اقتحام الجماهير للملاعب يسيء للمجتمع وليس لكرة القدم وحدها

الظاهرة كانت من المحرمات وأصبحت شائعة وتزداد عنفاً

جماهير إيفرتون اقتحمت الملعب بعد  الفوز على كريستال بالاس وضمان البقاء في الأضواء (أ.ف.ب)
جماهير إيفرتون اقتحمت الملعب بعد الفوز على كريستال بالاس وضمان البقاء في الأضواء (أ.ف.ب)
TT
20

اقتحام الجماهير للملاعب يسيء للمجتمع وليس لكرة القدم وحدها

جماهير إيفرتون اقتحمت الملعب بعد  الفوز على كريستال بالاس وضمان البقاء في الأضواء (أ.ف.ب)
جماهير إيفرتون اقتحمت الملعب بعد الفوز على كريستال بالاس وضمان البقاء في الأضواء (أ.ف.ب)

في الجولة الختامية لموسم 1989 - 1990 وعلى ملعب «روكر بارك» كان سندرلاند على يقين من أنه سيحجز مكاناً في ملحق الصعود للدوري الإنجليزي الممتاز، في حين كان أولدهام يعرف أن مهمته ستكون أصعب كثيراً، وكان السبب في ذلك يعود إلى الضغوط الهائلة التي تعرض لها الفريق في ذلك الموسم الاستثنائي الذي وصل فيه إلى نهائي كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة ونصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي. لكن على عكس كل التوقعات، فاز أولدهام بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل هدفين. وفور إطلاق صافرة نهاية المباراة، اقتحمت الجماهير ملعب اللقاء.
ووصلت الجماهير ببطء إلى جانب مدرج «روكر إند»، الذي كان مخصصاً لمشجعي الفريق الضيف. كنت أجلس بالشرفة على بُعد أمتار قليلة، وأتذكر بوضوح الشعور بالقلق المفاجئ عندما أمسك والدي بذراعي وبدأنا في الخروج. لكن بعد ذلك حدث شيء رائع، حيث توقفت الجماهير التي اقتحمت الملعب على بُعد أمتار قليلة من الراية الركنية ورفعت أيديها فوق رؤوسها وبدأت تصفق وهي تقدم التحية لفريق أولدهام على ما قدمه خلال ذلك الموسم الاستثنائي، رغم أنه لم يحصل على أي بطولة في ذلك الموسم.
وكما يوضح كتاب مايك كيغان في ذلك الموسم، والذي يحمل اسم «هذا هو الشعور»، فقد دخلت تلك اللحظة التراث الشعبي لنادي أولدهام، وأكدت لهم أن بقية البلاد تحترم أيضاً ما حققه النادي، وما قدمه من مستويات رائعة أمام كل من آرسنال وإيفرتون وأستون فيلا ومانشستر يونايتد. في الحقيقة، لا يزال ما حدث في تلك الليلة أحد أكثر الأشياء إثارة للدهشة التي رأيتها في ملاعب كرة القدم.

... واقتحام جماهير مانشستر سيتي  بعد التتويج بلقب الدوري الإنجليزي (أ.ف.ب)

