حذر وترقب في منطقة عرسال الحدودية والجيش اللبناني يؤكد أن «الأمور ممسوكة»

مصدر: مفاوضات بين «النصرة» وحزب الله قد تقطع الطريق أمام معركة محتملة

حذر وترقب في منطقة عرسال الحدودية والجيش اللبناني يؤكد أن «الأمور ممسوكة»
TT

حذر وترقب في منطقة عرسال الحدودية والجيش اللبناني يؤكد أن «الأمور ممسوكة»

حذر وترقب في منطقة عرسال الحدودية والجيش اللبناني يؤكد أن «الأمور ممسوكة»

تعيش منطقة عرسال الحدودية مع سوريا على وقع معركة القلمون، حالة من التوتّر والترقب في ظل المعلومات التي أشارت إلى هروب المسلحين إلى جرود المنطقة؛ حيث عمد الجيش اللبناني إلى استهداف تحركاتهم، يوم أمس، وعثر على سيارة مفخخة كانت معدّة للتفجير في منطقة عرسال.
وفي حين تتجنب الأطراف السياسية طرح معركة «القلمون – عرسال» على طاولة مجلس الوزراء لما لها من حساسية على الوضع اللبناني، لا سيما أنّ حزب الله يشارك بشكل أساسي على الأرض في سوريا إلى جانب النظام، يبدو واضحًا أنّ هذه القضية تحتل أولوية في كواليس لقاءات واهتمامات المسؤولين.
وقبل انعقاد جلسة الحكومة، يوم أمس، أكد وزير البيئة محمد المشنوق أن رئيس الحكومة، تمام سلام، هو من يقرر متى يطرح موضوع عرسال، لافتًا إلى أن هذا الموضوع غير متروك، ومدار بمتابعة من سلام باستمرار، بينما أشار وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي، إلى أن قائد الجيش العماد جان قهوجي أكد أن الأمور ممسوكة.
وفي هذا الإطار، حذّر رئيس تيار المستقبل ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري، من أنّ الأصوات التي تهدد عرسال بالويل والثبور وعظائم الأمور لن تحقق غاياتها مهما ارتفعت، وقال في تغريدة له على «تويتر»: «كل المحاولات لزج الجيش في معارك يحدد زمانها ومكانها حزب الله لن تمر ولن نسكت عنها، وقبل أن يتوجهوا إلى عرسال بأي سوء، ليسألوا أنفسهم ماذا يفعلون في القلمون، وهي (عرسال) لن تكون مكسرًا لعصيانكم على الإجماع الوطني». مضيفًا: «نقول لأهلنا في عرسال أنتم الضمانة الحقيقية للبنان في وجه الإرهاب وفي مواجهة دعوات التحريض والفتنة».
وكشف مصدر في البقاع لـ«الشرق الأوسط»، أنّ مفاوضات تجري الآن بين حزب الله وجبهة النصرة بعدما أبدى الحزب استعداده لتسليم المعتقلين لديه إلى الجيش اللبناني لمبادلتهم مع العسكريين المختطفين لديها منذ شهر أغسطس (آب) الماضي، مشيرًا إلى أن النتائج لغاية الآن تأخذ منحى إيجابيًا، وقد يتم تحرير العسكريين خلال أيام. وربط المصدر نجاح هذه العملية بـ«معركة عرسال»، موضحًا: «تنفيذ عملية التبادل بين الطرفين ستؤدي إلى إيجاد مخرج للمسلحين في جرود عرسال وقطع الطريق أمام أي معركة محتملة بين الجيش و(النصرة) في عرسال».
في المقابل، يصف مصدر في عرسال الوضع في المنطقة بـ«حالة حرب»، مشيرًا إلى أن الأهالي يعيشون حالة من الترقب نتيجة الأنباء التي يتم التداول بها في الإعلام، لكن لا إشارات أو مظاهر مسلحة واضحة في المنطقة. وأشار في تصريحه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن السيناريو المتوقع الآن كما بات معروفًا هو مواجهات بين المسلحين الذي ينتشرون في جرود المنطقة والجيش اللبناني، وهو الأمر الذي من المؤكّد أنّه لن يجعل عرسال بعيدة عن تداعياته». واعتبر أنّ كل المعلومات والأنباء التي يتم التداول بها تشير إلى أن شيئًا ما يُحضّر على خط المعركة، من دون أن يستبعد إيجاد الذريعة المناسبة لاندلاع شرارة المواجهات في أي لحظة، مؤكدًا في الوقت عينه، أنّ أهالي عرسال وعلى عكس المعركة السابقة في أغسطس الماضي، لن يسمحوا أن يتم الاعتداء على الجيش، موضحًا: «لكن المشكلة تكمن إذا تدخّل حزب الله فعندها سيتغير الوضع».
وأشار المصدر إلى أن الجيش اللبناني يسيطر على كل المنافذ الرئيسية لعرسال؛ حيث ينتشر ما يزيد على 7 آلاف عسكري، متسائلاً: «كيف يمكن أن تمرّ سيارات مفخخة من الجرود وتصل إلى عرسال؟».
ويوم أمس، استهدف الجيش اللبناني بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ مواقع وتحركات المسلحين في جرود عرسال، بعدما كانت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، قد أعلنت أنّ عناصرها اشتبهوا مساء الأربعاء، في محلة رأس السرج - عرسال، في سيارة مخصصة لنقل البضائع من نوع «فيات» لونها أبيض، متوقفة في مكان ملاصق لجامع الروضة وعلى مسافة مائة متر من حاجز الجيش اللبناني في المحلة، وقد تبيَّن من خلال الكشف عليها من قبل خبير المتفجرات في وحدة الشرطة القضائية، أنها مفخخة بمواد شديدة الانفجار زنة 35 كلغ ومعدة للتفجير، فتم تفكيكها، بعد عزل المكان.
وفيما يمكن القول إن معركة القلمون أصبحت منتهية، لا تزال المنطقة تشهد مواجهات متقطعة بين جبهة النصرة والفصائل المعارضة من جهة، وحزب الله وقوات النظام من جهة أخرى. وهي المعركة التي يصفها الحزب بـ«أنها الأقسى في تاريخه العسكري»، وفق ما يقول مقاتل في صفوفه لوكالة «الصحافة الفرنسية»، مضيفًا: «الجميع يعرف أن القتال في المناطق الجبلية هو أصعب أنواع القتال هناك». بينما يصفها زميل له بـ«أنها المعركة الأصعب في الشرق الأوسط في الوقت الراهن».
وتمتد القلمون التي تشكل المقلب الآخر لسلسلة جبال لبنان الشرقية على مساحة نحو ألف كيلومتر مربع، وهي مكونة من سلسلة تلال فيها كثير من المغاور وتطل على أودية مفتوحة مكسوة بالنباتات والزهور البرية. وأعلن حزب الله خلال الأسبوعين الأخيرين أنه سيطر على نحو ثلث منطقة القلمون؛ حيث تتداخل الحدود بين البلدين، إثر معارك ضارية مع المجموعات المسلحة.
وكانت المعركة التي وقعت في أغسطس الماضي، بين مسلحين سوريين قدموا من القلمون ومن مخيمات للاجئين السوريين والجيش اللبناني داخل عرسال، استغرقت أيامًا وقتل فيها عشرات المسلحين وعشرون عسكريًا لبنانيًا و16 مدنيًا. وانتهت باقتياد المسلحين معهم نحو ثلاثين عنصرًا في الجيش وقوى الأمن، أعدموا أربعة منهم بينما لا يزال 25 محتجزين لدى تنظيمي «داعش» وجبهة النصرة.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.