رسائل أممية مطمئنة حول «جدري القردة»

صورة نشرتها منظمة الصحة العالمية من المؤتمر الصحافي الافتراضي لإقليم شرق المتوسط
صورة نشرتها منظمة الصحة العالمية من المؤتمر الصحافي الافتراضي لإقليم شرق المتوسط
TT

رسائل أممية مطمئنة حول «جدري القردة»

صورة نشرتها منظمة الصحة العالمية من المؤتمر الصحافي الافتراضي لإقليم شرق المتوسط
صورة نشرتها منظمة الصحة العالمية من المؤتمر الصحافي الافتراضي لإقليم شرق المتوسط

قال الدكتور عبد الناصر أبو بكر، مدير برنامج الوقاية من مخاطر العدوى والتأهب لها، في المكتب الإقليمي لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، إن التحليلات المبدئية لإصابات «جدري القردة» الحالية، تشير إلى أن مصدرها نفس الفيروس المكتشف في غرب أفريقيا عام 1958، مشير إلى أنه لم يتم رصد أي تغير جيني عن الفيروس القديم، وهذا في حد ذاته مطمئن.
وقال أبو بكر في مؤتمر صحافي افتراضي نظمه المكتب الإقليمي أمس، إن حقيقة عدم حدوث أي تغيير جيني على فيروس يعرفه العالم منذ عام 1958، هي أبلغ رد على الحديث الدائر حول التصنيع الجيني للفيروس على خلفية الصراع الدائر حاليا بين روسيا وأميركا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وقال «نحن لا نفهم في السياسة ولا نتحدث فيها، لكن الحديث عن تصنيع الفيروس غير علمي، للأسباب التي أوضحتها».
وشدد أبوبكر على أنه لا يزال سبب التفشي الحالي للفيروس، غير معروف، لكنه استبعد سيناريو انتقاله من حيوان إلى إنسان، وقال «الفيروس له أصل حيواني، ويكون الانتقال من حيوان إلى إنسان مطروحا في البلاد الموبوءة بالفيروس، لكن ظهوره في البلاد غير الموبوءة يكون عن طريق الانتقال من إنسان إلى إنسان، ولا يزال الحدث الذي أدى إلى التفشي الحالي، مجهولا إلى الآن».
وأوضح أبو بكر أن المرض لا يتطور إلى أعراض خطيرة يمكن أن تسبب الوفاة، إلا في عدد محدود جدا، ويكون هذا العدد بين ضعاف المناعة من المرضى والنساء الحوامل، لكن في الأغلب الأعم، يشفى المرضى المصابون به بعد 3 أسابع، حتى بدون أي تدخلات علاجية.
وحتى الآن لم يتم تسجيل هذا المرض في إقليم شرق المتوسط إلا في حالة واحدة فقط في الإمارات، وتوجد عده حالات مشتبه بها، لم يتم تحديد موقفها، بينما تم الإبلاغ حتى 25 مايو (أيار)، عن 157 حالة إصابة مؤكدة على مستوى العالم، كما أكد أحمد المنظري المدير الإقليمي للمنظمة خلال المؤتمر.
وأوضح المنظري أن الإبلاغ عن حالات إصابة بجدري القردة في البلدان غير الموطونة يعد تذكيراً صارخاً بأن العالم سوف يظل يواجه تفشي الأمراض المستجدة، والتي تعاود الظهور، مشيرا إلى أن الدرس الرئيسي يكمن هنا في ضرورة أن تواصل البلدان تعزيز قدرات التأهب والاستجابة لوقف انتقال المرض.
ووصف المنظري هذه القدرات في إقليم شرق المتوسط، بأنها أفضل الآن، نتيجةً لجهود الاستجابة والتصدي لمرض كوفيد - 19 على مدى العامين والنصف الماضيين، والتي عززت قدرة الإقليم في مجالي الترصد والتشخيص المختبري. ونوه إلى أن هذا المرض الحيواني المصدر يتطلب اتباع نهج «الصحة الواحدة» بصرامة، وهو ما يفرض التعاون القوي بين وكالات ومؤسسات الصحة البشرية والحيوانية والبيئية.
وشدد على أن وقف سريان المرض يتطلب زيادة الوعي لدى عامة الناس، كما هو الحال مع أي مرض معد، وحذر في هذا الإطار من وباء المعلومات الخاطئة الذي يجتاح السوشيال ميديا مثل الحديث عن تصنيع الفيروس على خلفية صراع سياسي، وقال «أحثكم جميعاً على الرجوع إلى مصادر موثوقة للمعلومات، مثل الموقع الإلكتروني لمنظمة الصحة العالمية وقنوات المنظمة على وسائل التواصل الاجتماعي، لمعرفة المزيد عن جدري القردة».
وبينما يبدو الوضع في التفشي الحالي لجدري القردة يتطور سريعا، قال المنظري إنه في هذه المرحلة، يمكن احتواء جدري القردة في إقليمنا، مشيرا إلى أن خطر هذا المرض على عامة الناس يعد منخفضاً، لأنه لا ينتقل إلا من خلال الاتصال الجسدي الوثيق مع شخص مصاب بالفيروس، ويعني ذلك أن العاملين الصحيين، وأفراد الأسرة، والشركاء الجنسيين أكثر عرضة للخطر، إلا أن معظم المصابين يتعافون خلال بضعة أسابيع دون علاج.
من جانبها، تحدثت رنا الحجة، مديرة إدارة البرامج، بالمكتب الإقليمي لشرق المتوسط، عن أعراض الفيروس والخيارات العلاجية المتاحة، وقالت إن فترة حضانة الفيروس تكون بين 6 أيام وأسبوعين، وخلال تلك الفترة تظهر أعراض تتمثل في الحمى والصداع والطفح الجلدي وآلام في العضلات وعلامات في الوجه والجسم والأعضاء التناسلية. وشددت الحجة على أهمية متابعة المخالطين للمرضى لوقف انتقال الفيروس، مشيرة إلى أن الفيروس لا ينتقل إلا بالاتصال الوثيق مع المرضى، عن طريق مشاركتهم في ارتداء نفس الملابس أو الأدوات الشخصية، أو الاقتراب منهم، وقالت إن السوائل الجسدية عند المرضى ناقلة للعدوى، كما أن القشور التي تظهر بعد جفاف الجروح، يمكن أن تكون حاملة للعدوى أيضاً.
وأوضحت الحجة أن غالبية المرضى يمكن شفاؤهم بدون علاج، ولكن هناك بعض الخيارات العلاجية المتاحة، لكنها مخصصة فقط لفئات محدودة من المعرضين لخطر الإصابة، ولم يتم إتاحتها بكميات كبيرة، مثل لقاح «جينوس» الذي اعتمدته هيئة الغذاء والدواء الأميركية في 2019. وقالت الحجة إن المنظمة تواصلت مؤخراً مع الجهة المصنعة للقاح من أجل توفير كميات كبيرة منه، لكن لا أتصور أنه على المدى القريب ستكون هناك توصية بتعميم استخدام أي لقاح. وأضافت أن الذين حصلوا على لقاح الجدري التقليدي ضمن برامج التحصين الوطنية التي توقفت عام 1980، بعد استئصال الجدري، سيكون لديهم بعض الحماية تجاه جدري القردة.


