مستويات غير مسبوقة للإصابات بحمى «القرم - الكونغو» في العراق

عامل من وزارة الصحة العراقية يقوم بتعقيم مزرعة في قرية البو جاري (أ.ف.ب)
عامل من وزارة الصحة العراقية يقوم بتعقيم مزرعة في قرية البو جاري (أ.ف.ب)
TT

مستويات غير مسبوقة للإصابات بحمى «القرم - الكونغو» في العراق

عامل من وزارة الصحة العراقية يقوم بتعقيم مزرعة في قرية البو جاري (أ.ف.ب)
عامل من وزارة الصحة العراقية يقوم بتعقيم مزرعة في قرية البو جاري (أ.ف.ب)

داخل حظيرة صغيرة في إحدى قرى جنوب العراق النائية، يشرع فريق طبي بتعقيم بقرة وصغارها بمبيدات حشرية. في مشهد أصبح من اليوميات في مزارع العراق، بسبب ارتفاعٍ غير مسبوق في إصابات «حمى القرم - الكونغو النزفية» التي طغت على وباء «كوفيد 19».
الأرقام تتكلّم عن نفسها. فمنذ يناير (كانون الثاني)، سجلت البلاد 111 إصابة بين البشر بالمرض، بينها 19 وفاة، وفق منظمة الصحة العالمية.
في السنوات السابقة «كانت الحالات التي تسجل لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة سنوياً»، بحسب مدير شعبة السيطرة على الأمراض داخل دائرة الصحة في محافظة ذي قار الجنوبية حيدر حنتوش. وسجلت هذه المحافظة الفقيرة والريفية وحدها نصف الإصابات الإجمالية بالحمى النزفية في العراق. وتنتشر في هذه المنطقة تربية المواشي من جواميس وبقر وماعز وغنم، وهي الحيوانات الوسيطة في نقل حمى «القرم - الكونغو» إلى الإنسان.
في قرية البو جاري، في ذي قار، يقوم فريق من دائرة الصحة بتعقيم منزلٍ أصيبت فيه امرأة بالمرض. وضع أفراد الفريق الذين لبسوا رداء أبيض، أقنعة ونظارات للحماية. وتحت سقف من الصفيح، قاموا برشّ بقرة وصغيريها بالمعقّم لقتل الحشرات الناقلة للفيروس. ويتوجه الفريق بعد ذلك لتعقيم دلاء وأحواض حديدية وضعت في الحظيرة، ثمّ التراب والحصى في الحديقة المحيطة بها. بعدما أنهى الفريق مهمّة التعقيم، يحمل أحد أفراده حاوية بلاستيكية في داخلها حشرات بنيّة صغيرة جداً أزيلت من الحيوانات.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، يحدث انتقال حمى «القرم - الكونغو» إلى الإنسان «إما عن طريق لدغات القراد، أو بملامسة دم، أو أنسجة الحيوانات المصابة خلال الذبح أو بعده مباشرة».
اكتشف الفيروس للمرة الأولى في العام 1979 في العراق، وهو يسبب الوفاة بنسبة تتراوح بين 10 إلى 40 في المائة من الإصابات. وبحسب منظمة الصحة العالمية، «ينتقل الفيروس من إنسان إلى آخر نتيجة الاتصال المباشر بدم الشخص المصاب أو إفرازاته أو أعضائه أو سوائل جسمه الأخرى».
في العام 2021، سجلت محافظة ذي قار 16 إصابة، بينها 7 وفيات، في حين تسجل المحافظة هذا العام 43 إصابة، من بينها 8 وفيات. وأكثر المصابين من مربي المواشي والقصابين، وفق السلطات.
ويعزو ممثل منظمة الصحة العالمية أحمد زويتن هذا الارتفاع في أعداد الإصابات إلى «فرضيات» عدة. ويشير إلى غياب حملات التعقيم التي تجريها السلطات للحيوانات خلال عامي 2020 و2021، بسبب الإغلاق المرتبط بفيروس كورونا. وبالنتيجة «نمت أعداد الحشرات». ويشرح الخبير أن «تكاثر الحشرات» بدأ هذا العام بشكل مبكر «قبل نحو أسبوعين أو ثلاثة» من العادة. ويرجع الارتفاع «إلى الاحترار المناخي الذي تسبب بتمديد فترة التكاثر عند الحشرات».
