خذ نفسًا عميقًا ببطء واتركه يخرج؛ هذا النشاط البسيط هو شيء نقوم به طوال اليوم ونادرًا ما نفكر فيه. لكن حياتنا تعتمد عليه. إذ تحتاج كل خلية في الجسم إلى الأوكسجين الموجود في الهواء الذي نتنفسه. وتتلقى رئتاك هذا الأوكسجين ثم تنقله إلى مجرى الدم، فيما تقوم كل خلية في الجسم بتبادله مقابل ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يسمى بـ«الغاز الضائع» الذي ينقله مجرى الدم إلى الرئتين حيث يتم الزفير.
وقد سلط مجموعة من المتخصصين بجامعة ييل الأميركية الضوء عل هذا الأمر وكيفية المحافظة على صحة الرئتين، وذلك حسبما نشر موقع «eat this not that» الطبي المتخصص نقلا عن مجلة «Yale's Medicine».
لماذا يجب أن تقلق بشأن رئتيك؟
حتى لو تعلمت كل هذا بعلم الأحياء بالمدرسة الثانوية، فمن المحتمل أنك لم تفكر كثيرًا في رئتيك؛ أي حتى يكون لديك سبب للقيام بذلك. فحالات مثل نزلات البرد والحساسية الموسمية والربو تسبب تهيجًا لها. وبينما تدرك أن التدخين والتلوث والفيروسات يمكن أن تصيب الرئتين، فقد لا تدرك أن السمنة والتوتر يمكن أن يضرهما أيضًا.
حيث «تؤثر صحة الرئة على صحة جميع أعضائنا وأنظمتنا العضوية الأخرى، وخاصة الدماغ والدورة الدموية والأمعاء ووظيفة المناعة والجهاز العضلي الهيكلي»، حسب الدكتور ستيفن بالداساري أخصائي طب الرئة والعناية المركزة والإدمان بجامعة ييل الذي يؤكد أن «رئتينا وممراتنا الهوائية مرتبطة مباشرة بالعالم الخارجي. ومع كل نفس نستنشق ما في بيئتنا. لكن من الناحية المثالية يجب أن نستنشق الهواء النقي فقط».
كيف تؤثر السمنة على رئتيك؟
هناك سبب يجعل الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة يتنفسون بسهولة عند صعود السلالم أو القيام بأنشطة بدنية أخرى، كما يوضح خورخي مورينو الطبيب المتخصص بطب السمنة بجامعة ييل ميديسن قائلا «أحد الجوانب المهمة للسمنة هو كيفية تأثيرها على حجم الرئة... إذا كان شخص ما يعاني من السمنة فلن يتمكن دائمًا من التنفس بشكل كامل أو كامل الحجم في رئتيه، ما قد يؤدي إلى مشاكل في التنفس».
وعلى وجه التحديد، تمنع الدهون الزائدة في البطن قدرة الحجاب الحاجز (جدار عضلي بين الصدر والبطن) على سحب الهواء بشكل صحيح وتوسيع الرئتين. إذ ان الأشخاص الذين يعانون من السمنة عادة ما يكون حجم رئتهم أصغر بسبب هذا، مما يؤدي إلى ضيق التنفس.
وهناك أيضًا عوامل هرمونية تلعب دورًا في كل من الرجال والنساء. فعندما تتراكم الدهون تحت الجلد، تفرز الخلايا الدهنية الهرمونات التي يمكن أن تسبب التهابات بجميع أنحاء الجسم، بما في ذلك الرئتان. كما ان التهاب الرئة الحاد مشكلة مبكرة بين العديد من مرضى COVID-19. حيث ظهرت السمنة كعامل خطر رئيسي للإصابة بالاعراض الشديدة.
وينصح مورينو بـ«بمحاولة أن تضع في اعتبارك ما تأكله. وهذا ينطبق على الكحول أيضًا».
