محاكمة نشطاء سودانيين بتهمة قتل ضابط شرطة

وسط حضور كبير ومزاعم بتعرضهم للتعذيب

نشطاء خارج قاعدة المحكمة في الخرطوم أمس يدعمون زملاءهم المتهمين (أ.ف.ب)
نشطاء خارج قاعدة المحكمة في الخرطوم أمس يدعمون زملاءهم المتهمين (أ.ف.ب)
TT

محاكمة نشطاء سودانيين بتهمة قتل ضابط شرطة

نشطاء خارج قاعدة المحكمة في الخرطوم أمس يدعمون زملاءهم المتهمين (أ.ف.ب)
نشطاء خارج قاعدة المحكمة في الخرطوم أمس يدعمون زملاءهم المتهمين (أ.ف.ب)

وسط حضور جماهيري غفير، بدأت في الخرطوم واحدة من المحاكمات التي ظلت تشغل الرأي العام طوال أشهر، لمحاكمة أربعة نشطاء اتهمتهم الشرطة بقتل ضابط كبير أثناء الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وسط شكوك واسعة بتعرض المتهمين للتعذيب، فيما احتشد المئات من النشطاء خارج قاعة المحكمة لمؤازرة المتهمين. وشهدت أولى جلسات المحاكمة قبول طلبات الدفاع عن المتهمين، وتتمثل في عرضهم على الطب الشرعي للكشف عما إذا كانوا قد تعرضوا للتعذيب، ولقاء فرق المحامين مع المتهمين، والاطلاع على محضر التحري قبل الشروع في التقاضي، وهي طلبات وافقت عليها المحكمة، ما استدعى تحديد جلسة ثانية في 12 يونيو (حزيران) المقبل.
وقتل العميد شرطة علي محمد بريمة في 13 يناير (كانون الثاني) الماضي بطعنة سكين أثناء مشاركته في قيادة فرق الشرطة والأمن المكلفة بتفريق المظاهرات الاحتجاجية، فيما قالت الشرطة وقتها إنه تلقى طعنة غادرة في ساعده الأيسر وطعنة أخرى في الظهر بسكين، أودت بحياته أثناء تلقيه العلاج في المستشفى. وفي وقت لاحق أعلنت الشرطة القبض على أربعة نشطاء من قادة الحراك الشعبي والفاعلين في العمل الثوري، وهم محمد آدم وشهرته «توباك»، ومحمد الفاتح وشهرته «الننة» ومصعب الشريف، والطبيبة زينب.
وقال عضو هيئة الدفاع عن المتهم مصعب الشريف، المحامي وليد عز الدين محمد، إن أولى جلسات المحاكمة بدأت أمس (الأحد)، وتم خلالها تسجيل الحضور من الحق العام ومثل الاتهام النائب العام، وهيئة الاتهام عن الحق الخاص، وتسجيل هيئة الدفاع عن المتهمين.
وأوضح أن الدفاع طلب فك الأصفاد عن المتهمين باعتباره انتهاكاً لمبدأ الكرامة الإنسانية ومخالفاً للأعراف الدولية والدستورية، وطلب أيضاً الاطلاع على محضر التحري، وعرض بعض المتهمين على الطبيب الشرعي للكشف عما إذا كانوا قد تعرضوا للتعذيب أثناء التحقيق، ومقابلة فريق المحامين للمتهمين، والسماح للطبيبة زينب بعدم حضور الجلسات بسبب حالتها الطبية، وأن المحكمة استجابت لكافة الطلبات.
وشهدت الساحة المواجهة لمعهد التدريب القضائي في الخرطوم حيث انعقدت المحكمة، حشوداً غفيرة من المواطنين، الذين رددوا هتافات مناوئة لاتهام النشطاء، معتبرين المحاكمة سياسية، ونافين أن يكون المتهمون السلميون قتلة، واعتبرت القبض عليهم بأنه «ظالم» وهتفوا: «توباك ما قاتل والننة مناضل».
وأثارت الحشود مشهد ظهور المتهم الأول محمد آدم المشهور بـ«توباك» وهو يلوح بشارة النصر، هتافات الجماهير المحتشدة التي جاءت للتضامن معه، وتعتبره أساسياً في الحراك المناهض لإجراءات أكتوبر الماضي.
ونقلت تقارير صحافية في أوقات سابقة أن المتهمين تعرضوا لعمليات تعذيب لإجبارهم على الاعتراف بارتكاب الجريمة، وتقديم أدلة تدينهم، وهو ما أكدته المحامية إيمان حسين أثناء تصريحات صحافية أمام المحكمة عقب الجلسة، وقالت إن فريق المحاماة طلب عرض المتهمين على لجنة طبية بسبب آثار التعذيب الظاهرة على أجسادهم. وقالت المحامية التي تدافع عن المتهمين، إن فريق المحامي طلب من النائب العام والنيابة الجنائية في وقت سابق، فتح دعوى جنائية ضد الشرطة على ممارسة تعذيب المتهمين. وأضافت: «الطلب لا يزال أمام النائب العام، وهم يعتبرون ذلك إهداراً للعدالة، وتضييعاً لحقوق المتهمين»، وهو نفس الطلب الذي وافقت عليه المحكمة، حسب قولها.
وأوضحت المحامية حسين أن القبض على الشباب واتهامهم بجريمة القتل، يعتبران استهدافاً للثورة ومحاولة لإظهار قادة الحراك بأنهم غير سلميين في محاولة لـ«شيطنة الثوار كلهم».
وكانت هيئة الدفاع عن المتهمين قد وصفت في بيان صحافي في فبراير (شباط) الماضي، احتجاز المتهمين بأنه «غير مشروع»، وأنها تبينت تعرض المتهم محمد آدم «توباك» لتعذيب وحشي بدني ونفسي لإجباره على الاعتراف بما لم يفعله ونسب إليه.
ومنذ تولي الجيش السلطة في 25 أكتوبر الماضي، قتل حتى الآن 98 شخصاً، وأصيب الآلاف بجراح، جراء العنف المفرط واستخدام الأسلحة الفتاكة التي تستخدمها أجهزة الأمن ضد المحتجين السلميين. ودأبت أجهزة الأمن على نسب عمليات القتل إلى «طرف ثالث»، وهو ما يعتبره النشطاء محاولات لصرف الأنظار عن حقيقه العنف الذي تستخدمه الأجهزة الأمنية ضد المحتجين.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
TT

