لا تخلو أي أزمة صحية عالمية من الصخب الذي يثيره أصحاب «نظرية المؤامرة»، الذين يجنحون دوماً إلى فكرة التخليق المعملي للفيروسات والبكتريا الخطيرة، ظهر ذلك مع جائحة «كورونا»، ويتكرر الأمر نفسه مع التفشي الحالي لفيروس «جدري القردة».
وإذا كانت المؤامرة في «كورونا» أقوال مرسلة لا تستند إلى دليل ملموس (حتى الآن)؛ فإن الأمر يبدو مختلفاً مع «جدري القردة»، فقد عثر أصحاب ذاك الطرح على ما يدعم وجهة نظرهم، وهو ورقة بحثية مشتركة بين مؤتمر ميونيخ للأمن ومبادرة التهديد النووي (NTI) تم إصدارها في مارس (آذار) 2021. تحدثت عن موعد انتشار وعدد ضحايا وباء «جدري القردة»، ضمن تمرين افتراضي حول الحد من التهديدات البيولوجية عالية العواقب، وفحص الثغرات الموجودة في هياكل الأمن البيولوجي الوطنية بما يضمن التأهب للأوبئة.
وفي السيناريو التي وضعته الورقة البحثية، تظهر سلالة غير عادية من «جدري القردة» في بلد وهمي يُدعى «برينيا» باعتباره هجوماً إرهابياً «باستخدام مسببات الأمراض التي تمت هندستها في المختبر مع عدم كفاية أحكام السلامة البيولوجية والأمن البيولوجي والرقابة الضعيفة»، ويتسبب الفيروس في السيناريو الذي وضعته الدراسة في أكثر من 3 مليارات حالة إصابة مع 270 مليون حالة وفاة على مستوى العالم.
ويتناقل مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي هذه الورقة البحثية، ليثبتوا أن تفشي المرض مؤخراً كان مخططاً له، وهو الأمر الذي دعمته اتهامات روسية للولايات المتحدة مؤخراً بنشر «جدري القردة» حول العالم، مطالبة بالتحقيق في عمل 4 مختبرات بيولوجية أميركية تنشط في نيجيريا، إحدى البلاد الموبوءة بالفيروس.
وكانت هذه الاتهامات الروسية حاضرة في أسئلة الصحافيين في مؤتمر صحافي نظمه المكتب الإقليمي لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية يوم 26 مايو (أيار) الحالي، ورد عليها عبد الناصر أبو بكر، مدير برنامج الوقاية من مخاطر العدوى والتأهب لها، في المكتب الإقليمي قائلاً: «التحليلات المبدئية لإصابات (جدري القردة) الحالية، تشير إلى أن مصدرها الفيروس نفسه المكتشف في غرب أفريقيا عام 1958، ولم يتم رصد أي تغير جيني عن الفيروس القديم».
ولم يتطرق أبو بكر إلى الورقة البحثية المثيرة للجدل، لكن خدمة «التحقق من صحة الأخبار» التي تقدمها وكالة رويترز، توصلت إلى جايمي ياسيف، نائب رئيس السياسة البيولوجية العالمية والبرامج في مبادرة التهديد النووي التي أعدت الدراسة بالتعاون مع مؤتمر ميونيخ للأمن، حيث قال في تعليق نشرته الوكالة يوم 24 مايو الحالي، إنهم صمموا سيناريو خيالياً لمناقشة التحسينات المطلوبة بشكل عاجل في القدرات العالمية للوقاية من الأوبئة والاستجابة لها، واختير «جدري القردة» من بين خيارات أخرى تمت مناقشتها، لأنه كان مناسباً بشكل معقول لهذا السيناريو.
وأوضح أن حقيقة المعاناة الحالية لعدد من الدول من تفشي مرض جدري القردة، هي «محض مصادفة»، مشيراً إلى أن الحقيقة، التي توصلوا إليها، وهي افتقاد العالم للاستعداد الكافي للحماية من الأوبئة المستقبلية، أمر مؤسف للغاية، ودعا الدول إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة هذا الضعف. وأضاف: «ليس لدينا سبب للاعتقاد بأن التفشي الحالي لجدري القردة يتضمن فيروساً مهندساً، حيث لم نرَ أي دليل مقنع يدعم مثل هذا الادعاء».
التخليق المعملي لـ«جدري القردة»... «مصادفة» أربكت العالم
ورقة بحثية «معلومة المصدر» تحدثت عن الخطر العام الماضي
التخليق المعملي لـ«جدري القردة»... «مصادفة» أربكت العالم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة