هن ثلاث فتيات رغبن في الدفاع عن حقوق المرأة، وإلغاء وصمة الضعف التي تطبعها عادة، من خلال تصاميم فنية تحمل شعار «زي البنات».
فعادة ما يتم تداول هذه العبارة في مجتمعاتنا للدلالة على تصرف ركيك يقترفه صاحبه. فيشبهونه بالمرأة لا شعورياً، فيقال مثلاً عند تعثر أحدهم وهو يقود سيارته «إنها بالتأكيد امرأة». وكذلك الأمر عندما يجهش طفلاً بالبكاء لسبب أو لآخر، فتحاول والدته ثنيه عن ذلك من خلال إشعال روح الرجولة عنده، فتقول له «إنك تبكي زي البنات». وتطول لائحة المواقف التي يلجأ فيها البعض إلى استخدام هذا النوع من العبارات، التي تشوه بشكل أو بآخر صورة المرأة عامة.
هذا الأمر استفز سيرينا وآيا وزارة وهن فتيات جامعيات يعملن اليوم في مجالي التسويق والتصميم الفني. فقررن أن تصب عبارة «زي البنات» في تجميل صورة المرأة وتثبيت مكانتها الاجتماعية. وتقول سيرينا وهي لبنانية متخصصة في الهندسة الداخلية، «لماذا يحاول البعض استخدام هذه العبارة من باب الشماتة وكسر صورة المرأة بشكل عام؟»، وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «النساء يبرهن يوماً بعد يوم على أنهن جديرات بالحكم وبإدارة شركات وبتربية أجيال، وما إلى هناك من مهمات أخرى برعن فيها وأظهرن مقدرتهن على نجاحهن فيها. فكان من البديهي أن نفكر بهذا الأمر وتصليح الخطأ الشائع المتداول بين الناس. وأطلقنا مبادرة (زي البنات)، وقد ركزنا على إيصال هذه الرسالة من خلال الفن التصميمي».
قمصان قطنية من نوع الـ«تي شيرت»، وإضافة إلى أزياء أخرى وتصاميم لغلافات خارجية للجوال، وملصقات وبوسترات وغيرها تحمل عبارة «زي البنات»، تباع اليوم «أون لاين» عبر موقع إلكتروني يحمل هذا الاسم. ويلاقي رواجاً كبيراً عند جيل الشباب، وكذلك لدى نساء يتبوأن مراكز اجتماعية مهمة إن في عالم السياسة والطب وفي عالم الدراسة والتجارة والتسويق وغيرها. فتلك السيدات، إضافة إلى باقي أفراد عائلتهن، يروجن لهذه التصاميم من باب دعم المرأة، والتأكيد على فاعليتها وتأثيرها في المجتمعات غربية كانت أو عربية. وتوضح زارة الأردنية لـ«الشرق الأوسط»، «هدفنا هو تغيير فهم الناس لهذا المصطلح الذي يدل على أي شيء نقوم به ويكون أقل من المستوى المطلوب. ونحاول من خلال هذه المبادرة الفنية أن نسلط الضوء على قدرات النساء عامة فهن يشكلن عنصراً أساسياً في المجتمع. وعلينا أن نكون فخورين بأنوثتنا وبالمهمات التي نستطيع إنجازها من واقعنا كنساء. والرجل هنا يلعب دوراً مهماً في دعمنا، وهو شريك أساسي نتكل عليه لإنجاح مبادرتنا هذه. واستطعن جذب شريحة لا يستهان بها من الرجال الناجحين في الحياة. فهم يقدمون منتجاتنا على أخرى ويبتاعونها كهدايا في مناسبات مختلفة». وتتابع زارة التي تنتمي إلى منتخب الأردن النسائي في لعبة كرة السلة: «بعضهم يقدمها في عيد الحب للإشارة إلى دعمه لشريكته في الحياة، والبعض الآخر يهديها لأطفاله لأننا نصمم قمصاناً خاصة بهذه الأعمار أيضاً. فهؤلاء الأشخاص يرغبون في تعريف أولادهم بأهمية هذا الكائن الإنساني وعلى الافتخار به بدل العكس».
نجحت المبادرة في إرساء معانٍ تصب لصالح المرأة عامة، وهو ما نلاحظه من خلال التعليقات التي يدونها متابعو موقع «زي البنات» على «إنستغرام» وغيره عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فعبارة «زي البنات» صارت مصطلحاً محبباً إلى قلوب كثيرين، يعكس صورة المرأة القوية بدل المكسورة والضعيفة.
ومن بين هذه التعليقات واحد لفرح الذي تقول فيه ضمن منشور على «إنستغرام»: «أن تكون منظماً، وتعرف كيفية حل المشكلات بليونة وحكمة وبحب فهو من اختصاص المرأة. وأن تدير شركة وتحصد جوائز عالمية وتحقق إنجازات في مجالات العلم والمحاماة والهندسة والسياسة وغيرها، هي أمور لا تنحصر بالرجل فقط وكلنا نعلم ذلك».
«هناك أمثلة كثيرة نستطيع أن نوردها هنا للإشارة إلى إنجازات ونجاحات قامت بها النساء حول العالم»، تقول آيا، وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «فمن منا لم تطبعه سيرة نساء عبر التاريخ غيّرن وجه العالم؟ أو نساء أخريات كان لهن أثرهن في عالم الإنسانية والعلم والفكر والفنون؟ و(زي البنات) اليوم تعكس كل هذه الصور الناجحة والمطبوعة في ذاكرتنا على طريقتها وبأسلوب بسيط وعميق في الوقت نفسه».
وتوزع كل من سيرينا اللبنانية وزارة وآيا الأردنيتين حملتهن على أقسام مختلفة، بحيث تخصص خانات عن نساء رائدات في العالم العربي ليكن مثالاً يحتذى به. وتوضح سيرينا: «في كل مرة نختار مجموعة فتيات ناجحات من عالمنا وفي مجالات مختلفة. ولأن زارة تمارس لعبة كرة السلة وهي واحدة من أفراد منتخب الأردن للنساء، قررنا الانطلاق بحملتنا من خلال الرياضة بشكل عام. وعندنا مثلاً بينهن من بطلات الرياضة العربيات، كشيرين عبد اللاوي الجزائرية بطلة رياضة الجودو العالمية. وفريال أشرف عبد العزيز أول امرأة مصرية تحصد الميدالية الذهبية في مباراة أولمبية. وراي باسيل اللبنانية التي حصدت جوائز كثيرة في رياضة الرماية، وبينها كأس العالم في عام 2016، فالأمثلة كثيرة ونحن نختار في كل مرة نجمات مضيئات فيكن نموذجاً عن (زي البنات) الذي نطمح إليه».
ودعماً لهذه الحملة، قررت فرق رياضية أن تحمل قمصانهم الرياضية عبارة «زي البنات» ضمن مباراة يخوضونها. وتشرح زارة: «هو أمر نفتخر به ويحفزنا على تقديم الأفضل. فأن تتصل بنا فرق رياضية من المغرب والسعودية والأردن وغيرها لدعمنا من خلال ارتدائها قمصاناً تحمل شعار حملتنا هو أمر يؤكد على نجاح الحملة».
وتعول مؤسسات هذه الحملة على أن يتطور عملهن وتصبح تصاميمها الفنية حاملة شعار «زي البنات» ماركة تجارية مشهورة إقليمياً وعالمياً.
«زي البنات» دفاعاً عن الجنس اللطيف بتصاميم فنية
أطلقتها مجموعة فتيات بين لبنان والأردن
«زي البنات» دفاعاً عن الجنس اللطيف بتصاميم فنية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة