«الشرق الأوسط» في مهرجان كان ـ 3: أوكرانيون بالكاميرا والبندقية... وتشايكوفسكي بلا موسيقى

قليلون يريدون التذكّر بأننا في احتفاء سينمائي وليس في مسيرة حزبية

لقطة من فيلم «زمن القيامة»
لقطة من فيلم «زمن القيامة»
TT

«الشرق الأوسط» في مهرجان كان ـ 3: أوكرانيون بالكاميرا والبندقية... وتشايكوفسكي بلا موسيقى

لقطة من فيلم «زمن القيامة»
لقطة من فيلم «زمن القيامة»

احتجاج أوكراني، يوم الأربعاء الماضي، لوجود فيلم كيريل سيربدرنيكوف «زوجة تشايكوفسكي» في المسابقة الرسمية. ليس بسبب الموسيقار الكبير الراحل منذ 129 سنة بيوتر تشايكوفسكي، بل لأن المخرج روسي.
نفت إدارة المهرجان أي تحزب وذكّرت بأن المخرج الروسي معارض وقد هجر بلاده، لكن الجانب الأوكراني المتمثَّل بعدد ضئيل من السينمائيين رد بأنه كان من الأولى رفض الفيلم أساساً.
كتب «زوجة تشايكوفسكي» المخرج سيربدرنيكوف بنفسه ولو أنه صدى لكتب عدّة صدرت تحديداً حول العلاقة القصيرة بين تشايكوفسكي (أودِن بيرون) وزوجته أنطونينا (ألينا ميخالوفا). يسرد المخرج أحداث فيلمه من وجهة نظر الزوجة فنتعرّف عليها قبل لقائها الموسيقار الكبير. هي بدورها كانت مؤلفة موسيقية شابة وواعدة. لا يمنحنا الفيلم الكثير هنا لنعرف هل أحبّت تشايكوفسكي حين التقت به أو توسّمت الجمع بين مستقبلها والزواج ممن يستطيع فتح أبواب الغد أمامها. ليس معروفاً كذلك لماذا وافق تشايكوفسكي على الزواج وهو كان مثلياً.
يُخفي المخرج مثلية الزوج عن فيلمه لفترة طويلة من الأحداث وعندما يكشفها فإنه من الصعب إزالة الشعور بأن اختيار التوقيت لكي تكتشف جهلها بحقيقة أمر زوجها لم يكن -درامياً- في توقيته الصحيح. لكن في كل الأحوال، الاكتشاف صدمة بالنسبة لها ولآمالها في أن تسهم في تكوين مستقبل مَن تحب، علماً بأن تشايكوفسكي لم يكترث كثيراً لجهودها تلك. كل ذلك، قبل وبعد اكتشافها، جعل هذه الآمال تتدرج صوب الخيبة. لاحقاً سنراها سترتبط بعلاقة جنسية غير عاطفية مع محاميها. روحها ليست معها في هذه العلاقة ولا روح زوجها معها في المقابل.
يرسم المخرج صورة حزينة ثرية الأجواء ولا تخلو من حسٍّ فانتازي كما لو أنه يريد اقتراح أن ما نراه واقعاً لم يقع على هذا النحو لكنه التفسير الوحيد لما حدث. طبعاً مع مشهد خيالي صرف نجد الموسيقار يعود إلى الحياة معبّراً عن غضبه لمن سمح لزوجته بالنظر إليه في موته.
لم أجد المشهد ضرورياً، لكن إيحاءاته قد تمتد صوب المخرج ذاته إذا ما قبلنا فانتازية الفكرة.
الفيلم أطول بكثير مما كان ينبغي: 148 دقيقة تجمع بين أسلوب المخرج الفوضوي وبين تطويل المسافة بين المفاد والآخر وملئه بمشاغل بصرية.
فيلم الراحل الكبير كن راسل «عشاق الموسيقى» عبّر عن كل ما نراه هنا في 122 دقيقة فقط وأودعنا في عمله هذا، سنة 1971 معالجة فنية أرقى.
ذلك الفيلم (الذي توزّعت بطولته بين رتشارد شامبرلاين وغليندا جاكسون) عكس وجهة نظر تشايكوفسكي نفسه ولعب مقطوعاته الرائعة ليشنّف آذاننا بينما كان الموسيقار يدخل أزمة قبوله بالزواج من امرأة وهو لا يهوى النساء. تصوير دوغلاس سلوكومب لعب دوراً أساسياً في عرض جماليات بديعة للفيلم ومواكبة التعابير الفنية التي زاولها المخرج طوال الفيلم بتلك القدرة على الدمج بين كل العناصر الضرورية لعمل بيوغرافي جاد.
هنا الأزمة من نصيب الزوجة ولا نسمع أي لحن من أعمال تشايكوفسكي، ما يساعد على إحالتنا لحكاية كان يمكن لها أن تحدث بين أي اثنين.

مشهد من «زوجة تشايكوفسكي»