من جهته، يقول الطبيب المختص بأمراض الدم السريرية في دائرة صحة ذي قار، أزهر الأسدي، إن الإصابات ازدادت بسبب «قلة توعية الناس حول طرق انتقال هذا المرض وعدم أخذ الأمر بجدية، ولا سيما الإرشادات التي يقدّمها الأطباء».
وأشار إلى أن «انتشار الحيوانات» المشرّدة أيضاً «موضوع خطير»، موصياً القصابين خاصة «بذبح الحيوانات» في أماكنها الخاصة «وتنظيفها».
ويقول الطبيب إن غالبية المرضى هم في «مرحلة الشباب، معدّل الأعمار نحو 33 عاماً»، على الرغم من أن إصابة سجلت عند طفل يبلغ من العمر 12 عاماً، وعند رجل يبلغ 75 عاماً. في الحالات الأكثر تقدماً للمرض، يعاني المريض من النزف من الفم والأنف وتحت الجلد وفي الجهاز الهضمي والجهاز البولي، كما يوضح الطبيب. ويشير إلى مخاوف من «ارتفاع أعداد الإصابات خلال فترة عيد الأضحى بسبب ارتفاع معدّل ذبح» الحيوانات والقرب من اللحوم.
لا يقتصر هذا الفيروس على العراق، فهو يسجّل إصابات أيضاً منذ سنوات في البلقان، كما في السودان وناميبيا وإيران وتركيا، وشهد ارتفاعاً ملحوظاً في أفغانستان في العام 2018 مع 483 إصابة، وفي العام 2019 مع 583 إصابة، وفي العام 2020 سجّل 184 إصابة، بينها 15 وفاة، بحسب منظمة الصحة العالمية.
ويكثّف العراق، إلى جانب الأمم المتحدة، في الآونة الأخيرة حملات التعقيم والتوعية في أوساط السكان. وأدخلت المستشفيات علاجاً جديداً بمضادات فيروسية «بدأ بإعطاء نتائج جيدة»، وفق زويتن الذي يضيف: «يبدو أنّ معدّل الوفيات قد انخفض».
قرب مدينة النجف في جنوب العراق، تراقب السلطات الصحية إجراءات النظافة التي تعتمدها المسالخ، فيما تراجع استهلاك اللحم الأحمر في المحافظة بنسبة 50 في المائة. ويقول القصّاب حميد محسن: «كنا نذبح بين 15 إلى 16 حيواناً في اليوم، أما حالياً فنذبح بين 7 إلى 8».
ويقرّ مدير المستشفى البيطري في النجف، فارس منصور، بوجود انخفاض في نسبة الاستهلاك. ويشدّد على أن «الإجراءات الصحية والبيطرية مستمرة بشكل مكثّف جداً»، داعياً السكان إلى عدم شراء اللحم سوى من «المتاجر المطابقة للمواصفات الصحية».
ويقول: «بدأ الناس يتخوفون من اللحم الأحمر ويعتقدون أن اللحم الأحمر سوف ينقل العدوى»، مضيفاً: «لاحظنا أن أعداد اللحوم التي تصلنا يومياً انخفضت بنسبة 50 في المائة».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)
تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)
TT

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)
تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)

في تسجيل مصور مدته نحو دقيقة، يروي شاب يمني أنه تم التغرير به وبزملائه الذين يظهرون معه في الفيديو، للذهاب إلى روسيا للعمل لدى شركات أمنية خاصة، ليجدوا أنفسهم في جبهات الحرب الروسية مع أوكرانيا.

وأبدى الشاب الذي غطى وجهه، وزملاؤه رغبتهم في العودة إلى اليمن، ورفضهم أن يقتلوا كما قُتِل زملاؤهم.

