غير مسمى. وفر الخولي، لكن ألقت دورية القبض عليه في وقت لاحق وأودع بالسجن لمدة 52 يوماً ثم أرسل إلى نقطة عسكرية نائية بالقرب من إدلب.

وكان يتلقى راتباً قدره 500 ألف ليرة سورية (40 دولاراً). وعادة ما كانت مخصصات الجيش تتعرض للنهب قبل وصولها. وقال إنه كان ينفق راتبه كله أحياناً لشراء المزيد من الطعام.

وقال إن رفاقه ممن يملكون المال كانوا يدفعون للضباط مقابل التسريح من الخدمة، لكنه لم يكن ميسوراً. وأضاف أن اللواء الذي كان ينتمي له كان يضم 60 جندياً فقط على الرغم من أن قوامه 80.

ووصف الخولي كيف كانت معاملة الضباط سيئة وأنها شملت القيام بأعمال يدوية شاقة وحفر سواتر أرضية في الطقس الحار والبارد وخلال الليل.

ووصف رائد سابق الاعتماد على تشغيل الجنود قسراً بأنه «خطأ فادح».

وقال جندي سابق بالجيش في قطاع الدعم اللوجيستي يدعى زهير ويبلغ من العمر 28 عاماً في مقابلة أجريت معه في دمشق، يوم الثلاثاء، إنه شاهد ضباطاً يسرقون مولدات الكهرباء والوقود ويقومون ببيعها.

وأضاف: «كل ما كان يشغلهم هو استغلال مناصبهم للثراء».

وقال إنه قاتل من أجل الأسد لأعوام، لكن أبناء عمومته ضمن صفوف المعارضة، وأضاف أنه شعر بسرور بالغ عندما كانوا يتقدمون.

عناصر من فصائل الجيش الوطني السوري في منبج (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

اعتمد الأسد على الحلفاء في محاربة المعارضة التي بدأت انتفاضتها ضده باحتجاجات في عام 2011.

أرسلت روسيا طائرات قصفت مواقع المعارضة، وأرسلت إيران مستشارين عسكريين ومقاتلين من «حزب الله». كما جاءت من العراق فصائل مسلحة تدعمها إيران وكذلك جماعة أخرى شكلتها طهران من مقاتلين شيعة أفغان.

وكانوا يتمتعون بمهارات قتالية ورفاهية على عكس الجنود السوريين. وقال قائد فصيل عراقي مسلح يخدم بالقرب من حلب إنه يعرف فصيلة سورية من المفترض أنها تتكون من 30 جندياً لم يجد بها سوى ثمانية جنود فقط.

وذكر القائد أن فصيله كان يدعو عادة هؤلاء الجنود لتناول الطعام معهم بدافع الشفقة لأن حصصهم الغذائية يرثى لها.

وقال قادة فصائل عراقية ومصدر مطلع على طريقة تفكير «حزب الله» إن الجماعة اللبنانية والفصائل المسلحة المتحالفة معها ينظرون إلى القوات السورية النظامية بازدراء.

وأضافت المصادر أنهم لا يثقون فيها لتنفيذ عمليات مهمة ولا يقاتلون إلى جانبها في الغالب.

مقاتلون من «قسد» يعاينون مدفع ميدان هجره الجيش السوري في منطقة القامشلي (أ.ف.ب)

قال قائد الفصيل العراقي المتمركز بالقرب من حلب ومستشار عسكري عراقي في دمشق إن التزام إيران تجاه سوريا بدأ يتزعزع في الأشهر التي أعقبت هجوم «حماس» المدعومة من طهران على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وتضمن رد إسرائيل على هجوم «حماس» تكثيفاً للضربات على أهداف مرتبطة بإيران في مناطق تشمل سوريا.

وأسفرت ضربة في أول أبريل (نيسان) عن مقتل قادة كبار من الحرس الثوري الإيراني كانوا في مبنى داخل مجمع القنصلية الإيرانية في دمشق. ولم تؤكد إسرائيل أو تنفي تورطها في ذلك.

وقال المصدران العراقيان إن عدد القادة من الحرس الثوري الإيراني الموجودين في سوريا انخفض بشكل كبير بعد ذلك.

وذكر أحدهما أن قيادة العمليات العسكرية السورية أصبحت غير فعالة نتيجة لذلك، وتفاقم الوضع بسبب انسحاب «حزب الله» في أكتوبر.

وقال المصدران إن روسيا شنت ضربات جوية على قوات المعارضة في أثناء تقدمها في حماة وحمص، لكن بخلاف المراحل السابقة من الحرب، لم تكن هناك قوات برية قادرة على الاستفادة من ذلك.

وبحلول يوم السبت السابع من ديسمبر، كانت روسيا تدعو إلى انتقال سياسي. ورفض الكرملين ووزارة الخارجية الروسية التعليق على هذه الرواية. وقال الكرملين يوم الثلاثاء إن روسيا «بذلت جهداً كبيراً» لمساعدة الأسد خلال الحرب الأهلية لكن الوضع تدهور بعد ذلك.

وقال عقيد من العلويين في الجيش السوري إن القوات السورية اعتمدت على «حزب الله» في قيادة العمليات بحلب. وأضاف هو وقائد الفصيل العراقي والمستشار العراقي أن الجيش السوري لا يستطيع السيطرة على الأراضي القريبة من المدينة من دون مستشارين إيرانيين أو «حزب الله».

وقال قائد الفصيل العراقي إن الفصائل العراقية المسلحة أرسلت المزيد من المقاتلين إلى سوريا الأسبوع الماضي، لكنها وجدت أن جميع قنوات الاتصال بالمستشارين العسكريين الإيرانيين انقطعت.

وذكر أن الأوامر صدرت للجماعات العراقية بالمغادرة بعدما استولت المعارضة على مدينة حماة يوم الجمعة.

وقال المستشار العسكري العراقي: «خسرنا معركة سوريا من اليوم الأول».