- مهرجان للفرح!
أوكرانيا في البال «الكانيّ» من زاوية أخرى: عدد من المخرجين الأوكرانيين (ذكوراً وإناثاً) حملوا الكاميرا ونزلوا إلى مواقع القتال، وحسب أحد التقارير، وضع بعضهم الكاميرا جانباً واستبدل بها الكلاشينكوف. من بين هؤلاء المخرج أوليغ سنتزوف وبطل فيلمه Rhino (سرهيل فيليمونوف). فالنيتن فاسيانوفيتش، مخرجة «أتلانتيس» قبل عامين، تقوم بتصوير فيلم تسجيلي عن الحرب الدائرة ومن الجانب الأوكراني بالطبع. كذلك حال المخرجة ألينا غورلوفا التي ذهبت إلى حقول الألغام لتصوّر كيف يتعامل الفلاحون حيالها.
وهناك جهد يبذله المخرج البولندي باتريك فيغا لتحقيق فيلمه الأول باللغة الإنجليزية وموضوعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وصعوده إلى السلطة. لا يوجد عنوان نهائي للفيلم (العنوان المؤقت هو «المافياوي» لكن يوجد كل السعي لتقديم صورة سلبية عنه وتقليب صفحات يعدها المخرج سوداء ولها علاقة بانتشار الجريمة في سانت بيترسبيرغ).
حيال كل ذلك من حق المرء أن يتساءل: منذ متى ومهرجان للفرح والسينما يتحوّل إلى شريك سياسي في الحرب الدائرة؟ منتقدو الإدارة سمعوا في حفل الافتتاح الممثل فنسنت لاندون وهو يكيل للغزو الروسي بكلمات خالية من اللياقة. لم يكن يتحدّث عن نفسه بل كان موكلاً من إدارة المهرجان تعبيراً، بالضرورة، عن موقفها الذي كان يمكن له أن يُذكَر في إعلان منشور.
قليلون يريدون التذكّر بأننا في احتفاء سينمائي وليس في مسيرة حزبية. السينما والتحزب لا يلتقيان لسبب وجيه هو أن الثاني سينتزع من السينما روحها الطلقة وإبداعاتها ليحوّلها إلى مناشير مع أو ضد هذا الجانب أو ذاك.
لا بد لها أن تعبّر -إذا أرادت- عن موقف إذا ما تعاملت بعض أفلامها معه، لكن الجو المحيط هو طقسي فارض أكثر منه أذرعاً مفتوحة لكل التجارب.
- حياة صبي
على صعيد بعيد ها هو المخرج الأميركي جيمس غراي يروي، بدوره، قصّة مرحلة من حياته في فيلم جديد له يعرضه في مسابقة هذه الدورة الخامسة والسبعين.
الفيلم هو «يوم القيامة» وهو يفتح على اليوم الأول من أيام الدراسة ليتابع علاقة بطله بول (بانكس ربيتا) بتلك المرحلة الدراسية المبكرة وبالعالم الصغير من حوله. علاقته بالمدرسة وبالأستاذ الذي لا يعترف بنبوغه الفني كما علاقته بوالديه.
لا يسعى المخرج غراي هنا إلا لتأطير الصورة. بول هو المخرج ذاته والأجواء الريغانية (ينطلق الفيلم من سنة 1980) موجودة للتذكير بالفترة وليس للبحث فيها. الغاية هي الحديث عن فترة الصبا بالنسبة لجيمس غراي وما ساعده على توجيه اهتمامه إلى الفن والسينما. ليس أن بول- جيمس فتى طيّع وسهل التعامل معه. هو على عكس ذلك، غير راضٍ عن أشياء متعددة في الجانب العائلي: والداه لا يفهمانه، شقيقه الأكبر يعنّفه ويسخر منه، وفي مثل هذا الوضع لا بد لبول من التوجه إلى الشخص الوحيد من العائلة الذي يستطيع التجاوب معه وفهمه. هذا الشخص هو جدّه (أنطوني هوبكنز).
هذا التآلف بين فتى يكبر وعجوز محسوب الأيام، له فعله الحسن في الذات. صورة لحياتين تلتقيان في نقطة عابرة. لكنّ هذه النقطة ليست لحظة بل تمتد لكي نتشرّب ما هو ضروري من ذكريات المخرج حول تلك الفترة.
جيمس غراي يهودي لكنّ الفيلم لن يستغل ذلك ليخرج عن قاعدة عرض حياة عائلية حالها قد يكون حال أي عائلة أخرى. حتى عندما يذكر الجد حكاية زوجته الراحلة التي شهدت مقتل آبائها على أيدي الأوكرانيين خلال الحرب العالمية الثانية، فإن ذلك يبقى ملتصقاً بالدراما لذاتها وبرغبة المخرج في تناول تلك الحقبة الباكرة من حياته وما تعلّمه منها.
كأي مخرج آخر (باستثناء فديريكو فيلليني)، يختلف فيلم ذكرياته الشخصية عن باقي أفلامه ليس من حيث الموضوع (هذا تلقائي) إنما من حيث أسلوب عمله والركائز الدرامية التي تكوّنه. عالج المخرج سابقاً مواضيع العصابات النيويوركية («ذا ياردز») وموضوع الهجرة («اللاجئة») وحتى نوع الخيال العلمي (Ad Astra) وكل ذلك بأسلوب مغاير لأفلام العصابات والدراميات والخيال العلمي. رغم ذلك، هنا يختلف عمّا كان قد حققه من قبل نصّاً وأسلوباً. لا يجعل ذلك الفيلم أفضل عمل ذاتي في السنوات الأخيرة لكنه ينضم إلى «روما» و«بلفاست»، الأول لألفونسو كوارون والآخر لكنيث برانا، في صياغته، عملاً جيداً حول منطلقات الحياة الفنية المقبلة لصبيٍّ حالم.
قدْرٌ كبير من نوستالجيا الحياة يمر بهدوء (لولا صراخ بول من حين لآخر) بما في ذلك رسم معالم العلاقة غير المتساوية بينه وبين صبي أسود اسمه جوني، ليس أن بول عنصري، لكن المسألة تتخذ أهميّتها من وضع معاكس للعنصرية تماماً. وفي أحد المشاهد يتبادل جوني مع الأستاذ تركلتوب (أندرو بولك) نقاشاً لا بد لجيمي التراجع عنه لأنه أسود البشرة وليس لأنه على خطأ.
معظم الفيلم في الخانات الصحيحة التي يؤمّها، لكن تلك التي يُراد لها تشييد محاكاة مع الواقع الاجتماعي تمر عابرة بعد قليل من الإيحاء بها. حتى موت جوني سيمرّ كما لو أنه كان فصلاً وانتهى. لا تعليق على الطريقة التي قُتل بها ولا يوسّع المخرج بُعده الظرفي ليتحدّث عن الوضع الاجتماعي (والسياسي) الفعلي في ذلك الحين. هذا على عكس ما ذهب إليه المكسيكي كوارون عندما رصف العلاقة الطبقية والعنصرية جيداً في فيلمه الأفضل «روما».


