لبنان: لا أطباء أو مستشفيات نهاية الأسبوع

نقيب المستشفيات: الناس يموتون في منازلهم

موظفو مستشفى بنت جبيل يبدأون اضراباً (الوكالة الوطنية)
موظفو مستشفى بنت جبيل يبدأون اضراباً (الوكالة الوطنية)
TT
20

لبنان: لا أطباء أو مستشفيات نهاية الأسبوع

موظفو مستشفى بنت جبيل يبدأون اضراباً (الوكالة الوطنية)
موظفو مستشفى بنت جبيل يبدأون اضراباً (الوكالة الوطنية)

لا يكاد القطاع الطبي اللبناني يخرج من أزمة حتى يقع في أخرى، نتيجة الانهيار المالي الذي تعاني منه البلاد وشح السيولة. فبعد رفع الصوت للتصدي للنقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، أعلنت نقابتا أطباء لبنان في بيروت والشمال ونقابة أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان الإضراب العام والتوقف التام عن العمل يومي الخميس والجمعة المقبلين في العيادات والمراكز الصحية والمستشفيات باستثناء الحالات الطارئة، وذلك «رفضاً لسياسات مصرف لبنان المركزي وجمعية أصحاب المصارف بحق المودعين عامة والأطباء وعاملي القطاع الصحي والمستشفيات».
وكذلك أعلن موظفو مستشفى بنت جبيل الحكومي، في بيان بدء الإضراب المفتوح والامتناع عن استقبال المرضى باستثناء الحالات الطارئة وغسيل الكلى، وذلك إلى حين حصولهم على حقوقهم التي أعلنوا عنها في تحركاتهم السابقة.
ويشهد هذا القطاع، الذي لطالما احتل على مر السنوات المراكز الأولى في منطقة الشرق الأوسط، أزمات شتى أدت إلى هجرة آلاف الأطباء والممرضين وإقفال عدد كبير من الصيدليات وسط تحذيرات جدية من إقفال عدد من المستشفيات التي «لم تعد قادرة على تأمين مصاريفها ورواتب موظفيها».
ويرد نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون الإضراب إلى «سياسات وإجراءات المصارف التي لا تسمح للمستشفيات بالحصول على أموالها نقداً في وقت يُجبر فيه أصحابها على تأمين الأموال نقداً لتأمين الأدوية والمستلزمات الطبية والمازوت وكل المشتريات الأخرى، إضافة للأجور التي تمتنع المصارف عن تحويلها مشترطة تأمينها نقداً من قبلنا، ما يجعل كل حساباتنا التي في البنوك سواء تلك بالليرة أو بالدولار من دون قيمة تذكر». ويشير هارون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «ورغم إلزام المريض بدفع جزء من فاتورته نقداً، فإنها لا تشكل أكثر من 25 في المائة من مصاريف المستشفى، في وقت تسدد فيه وزارة الصحة والضمان والطبابة العسكرية وغيرها فواتيرها عبر حوالات مصرفية لا نتمكن من الاستفادة منها»، موضحاً أن «المستشفيات ترزح تحت هذه الأزمة منذ ما يزيد على 4 أشهر وقد راجعنا المصارف والمصرف المركزي اللذين يتقاذفان كرة المسؤولية، أما وزير الصحة ورئيس الحكومة فتدخلا من دون أن نصل إلى أي نتيجة».
وينبه هارون إلى أن «استمرار الوضع على ما هو عليه يهدد بإغلاق عدد كبير من المستشفيات، خصوصاً أنه وبعد رفع الدعم ارتفعت أسعار بعض الأدوية 10 مرات كما أصبحت التكلفة اليومية للمازوت على كل مريض نحو 40 دولاراً»، لافتاً إلى أن تكلفة الاستشفاء باتت غير منطقية وهو ما سيؤدي لموت الناس في بيوتهم، علماً بأن نسبة دخول المستشفيات تراجعت 50 في المائة وبتنا نستقبل حالات صعبة جداً، ما يؤكد أن المريض لا يذهب إلى المستشفى إلا بعد أن تسوء حالته كثيراً».
ولا شك أن ما تشكو منه المستشفيات ينعكس مباشرة على العاملين فيها وعلى رأسهم الأطباء.
ويتحدث نقيب الأطباء شرف أبو شرف عن «مشاكل كبيرة يعانون منها مع المصارف نتيجة التجاوزات وعدم احترام القوانين وأصول العمل المصرفي ما دفع نحو 3000 طبيب لمغادرة البلاد وعدد مماثل من الممرضات والممرضين ما ينعكس على الأداء في هذا القطاع»، لافتاً إلى أن «آخر القرارات المصرفية الجائرة لحظة رفض الشيكات أو في حال قبولها تم فرض عمولات خيالية قاربت الـ40 في المائة علماً بأن قيمة الشيك بالدولار باتت لا تساوي شيئاً».
ويشير أبو شرف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «بعض المصارف باتت تغلق حسابات مصرفية كما ترفض فتح حسابات جديدة، أضف أننا بتنا غير قادرين على استخدام البطاقات المصرفية وهذه كلها إجراءات تصعب عملنا وتدفع المزيد من الأطباء للهجرة». وأضاف: «تواصلنا مع كل المعنيين لكننا لم نصل إلى أي نتيجة علماً بأننا نعي أن ما نعاني منه يعاني منه أيضاً كل المودعين وبالتحديد الطريقة غير الأخلاقية وغير الإنسانية والقانونية في التعاطي معنا... لم نكن يوماً نود اللجوء إلى الشارع لكن المذلة التي بتنا نشهدها في المصارف غير مسبوقة وتدفعنا مجبرين إليه للمطالبة بحقوقنا وحقوق كل المودعين».
ويعاني لبنان من شح كبير في السيولة خصوصاً مع تقلص احتياطات مصرف لبنان ما يؤدي لتقنين استيراد أدوية الأمراض المستعصية وتلك المزمنة كما أدوية البنج التي لا تزال تخضع لدعم المصرف المركزي بعدما تم رفع الدعم عن معظم الأدوية الأخرى كما المستلزمات الطبية.
ويحاول لبنان تغطية الشح بالدواء المستورد لعدم توافر الأموال من خلال دعم صناعة الدواء محلياً، لكن هناك بعض الأدوية كالبنج مثلاً لا يُصنع محلياً. ويُصنع لبنان 1161 دواءً من ضمن عشرين فئة علاجية للأمراض الأساسية والمزمنة مثل القلب، الضغط، السكري، الكولسترول، سيلان الدم، الربو، الالتهابات والحساسية إضافة إلى بعض الأمراض السرطانية.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

إفطار نباتي ولا سحور... الجوع يهدد غزة مجدداً

نازحون فلسطينيون يتدافعون للحصول على وجبة إفطار رمضاني من مطبخ خيري يوم الاثنين (إ.ب.أ)
نازحون فلسطينيون يتدافعون للحصول على وجبة إفطار رمضاني من مطبخ خيري يوم الاثنين (إ.ب.أ)
TT
20

إفطار نباتي ولا سحور... الجوع يهدد غزة مجدداً

نازحون فلسطينيون يتدافعون للحصول على وجبة إفطار رمضاني من مطبخ خيري يوم الاثنين (إ.ب.أ)
نازحون فلسطينيون يتدافعون للحصول على وجبة إفطار رمضاني من مطبخ خيري يوم الاثنين (إ.ب.أ)

تزداد صعوبة الأوضاع الإنسانية وطأة على سكان قطاع غزة الذين مُنعت عنهم المساعدات منذ 10 أيام بعد تشديد الحصار الإسرائيلي من خلال إغلاق معبر كرم أبو سالم إغلاقاً كاملاً ومنع دخول أي مساعدات، سواء كانت غذائية أو طبية أو غيرها.

وزادت الأسعار وشحَّت المواد الأساسية، وبات معظم السكان يعتمدون في إفطارهم الرمضاني على طعام نباتي يخلو من أي نوع من اللحوم، وقد لا تتوافر لهم وجبة سحور.

ومما زاد الأمر سوءاً ذلك القرار الذي أعلنه وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، بوقف إمداد غزة بالكهرباء، وهو ما يُوقف بدوره تشغيل محطة المياه المركزية الوحيدة وسط غزة.