وتكشّف، أخيراً، كثير من التفاصيل حول تجنيد القوات المسلحة الروسية لمئات الرجال اليمنيين للقتال في أوكرانيا، من خلال عملية تهريب غامضة، تبين وجود كثير من أوجه التعاون المتنامية بين موسكو والجماعة الحوثية في اليمن.

كما كشفت صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية في تقرير لها، الأحد الماضي، عن تفاصيل تحويل مئات الرجال اليمنيين إلى مقاتلين في صفوف الجيش الروسي، من خلال «عملية تهريب غامضة».

وفي هذه التسجيلات تتكشف جوانب من تفاصيل ما تمارسه مجموعة من المهربين الحوثيين الذين يستغلون الظروف الاقتصادية الصعبة لليمنيين لتنفيذ حملة تجنيد للمئات منهم، وإرسالهم للقتال إلى جانب القوات الروسية، وتعمل هذه المجموعة من داخل اليمن ومن دول عربية أخرى، بالتعاون مع آخرين داخل الأراضي الروسية.

وتسهل الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية في اليمن قبل نحو عشرة أعوام، تجنيدَ كثير من الشباب اليمنيين الذين نزحوا خارج البلاد وفشلوا في البحث عن فرص عمل أو الوصول إلى دول أوروبا، سواء بالهجرة الشرعية أو غير الشرعية لتقديم طلبات لجوء.

وتمكن السماسرة من تجنيد المئات من هؤلاء وإرسالهم للقتال في روسيا، وفق ما أكدته مصادر مقربة من عائلاتهم وأخرى في الحكومة اليمنية.

وفي مقطع مصور آخر، يظهر مجموعة من الشبان اليمنيين، ويذكر أحدهم أنهم كانوا يعملون في سلطنة عمان، وأن شركة للمعدات الطبية تابعة للقيادي الحوثي عبد الولي الجابري أغرتهم بالحصول على عمل لدى شركة روسية في المجال الأمني وبرواتب مجزية.

مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

ويضيف: «غرورا بنا بأنهم سيدفعون رواتب شهرية تعادل 2500 دولار لكل فرد، وعند وصولنا إلى المطار في روسيا، استقبلنا مندوبون عن وزارة الدفاع الروسية، وأبلغونا أنه سيتم توظيفنا حراسَ أمن في منشآت».

وبعد يومين من وصولهم، تم إرسالهم إلى معسكرات للتدريب، حيث يجري إعدادهم للقتال منذ شهرين، ولم يتقاضوا من الرواتب التي وُعِدوا بها سوى ما بين 185 دولاراً و232 دولاراً (ما بين 20 إلى 25 ألف روبل فقط).

ويؤكد الشاب أن الروس أخذوا 25 من زملائه إلى الجبهات، وأن هؤلاء جميعاً لقوا مصرعهم؛ إما داخل العربات التي كانوا يستقلونها، أو داخل المباني التي كانوا يتمركزون فيها، بينما هو وبقية زملائه ينتظرون، بقلق، نقلهم من موقع وجودهم في معسكر قريب من الحدود الأوكرانية، إلى الجبهات. وطالب الحكومة اليمنية بالتدخل لإعادتهم إلى بلدهم.

شركة أدوية للسمسرة

لكن أحد اليمنيين، واسمه أحمد، وهو على معرفة بإحدى المجموعات التي تم تجنيدها، يوضح أنه وأصدقاء له حذروا هؤلاء الشبان من الذهاب إلى روسيا؛ لأن هناك حرباً قد يتورطون فيها، إلا أنهم ردوا عليه بأنهم قادرون على الفرار إلى أوروبا لطلب اللجوء كما فعل المئات من اليمنيين سابقاً، حين وصلوا إلى روسيا البيضاء، ومن هناك تم تسهيل نقلهم إلى الأراضي البولندية.

أحد الشباب اليمنيين داخل عربة عسكرية روسية وتفيد المعلومات بمصرعه داخل العربة (فيسبوك)

وبحسب ما أفاد به أحد أعضاء الجالية اليمنية في روسيا لـ«الشرق الأوسط»، فإن سماسرة يقومون بإغراء شبان يمنيين للذهاب إلى روسيا للعمل لدى شركات مقابل رواتب تصل إلى 2500 دولار شهرياً، ويتم نقل الراغبين إلى عواصم عربية؛ منها مسقط وبيروت ودمشق، ليجري نقلهم إلى الأراضي الروسية.