مقالات ذات صلة

«الثقافة السعودية» تفوز بجائزة مهرجان كان للحملات الاتصالية

ثقافة وفنون توجّت الوزارة بجائزة «الدلفين الفضي» عن الحملات الاتصالية لـ«عام القهوة السعودية 2022» (واس)

«الثقافة السعودية» تفوز بجائزة مهرجان كان للحملات الاتصالية

فازت وزارة الثقافة السعودية بجائزة «الدلفين الفضي» من مهرجان «كان» لحملات التواصل والإعلانات التلفزيونية، وذلك عن أعمالها لـ«عام القهوة 2022».

«الشرق الأوسط» (كان)
يوميات الشرق الرئيس التنفيذي لـ«SRMG» جمانا الراشد ورئيس «Billboard» مايك فان لدى إعلانهما إطلاق منصة «بيلبورد عربية» (الشرق الأوسط)

«SRMG» تحتفي بالإبداع والابتكار في «كان ليونز 2023» وتطلق «بيلبورد عربية»

استضافت المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG) سلسلة من الفعاليات والتجارب التفاعلية لمدة أسبوع خلال مشاركتها في مهرجان كان ليونز الدولي للإبداع 2023.

«الشرق الأوسط» (كان - فرنسا)
إعلام «SRMG » تلهم قادة الإعلام بتجربة حصرية في مهرجان «كان ليونز» 

«SRMG » تلهم قادة الإعلام بتجربة حصرية في مهرجان «كان ليونز» 

تشارك المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام «SRMG»، في النسخة الـ70 من مهرجان كان ليونز الدولي للإبداع عبر جناح «تجربة شاطئ SRMG»، الذي يقدم نخبة من مواهب منطقة ال

«الشرق الأوسط» (كان)
يوميات الشرق تشمل «تجربة شاطئ SRMG» عدداً من النشاطات التفاعلية باستخدام الذكاء الاصطناعي (الشرق الأوسط)

«الأبحاث والإعلام» تعزز حضورها في مهرجان كان ليونز الدولي للإبداع لعام 2023

تسجل المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام حضوراً مميزاً خلال مشاركتها في مهرجان كان ليونز الدولي للإبداع للعام الثاني على التوالي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق المخرجة الفرنسية جوستين ترييه تحمل جائزة السعفة الذهبية (أ.ف.ب)

«أناتومي أوف إيه فول» يفوز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي

ذهبت السعفة الذهبية، الجائزة الأولى لمهرجان كان السينمائي، إلى المخرجة الفرنسية جوستين ترييه عن فيلمها «أناتومي أوف إيه فول» أو «تشريح سقطة».

«الشرق الأوسط» (كان (فرنسا))

«الخيميائي»... معرض للتشكيلي المغربي الراحل عباس صلادي في مراكش

أعمال تعكس تفرد تجربة عباس صلادي (الشرق الأوسط)
أعمال تعكس تفرد تجربة عباس صلادي (الشرق الأوسط)
TT

«الخيميائي»... معرض للتشكيلي المغربي الراحل عباس صلادي في مراكش

أعمال تعكس تفرد تجربة عباس صلادي (الشرق الأوسط)
أعمال تعكس تفرد تجربة عباس صلادي (الشرق الأوسط)

يحتضن «متحف التراث اللامادي» بساحة جامع الفنا في مراكش معرضاً استعادياً للفنان التشكيلي المغربي الراحل عباس صلادي (1950- 1992)، تحت عنوان «صلادي... الخيميائي».

ويقترح المعرض عشرات الأعمال لواحد من أبرز الفنانين التشكيليين المغاربة، الذي ترك منجزاً فنياً فريداً من ناحية المضمون والشخصية وطريقة الرسم؛ فنان عاش الفقر والحاجة وعانى من المرض، قبل أن تحقق أعماله، بعد وفاته، أرقاماً قياسية وغير مسبوقة في «سوق الفن» بالمغرب، ومن ذلك أن لوحته «الهدية» بيعت في مزاد علني قبل 8 سنوات بنصف مليون دولار.

وتكاد تجربة صلادي، في الحياة والفن، تشبه تجارب عدد من الفنانين التشكيليين المشهورين، عبر العالم، والذين عانوا، بدورهم، من المرض والإهمال وعدم التقدير والاعتراف، قيد حياتهم، قبل أن ينالوا التقدير والشهرة بعد رحيلهم.

ومن خلال هذا المعرض الذي يحيل عنوانه على عوالم صلادي الفنية، يلبس هذا الفنان جُبة الحكواتي الذي يروي من خلال اللون والرسم، حكايات عن عوالم عجائبية مليئة بالغرابة والرموز والأشكال المدهشة، تمتزج فيها الأجساد البشرية بالنباتات وكائنات أخرى من وحي خيال فنان، استمد الفنان الراحل إلهامه من عوالم ساحة جامع الفنا ذائعة الصيت.

وتتوزع بمسار المعرض ثلاثة أقسام، تعكس المراحل الثلاث التي ميزت حياة الفنان؛ إذ يجسد القسم الأول الواقع اليومي لمحيط الفنان، والذي تكشف موضوعاته المطروحة عن سجل يمكن وصفه بأنه أسلوب ساذج، في حين يتناول القسم الثاني انشغال صلادي بالتركيب الذي أصبح أساسياً في منهجه وسمة أساسية في عمله الفني؛ إذ اتضحت توجهاته وارتقت بشكل كبير معالمه، فضلاً عن التأثير الشرقي.

أما القسم الثالث، فيعبر عن النضج الفني، الذي أصبح يسم أعمال صلادي، عاكساً ما يخالجه من أحاسيس مضطربة وتطلعات يبقى فيها الجسد العاري مصدر اهتمام وإلهام للفنان، مع كل ما يطرح هذا الموضوع من أسئلة سوسيو ثقافية داخل مجتمع محافظ. وفضلاً عن أعمال الفنان، يكون الزائر مع كتابات على لسان الفنان أو تتناول حياته وتجربته الفنية، ومن ذلك قوله: «عملي ذو بعد جمالي، أنا أرسم حباً في الجمال»، أو قوله: «أنا، بما أنني أعاني من الهلوسة، سمعت صوتاً، صوتاً يهمس في أذني: (أنت ستقوم بمعرض في جامع الفنا وسيشهرك أحد مفوضي الشرطة)... لم تكن لديّ الشجاعة للجري في الساحة حاملاً أعمالي، فأرسلت والدتي وأختي اللتين باعتا اللوحات الأولى».

وفضلاً عن هذه الكتابات التي تتناول فن وحياة صلادي، يتخلل اللوحات المعروضة نصان: «صلادي وساحة جامع الفنا» و«المجد بعد الوفاة لفن وُلد من الحلم».

نقرأ في الأول عن علاقة هذا الفنان بمراكش، وجامع الفنا بشكل خاص: «وفاء للمدينة الحمراء ونظراً لتعلقه الشديد بمعالمها، كان عباس صلادي يذهب في كثير من الأحيان إلى ساحة جامع الفنا الأسطورية، ليستمتع بأجوائها التي لطالما أسرته بألوانها وألهمته بقصص وروايات روادها. اللوحات المصغرة، التي يستخدمها بعض الحكواتيين في رواياتهم عن نشأة العالم والخلق، وقصص الأنبياء والرسل المفعمة بالأحداث، لعبت دوراً كبيراً في تشكيل عالم صلادي السحري والغامض».

في ساحة مسجد الكتبية، وبالقرب من بائعي الكتب، عُرضت أعمال صلادي وطُرحت للبيع لأول مرة، في حين نقرأ في الثاني عن سيرة صلادي وتجربته الفنية: «أنا أرسم حباً في الجمال»، هكذا كانت كلمات الراحل عباس صلادي، أحد أبرز رموز الفن المغربي المعاصر.

وُلد صلادي بمراكش سنة 1950 قرب زاوية الولي سيدي بلعباس الذي سُمي على اسمه. تُوفي سنة 1992، تاركاً وراءه إنتاجاً فنياً غنياً بقدر ما هو استثنائي، ثمرة 15 سنة من الحياة الإبداعية المتواصلة والمتفانية.

منذ صغره، بدأ يرسم بالفحم أو الطباشير، على جدران زاوية سيدي بلعباس. كان رساماً عصامياً، واضطر إلى الانقطاع عن مساره الأكاديمي في شعبة الفلسفة سنة 1977، عند ظهور نوبات الذهان التي عاني منها طيلة حياته. عاد الفنان الشاب إلى مسقط رأسه واتجه إلى الرسم للتعبير عن هواجسه الداخلية.

بصفته فناناً دقيقاً يتمتع ببراعة كبيرة في اختيار الألوان وتناغم تفاصيل تركيباته، لم يمارس صلادي الرسم بالزيت أو الأكريليك، اللذين يظلان الأكثر استخداماً من قبل معاصريه.

في بداية مشواره الفني، كان صلادي يرسم بقلم الحبر أو الرصاص، باستخدام كل ما يقع في متناول يده، على ورق كان يلصقه أحياناً على ألواح خشبية. لم يلجأ الفنان إلى استخدام الألوان المائية إلا في وقت متأخر، في لوحات بأحجام صغيرة أو حتى صغيرة جداً مع بعض الاستثناءات النادرة.

ويجمع النقاد والمهتمون بتاريخ الممارسة التشكيلية في المغرب على قيمة صلادي وتفرد تجربته. وكتب الفنان والناقد التشكيلي المغربي، إبراهيم الحَيْسن، عن تجربة هذا الفنان في أبعادها الغرائبية، مشدداً على أن الحوار البصري الحكائي في لوحاته، يتأسس من خلال «العلاقة الأنطولوجية القائمة بين الإنسان والحيوان، وبين عوالم الفنان الفانتاستيكية الملأى بحمولتها الثقافية والقائمة على الغرابة والتفرُّد»، مشكّلة في غرائبيتها «مقامات باطنية مشحونة بالقلق والاضطراب».

ولذلك ظلت لوحات صلادي، يضيف الحَيْسن، تثير «دهشة الناس بفعل الطابع الغرائبي، الذي يَسِمُهَا، فهي تمنحهم الحق في الحلم وخلخلة خيالاتهم، بتكويناتها ونماذجها المرسومة على نحو خارق، مدهش للحواس ومخالف لما هو طبيعي وواقعي، ويصعب اعتماد العقل في فهمها وتفسيرها».

وتقول المؤسسة الوطنية للمتاحف إن المعرض المؤقت عن صلادي «الخيميائي» يحمل رسالة أمل وحياة، في حين يمثل بداية سلسلة من المعارض المرتبطة دائماً بساحة جامع الفنا، بمتحف التراث اللامادي الذي يحتضنه المقر القديم لبنك المغرب، والذي تم افتتاحه في فبراير (شباط) الماضي، بعد سنوات عديدة من أعمال الترميم، بحيث يتيح لزواره فرصة اكتشاف تاريخ الساحة بالمدينة الحمراء، وتثمين الحلقة، ومختلف الفنون، وتحسيس العموم بالأهمية الكبرى التي يكتسيها هذا التراث المشترك قصد الحفاظ عليه ونقله للأجيال المقبلة.


محاكاة نتائج كأس آسيا 2023: اليابان مرشحاً أول والأخضر ثامناً

المنتخب السعودي مرشح ثامن لتحقيق البطولة بحسب المحاكاة لموقع «رانكنز» (الشرق الأوسط)
المنتخب السعودي مرشح ثامن لتحقيق البطولة بحسب المحاكاة لموقع «رانكنز» (الشرق الأوسط)
TT

محاكاة نتائج كأس آسيا 2023: اليابان مرشحاً أول والأخضر ثامناً

المنتخب السعودي مرشح ثامن لتحقيق البطولة بحسب المحاكاة لموقع «رانكنز» (الشرق الأوسط)
المنتخب السعودي مرشح ثامن لتحقيق البطولة بحسب المحاكاة لموقع «رانكنز» (الشرق الأوسط)

قبل أسابيع من انطلاق بطولة كأس الأمم الآسيوية في قطر، قام موقع «فوتبول رانكنز» بعملية محاكاة لنتائج البطولة المرتقبة، وأسفرت تلك المحاكاة عن نتائج مختلفة.