لقد كان هذا اقتحاماً غير عادي لملاعب كرة القدم، ولم يكن من الواضح على الإطلاق متى تم بالضبط الاتفاق على هذا القرار بشكل جماعي من أجل توجيه التحية لجماهير الفريق الضيف. تأتي هذه الاقتحامات للملاعب نتيجة المشاعر المكبوتة في نهاية مباراة عصيبة للغاية في نهاية الموسم، لكن المشكلة هي أنه لا يمكن الوثوق ببعض الجماهير، وبغض النظر عما إذا كان عدد الجماهير يصل إلى العشرات أو عدة آلاف، فإن سلوك شخص واحد فقط من هذه الجماهير قد يجعل الأمر خطيراً للغاية.
وخلال الأسبوعين الماضيين، شهدت الملاعب الإنجليزية حالات مثيرة للجدل، حيث ظهر عدد من مشجعي نادي «بورت فيل» وهم يلكمون ويركلون لاعبي سويندون بعد المباراة التي جمعت الفريقين في الدور نصف النهائي لدوري الدرجة الثالثة. كما تعرض لاعب مانسفيلد، جوردان بويري، للتعامل بخشونة من الجماهير، وأطلق مشجعو نورثامبتون شعلة داخل الملعب بعد أن خسر الفريق في الدور نصف النهائي لدوري الدرجة الثالثة.
وظهر المدير الفني لكريستال بالاس، باتريك فييرا، وهو يركل مشجعاً من مشجعي إيفرتون كان يضايقه بعد نهاية المباراة بفوز إيفرتون بثلاثة أهداف مقابل هدفين وضمان البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز. والأسوأ من ذلك كله حدث يوم الاثنين الماضي على ملعب «سيتي غراوند» عندما - وسط مشاجرات أخرى - قام مشجع لنادي نوتنغهام فورست يدعى روبرت بيغز بضرب لاعب شيفيلد يونايتد، بيلي شارب، بالرأس، وهو الأمر الذي أصاب شارب وتطلب خضوعه لغرز في الرأس، كما حُكم على المشجع بالسجن لمدة 24 أسبوعاً. كما وجهت اتهامات لمشجعين اثنين عقب اقتحام ملعب الاتحاد الذي شهد تتويج مانشستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز بالفوز على ضيفه أستون فيلا 3 الأحد في الجولة الختامية. وذكرت شرطة مانشستر أنها تحقق في الادعاءات المثارة حول الاعتداء على روبن أولسن حارس أستون فيلا.
ويبدو أن شيئين يحدثان في وقت واحد. الأول هو أن عدد اقتحام الجماهير للملاعب قد أصبح أكبر مما كان عليه من قبل. ويعود السبب في ذلك جزئياً إلى أن الجماهير تُقلد بعضها البعض بكل بساطة، فما إن تحتفل جماهير أحد الأندية عن طريق اقتحام ملعب المباراة حتى تقرر جماهير الأندية الأخرى الاحتفال بنفس الطريقة، في الوقت الذي تدرك فيه الجماهير تماماً أنه من الصعب السيطرة على الوضع في حال نزول المئات من الأشخاص إلى أرض الملعب. لكن كان هناك أيضاً شعور في السنوات التالية لكارثة هيلزبره بأن اقتحام الجماهير للملاعب يعد من المحرمات. وكان اقتحام الملاعب هو السبب وراء بناء الأسوار، وقد رأى الجميع عواقب ذلك. لقد كان اقتحام ملعب «روكر بارك» في عام 1990 حذراً بشكل ملحوظ، كما لو كان هناك اعتراف بأن هناك حاجة، قدر الإمكان، لتجنب ذلك، لكن هذا الأمر قد تغير كثيراً مع الأجيال التالية.


فييرا تشاجر مع أحد مشجعي إيفرتون (رويترز)