ويتابع أنه، وبعد وصولهم، تم إدخالهم معسكرات للتدريب على الأسلحة، بزعم أنهم موظفون لدى شركة أمنية، لكنهم بعد ذلك يرسلون إلى جبهات القتال في أوكرانيا، حيث يوجد شبان عرب من جنسيات أخرى ذهبوا إلى روسيا للغرض نفسه.

ويقدر ناشطون وأفراد في الجالية اليمنية في روسيا بأن هناك نحو 300 شاب يمني يرفضون الذهاب إلى جبهات القتال ويريدون العودة إلى بلدهم، وأن هؤلاء كانوا ضحية إغراءات بسبب الظروف الاقتصادية التي يعيشها اليمن نتيجة الحرب المستمرة منذ عشرة أعوام.

وطبقاً لأحد الضحايا الذين نشروا أسماء وأرقام المتورطين في هذه العملية، فإن أبرز المتهمين في عمليات التجنيد، عبد الولي الجابري، وهو عضو في البرلمان التابع للجماعة الحوثية، ويساعده في ذلك شقيقه عبد الواحد، الذي عينته الجماعة مديراً لمديرية المسراخ في محافظة تعز.

القيادي الحوثي الجابري المتهم الرئيسي بتجنيد الشبان اليمنيين خلال زيارة صالح الصماد رئيس مجلس الحكم الحوثي السابق له بعد إصابته في المعارك (إعلام حوثي)

وتضم المجموعة، وفقاً لهذه الرواية، شخصاً يدعى هاني الزريقي، ومقيم في روسيا منذ سنوات، ومحمد العلياني المقيم في دولة مجاورة لليمن.

تخفّي السماسرة

ويتهم اثنان من أقارب المجندين الجابري ومعاونيه بترتيب انتقال المجندين من اليمن إلى البلد المجاور، ومن هناك يتم إرسالهم إلى موسكو، بحجة العمل لدى شركات أمنية خاصة، وأن هؤلاء السماسرة يحصلون على مبالغ بين 10 إلى 15 ألف دولار عن الفرد الواحد.

وانتقل القيادي الحوثي الذي يدير الشركة أخيراً إلى مكان غير معروف، وبدّل أرقام هواتفه وانقطع تواصله مع الضحايا، بعد انتشار مقاطع مسجلة لمناشداتهم الحكومة اليمنية التدخل لإعادتهم إلى بلدهم.

وعينت الجماعة الحوثية الجابري، إلى جانب عضويته بالبرلمان التابع لها، قائداً لما يسمى بـ«اللواء 115 مشاة»، ومنحته رتبة عميد، بينما صدر بحقه حكم إعدام في عام 2020 من محكمة في مناطق سيطرة الحكومة، كما أن ابن أخيه، جميل هزاع، سبق وعُيِّن في اللواء نفسه، في منصب أركان عمليات، وهو حالياً عضو ما يسمى مجلس الشورى التابع للجماعة.

ولا تقتصر مهام سماسرة التجنيد على إرسال شبان من اليمن للقتال في روسيا، بل تتضمن تجنيد عدد من اليمنيين المقيمين هناك للقتال في صفوف الجيش الروسي.

وأُعْلِن منتصف العام الحالي عن مقتل الدبلوماسي اليمني السابق في موسكو، أحمد السهمي، في إحدى الجبهات، حيث كان يقاتل إلى جانب القوات الروسية، وبحسب رواية زملاء له، أنه وبعد انتهاء فترة عمله، أقدم على المشاركة في القتال من أجل الحصول على راتب يمكنه من مواجهة التزاماته لعائلته وأطفاله.

ومنذ شهر، كرّم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشاب اليمني، سعد الكناني، الذي قُتل في جبهة لوغانسك، وكان قد حصل على الجنسية الروسية قبل فترة قصيرة من التحاقه بالقتال في صفوف القوات الروسية.