وتنطلق البطولة يوم 12 يناير (كانون الثاني) المقبل، على أن تقام مباراتها النهائية يوم 10 فبراير (شباط)، علماً بأنها تضم 24 فريقاً تم تقسيمها على 6 مجموعات، تلعب كل مجموعة دورياً من دور واحد، ثم تتأهل لربع النهائي الفرق صاحبة المركزين الأول والثاني في المجموعات الست، بالإضافة لأفضل 4 فرق حصدت المركز الثالث بمجموعاتها.

وقام موقع «فوتبول رانكنز» بعملية محاكاة لمباريات البطولة كلها، بداية من دور المجموعات، وبناء على ترتيب الفرق في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» وأيضاً النتائج السابقة للمنتخبات ومواجهاتها المختلفة، وضع الموقع توقعاً مبدئياً لدور المجموعات، قال فيه إن المجموعة الأولى سيتصدرها منتخب قطر يليه الصين ثم طاجيكستان وأخيراً لبنان، فيما ستتصدر أستراليا المجموعة الثانية وتليها أوزبكستان ثم سوريا ثم الهند، أما المجموعة الثالثة فستذهب صدارتها لمنتخب إيران يليه منتخب الإمارات ثم فلسطين وهونغ كونغ، وستتصدر اليابان المجموعة الرابعة وسيأتي خلفها العراق ثم فيتنام وإندونيسيا، أما المجموعة الخامسة فسيتصدرها المنتخب الكوري الجنوبي يليه الأردن ثم البحرين وماليزيا، وأخيراً ستتصدر السعودية المجموعة السادسة وستليها منتخبات عمان وتايلاند وقرغيزستان.

ومضى الموقع في توقع مباريات الأدوار الإقصائية واحدة تلو الأخرى، حتى وصل إلى المباراة النهائية واحتمالات الفوز بالكأس، حيث يرى الموقع أن منتخب اليابان هو الأوفر حظاً للفوز بلقب هذه النسخة من البطولة بنسبة مئوية بلغت (36.36 في المائة)، يليه منتخب إيران (17.57 في المائة)، ثم أستراليا (14.84 في المائة)، ثم كوريا الجنوبية (13.11 في المائة)، ثم قطر في المركز الخامس (5.69 في المائة)، أوزبكستان (4.34 في المائة)، العراق (2.52 في المائة).

وجاء المنتخب السعودي في المركز الثامن بنسبة مئوية (1.85 في المائة)، ثم منتخب سلطنة عمان (0.99 في المائة)، ثم الإمارات تليها الأردن والصين وسوريا والبحرين وفلسطين بنسب مئوية أقل من 1 في المائة.


الدبيبة يرحب بعودة سفارات الاتحاد الأوروبي للعمل من ليبيا

الدبيبة مستقبلا سفراء الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا (مكتب رئيس حكومة «الوحدة»)
الدبيبة مستقبلا سفراء الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا (مكتب رئيس حكومة «الوحدة»)
TT

الدبيبة يرحب بعودة سفارات الاتحاد الأوروبي للعمل من ليبيا

الدبيبة مستقبلا سفراء الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا (مكتب رئيس حكومة «الوحدة»)
الدبيبة مستقبلا سفراء الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا (مكتب رئيس حكومة «الوحدة»)

رحب عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة بعودة سفارات الاتحاد الأوروبي للعمل من ليبيا، وتقديم خدماتها وتمثيل بلادها من طرابلس وبنغازي عبر سفاراتها وقنصلياتها، فيما استقبل المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» وفداً من الأزهر، الأحد.

وناقش الدبيبة خلال اجتماعه مع سفراء الاتحاد الأوروبي عددا من القضايا السياسية وملف التعاون مع دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى المبادرة المقدمة من «بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا» برئاسة عبد الله باتيلي.

وقال الدبيبة إنه يرحب بها، «طالما أنها تأتي ضمن الجهود الدولية لإجراء الانتخابات وفق قوانين عادلة ونزيهة»، مؤكداً أن الشعب الليبي «يرفض المراحل الانتقالية ويرغب في الاستقرار من خلال إجراء الانتخابات باعتبارهم أصحاب الكلمة النهائية في كافة النتائج ومشاركتهم أصبحت ضرورة ملحة».

الدبيبة يتوسط سفراء الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا (مكتب رئيس حكومة «الوحدة»)

وأكد سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا نيكولا أورلاندو على «دعم الاتحاد لجهود الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا من خلال الحوار المرتقب؛ وترحيبه بقبول حكومة (الوحدة الوطنية) به، مشيداً بجهود التعاون بين الطرفين خاصة في ملف الهجرة غير النظامية والتعاون الاقتصادي في كل مجالاته».

حضر الاجتماع سفراء إسبانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا وبلجيكا واليونان ومالطا وفنلندا ورومانيا والنمسا وهولندا والمجر والتشيك وبلغاريا إلى جانب سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا.

وكان باتيلي واصل اجتماعاته المحلية تمهيدا للإعلان عن الاجتماع التحضيري لمبادرته الرامية إلى توافق الأطراف الرئيسية الخمسة في البلاد على قوانين الانتخابات المؤجلة. وقال إنه بحث مساء السبت، مع سفيرة كندا، إيزابيل سافارد آخر المستجدات على الساحة السياسية، لافتا إلى أنهما جددا الدعوة للجهات الفاعلة الرئيسية إلى الالتزام بالحوار، بحسن نية، لحل القضايا العالقة المتعلقة بإجراء الانتخابات.

