لبنان: رضوخ شعبي لقرار حكومة ميقاتي رفع تعرفة الاتصالات

الوزير القرم لـ «الشرق الأوسط» : أنقذنا القطاع ولا تزال الخدمة الأقل تكلفة في المنطقة

الرئيس نجيب ميقاتي متحدثاً بعد جلسة الحكومة التي أقرت رفع تعرفة الاتصالات أول من أمس الجمعة (دالاتي ونهرا)
الرئيس نجيب ميقاتي متحدثاً بعد جلسة الحكومة التي أقرت رفع تعرفة الاتصالات أول من أمس الجمعة (دالاتي ونهرا)
TT

لبنان: رضوخ شعبي لقرار حكومة ميقاتي رفع تعرفة الاتصالات

الرئيس نجيب ميقاتي متحدثاً بعد جلسة الحكومة التي أقرت رفع تعرفة الاتصالات أول من أمس الجمعة (دالاتي ونهرا)
الرئيس نجيب ميقاتي متحدثاً بعد جلسة الحكومة التي أقرت رفع تعرفة الاتصالات أول من أمس الجمعة (دالاتي ونهرا)

بعكس ما حصل في عام 2019، حين فجر إعلان الحكومة عن عزمها فرض رسم مالي على الاتصالات المجانية عبر تطبيق «واتس آب» انتفاضة شعبية كبيرة، مر إعلان الحكومة الحالية برئاسة نجيب ميقاتي، رفع تعرفة الاتصالات والإنترنت مرور الكرام، وسط حالة من الرضوخ الشعبي، بعدما اعتاد اللبنانيون الأسعار المضخمة لمختلف السلع والخدمات التي زاد سعر بعضها عشرات المرات.
وردت الحكومة، كما وزارة الاتصالات، قرار رفع التعرفة للتصدي لانهيار القطاع، باعتبار أن معظم مصاريفه بالدولار، فيما مداخيله لا تزال قائمة على سعر الصرف الرسمي، أي 1500 ليرة للدولار الواحد.
وقال وزير الاتصالات جوني القرم لـ«الشرق الأوسط»، إن قرار رفع التعرفة «أنقذ القطاع الذي لم يكن قادراً على الاستمرار على حاله مع كل المشكلات المالية مع الموردين والموظفين»، موضحاً أنه «بما يتعلق بالهاتف الثابت زادت التكلفة مرتين ونصف المرة، علماً بأن هناك باقات بأسعار أقل لمحدودي الدخل وأخرى بأسعار أعلى. أما الهاتف الخليوي فأصبح المعدل الوسطي للفاتورة 7 دولارات، علماً بأن هناك باقة بـ4.5 دولارات». وأشار القرم إلى أنه، ورغم رفع التعرفة، فإن تكلفة الاتصالات في لبنان لا تزال الأقل مقارنة بدول المنطقة، فمثلاً يبلغ المعدل الوسطي في الأردن، الذي يشبهنا من حيث دخل الفرد وعدد السكان 11.5 دولار، فيما بات يبلغ لدينا 7 دولارات». ورداً على سؤال، أوضح أن رفع التعرفة لا شك سينعكس إيجاباً على القطاع من حيث معالجة عدد من المشكلات، لكن تبقى هناك إشكاليات أخرى تعترضنا غير مرتبطة بالتعرفة كالسرقات التي تحصل للكابلات والمازوت والبطاريات، إضافة لتقنين المولدات التي نعتمد بكثير من الأحيان عليها. وأضاف: «أنا لم أقبل بتحويل قطاع الاتصالات لما يشبه قطاع الكهرباء. بالنهاية القطاع ليس في جزيرة معزولة وهو يتأثر تلقائياً بالوضع المالي، وكما خفف المواطن استهلاك الكثير من السلع والخدمات، لا بد أن يسري ذلك على الاتصالات والإنترنت».
من جهته، اعتبر عماد كريدية، المدير العام لهيئة «أوجيرو»، التي تشكل اليد التنفيذية لوزارة الاتصالات، أن ما حصل من ارتفاع بالأسعار «هو أفضل الممكن للمواطن والمؤسسة»، مشيراً إلى أن «الأسعار ارتفعت ومعها محتوى الباقة للتمكن بالاستمرار بالقطاع بالحد الأدنى».
وشرح في حديث تلفزيوني، أنه ستكون هناك تغييرات وإضافات في باقات الإنترنت تشبه بعض التقديمات بالدول المجاورة. وقال: «فتحنا مجالاً للمؤسسات الصغيرة ومتوسطة الحجم لتخفيف الإنفاق الاستثماري للشركات واستخدام البنى التحتية لهيئة (أوجيرو) لتخفيف المصاريف».
وليس رفع تعرفة الاتصالات والإنترنت إلا استمراراً لمسار رفع الأسعار المستمر منذ عام 2019، تماشياً مع ارتفاع سعر صرف الدولار. وبلغ سعر صفيحة البنزين مؤخراً نحو 550 ألف ليرة بعدما لم يكن يتجاوز الـ25 ألف ليرة قبل 3 سنوات.
وتعتبر بريجيت خير، وهي خبيرة إنمائية واجتماعية ومسؤولة ودبلوماسية سابقة في الأمم المتحدة، أن «قطاع الاتصالات ليس أكثر أو أقل أهمية من باقي الأمور الحياتية التي تتأثر بالأزمات العالمية، ويكون لها ارتداد على الاقتصاد اللبناني الذي بات على حافة الانهيار بسبب الأزمات المتعددة المعروفة»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «قدرة المواطن اللبناني على التأقلم مع الأزمات هي نعمة ولعنة في آن. نعمة لأنها سر استمرار اللبناني، وتغلب هذا الشعب على مصاعب حياتية كانت استسلمت لها شعوب أخرى، وتسببت بنزوح جماعي.
وبالمقابل، قد تكون لعنة لأنها تمتص الصدمات التي يجب أن تكون السبب لرفض الممارسات وعدم السكوت عنها، ومحاسبة السياسيين بغضب وحزم، ومساءلتهم بدل انشغال الشعب بالبحث عن سبل جديدة وخلاقة للتعامل مع أمر واقع سببته السلطة الحاكمة». وتضيف خير: «من المتوقع أن يكون التعامل مع قصة التعرفة الجديدة والمرتفعة لفاتورة الاتصالات، كما تم التعامل مع ارتفاع أسعار سلع وخدمات أخرى لناحية البراغماتية في التأقلم لتفادي انقطاع السلع والخدمات بمساعدة اللبنانيين في الخارج الذين يشكلون صمام الأمان المتبقي للأغلبية الساحقة من المواطنين المقيمين في لبنان».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

كلية الإعلام في جامعة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين (إكس)
كلية الإعلام في جامعة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين (إكس)
TT

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

كلية الإعلام في جامعة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين (إكس)
كلية الإعلام في جامعة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين (إكس)

فرضت الجماعة الحوثية قيوداً جديدة على طالباتِ كبرى الجامعات الحكومية، ومنعتهن من استخدام مستحضرات التجميل وارتداء أنواع من الأحذية النسائية، بمبرر الحفاظ على «القيم والأخلاق العامة» وضمان «الانضباط الاجتماعي» وحماية «الهوية الثقافية»، وذلك بالتزامن مع إطلاق منصة حقوقية دعوات إلى حماية اليمنيات من العنف والتمييز الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.

وذكرت مصادر أكاديمية يمنية لـ«الشرق الأوسط» أن القيادي الحوثي عبد الكريم الغرسي، المُعين من قبل الجماعة الحوثية في منصب الأمين العام لكلية الإعلام بجامعة صنعاء الخاضعة للجماعة، أصدر منذ أيام تعميماً جديداً يحظر على الطالبات في الجامعة استخدام مساحيق الوجه وارتداء الصنادل (نوع من الأحذية النسائية) خلال حضور المحاضرات.

وتضمن التعميم الحوثي تكليف «القوة الأمنية النسائية (الزينبيات)»، التابعة للجماعة، تفتيش الطالبات في أثناء دخولهن الجامعة، واعتقال كل مخالِفات التعليمات، في حين توعد القيادي الغرسي الطالبات المخالفات بإحالتهن إلى المساءلة والتحقيق معهن، ومعاقبتهن بدفع غرامات مالية تأديبية والفصل من الجامعة.

طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

وبررت الجماعة إجراءاتها بحق طالبات جامعة صنعاء بأنها تأتي ضمن خطواتها المستمرة لمنع كل ما يندرج ضمن ما تسميها «الحرب الناعمة»، ولتعزيز «الهوية الثقافية».

وقوبل هذا الإجراء بحالة من «السخط والرفض الشديدين من أكاديميي الجامعة وطلاب وناشطين حقوقيين في العاصمة المختطفة صنعاء»، ورأوا فيه «استهدافاً جديداً للمرأة اليمنية بتقييد حريتها، ونهجاً داعشياً اعتادت الجماعة ممارسته ضد كل فئات المجتمع اليمني».

وبينما سخر ناشطون حقوقيون في صنعاء من التعميمات الجديدة الموجهة إلى الطالبات، شنّ ناشطون موالون للجماعة الحوثية حملة مضادة تؤيد تلك الممارسات التعسفية، بحجة أن «المظهر الخارجي لكثير من طالبات الجامعات اليمنية مخالف لكل القيم والأخلاق، ويتسبب في هزائمهم وتأخير الانتصارات»، وفق مزاعمهم.

وأبدت عصماء، وهو اسم مستعار لطالبة جامعية في صنعاء، أسفها البالغ لتكثيف الجماعة الحوثية إجراءاتها المشددة ضد طالبات جامعة صنعاء وبقية الجامعات تحت سيطرتها، وعدّت التعميم الأخير انتهاكاً صارخاً للحرية الشخصية للنساء، وتقييداً جديداً لحقهن في التعبير عن أنفسهن.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء بزعم تطوير بنيتها التحتية (إعلام حوثي)

وطالبت أكاديمية في جامعة صنعاء، تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، الجماعة بـ«صرف مرتبات الموظفين الحكوميين والمدرسين في الجامعة، التي أوقفتها منذ أكثر من 8 أعوام، بدلاً من تقديم نفسها حارساً للفضيلة». ووفق الأكاديمية، التي اشترطت عدم ذكر اسمها، فإن «حالة المنع الحوثية، وتقييد حريات الطالبات في الجامعات والمدارس، يؤثران سلباً على نفسياتهن وتحصيلهن الدراسي»، داعية إلى «احترام حقوق الإنسان وحقوق المرأة، والسماح للطلاب بممارسة حياتهم التعليمية بحرية ومسؤولية».

في غضون ذلك، أكدت شبكة حقوقية يمنية أن النساء والفتيات في اليمن يواجهن مستويات متصاعدة من مختلف «أشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي، بما في ذلك العنف الجسدي والنفسي، والزواج القسري، والتحرش الجنسي... وغير ذلك»، مشددة على «ضرورة معالجة هذه القضايا بتكاتف جماعي وإرادة صادقة تشمل جميع فئات المجتمع».

ودعت منصة «التمكين السياسي للمرأة» اليمنية، ومقرها العاصمة المؤقتة عدن، إلى «تضامن كامل مع النساء والفتيات اللاتي يعانين من العنف والتمييز، وعَدِّ العنف ضد المرأة تحدياً مجتمعياً يتطلب تدخلاً شاملاً من الحكومات والمؤسسات والمجتمع المدني، وتغيير المفاهيم المجتمعية التي تغذي العنف، والعمل المشترك من جميع الفئات، بما فيها الرجال والشباب، لبناء بيئة آمنة تحفظ كرامة وحقوق النساء».

الجماعة الحوثية تستخدم «الشرطة النسائية (الزينبيات)» لقمع طالبات الجامعات (إعلام محلي)

ووصفت المنصة تمكين المرأة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً بـ«مفتاح مواجهة العنف»، لافتة إلى أن «دمج المرأة في صنع القرارات يساهم في تحقيق حلول شاملة ومستقبل مستقر».

وحثت على «تسليط الضوء وتقديم الدعم الشامل للناجيات من العنف؛ لتأهيلهن اجتماعياً وقانونياً ونفسياً، مع توفير بيئة تضمن لهن الحصول على حقوقهن بسهولة».

كما دعت المنصة إلى تعديل القوانين المحلية «بما يكفل حماية النساء والفتيات وفق المعايير الدولية ويعزز الردع ضد الجناة، وتشجيع وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية والدينية والمجتمعية على تكثيف الوعي بمخاطر العنف، ودعم ثقافة احترام المرأة».

ووجهت نداء إلى المجتمع الدولي لـ«دعم جهود تمكين المرأة اليمنية، وتمويل البرامج التي تسعى لحمايتها وتحسين أوضاعها».