اعتقال ناشط سوداني يثير موجة من السخط وسط المحتجين

كبيرة مستشاري فولكر تغادر الخرطوم بسبب تلكؤ السلطات في تجديد إقامتها

TT

اعتقال ناشط سوداني يثير موجة من السخط وسط المحتجين

أثار اعتقال ناشط مدني مهتم بمعالجة وتقديم الخدمات الصحية لجرحى ومصابي الاحتجاجات السودانية والاعتناء بأسر الشهداء والمصابين، موجة من الغضب العارم بين النشطاء المدنيين والسياسيين ووسائط التواصل الاجتماعي. وفي غضون ذلك، كشفت مصادر دبلوماسية عن تلكؤ سلطات الهجرة في تمديد إقامة كبيرة مستشاري رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان، ما اضطر المنظمة الدولية إلى أن تطلب منها مغادرة البلاد.
واعتقلت سلطات الأمن ليلة أول من أمس الناشط المدني ناظم سراج، واقتادته إلى جهة مجهولة، دون الإفصاح عن سبب وجِهة الاعتقال، وذلك استمراراً لحملات اعتقال دأبت سلطات الأمن على تنفيذها ضد النشطاء والقادة السياسيين في الآونة الأخيرة.
ويدير سراج منظمة مجتمع مدني تعرف باسم «حاضرين»، كانت تقدم الخدمات الطبية والعلاجية المجانية للفقراء والمحتاجين، وبعيد ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018، تخصصت المنظمة في تقديم الخدمات العلاجية لجرحى ومصابي الاحتجاجات، وفضح انتهاكات السلطات الأمنية ضد المتظاهرين، فضلاً عن تقديم العون والمساعدات لأسر الضحايا والشهداء. واعتبر نشطاء سياسيون ومدنيون اعتقال سراج محاولة لوقف علاج الجرحى والمصابين برصاص الأجهزة الأمنية، ومحاولة لإخفاء أعداد القتلى والمصابين، معتبرين ذلك بمثابة جريمة حرب.
وتحظى «حاضرين» بثقة وقبول واسع وسط المجتمع المدني السوداني، وتحصل بفضل هذه الثقة على آلاف الدولارات من متبرعين سودانيين داخل وخارج البلاد، لتوظيفها لخدمة أهدافها، عبر عملية «شفافة» على وسائط التواصل الاجتماعي والإعلام، تكشف فيها حجم التبرعات وأوجه الصرف.
وكان سراج قد شغل منصب المدير العام لوزارة الرعاية الاجتماعية في عهد حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك؛ لكنه تقدم باستقالته بعد فترة وجيزة، وعاد ليعمل في مجال رعاية الجرحى والمصابين وتدقيق المعلومات المتعلقة بالقتلى والجرحى والمعتقلين.
ولم تقتصر الاعتقالات على سراج وحده؛ بل طالت أيضاً عضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي، آمال الزين، عقب مؤتمر صحافي عقدته في دار حزبها، وأجرت معها تحقيقاً مطولاً، قبل أن تطلق سراحها في وقت مبكر من صباح أمس، بينما لا يزال مئات النشطاء وقادة لجان المقاومة في عدد من سجون البلاد المتفرقة.
وحسب آخر تقرير صدر عن «حاضرين»، فقد بلغ عدد القتلى منذ 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 96 محتجاً سلمياً، بينما أصيب 4300، بينهم 550 شخصاً ما زالوا يتلقون العلاج داخل البلاد، و8 بالخارج، كما فقد 35 أطرافهم أو أعضاءهم الحيوية، وأصيب 8 بحالات شلل، وتم تسجيل 3 حالات عنف جنسي (اغتصاب).
من جهة أخرى، علمت «الشرق الأوسط» أن كبيرة مستشاري رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان، البريطانية روزاليندا مارسدن، غادرت البلاد السبت الماضي، بعد أن طلبت منها البعثة المغادرة لرفض السلطات السودانية تجديد إقامتها في البلاد.
وقال مصدر بالبعثة أنها غادرت البلاد بسبب تلكؤ السلطات في تجديد إقامتها، وهو ما اعتبر موقفاً سياسياً من السيدة التي شغلت منصب سفيرة بريطانيا لدى السودان في وقت سابق.
وارتفعت أخيراً الأصوات المناوئة لمهمة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم السلام في السودان «يونتامس»، ووجهت تحذيرات مباشرة للبعثة، واتهمت بأنها تجاوزت مهمتها، وتم إرسال رسائل مبطنة بإمكانية طرد رئيس البعثة الألماني فولكر بيرتس من قمة القيادة العسكرية، فضلاً عن حملة شنها مؤيدون لانقلاب قائد الجيش في وسائل الإعلام ووسائط التواصل، تصف البعثة بأنها مهمة استعمارية، ووجودها انتهاك مباشر للسيادة الوطنية.
واتهمت وزارة الخارجية السودانية في وقت سابق البعثة بأنها تجاوزت تفويضها من مجلس الأمن، وقالت إن السودان غير راضٍ عن أدائها، واشترطت لاستمرار عمل البعثة قيامها بواجباتها، والالتزام بالتفويض الممنوح لها، استناداً إلى أنها جاءت بناء على طلب الحكومة السودانية، بيد أن الخارجية ذكرت أن الأمم المتحدة لا يمكن أن تفرض على السودان بعثة لا يريدها.
وتحفظ الذاكرة السياسية السودانية أن السفيرة البريطانية ارتبطت باتهامات أطلقها الرئيس المعزول عمر البشير ضدها، وتصريحات بأنه «وبخها»، واتهمها بدعم الحركات المسلحة.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».