كما رحب باتيلي، خلال اجتماعه مع القائم بأعمال السفارة الأميركية، جيريمي بيرندت بدعم الولايات المتحدة لجمع الأطراف الرئيسية من أجل التوصل إلى حل للقضايا السياسية المتعلقة بالانتخابات، لافتا إلى أنهما حضّا جميع المعنيين على استكمال تسمية ممثليهم، والانخراط في حوار بناء يضع ليبيا بثبات على طريق الانتخابات.

وأوضح أن الاجتماع استعرض التطورات السياسية في ليبيا والوضع الراهن، بما في ذلك جهود بعثة الأمم المتحدة لعقد اجتماع يضم الأطراف الخمسة الرئيسية مع إشراك لباقي الأطراف ذات الصلة بخصوص السير نحو الانتخابات.

منظر عام يظهر الدمار الذي خلفته الفيضانات بعد أن ضربت العاصفة «دانيال» مدينة درنة شرق ليبيا في 14 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

إلى ذلك، ووفقا لما أعلنته السفارة الأميركية، فقد «ارتفعت قيمة المساعدات الإنسانية الأميركية لتلبية الاحتياجات الأساسية لضحايا فيضانات العاصفة (دانيال)، لتتجاوز 15.5 مليون دولار، في إطار مواصلة الولايات المتحدة وقوفها إلى جانب سكان درنة والمجتمعات الليبية الأخرى التي تأثرت بهذه العاصفة، بما في ذلك 45 ألف نازح، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة».

بدوره، اعتبر «المجلس الأعلى الدولة»، في بيان بمناسبة «اليوم العالمي لمكافحة الفساد»، السبت أن «الفساد وباء مستفحل في ليبيا، وضرب أطنابه في شتى مجالات الحياة»، وقال إن «الفساد من أكبر التحدّيات التي تُواجهها الدولة منذ عدة أجيال» ودعا المؤسسات ذات العلاقة والمهتمة بمحاربة هذه الظاهرة «لمزيد العمل والتعاون».

ولفت المجلس في بيان إلى أن «الفساد بات ظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية عالمية معقدة تؤثر على جميع البلدان، إذ يقوض المؤسسات الديمقراطية، ويبطئ التنمية الاقتصادية ويسهم في عدم الاستقرار الحكومي».

وبسبب الظروف المناخية، أعلن عبد الله بليحق المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، تأجيل الجلسة التي كان مقررا أن يعقدها المجلس الاثنين في مدينة الزنتان، دون تحديد أي موعد لاحق لعقدها.

وكان عبد الكريم المريمي المستشار الإعلامي لرئيس المجلس قد كشف قبل هذا التأجيل، عما وصفه «بترتيبات أمنية لعقد جلسة البرلمان في الزنتان»، مشيرا في تصريحات تلفزيونية، إلى مطالبة البعثة الأممية «بعدم إقصاء أي طرف من حضورها لإنهاء الانقسام وإجراء الانتخابات».

حفتر مستقبلاً وفدا من الأزهر في مكتبه بالرجمة شرق ليبيا (مكتب حفتر)

في غضون ذلك، استقبل المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» وفداً من الأزهر، وعددا من الشيوخ القادمين من كل المدن الليبية.

وقال مكتب حفتر، الأحد إن الحاضرين عبَّروا خلال اللقاء عن «ثنائهم وشكرهم لما تبذله القيادة العامة لدعم المحفظين وحملة كتاب الله، والمساهمة في إرجاع المسابقات الدينية المحلية والإقليمية والعربية إلى ليبيا».

وأضاف أن وفد مشايخ الأزهر قدَّم أيضا خلال اللقاء واجب العزاء في ضحايا كارثة «الإعصار» التي حلّت بمدن الجبل الأخضر والساحل الشرقي، في سبتمبر الماضي.


تسليح وحدات الدفاع الجوي الإيراني بمسيرات مزودة بصواريخ

قائد الجيش الإيراني عبد الرحيم موسوي وقائد الدفاع الجوي علي رضا صباحي فرد خلال تدشين مسيرات قتالية في طهران اليوم (تسنيم)
قائد الجيش الإيراني عبد الرحيم موسوي وقائد الدفاع الجوي علي رضا صباحي فرد خلال تدشين مسيرات قتالية في طهران اليوم (تسنيم)
TT

تسليح وحدات الدفاع الجوي الإيراني بمسيرات مزودة بصواريخ

قائد الجيش الإيراني عبد الرحيم موسوي وقائد الدفاع الجوي علي رضا صباحي فرد خلال تدشين مسيرات قتالية في طهران اليوم (تسنيم)
قائد الجيش الإيراني عبد الرحيم موسوي وقائد الدفاع الجوي علي رضا صباحي فرد خلال تدشين مسيرات قتالية في طهران اليوم (تسنيم)

أعلنت وسائل إعلام رسمية إيرانية الأحد أنّ الجيش الإيراني أقدم على تسليح وحدات الدفاع الجوي في أنحاء البلاد بمسيرات قتالية بعيدة المدى، مزوَّدة بصواريخ جو - جو، في محاولة لتعزيز قدراتها في مجال الدفاع الجوي.

وأوردت وكالة أنباء «إرنا» الإيرانية «انضمام مجموعة من مسيَّرات (كرار) المسلحة بصواريخ (مجيد) جو - جو البالغ مداه 8 كيلومترات، إلى وحدات قوة الدفاع الجوي للجيش». وعُرضت هذه المسيرات صباح الأحد خلال حفل متلفز نُظّم في إحدى الجامعات العسكرية بطهران خلال مراسم حضرها قادة الجيش والدفاع الجوي.

وقال القائد العام الجيش النظامي، اللواء عبد الرحيم موسوي، إنه «على الأعداء مراجعة استراتيجياتهم في القتال الجوي، خصوصاً في مجال الطائرات المسيّرة، وستكون لقوة الدفاع الجوي اليوم اليد العليا في المعارك الجوية في هذا المجال»، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

نماذج من مسيرات «كرار» مزودة بصاروخ جو - جو وتبدو لافتة كُتب عليها «الموت لأميركا» في كلية عسكرية تابعة للجيش الإيراني (تسنيم)

ويتقاسم الجيش النظامي والجهاز الموازي له، «الحرس الثوري»، الدفاع عن الحدود الرسمية براً وبحراً وجواً. وكان يعاني الجيش من تقادم أسلحته ومعداته حتى وقت قريب، مع تركيز السلطات على توسيع أنشطة «الحرس» وتعزيزه عسكرياً، لكن خلال العامين الأخيرين، أعلنت قوات الجيش مرات عديدة عن حصولها على طائرات مسيرة وصواريخ باليستية و«كروز».