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)

تستعد القاهرة لاستضافة مؤتمر دولي لدعم وتعزيز «الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، يوم الاثنين المقبل، بمشاركة إقليمية ودولية واسعة.

وأعلن وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، عن استضافة «مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة»، يوم 2 ديسمبر (كانون الأول)، وقال خلال مشاركته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا الاثنين: «المؤتمر سيبحث إجراءات تعزيز الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، حسب إفادة للخارجية المصرية.

وأعاد عبد العاطي التأكيد على محددات الموقف المصري تجاه التطورات الإقليمية، التي تتضمن «ضرورة وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، ونفاذ المساعدات الإنسانية دون عوائق، فضلاً عن أهمية الانتقال لإيجاد أُفق سياسي لتنفيذ حل الدولتين».

وكشفت مصادر مصرية مطلعة أن «المؤتمر سيعقد على مستوى وزراء الخارجية»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الحضور سيشمل تمثيلاً إقليمياً، من دول المنطقة، ودولياً، من المجتمع الدولي»، إلى جانب «تمثيل المؤسسات الدولية، ووكالات الأمم المتحدة المعنية بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها (الأونروا)».

وتجري القاهرة استعداداتها المكثفة لاستضافة المؤتمر، لضمان مشاركة واسعة فيه إقليمياً ودولياً، وفق المصادر، التي أشارت إلى أن «مصر ما زالت تتلقى تأكيدات من الدول التي ستشارك»، وأوضحت أن «المؤتمر سيناقش الأبعاد السياسية والأمنية والإنسانية للوضع في قطاع غزة»، وأن «دعم عمل وكالة (الأونروا)، سيكون من فعاليات المؤتمر».

ويعقد المؤتمر في ظل مطالبات عربية رسمية برفع القيود الإسرائيلية على مرور المساعدات لقطاع غزة، بعد قرار إسرائيل بحظر عمل أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويتوقف رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين، صلاح عبد العاطي، عند عقد المؤتمر بالتزامن مع الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة، وقال إن «الفلسطينيين ينظرون بإيجابية لمؤتمر القاهرة الوزاري، أملاً في تحقيق اختراق لأزمة المساعدات الإنسانية، والتدخل لإنفاذ الدعم لسكان القطاع»، مشيراً إلى أن «استمرار الوضع الحالي، مع حلول موسم الشتاء، يفاقم من المعاناة الإنسانية للسكان بغزة».

وتحدث عبد العاطي عن الأهداف التي يأمل الفلسطينيون أن يحققها المؤتمر، ودعا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضرورة أن يحقق المؤتمر استجابة إنسانية سريعة لسكان القطاع، كما حدث في التدخلات المصرية السابقة»، إلى جانب «ممارسة ضغوط على الجانب الإسرائيلي لفتح المعابر أمام المساعدات الإغاثية»، كما طالب بـ«تشكيل تحالف دولي إنساني لدعم الإغاثة الإنسانية لغزة».

وتقول الحكومة المصرية إنها قدمت نحو 80 في المائة من حجم المساعدات الإنسانية المقدمة لقطاع غزة، وفق تصريحات لوزير التموين المصري في شهر مايو (أيار) الماضي.

واستضافت القاهرة، في أكتوبر من العام الماضي، «قمة القاهرة للسلام»، بمشاركة دولية واسعة، بهدف «دفع جهود المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار، والعمل على تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة».

وباعتقاد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، طارق فهمي، أن «مؤتمر القاهرة الوزاري يستهدف إعادة تقديم القضية الفلسطينية للواجهة الدولية، مرة أخرى، في ضوء التطورات الإقليمية»، وقال إن «توقيت ومستوى التمثيل في المؤتمر، يقدمان رسائل تنبيه مبكرة لخطورة الوضع في القطاع، والمسار المستقبلي للقضية الفلسطينية على الصعيد الدولي».

وستتجاوز مناقشات المؤتمر حدود الدعم الإنساني والإغاثي لسكان قطاع غزة، وفقاً لفهمي، الذي قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المؤتمر سياسي بالدرجة الأولى، ويستهدف استعراض الجهود المبذولة، خصوصاً من الدول العربية، لوقف الحرب في القطاع»، مشيراً إلى أن «المؤتمر سيسعى لصياغة مقاربات جديدة للتعاطي مع الأزمة في غزة، والقضية الفلسطينية في المرحلة المقبلة، خصوصاً مع تولي إدارة دونالد ترمب مهامها الرسمية في أميركا».