واشنطن وهافانا تقتربان من إعادة علاقاتهما الدبلوماسية

الولايات المتحدة تعلن نيتها رفع كوبا من القائمة السوداء أواخر الشهر الحالي

واشنطن وهافانا تقتربان من إعادة علاقاتهما الدبلوماسية
TT

واشنطن وهافانا تقتربان من إعادة علاقاتهما الدبلوماسية

واشنطن وهافانا تقتربان من إعادة علاقاتهما الدبلوماسية

بدأت الولايات المتحدة وكوبا، أمس، الجولة الرابعة من محادثاتهما لإنهاء نصف قرن من العداء، سعيا لتجاوز العقبات التي تعرقل استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بينما حذر الكوبيون المنفيون من حملة جديدة على المعارضين في هافانا.
والتقى الوفد الأميركي، الذي تقوده مساعدة وزير الخارجية لشؤون أميركا اللاتينية روبيرتا جاكوبسون، والوفد الكوبي برئاسة المسؤولة عن شؤون الولايات المتحدة جوزيفينا فيدال، في مبنى وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن، مركز الدبلوماسية الأميركية.
وأعلن الجانبان إحراز تقدم في التوصل إلى اتفاق في إطار اتفاقية عقدت بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الكوبي راؤول كاسترو في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وفور استئناف العلاقات الدبلوماسية سيعمل الجانبان على إنجاز المهمة الأكثر تعقيدا وهي تطبيع العلاقات بصورة كاملة.
ويسعى البلدان إلى إنهاء نصف قرن من العداء، وإعادة افتتاح سفارتيهما في الدولتين كخطوة باتجاه تطبيع العلاقات، ولكن جاكوبسون قالت للنواب الأميركيين عشية المحادثات الجديدة إنه «ما زالت هناك اختلافات كبيرة بين الحكومتين».
وثار غضب السلطات الكوبية بسبب برامج الديمقراطية الأميركية، ولم تمتثل حتى الآن لمطالب بالسماح للدبلوماسيين الأميركيين بلقاء المعارضين بحرية. وبهذا الخصوص قالت جاكوبسون للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ: «نحن مستمرون في التعبير عن مخاوفنا بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير».
من جانبهم، أشار المنفيون الكوبيون في مدينة ميامي أول من أمس إلى أن حملة هافانا على المعارضين قد ازدادت «بشكل كبير» منذ أن بدأ التقارب مع الولايات المتحدة، في ما ينظر إليه على أنه نوع من «الإفلات من العقاب» نظرا لتخفيف التوترات مع الولايات المتحدة. وفي هذا الشأن قال الأمين العام لمركز الديمقراطية الكوبية أورلاند غوتييريز بورونات: «في الأسابيع الأخيرة، وعلى وجه الخصوص في الأيام القليلة الماضية، شهدنا تشديدا للقمع في كوبا». وأوضح للصحافيين أنه تم القبض الأحد الماضي على أكثر من مائة شخص في الجزيرة الكاريبية، في حين تكثف العنف ضد معارضي النظام وأسرهم، وقال إن «هناك صلة مباشرة بين سياسة تطبيع العلاقات مع نظام كاسترو وزيادة القمع. لماذا؟ لأن النظام يشعر أن لديه حصانة».
وأعلنت الولايات المتحدة عن نيتها رفع كوبا من القائمة السوداء للدول الراعية للإرهاب، الذي يفترض أن يتم في 29 مايو (أيار) الحالي.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.