وأفادت وكالة «إرنا» بأن مسيّرة «كرار» الدفاعية التي تم الكشف عن نسختها الأولى عام 2010 مزوَّدة بصاروخ «مجيد» الحراري الذي يصل مداه إلى 8 كيلومترات، وهو «مصنوع بالكامل في إيران».

وقال اللواء موسوي: «شعرنا منذ فترة طويلة بالحاجة إلى امتلاك جسم طائر على يد علماء محليين، وبسعر رخيص للغاية، يمكنه القيام بمهام لا نستطيع القيام بها أو نضطر إلى القيام بهذه المهام بتكاليف باهظة. وتم الانتهاء من هذا العمل واجتاز الاختبار التشغيلي الناجح لأول مرة في المناورات منذ وقت ليس ببعيد».

وتابع: «منذ نحو شهر، انضمَّت بعض هذه الطائرات المسيَّرة المسلحة إلى قوات الدفاع الجوي في الجيش، وتمَّت اليوم المرحلة الثانية من انضمام طائرات (كرار) المسيرة المسلحة بصاروخ (مجيد) جو - جو إلى مناطق الدفاع الجوي، وستضيف قدرات كبيرة لقوات الدفاع الجوي».

مسيرة «بيتش كرافت إم كيو إم 107 - استريكر» الأميركية التي حصل عليها الجيش الإيراني قبل الثورة (متحف القوات الجوية الأميركية)

وتُعدّ مسيرة «كرار» نسخة محلية من مسيرة «بيتش كرافت إم كيو إم 107 - استريكر» الأميركية المنتَجة في 1974 التي حصلت عليها إيران قبل ثورة 1979، وتعمل النسخة الأميركية بـ«محرك نفاث عنفي». وتستخدمها إيران لحمل صواريخ «كروز»، وقنابل، وكذلك بوصفها مسيَّرة انتحارية بالغة الدقة.

ويثير تطوير الترسانة العسكرية الإيرانية قلق بلدان عديدة من إرسالها إلى مناطق النزاع. وتعرضت إيران لانتقادات وعقوبات غربية بعد استخدام روسيا مسيرات انتحارية وهجومية إيرانية الصنع في الحرب مع أوكرانيا.

وتتهم كل من الولايات المتحدة وإسرائيل طهران بتوفير مسيّرات لجماعات مسلحة موالية لإيران في الشرق الأوسط، لا سيما «حزب الله» اللبناني والميليشات العراقية المسلحة وجماعة الحوثي الموالية لإيران في اليمن.

وكان الجيش الإيراني قد أعلن في أبريل (نيسان) عن حصوله على 200 طائرة مسيرة هجومية مزودة بأنظمة صواريخ وحرب إلكترونية. وجرى تصنيع تلك المسيرات في مصانع وزارة الدفاع و«الحرس الثوري».


شي لتعزيز العلاقات مع فيتنام بعد زيارة بايدن

الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال حفل ببكين في 22 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال حفل ببكين في 22 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

شي لتعزيز العلاقات مع فيتنام بعد زيارة بايدن

الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال حفل ببكين في 22 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال حفل ببكين في 22 نوفمبر (إ.ب.أ)

يصل الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى فيتنام، الثلاثاء، في زيارة تهدف إلى تعزيز العلاقات بين البلدين، بعد أشهر من تعزيز واشنطن وهانوي العلاقات الدبلوماسية بينهما. وترتبط الصين وفيتنام بحدود مشتركة وعلاقات اقتصادية، إضافة إلى وجود حزبين شيوعيين يحكمان البلدين، لكنّ زيارة شي التي تستغرق يومين ستكون الأولى له منذ 6 سنوات إلى الدولة الواقعة في جنوب شرقي آسيا، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

منافسة واشنطن

وتأتي هذه الزيارة في أعقاب توقف الرئيس الأميركي جو بايدن في هانوي، في سبتمبر (أيلول) الماضي، حيث سعى إلى حشد الدعم في مواجهة نفوذ بكين المتنامي في المنطقة. وقال هيونغ لو ثو، نائب مدير برنامج آسيا في مجموعة الأزمات الدولية، إنه «من وجهة نظر الصين، تهدف هذه الزيارة إلى تأكيدها أنّها لم تخسر فيتنام أمام المعسكر المنافس». وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية أنّه بالنسبة إلى فيتنام، فإنّ الأمر يتعلّق بـ«دبلوماسية الخيزران» الناجحة، التي تسمح لها بالمناورة من دون الاضطرار إلى الوقوف إلى جانب دولة أو أخرى بينهما.

رئيسا الولايات المتحدة وفيتنام لدى مشاركتهما في اجتماعات قمة «أبيك» بسان فرنسيسكو في 16 نوفمبر (رويترز)

وبعد استقبال رسمي، الثلاثاء، في القصر الرئاسي في هانوي، يلتقي شي جينبينغ مع نغويين فو ترونغ، رئيس الحزب الشيوعي الفيتنامي الحاكم. وستقام مراسم وضع إكليل من الزهور على ضريح الرئيس السابق هو تشي منه، الأربعاء، قبل أن يلتقي شي رئيس الوزراء الفيتنامي فام منه شين، والرئيس فو فان ثيونغ.