أما الشيء الثاني فهو أن تلك الاقتحامات للملاعب أصبحت تبدو أكثر عنفاً تجاه لاعبي ومدربي الفرق المنافسة أكثر من أي وقت مضى، وقد أصبحت هذه الظاهرة منتشرة على نطاق واسع، ولم يعد الأمر يتعلق بنادٍ واحد، أو يتعلق بكرة القدم فقط، والدليل على ذلك أن الجرائم العنيفة قد ارتفعت بشكل مطرد في المملكة المتحدة منذ عام 2013. لقد انخفضت الجرائم العنيفة التي يرتكبها الغرباء أثناء فترة الإغلاق، لكنها تسارعت بشكل ملحوظ بعد ذلك. وتشير المزيد من الأدلة إلى أن الاستخدام واسع النطاق للكوكايين من قبل الجماهير قد أضاف قدراً أكبر من العدوانية إلى الجماهير المتعصبة بالفعل نتيجة ما يكتب على وسائل التواصل الاجتماعي. وهذا يعني أنه، من الناحية الواقعية، يجب إيقاف اقتحام الملاعب، مهما كان هذا الأمر مبهجاً لبعض الجماهير. إنه لأمر مخزٍ في حقيقة الأمر، لأن هذا يسبب خطراً هائلاً على اللاعبين والمدربين والمشجعين الآخرين، كما هو واضح الآن.
إذن، ما الذي يمكن القيام به؟ من غير الواقعي أن نتوقع من المشرفين والمنظمين، الذي يحصلون على الحد الأدنى للأجور ولم يتلق كثير منهم تدريباً كافياً، أن يقفوا في طريق هذه الجماهير الغفيرة، لكن من غير الواقعي أيضاً أن يتم تطويق الملاعب دائماً بأعداد هائلة من أفراد الشرطة، لأن هذا سيكون مكلفاً للغاية، ناهيك عن المظهر العام لشكل المباريات وسط هذه الأجواء الأمنية المكثفة. لقد أشارت رابطة كرة القدم خلال هذا الأسبوع أنها تدرس الإغلاق الجزئي للملاعب كأحد الضوابط الرادعة، رغم أن العقوبات الجماعية تبدو دائماً غير مُرضية، كما أن وجود الدوائر التلفزيونية المغلقة تجعل من السهل تحديد غالبية المسؤولين عن هذا الشغب. وقد يكون الإجراء المضاد الأكثر وضوحاً هو ببساطة تغطية الصفوف القليلة الأمامية من المدرجات بالقماش المشمع، رغم أن ذلك من شأنه أن يقلل من سعة الملاعب بشكل كبير.
لكن في الحقيقة، يتعلق الأمر أكثر من أي شيء آخر بالثقافة - ثقافة كرة القدم وثقافة المجتمع. لا يوجد سبب يمنع التوافق بين جماهير الفرق المنافسة. لقد كان هناك حادثان خطيران إلى حد ما يتعلقان بجماهير أينتراخت فرانكفورت في إشبيلية مؤخراً، وهو الأمر الذي أدى إلى اعتقال ستة أشخاص، لكن بشكل عام كان هناك انسجام كبير بين عشرات الآلاف من جماهير فرانكفورت ورينجرز، وأظهرت كاميرات التلفزيون أعداداً كبيرة من هذه الجماهير وهي تتناول المشروبات معاً. نحن نعيش في عالم أصبحت فيه السخرية والاستهزاء بالآخر أمراً شائعاً، وأصبحنا ننظر إلى أي شخص ليس من قبيلتنا على أنه حقير، وأصبحنا نصنف كل شيء من منطلق «هم ونحن». في النهاية، يتعين على كرة القدم أن تضع تدابير أمان فورية لحماية اللاعبين، لكن الحقيقة هي أن اقتحام الملاعب لن يكون مشكلة وأنه لا يزال من الممكن السماح بهذه اللحظات من المرح الفوضوي، إذا كان بإمكان الناس التوقف عن أن يكونوا أغبياء!


مقالات ذات صلة

أموريم يشيد بأداء غارناتشو «المتكامل» أمام آرسنال

رياضة عالمية روبن أموريم (رويترز)

أموريم يشيد بأداء غارناتشو «المتكامل» أمام آرسنال

أبدى روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد إعجابه بأداء أليخاندرو جارناتشو خلال التعادل 1-1 مع آرسنال في أولد ترافورد بالدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم أمس الأحد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية نونو إسبيريتو سانتو (أ.ف.ب)

سانتو مدرب فورست للاعبيه: استمتعوا بفريقكم... فخور بمستوياتكم

عبر نونو إسبيريتو سانتو مدرب نوتنغهام فورست عن فخره بلاعبيه بعد الفوز 1 - صفر على مانشستر سيتي في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم أمس (السبت).

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية مارتن أوديغارد (إ.ب.أ)

أوديغارد: آرسنال لا يخشى التوجه لـ«أولد ترافورد»

قد يكون من الصعب مواجهة مانشستر يونايتد على ملعب «أولد ترافورد» رغم معاناته هذا الموسم؛ لكن قائد آرسنال مارتن أوديغارد قال إن فريقه سيتوجه إليه بحثاً عن الفوز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية روبن دياز خلال المواجهة التي خسرها مانشستر سيتي أمام نوتنغهام (إ.ب.أ)