وقالت نسمة داود (39 عاماً)، وهي من سكان حي الكرامة بشمال مدينة غزة، إن أسعار بعض أصناف الخُضَر تزيد يومياً بمقدار شيقل أو اثنين (الدولار يساوي 3.65 شيقل)، مشيرةً إلى أن هذا يزيد العبء على كاهل المواطنين الذين يتدبرون حالهم بصعوبة لعدم توفر وظائف أو سيولة.

وتحدثت السيدة إلى «الشرق الأوسط» عن وجود نقص واضح في المواد الغذائية، وارتفاع أسعار سلع أساسية مثل الطحين (الدقيق) والسكر وغيرهما. هذا إضافة إلى عناء توفير مياه صالحة للشرب.

فلسطينيون يصطفون لملء عبواتهم بالماء في مخيم للنازحين غرب جباليا بشمال غزة يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)
فلسطينيون يصطفون لملء عبواتهم بالماء في مخيم للنازحين غرب جباليا بشمال غزة يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)

وقال سمير العريني (53 عاماً)، من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، إن بعض الأصناف اختفت فعلياً، منها المجمدات التي يزيد عليها الطلب عادة في شهر رمضان، مشيراً إلى أن استمرار إغلاق المعابر يؤشر لإمكانية عودة المجاعة تدريجياً إلى القطاع.

وأضاف أن السكان يبحثون عن بدائل للتغلب على أزمات الطعام، مثل طهي الأرز دون أي نوع من اللحوم الحمراء أو الدواجن، وطهي خضروات يأخذونها من الأرض مباشرةً مثل الملوخية والخبيزة وغيرهما من أغذية اعتاد السكان على تناولها في الأزمات، هذا إن أمكن أصلاً الوصول لأراضٍ تُزرع فيها.

أما أدهم الحناوي (24 عاماً)، وهو من سكان حي الشيخ رضوان، فقال إن الأزمات اشتدت أكثر في الأيام الثلاثة الأخيرة مع استمرار إغلاق معبر كرم أبو سالم.

وأضاف أن السكان كانوا يأملون أن يستمر فتح المعابر، وأن يحصلوا على طعامهم يومياً بطريقة سهلة «لكن يبدو أن كل شيء في قطاع غزة صعب جداً حتى الحصول على وجبة طعام واحدة، تماماً مثل الصعوبات التي نواجهها في الحصول على المياه الصالحة للشرب، أو الوقوف في طوابير المخابز للحصول على ربطة واحدة يومياً تكاد لا تكفي وجبة الإفطار في شهر رمضان».

الغذاء أداة سياسية

قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، مساء الاثنين، إن قرار إسرائيل حظر دخول المساعدات الإنسانية والإمدادات التجارية إلى قطاع غزة يهدد حياة المدنيين الفلسطينيين «الذين لم يرتاحوا إلا لفترة قصيرة من الحرب الوحشية»، مؤكداً أن الوضع الآن مشابه للوضع الذي ساد في بداية الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأضاف في حديث للصحافيين من جنيف، عقب إحاطة ألقاها أمام الدول الأعضاء في مجلس الأمن، أن وقف إطلاق النار أثبت أنه «متى كانت هناك إرادة سياسية، أمكن دخول المساعدات الإنسانية دون عوائق ودون انقطاع»، مشيراً إلى أن المساعدات الإنسانية زادت عشرة أضعاف قبل القرار الإسرائيلي بوقف دخولها.

وتابع: «إذا أقدمت على إغلاق جميع المعابر، فإنك تخلق حالةً تستخدم فيها المساعدات الأساسية والغذاء أداة لتحقيق هدف سياسي أو عسكري، وهو ما يتعارض مع أي معيار إنساني دولي».

وقالت حركة «حماس»، في بيان، إن إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات الإنسانية والمواد الأساسية يزيدان من معاناة أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع، ويشكلان خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي ينص على تسهيل دخول المساعدات دون قيود.

ولفتت إلى أن منع دخول الغذاء والدواء والوقود والمواد الإغاثية الأساسية أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية ونقص حاد في المستلزمات الطبية، مما فاقم الأزمة الإنسانية في القطاع.

وطالبت الحركة الوسطاء بالضغط على إسرائيل كي تلتزم بتعهداتها وتفتح المعابر فوراً «لضمان تدفق المساعدات الإنسانية وإنهاء سياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها».

وأعربت «حماس» عن إدانتها استخدام المساعدات «ورقة ابتزاز سياسي».