رفض «اتحاد الشغل» الحوار الوطني يُقوّي شوكة المعارضة التونسية

يعقد اليوم مؤتمراً صحافياً لتوضيح علاقته المستقبلية برئاسة الجمهورية

جانب من مظاهرات نظمها تونسيون وسط العاصمة للمطالبة بالتشغيل والتنمية (أ.ب)
جانب من مظاهرات نظمها تونسيون وسط العاصمة للمطالبة بالتشغيل والتنمية (أ.ب)
TT

رفض «اتحاد الشغل» الحوار الوطني يُقوّي شوكة المعارضة التونسية

جانب من مظاهرات نظمها تونسيون وسط العاصمة للمطالبة بالتشغيل والتنمية (أ.ب)
جانب من مظاهرات نظمها تونسيون وسط العاصمة للمطالبة بالتشغيل والتنمية (أ.ب)

فاجأ اتحاد الشغل التونسي (نقابة العمال) الأطراف السياسية والحقوقية بقرار رفضه المشاركة في الحوار الذي سترعاه رئاسة الجمهورية، وهو ما سيفتح الأبواب -حسب مراقبين- على مرحلة جديدة من التجاذبات السياسية، ويقوي شوكة أحزاب المعارضة، وذلك بعد أشهر من دعمه المسار السياسي الذي أعلن عنه الرئيس قيس سعيد.
ومنذ إعلانه عن هذا القرار، بدأت النخب السياسية التونسية تتساءل عن سر اختيار اتحاد الشغل لهذا الموقف المفاجئ؟ وهل كان محقاً في ذلك؟ أم أنه يهدف بهذا الرفض إلى تقوية جبهة المعارضة التي تتزعمها حركة «النهضة»؟
وفي هذا السياق يرى بعض المحللين أن مقاطعة اتحاد الشغل لصيغة الحوار التي اقترحها قيس سعيد، ستعطي زخماً قوياً للأطراف المعارضة لخيارات الرئيس، حتى وإن كان قد أعلن أنه سيظل على صلة بمؤسسة الرئاسة في حال قدمت تنازلات، أو عدلت طريقة التفاوض، ووسعت قائمة الأطراف السياسية والاجتماعية المشاركة.
في المقابل، ترى أطراف أخرى أن اتحاد الشغل لم يرفض الحوار بشكل كلي؛ بل وضع شروطاً أمام الرئيس، أهمها عدم التقيد بخريطة الطريق التي أعدها، وخصوصاً الشق المتعلق بعدم تبني نتائج الاستشارة الوطنية الإلكترونية التي لا يمكن –حسبه- أن تعوض الحوار، وهو ما يعني أن «الاتحاد» رفض إضفاء مشروعية قوية على المشروع السياسي للرئيس.
يقول بسام حمدي، المحلل السياسي التونسي الذي تساءل منذ البداية إن كان موقف الاتحاد مناورة أم مراوغة: «رئيس الجمهورية كان يستبعد هذا الموقف من الاتحاد؛ خصوصاً أنه دعم المبادئ العامة لخيارات 25 يوليو (تموز) 2021، ولذلك فقد يعدل موقفه نظراً للثقل السياسي الذي يتمتع به اتحاد الشغل، وأيضاً لقدرته الكبيرة على التأثير في توجهات بقية منظمات المجتمع المدني».
وخلال الاجتماع الذي عقده اتحاد الشغل أول من أمس، برز رأيان مختلفان حول المشاركة في الحوار الوطني: الأول دعا إلى مقاطعته كلياً، أما الرأي الثاني فقد دعا إلى الانتظار قليلاً علَّ الرئيس يقتنع بضرورة تعديل توجهاته السياسية؛ لكن يبدو أن قيادات الاتحاد اقتنعت في نهاية المطاف بضرورة المقاطعة لعدة أسباب، أبرزها أن «اختيار الهيئة الوطنية الاستشارية لم ينبثق عن تشاور أو اتفاق مسبق، ولا يرقى إلى التطلّعات. كما أنه لا يستجيب للانتظارات التي رأت في حدث 25 يوليو 2021 فرصة تاريخية للقطع مع عشريّة سوداء، وبناء مسار تصحيحي يرسي ديمقراطية حقيقية». أما السبب الثاني فهو «رفض أي حوار شكلي متعجل، تحدد فيه الأدوار من جانب واحد، وتُفرض فرضاً، ويقصي القوى المدنية والسياسية».
وفي هذا السياق، أوضحت القيادات النقابية في «الاتحاد» أن الحوار الذي دعت إليه الرئاسة «استشاري، ولا يمكن أن يفضي إلى اتفاقات جدّية»، مؤكدة أنه «غير قادر على إخراج البلاد من أزمتها؛ بل سيعمِّقها ويطيل أمدها». أما السبب الثالث –حسب المصدر- فهو أن الحكومة مطالبة أولاً بتنفيذ التزاماتها، وتطبيق الاتفاقيات القطاعية، والشروع في مفاوضات اجتماعية لتعديل الأجور في القطاع العام، بهدف حماية قوت التونسيين وقدرتهم الشرائية، في ظل تفاقم عمليات الاحتكار، ومواصلة السياسات النقدية الفاشلة.
يقول سمير الشفي، القيادي النقابي: «الاتحاد أكبر من أن يتم حشره في هيئة ذات صبغة استشارية، وهو يؤمن بأن الحوار إما أن يكون ذا مضامين واضحة وملزمة للأطراف المشاركة فيه، أو لا يكون»؛ مضيفاً أن نقابة العمال تدعو إلى «ضرورة إشراك القوى الحقيقية الاجتماعية والسياسية التي لم تتلوث بالإرهاب أو بالفساد»، على حد تعبيره.
في السياق ذاته، أعلن سامي الطاهري، المتحدث باسم الاتحاد التونسي للشغل، عن عقد مؤتمر صحافي اليوم (الأربعاء) لبحث 3 محاور أساسية، تتعلق بموقف الاتحاد مما يجري في تونس على الساحة السياسية، والرد على مشروع الحكومة الذي تفاوض به صندوق النقد الدولي، أما المحور الثالث فهو اجتماعي، ويتمحور حول المفاوضات الاجتماعية ومطالب العمال. ومن المنتظر أن يسهم هذا المؤتمر الصحافي في توضيح كثير من نقاط الاستفهام حول علاقة «الاتحاد» المستقبلية بمؤسسة رئاسة الجمهورية.


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».