دياز: لن نفكر في احتمالات تأهل السيتي لدوري الأبطال... هدفنا واضح

أكد روبن دياز مدافع  مانشستر سيتي أن فريقه يدرك جيدا أهمية التأهل لدوري أبطال أوروبا لكرة القدم بعد الخسارة بهدف أمام مضيفه نوتنغهام فورست في الجولة 28 بالدوري.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية بيب غوارديولا (أ.ب)

غوارديولا: علينا الفوز بكثير من المباريات للتأهل لـ«دوري الأبطال»

قال بيب غوارديولا، مدرب مانشستر سيتي، إن فريقه سيضطر إلى تحسين مستواه سريعاً إذا كان يرغب في التأهل لدوري أبطال أوروبا لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

دوري النخبة الآسيوي: الاستقلال الإيراني يستقبل النصر السعودي 3 مارس

رونالدو ودوران عقب مباراة النصر والأهلي الأخيرة (رويترز)
رونالدو ودوران عقب مباراة النصر والأهلي الأخيرة (رويترز)
TT
20

دوري النخبة الآسيوي: الاستقلال الإيراني يستقبل النصر السعودي 3 مارس

رونالدو ودوران عقب مباراة النصر والأهلي الأخيرة (رويترز)
رونالدو ودوران عقب مباراة النصر والأهلي الأخيرة (رويترز)

ستكون الأنظار شاخصة نحو طهران، حين يفتتح نادي النصر السعودي مشواره في دور الـ16 لدوري أبطال النخبة الآسيوي، بمواجهة الاستقلال الإيراني، في حين أكد الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، اليوم (الخميس)، مواجهة شنغهاي بورت منافسه يوكوهاما مارينوس بعد تأهل الفريق الصيني إلى أدوار خروج المغلوب.

وخسر بورت صفر - 2 في مباراته الأخيرة لمنطقة الشرق أمام النادي الياباني، أمس (الأربعاء) في شنغهاي، لكنه تقدَّم في البطولة نتيجة انسحاب مواطنه شاندونغ تايشان.

وتم تأكيد تأهل شنغهاي إلى الدور المقبل بعد أن نشر الاتحاد الآسيوي الجدول الرسمي لمباريات دور الـ16.

ويحلُّ مارينوس، الذي تصدَّر ترتيب منطقة الشرق، ضيفاً على بورت ذهاباً في الرابع من مارس (آذار). ويستضيف بوريرام يونايتد التايلاندي فريق جوهور دار التعظيم الماليزي في اليوم ذاته، على أن تقام مباريات الإياب بعد أسبوع.

ويستضيف شنغهاي شينهوا فريق كاواساكي الياباني، كما يستضيف حامل لقب الدوري الياباني فيسل كوبي، فريق غوانجغو الكوري الجنوبي ذهاباً في الخامس من مارس، على أن تقام مباراة الإياب في 12 مارس.

ويتأهل الفائزون في المواجهات الـ4 إلى دور الـ8 برفقة الفرق الـ4 المتأهلة من منطقة الغرب. وستُقام نهائيات دوري أبطال آسيا للنخبة في جدة بالسعودية من 25 أبريل (نيسان) إلى الثالث من مايو (أيار).

وفي الجانب الآخر من القرعة، سيواجه النصر بقيادة كريستيانو رونالدو فريق الاستقلال الإيراني، في حين يلتقي السد القطري الوصل الإماراتي في 3 و10 مارس المقبل.

ويواجه الهلال، بطل آسيا 4 مرات، فريق باختاكور الأوزبكي، بينما يلعب مواطنه الأهلي السعودي مع الريان القطري يومَي 4 و11 مارس.

وانسحب شاندونغ من لقاء، أمس (الأربعاء)، مع أولسان الكوري الجنوبي؛ بسبب إجهاد شديد للاعبيه.

وبموجب لوائح البطولة، يواجه شاندونغ غرامة قدرها 50 ألف دولار على الأقل، وإيقافه عن المشاركة في مسابقات الاتحاد الآسيوي لمدة موسم واحد على الأقل.

وقد يُطلب من النادي أيضاً دفع تعويضات لتغطية الخسائر التي تكبدتها الأندية المنافسة وشركات الرعاية. ومن المقرر أن تصدر لجنة الانضباط قرارها بهذا الصدد قريباً.