«زعتر»... مائدة إسطنبول في سوهو اللندنية

الشيف إيزرا موسلو... من تصميم الأزياء إلى المطبخ

أطباق تركية وصفاتها تقليدية وطريقة تقديمها عصرية
أطباق تركية وصفاتها تقليدية وطريقة تقديمها عصرية
TT

«زعتر»... مائدة إسطنبول في سوهو اللندنية

أطباق تركية وصفاتها تقليدية وطريقة تقديمها عصرية
أطباق تركية وصفاتها تقليدية وطريقة تقديمها عصرية

«زعتر» الاسم عربي والمطعم تركي، لماذا؟ هكذا بدأ الحوار مع الشيف إيزرا موسلو في مطعمها الجديد في منطقة سوهو اللندنية، والجواب كان: «زعتر عشبة نجدها في الجبال التركية وتعتبر من ألذ الأعشاب التي تستخدم في أطباق السمك، في حين تستخدم في بلاد الشام مع زيت الزيتون».
بعد أن حلينا مسألة اسم المطعم «زعتر» أو Zahter كان لا بد أن نتعرف على هذه الطاهية الموهوبة التي جاءت إلى لندن في عمر الـ18 عاماً لدراسة تصميم الأزياء في جامعة لندن للأزياء، وسكنت في منزل أرملة تدعى بيتينا هاريس، نمت علاقة جميلة جداً بين إيزرا وصاحبة المنزل الكبير، والطهي كان السبب في توطيد هذه العلاقة التي استمرت لسنوات عديدة.
إيزرا تأتي من عائلة من إسطنبول تعشق الطهي والطعام، وسكنها مع سيدة ماهرة في الطبخ جعلها تستعيد ذكريات الطهي مع والديها في تركيا، وتعلمت الكثير على يد هاريس التي كانت تملك حديقة أعشاب واسعة، وهذا ما جعل إيزرا تعيد حساباتها فيما يخص مستقبلها المهني فتغلب شغفها في الطهي على حبها للأزياء لتصبح اليوم من ألمع نجوم الطهي في تركيا وأوروبا.
مبنى المطعم كان في الماضي مستودعاً للملابس ويستحق الوصف والكتابة عنه لأنه بالفعل لافت للنظر، ففي شارع ضيق للمشاة يتفرع عن «كارنابي ستريت» يستقبلك ذلك المبنى بنوافذه العملاقة متصدراً الزاوية التي تفصل شارعين صغيرين، طاولات صغيرة في الخارج وأبواب باللون الأزرق، تشدك إلى الداخل رائحة الخبز المنبعثة من فرن الحطب في الطابق الأرضي، منضدة كبيرة تكسوها قطع البلاط الأزرق والأبيض فتراه وكأنه امتداد لأمواج بحر إيجه، تجلس عليها للأكل والتمتع برؤية الشيف إيزرا ومساعديها، وهم يحضرون الأطباق أمام عينيك، يتألف المطعم من طابقين إضافيين، الطابق الأعلى مخصص لتعليم الطهي والحفلات والمناسبات الخاصة، هذا هو باختصار المبنى الذي تقول عنه الشيف إيزرا إنه هو من وجدها وليس العكس، بعدما طلبت من مكتب العقار التي تعمل معه بأن يجد مبنى بنوافذ عملاقة يدخل إليه النور الطبيعي من كل زاوية، وهكذا حصل، فاتصل بها بول من المكتب ليعلمها بأنه وجد مبنى الأحلام في واحدة من أجمل المناطق التي تتنافس فيها المطابخ بلندن وتشد السياح وأهل البلد على حد سواء.

منضدة جميلة بألوان البحر وخلفها الفرن الذي يستعمل لتحضير الخبز والعديد من الأطباق

