الفيلم الأمازيغي «تاونزا» يحتفي بالحلي والمرأة المغربية

يشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان طنجة

مشهد من فيلم «تاونزا» في أول عرض له بسينما الريف بطنجة وفي الاطار مليكة المنوك («الشرق الأوسط»)
مشهد من فيلم «تاونزا» في أول عرض له بسينما الريف بطنجة وفي الاطار مليكة المنوك («الشرق الأوسط»)
TT

الفيلم الأمازيغي «تاونزا» يحتفي بالحلي والمرأة المغربية

مشهد من فيلم «تاونزا» في أول عرض له بسينما الريف بطنجة وفي الاطار مليكة المنوك («الشرق الأوسط»)
مشهد من فيلم «تاونزا» في أول عرض له بسينما الريف بطنجة وفي الاطار مليكة المنوك («الشرق الأوسط»)

عرضت المخرجة المغربية مليكة المنوك شريطها الطويل «تاونزا» في الليلة قبل الماضية بسينما الريف في طنجة، وهو أول عرض للفيلم، الذي تم إنتاجه السنة الماضية. وأوضحت المخرجة الشابة لـ«الشرق الأوسط»، أن حكاية «تاونزا» تعيش معها دائما وليست مجرد فيلم فقط، بيد أنها حكاية أعراف وتقاليد وأصول. وقالت «رجوعي لقريتي من خلال قصة الفيلم أشم فيه عبق (تاونزا)، وهي أنها عبارة عن حلي فضية توضع فوق الرأس، ولها أهمية كبيرة وتعني عموما قصة الشعر المزينة بتلك الحلي في الثقافة الأمازيغية، حيث يجري التفريق بين الزوجة والآنسة بقصة الشعر، كما تعني (تاونزا) شرف المرأة وهمتها».
يشار إلى أن «تاونزا» هو أول فيلم للمخرجة وطوله 90 دقيقة، وهو ثاني الأفلام الأمازيغية المشاركة في المسابقة الرسمية للفيلم الطويل بالدورة الحالية الـ15 لمهرجان الفيلم بطنجة.
وأبرزت مليكة أن رسالتها من خلال الفيلم هي الاحتفاء بالتقاليد والحلي التي تميز الكثير من مناطق المغرب، والاحتفاء أيضا بالمرأة العصامية الأمازيغية والمغربية عموما، مشيرة إلى أنها صورت الفيلم في نواحي مدينتي تارودانت وأغادير (جنوب المغرب)، وبعض المشاهد في مدينة الدار البيضاء. وذكرت مليكة أن قصة الفيلم مستوحاة من الواقع، ولا تخص الفنانة الأمازيغية فاطمة تيحيحيت التي تشابه حياتها في جزء من الفيلم، مؤكدة أن كل الفنانات الأمازيغيات أتين للفن هروبا من مشكلات القرية، وقالت «هناك فتيات هربن حينما أردن أن يزوجوهن في سن مبكرة أو بأزواج عجزة».
وبخصوص جديدها، أوضحت ملكية أنها تشتغل منذ شهرين على سيناريو جديد مختلف تماما عن فيلمها الأول، وهو يعالج البطالة في المغرب، وستعمل على تصويره في مدينة الدار البيضاء. ويحكي الفيلم، علاقة غرامية على شبكة الإنترنت ستجر «يوسف» و«زاينة» بخيوطها نحو ماض أسري مؤلم تعود جذوره إلى قرية نائية بمنطقة سوس في حقبة الثمانينات، في هذه القرية وفي ظل تقاليدها القاضية بحرص الفتيات العازبات على حجب وجوههن بلثام، تتشابك الخيوط لتنسج، قصة زواج صديقين «إبراهيم» العائد إلى القرية و«الحسين» الملازم للبلدة، كل مع أخت الآخر، ليجد «إبراهيم» نفسه في شرك عنكبوتي من نوع آخر، شارك في حبك خيوطه كل من شقيقته «ملعيد» وشقيقة صديقه «شامة» التي أصبحت بقوة المكر زوجته، بدل فتاة أحبها من دون أن يرى وجهها ولا أن يعرف اسمها. ونتيجة لذلك تتفكك العائلتان وتتواصل الأحداث، ويستمر اللغز إلى أن يشمل الأبناء عبر العلاقة في «فيسبوك» بين «يوسف» و«زاينة» اللذين قررا الزواج دون رؤية بعضهما، وكأن الزمن يعيد نفسه لإصلاح ما أفسده في الماضي.
وشارك في تشخيص مشاهد هذا الفيلم مجموعة من الفنانين منهم إبراهيم أسلي، زهرة المهبول، نزهة أمدوز، خديجة أمزان، عبد الرحمان أكزوم، حسن بوتروفين، لحسن إكتير.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».