من جانبه، يوصي الدكتور بالدساري بممارسة الرياضة اليومية واتباع نظام غذائي يتكون أساسًا من الأطعمة الكاملة والخضروات والفواكه والألياف والبروتين النباتي.
كيف يضر الإجهاد الرئتين؟
في المواقف العصيبة يفرز جسمنا هرمونات مثل الأدرينالين والكورتيزول التي يمكن أن تسهم بسرعة التنفس. فإذا كانت رئتاك بصحة جيدة فهذا ليس خطيرًا. ومع ذلك، في الأشخاص الذين يعانون من أمراض الرئة المزمنة مثل الانسداد الرئوي المزمن أو الربو، لا تستطيع الرئتان تحريك الكثير من الهواء للداخل والخارج كما ينبغي. ويمكن أن يزيد ذلك من ضيق التنفس ويمكن أن يساهم في الشعور بالذعر. وان المزيد من إفراز الكورتيزول يمكن أن يسبب أيضًا تحديات أخرى، بما في ذلك زيادة الشهية. أو بالنسبة لأولئك الذين يدخنون فإن الإجهاد يمكن أن يسبب الرغبة الشديدة في التدخين أكثر، وفق بالداساري؛ الذي يقول «إن أفضل شيء لصحة الرئة هو ممارسة أسلوب حياة صحي يشمل الأكل الصحي وممارسة الرياضة وعدم التدخين أو التدخين الإلكتروني وتقليل التوتر قدر الإمكان وأخذ قسط كاف من النوم ليلا... كما ان من المهم أيضًا قضاء وقت مع الأصدقاء والعائلة الذين يجلبون لنا طاقة إيجابية».
كيف تؤثر جودة الهواء على رئتيك؟
يمكن أن تتسبب الملوثات الداخلية والخارجية في حدوث التهابات الرئة والسرطانات وحالات أخرى أو تفاقمها، بما في ذلك الربو.
ففي المنزل ومكان العمل، تعتبر المواد الكيميائية والرادون والأسبستوس ومنتجات البناء والطلاء وأول أكسيد الكربون والسجاد (الذي يمكن أن يحبس الملوثات والمواد المسببة للحساسية مثل عث الغبار ووبر الحيوانات الأليفة والعفن) والرصاص وأضرار المياه بعض الأمثلة على الأشياء. كما يمكن أن تجعل الهواء المحيط بنا غير صحي.
وقد يكون من الصعب السيطرة على تعرضك لملوثات الهواء في الهواء الطلق؛ من عوادم السيارات إلى محطات توليد الطاقة لحرائق الغابات. لكن من المهم أن تعرف أن مثل هذه التعرضات يمكن أن تؤدي أيضًا إلى نوبات الربو وإصابة الناس بالمرض والتأثير سلبًا على كيفية تطور رئة الأطفال.
فالأشخاص المصابون بالربو حساسون بشكل خاص لسوء جودة الهواء، كما يقول جيسون كواه طبيب أمراض الحساسية والمناعة بجامعة ييل، الذي يؤكد «نحن نعلم أن الربو أكثر انتشارًا في المناطق الحضرية وفي الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من الطرق الرئيسية».
كيف تصيب العدوى رئتيك؟
يمكن علاج معظم أنواع التهابات الرئة، ولكنها قد تكون خطيرة أيضًا على الرضع وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من مرض في الرئة أو ضعف في جهاز المناعة. ولحسن الحظ هناك لقاحات (باستثناء RSV ونزلات البرد) متاحة للعديد من الأمراض الشائعة التي تصيب الرئتين، حسبما يقول الدكتور جيفري تشوب مدير مركز ييل للربو وأمراض مجرى الهواء، الذي يقول «لقد كان التطعيم (ضد كورونا) في طليعة محادثات العديد من الأشخاص. وهو أمر جيد سيساعد الوعي العام الناس في النهاية على أن يكونوا أفضل فيما يتعلق بالعناية برئتيهم».