حماس وترقب وإثارة تعيشها العاصمة النمساوية فيينا، التي تستضيف هذه الأيام تصفيات منافسات الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) في دورتها الـ60، التي تشترك فيها 40 دولة، وصولا للمرتبة الأولى وحمل جائزة «الميكروفون الزجاجي الكريستالي» والتربع على القمة الأوروبية الغنائية.
ومساء الثلاثاء، خاضت 18 دولة تصفيات النصف الأول، وتأهلت منها 10 دول، فيما أجريت مساء أمس الخميس تصفيات النصف الثاني، ليشهد غدا السبت التصفية الختامية التي يتوقع أن يشاهدها أكثر من 200 مليون مشاهد.
ومعلوم أن 5 دول، هي بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، تنافس على الدور الختامي مباشرة باعتبارها مؤسسة تسهم بأكبر نصيب مالي. وكانت معتمدية العاصمة النمساوية قد فرشت الطريق أمام مدخلها بطول 200 متر من السجاد الأحمر، مساء الأحد الماضي، استقبالا للفرق المشاركة في المسابقة التي تستضيفها العاصمة النمساوية من 18 إلى 23 مايو (أيار) الحالي.
«مرحبا أوروبا.. مرحبا أستراليا.. وأهلا بالموسيقى».. هكذا رحب عمدة فيينا ومدير الإذاعة النمساوية ورئيس اتحاد الإذاعات الأوروبية بوفود الدول الـ40 المشاركة. وجاء ذكر أستراليا بالاسم دون بقية المشاركين لكونها المرة الأولى التي تشترك فيها في المسابقة التي ينظمها اتحاد الإذاعات الأوروبية وأستراليا من أعضائه تماما كإسرائيل التي ظلت تشترك منذ عام 1973.
ويحظى اشتراك أستراليا باهتمام خاص، لا سيما أن المغني الأسترالي يعكس أستراليا الجديدة والمتسامحة بما يحمله من أعراق متعددة لاختلاط جذوره، كما أن اشتراك أستراليا يؤكد إمكانية بناء الجسور حتى مع بقعة في أقصى الكرة الأرضية، مما يقلص العزلة ويقرب المسافات، وبالطبع لم يغفل مشجعو الدولة القارة التلويح بصور ومجسمات لحيوان «الكانغرو».
عربيا، لم تشترك في مسابقة الأغنية الأوروبية غير المملكة المغربية في عام 1980 كعضو باتحاد الإذاعات الأوروبية، ويومذاك مثلتها الفنانة سميرة سعيد، في دورة تغيبت عنها إسرائيل. ولم تتكرر التجربة العربية مرة أخرى رغم وجود أكثر من دولة عربية عضو بالاتحاد الذي يعتبر عالميا.
من جانبها، تقول مصادر إن الدول العربية تواجه معضلة إلزام الدول المشاركة بنقل الحفل مباشرا وكاملا مهما كان نوع العرض.
جاءت فكرة المسابقة في عام 1956 كمحاولة لربط الدول الأوروبية فنيا، بعدما شتتتها الحرب العالمية الثانية. ورغم أن المسابقة فنية تمنح فيها كل دولة ثلاث دقائق للغناء باللغة التي تختار والموسيقى والرقص الشعبي والتراث الذي تشاء فإنها لا تخلو من السياسة والتعصب الذي يظهر كثيرا عند التصويت. ولكل دولة 12 صوتا يمكن أن تمنحها كاملة لدولة واحدة أو أن توزعها بين من تشاء ما عدا ممثلها الذي يتم اختياره بعد منافسات محلية.
وفي اختيار غير معهود تعمدت الإذاعة النمساوية «أو آر إف» العام الماضي اختيار الفنان توم نويوبرث، الذي يتنكر في شخصية امرأة باسم «كونشيتا فورست»، دون منافسة محلية مفتوحة كما جرت العادة، فقط بدعوى أن مظهره وسلوكه كامرأة ملتحية يتماشى وضرورة التسامح مع الاختيارات الشخصية.
وكان أن فازت كونشيتا بالمرتبة الأولى، مما أهل النمسا لاستضافة هذه الدورة التي ترفع شعار «بناء الجسور والتسامح». فوز كونشيتا أنقذ المسؤولين بالإذاعة النمساوية من حرج ومساءلة في حال لو لم تفز، كما أكسبها قبول قطاعات كبيرة كانت تعارض مظهرها رافضة ما تدعو إليه.
فوز كونشيتا وغرابة مظهرها بالإضافة لدعوتها لأهمية قبول الآخر أكسبتها شهرة محليا وعالميا، فكرمها عمدة فيينا، كما عرفها العالم، وغنت للسلام والتسامح وقبول الآخر بحضرة بان كي مون سكرتير عام منظمة الأمم المتحدة.
وهذه هي المرة الثانية التي تنظم فيها النمسا مسابقة الـ«يوروفيجن» بعد فوز يتيم حصدته عام 1967. وتقام التصفيات النهائية بصالة اسمها الـ«شتات هالة»، أو صالة المدينة، وهي مبنى ضخم هائل تم إعداده بكل الاحتياجات اللازمة، فيما تم توزيع الاحتفالات الأولية والترحيب بالوفود المشاركة في أكثر من موقع، كما تم نصب عدد من الشاشات الضخمة بجادة البلدية «الرات هاوس» التي يطلقون عليها هذه الأيام اسم «القرية الموسيقية»، كما نشطت مواقع أخرى في جذب المغرمين لمتابعة التصفيات والحفل الختامي مباشرة.
طيلة تاريخها شهدت مسابقة الأغنية الأوروبية التي تتم بحرفية عالية وحماس شديد المزيد من التوسع والانتشار، لكن وفيما تشترك أستراليا هذه المرة فإن دواعي ومستجدات تغيب دولا مثل أوكرانيا التي اعتذرت لأسباب مالية وسياسية، كما تغيب قبرص الجنوبية «اليونانية» وتركيا، بينما تعود دولة التشيك بعد غياب خمس سنوات.
في سياق آخر، كانت إسرائيل قد بادرت بالاحتجاج معترضة على كلمات الأغنية التي تشارك بها دولة المجر والتي تتحدث عن ضحايا العدوان الإسرائيلي أثناء حصار غزة وعنوانها «حروب مجانية». تؤدي الأغنية فنانة في الثامنة والعشرين من العمر اسمها بوغلاراكا سمر، تشتهر باسم «بوغي»، ويشاركها ثلاثة موزعين.
تقول بوغي التي اجتازت تصفية الدور الأول وتأهلت للدور الختامي إن أغنيتها «نشيد سلام» تتمنى أن تسمعه وأن تستمتع به أوروبا. ورغم أن الأغنية لا يرد فيها اسم إسرائيل فإن السفير الإسرائيلي بالعاصمة المجرية بودابست قام بتسجيل اعتراض، مشددا على عدم ذكر أرقام تشير للضحايا. كما طالب بحذف تعبيرات تصف فلسطين بـ«الجرف الصامد».
إلى ذلك، وفيما يتمنى النمساويون أن تسود «روح فيينا» المعروفة المشهورة بالحياد والتوافق الدبلوماسي، فإن الصبغة السياسية سمة تتكرر في أكثر من أغنية، كما تظهر في التشجيع والتلويح بالأعلام، وكثيرا في حالات التصويت الجماهيري الذي يتم إلكترونيا («أونلاين» و«إس إم إس») وهاتفيا.
ومن أشهر الأغاني التي تحمل صبغة سياسة الأغنية التي تشترك بها فرنسا وتخلد مئوية الإبادة الأرمنية الجماعية، فيما تشارك أرمينيا بأغنية موجهة لتركيا التي كما ذكر فضلت الغياب هذا العام.
إلى ذلك، شاركت فنلندا بفرقة «بيرتي كوريكان» المكونة من أربعة موسيقيين في الأربعينات من العمر من أصحاب الاحتياجات الخاصة، إذ إن ثلاثة منهم مصابون بمتلازمة داون، والرابع لديه أعراض التوحد.
ورغم خروج فرقة «بيرتي كوريكان» بعد منافسات الدور الأول فإنها قد حظيت بإعجاب لموهبة مغنيها الفذة ولقدراتهم العالية على الإمتاع رغم ما يعانونه.
فيينا تشهد تصفيات الدور الثاني لمسابقة «يوروفيجن»
أستراليا تشارك للمرة الأولى في الدورة الستين.. و5 دول في التصفية الختامية مباشرة
فيينا تشهد تصفيات الدور الثاني لمسابقة «يوروفيجن»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة