عمّ زعيم الحوثيين يضاعف الجبايات على سائقي المركبات

في سياق السباق المحموم بين أجنحة الميليشيات نحو الثراء

أحد أفراد شرطة المرور يتمركز في شارع وسط صنعاء (أ.ف.ب)
أحد أفراد شرطة المرور يتمركز في شارع وسط صنعاء (أ.ف.ب)
TT

عمّ زعيم الحوثيين يضاعف الجبايات على سائقي المركبات

أحد أفراد شرطة المرور يتمركز في شارع وسط صنعاء (أ.ف.ب)
أحد أفراد شرطة المرور يتمركز في شارع وسط صنعاء (أ.ف.ب)

تسبب الصراع المتنامي بين قادة الميليشيات الحوثية على الأموال، في مضاعفة وتعدد الجبايات التي تفرض على السكان في مناطقهم؛ حيث أطلق وزير داخلية الميليشيات عبد الكريم الحوثي أيدي منتسبي وزارته لملاحقة السيارات في شوارع المدن، وضاعف قيمة المخالفات المرورية، ومعها زاد الابتزاز لسائقي ومالكي المركبات الذين يدفعون الرشى للإفلات من هذه الجبايات.
يأتي ذلك في وقت يتحكم فيه كل قائد جناح في الميليشيات بمصادر دخل مستقلة عن البقية؛ حيث استفرد مكتب زعيم الميليشيات بعائدات الزكاة والأوقاف، واحتكر محمد علي الحوثي ملف الأراضي العامة، وبيع وشراء الأراضي الخاصة عبر ما تسمى المنظومة العدلية، بينما احتفظ مدير مكتب رئيس مجلس حكم الانقلاب أحمد حامد، بقطاع التجارة وبموارد الجمارك والضرائب في مختلف المحافظات الواقعة تحت سيطرتهم.
وذكر سكان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن وزير الداخلية في حكومة الميليشيات غير المعترف بها، وهو عم زعيم الجماعة الحوثية، أطلق منذ عدة أيام حملة لملاحقة السيارات في شوارع المدينة وأحيائها، بحجة التأكد من دفع مالكيها الرسوم الجمركية، كما ضاعف من تكاليف الحصول على لوحة المرور، ورفع بشكل غير مسبوق قيمة ما يقول إنها مخالفات مرورية؛ حيث تراوحت قيمة المخالفات بين 20 ألف و60 ألف ريال في سابقة لم تعرفها البلاد (الدولار حوالي 600 ريال).
وقال السكان إنه بسبب هذه الزيادة أصبح السائقون وملاك السيارات ضحية لابتزاز عناصر الميليشيات؛ حيث يضطرون لدفع رشاوى بمبالغ أقل ليتجنبوا دفع قيمة المخالفة بإيصالات رسمية.
ويتحدث حسن -وهو محاسب- عن واقعة عاشها، حين اعترض عناصر من الشرطة طريقه بحجة ارتكاب مخالفة مرورية، وعلى الفور قام المشرف على تلك العناصر بتحرير إرسالية بنقل السيارة إلى حجز الجمارك الواقع في باحة جامع الصالح في ميدان السبعين. وعند إدخال سيارته الحجز طلبوا منه أوراقها، وبعد ذلك دفع رسوم المخالفة المرورية 20 ألف ريال.
ويكتظ الحجز الحوثي بآلاف السيارات -وفق ما ذكره الشاهد- في حين تتوارد إليه عشرات السيارات وأغلبها خاصة بنقل الركاب في المدن إلى جانب سيارات الأجرة؛ حيث تحتجز بحجة ارتكاب مخالفة سير، وتصل المخالفة في بعض الأوقات إلى 60 ألف ريال، وهو ما يعادل راتب موظف حكومي.
ويقول آخر اسمه خالد يعمل سائق أجرة، إن عناصر شرطة الميليشيات يبتزونهم بصورة غير قانونية، وأغلب الضحايا هم من سائقي عربات نقل الركاب في شوارع المدينة ويعيلون أُسراً؛ حيث إن بعض الناس الميسورين يشترون مثل هذه العربات، ويقومون بتأجيرها بمبلغ يومي لسائقين.
ويصف خالد حالة أحد المحتجزين، قائلاً إنه كان يذرف الدموع وهو يترجى مسؤول الحجز، ويخبره بأنه لا يملك مبلغ الغرامة التي يريدها؛ لأنه كان خارجاً للتو للبحث عن قيمة علاج لزوجته التي أسعفها إلى المستشفى، وأنه طلب من المشرف الحوثي أن يرسل معه شخصاً ليتأكد من صحة كلامه، إلا أن ذلك لم يشفع له، وتدخل أحد الأشخاص وترجى المشرف كي يخفض الغرامة إلى 5 آلاف ريال، وأنه سوف يتطوع بدفعها نيابة عن سائق الأجرة كي يذهب لإسعاف زوجته؛ لكن مسؤول الحجز رفض العرض.
وتؤكد مصادر سياسية في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية لـ«الشرق الأوسط»، أن الصراع على الأموال بلغ ذروته؛ خصوصاً بين قادة أجنحة الميليشيات، مع مؤشرات على اقتراب محادثات السلام.
وتقول المصادر إنه بعد استحواذ مكتب زعيم الميليشيات على عائدات الزكاة والأوقاف التي وصلت إلى مئات المليارات من الريالات، إلى جانب تجارة المشتقات النفطية، واستحواذ أحمد حامد المعروف باسم «أبو محفوظ» على الجبايات من التجار وعائدات الضرائب والجمارك وموازنة المحافظات، واستفراد محمد علي الحوثي بقطاع الأراضي العامة وما تسمى المنظومة العدلية وتوثيق عقود البيع والشراء، توجه عبد الكريم الحوثي، وهو أحد قادة أجنحة الميليشيات، نحو مالكي السيارات للبحث عن مصادر تمويل كافية، إلى جانب الموازنة الشهرية والجبايات التي يتم تحصيلها في كل نقاط التفتيش المنتشرة بين المحافظات والمدن.
ومع ازدياد شكاوى السكان من الجبايات التي تفرض عليهم في ظل أوضاع معيشية بائسة، انتقد محسوبون على هذه الميليشيات ما يقوم به قادتها من ظلم وجور، وقالوا إن هيئتي الزكاة والأوقاف تقومان بجمع الجبايات بأثر رجعي، وأحياناً تطالب التجار بدفع مبالغ مالية مقدماً يتم تصفيتها عند حلول موعد دفع الزكاة.
ومع كل هذه الإتاوات، لا يقدم قادة الميليشيات أي خدمات للمجتمع؛ حيث تتولى منظمات دولية تمويل قطاع المياه والقطاع الصحي، في حين أن الموظفين من دون رواتب منذ 6 أعوام، بينما تعبث هيئة الزكاة بمليارات الريالات لإقامة الأعراس الجماعية لمقاتلي الميليشيات.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.