مقالات ذات صلة

7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

صحتك 7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

خل البلسميك خل عطري مُعتّق ومركّز، داكن اللون وذو نكهة قوية، مصنوع من عصير كامل عناقيد العنب الأبيض الطازج المطحون، أي مع جميع القشور والبذور والسيقان.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة في سن مبكرة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ حضر الرؤساء الخمسة مراسم جنازة كارتر في واشنطن الخميس (أ.ف.ب)

أميركا تودّع كارتر في جنازة وطنية يحضرها 5 رؤساء

أقامت الولايات المتحدة، الخميس، جنازة وطنية للرئيس السابق جيمي كارتر، لتتوّج بذلك تكريماً استمر أياماً عدة للحائز جائزة نوبل للسلام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

تنطلق في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، صباح يوم غدٍ السبت الحادي عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي 2025 فعاليات «المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي»

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (بريدة - منطقة القصيم)
صحتك هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

ما سبب مرض ألزهايمر؟ أجاب رودولف تانزي، مدير مركز ماكانس لصحة الدماغ بمستشفى ماساتشوستس قائلاً: قضيت معظم حياتي المهنية في محاولة الإجابة عن هذا السؤال».

هايدي غودمان (كمبردج - ولاية ماساتشوستس الأميركية)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.