الشيف إيزرا تبوأت مناصب رفيعة جداً، وكانت تملك مطاعم عديدة في إسطنبول، وكانت تملك أسهماً في مطاعم «سوهو هاوس» في إسطنبول ولندن، عملت إلى جانب الطاهي المعرف يوتام أوتولونجي، الذي استطاع في فترة قصيرة أن يغير نظرة البريطانيين إلى فكرة الأكل على طريقة «البوفيه» المفتوح وعرفهم على السلطات الشرق أوسطية التي تعتمد على الخضراوات المشوية والصلصات المتنوعة والغير مألوفة.
قررت بأن تنتقل للعيش بشكل دائم في لندن وباعت قسماً من أسهمها في «سوهو هاوس»، وأرادت أن تخوض تجربة جديدة بمفردها في مطعم يشبهها يقدم الأطباق التي تعتمد على وصفات جدتها ووالدتها ولكن في قالب من العصرية وبطريقة تقديم منمقة وجميلة.
تضم لائحة الطعام 22 طبقاً وتتغير وتتبدل مع الفصول، كل ما في المطعم يأتي من تركيا، تركز الشيف إيزرا في أطباقها على النكهة في الدرجة الأولى وعلى طريقة التقديم الجميلة، فتبدأ مهرجان الأكل بالمازة التركية وقطعة من الخبز تحضر في فرن الحطب أمامك وتقدم مع اللبنة والزعتر الأخضر البري، وبعدها يأتي طبق الأرضي شوكي المحشو بالأرز البني، وطبق آخر مؤلف من ثلاث قطع من العجين يغمرها اللحم البقري وصلصة البندورة على وجهها القليل من الزبادي، أما الكفتة فهي قصة بحد ذاتها لأن نكهة البهارات فيها تنسيك المشاوي التركية التي تذوقتها بحياتك من قبل، وهذا الطبق يقدم مع سلطة الفاصولياء مع الطماطم والبصل مع الكثير من الليمون وزيت الزيتون. الأطباق كلها تناسب الذواقة الذين يفضلون الاكل على طريقة الـ«التاباس» الإسبانية التي تسمح للشخص بتذوق ومشاركة أكثر من نكهة وطبق.
من الأطباق التي شدتنا أيضاً الباذنجان المدخن مع مربى الفلفل الحار والثوم المقلي، بالإضافة إلى الروبيان المقلي مع الثوم وزبدة الفلفل.
لفتنا طبق غريب بعض الشيء لأنه يشبه اللبنة ولكن مذاقه حلو بعض الشيء بسبب حبوب عباد الشمس المسكرة على الوجه.

الشيف التركية إيزرا موسلو  -  لا بد من تجربة الخبز الطازج

وتصف الشيف إيزرا مطبخها بالتقليدي لأنه يعتمد على الأصالة في الوصفات، ولكن البعض يراه مطبخاً مركباً والسبب هو تعلمها تقنيات جديدة من طهاة آخرين ومن أشخاص بارعين في تحضير أكل الشارع، وتذكر هنا زيارتها الأخيرة إلى إزمير وتأثير أحد المتمرسين بتقطيع زهرة الخرشوف مما دفعها إلى ابتكار طبق خاص بها تزينه بالأرز، هذا الطبق لذيذ ولكن أكله صعب لأنه يتعين عليك الوصول إلى القعر لأكل قلب الخرشوف.
لا تترك المطعم من دون تذوق البقلاوة التي تحضرها الشيف إيزرا في مطعمها فهي بالفعل لذيذة وطازجة تحضر هي الأخرى أمامك، من دون أن ننسى القهوة التركية التي تقدم في أكواب جميلة جاءت بها إيزرا من إسطنبول.
وعن طبق الشيف إيزرا المفضل فتقول إنها من عشاق الأكل البسيط، فقطعة من الخبز الطازج مع الزعتر والجبن من ألذ ما يمكن أن تأكله وفي كل مرة تزور بها عائلتها في إسطنبول يكون جبن الـ«تولوم» المصنوع من الماعز والذي يستغرق تحضيره سنتين بعد دفنه على حرارة عالية تحت الأرض، أما بالنسبة للطبق الذي تفضل أن تطهيه فهو السمك، لأنها تستطيع أن تتفنن بنكهاته، وكل وصفة تعتمد على شكل الطبق الذي يقدم فيه السمك، وبدت هنا متحمسة جداً لوصول تصميم جديد للأطباق التي ستستخدمها في وصفة السمك الجديدة.
- الشيف إيزرا موسلو في سطور
طاهية من إسطنبول، درست فن تصميم الأزياء لتكتشف بأن شغفها الحقيقي هو الطهي، انتقلت للعيش في لندن في سن الـ18 سنة لتدرس بعدها فنون الطهي في جامعة بميلبورن بأستراليا.
عادت إلى إسطنبول لتفتتح أول مطعم لها في عام 2007 أطلقت عليه اسم «موريش»، ومن خلالها خاضت شراكات عديدة في كل من «سوهو هاوس إسطنبول» و«شورديتش هاوس»، وانضمت أيضاً إلى فريق عمل الشيف يوتام أوتولونجي لتتبوأ منصب رئيس الطهاة في مطعمه. أرادت أن تستقل بعملها فافتتحت أول مطعم لها في لندن في سوهو اللندنية منذ ثلاثة أشهر وأطلقت عليه اسم «زعتر» أو Zahter.


مقالات ذات صلة

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».