خلافات حول «بحر الصين»

وتجمع بين هانوي وبكين شراكة استراتيجية شاملة، وهي بمثابة أعلى مكانة دبلوماسية في فيتنام. ووصلت فيتنام والولايات المتحدة إلى المستوى نفسه في سبتمبر. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وينبين، إنّ الزيارة ستفتح المجال أمام مناقشات بشأن «تطوير العلاقات بين الصين وفيتنام». وأضاف أنّ بنود جدول الأعمال تتضمّن «السياسة، والأمن، والتعاون العملي، وتشكيل الرأي العام، والقضايا متعدّدة الأطراف، و(القضايا) البحرية».

مركب لخفر السواحل الصيني يطلق خراطيم المياه على سفينة في بحر الصين الجنوبي (أ.ف.ب)

ومثل واشنطن، تشعر هانوي بالقلق إزاء النزعة العدوانية المتنامية لبكين في بحر الصين الجنوبي. وكانت بكين قد أثارت غضب عدد من أعضاء رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)، بما فيها فيتنام، عندما نشرت في الأول من سبتمبر خريطة رسمية جديدة، تشير إلى سيادتها شبه الكاملة على هذه المنطقة الملاحية الشاسعة الغنية بالموارد. وتعدّ مسألة الحدود البحرية موضوعاً حساساً بالنسبة إلى هانوي التي منعت في يوليو (تموز) الماضي بثّ فيلم «باربي»، بسبب ظهور قصير لخريطة بدت كأنّها تُظهر «خط القطاعات التسعة» الذي تستخدمه بكين لتبرير مطالباتها المثيرة للجدل في المنطقة.

فرصة تقارب

من جهة أخرى، تشكّل زيارة شي فرصة بالنسبة إلى بكين للتقرّب من فيتنام في إطار تعاون مستقبلي في القضايا الاقتصادية والأمنية والسياسية، وفقاً لما ذكره خبير السياسة الفيتنامية نغويين خاك جيانغ، حيث قال: «رغم أنّ فيتنام تظل حذرة في ما يتعلّق بالمبادرات السياسية التي تقودها الصين، فإنّه يمكننا أن نتوقّع مزيد من التقدّم في التعاون الاقتصادي، خصوصاً في مجال تطوير البنى التحتية، والانتقال إلى الطاقة الخضراء».

وأفادت وسائل الإعلام الفيتنامية، الشهر الماضي، بأنّ شركة «تشاينا رير إيرث غروب (China Rare Earth Group)» كانت تبحث فرص التعاون مع شركة التعدين الفيتنامية العملاقة «فيناكومين (Vinacomin)». ويأتي هذا الإعلان بعدما اتّفقت الولايات المتحدة وفيتنام، في سبتمبر، على التعاون لمساعدة هانوي على تحديد وتطوير مواردها من المعادن النادرة. وأعلنت واشنطن أنّ فيتنام، التي تملك أكبر مخزون من المعادن النادرة في العالم بعد الصين، ستلعب دوراً رئيسياً في خفض الإمدادات من الصين، بعد الاضطرابات التي طالت سلسلة التوريد، والتي هزّت الاقتصاد العالمي في السنوات الأخيرة.


«القسام»: إسرائيل لن تستعيد محتجزيها دون مفاوضات

مقاتلان من «كتائب القسام» برفقة أسيرين خلال عملية تبادل الأسرى بين «حماس» وإسرائيل الشهر الماضي (أ.ف.ب)
مقاتلان من «كتائب القسام» برفقة أسيرين خلال عملية تبادل الأسرى بين «حماس» وإسرائيل الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

«القسام»: إسرائيل لن تستعيد محتجزيها دون مفاوضات

مقاتلان من «كتائب القسام» برفقة أسيرين خلال عملية تبادل الأسرى بين «حماس» وإسرائيل الشهر الماضي (أ.ف.ب)
مقاتلان من «كتائب القسام» برفقة أسيرين خلال عملية تبادل الأسرى بين «حماس» وإسرائيل الشهر الماضي (أ.ف.ب)

قال المتحدث باسم «كتائب القسام»؛ الجناح العسكري لحركة «حماس»، اليوم (الأحد)، إن إسرائيل لن تتمكن من استعادة أي من الرهائن ما لم تشارك في محادثات بشأن اتفاقات تبادل مشروطة، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».

وأضاف أبو عبيدة في كلمة صوتية بثتها قناة «الجزيرة»: «أثبتت الهدنة أن أحداً من أسرى العدو لم ولن يخرج إلا بعملية تبادل». ولفت إلى أن إسرائيل لن تتمكن من استعادة المحتجزين بالقوة، مشيراً إلى ما وصفها بعملية فاشلة لتحرير أحدهم.

وقال: «تمكن مجاهدونا من تدمير أكثر من 180 آلية عسكرية بشكل جزئي أو كلي في مناطق الشجاعية والزيتون والشيخ رضوان ومخيم جباليا وبيت لاهيا وشرق دير البلح وشرق وشمال خان يونس جنوب قطاع غزة».

أعلنت «القسام»، اليوم، مقتل 15 جندياً إسرائيلياً في تفجير استهدفهم بشمال شرقي خان يونس جنوب قطاع غزة.

وقالت في بيان مقتضب عبر «تلغرام» إن مقاتليها فجروا عبوة برميلية كبيرة مضادة في قوة إسرائيلية بمنطقة المعرّي شمال شرقي المدينة. وأضافت: «عاود مجاهدو (القسام) التقدم باتجاه القوة التي تم سحقها بالعبوة البرميلية المضادة للأفراد... والمكونة من 15 جندياً صهيونياً فوجدوهم قتلى عدا 2 منهم فأجهزوا عليهما».


الجزائر تتسلم قريباً معبرين حدوديين مع موريتانيا

وزير الداخلية الجزائري يعاين الأشغال بأحد المعبرين المشتركين مع موريتانيا (الداخلية)
وزير الداخلية الجزائري يعاين الأشغال بأحد المعبرين المشتركين مع موريتانيا (الداخلية)
TT

الجزائر تتسلم قريباً معبرين حدوديين مع موريتانيا

وزير الداخلية الجزائري يعاين الأشغال بأحد المعبرين المشتركين مع موريتانيا (الداخلية)
وزير الداخلية الجزائري يعاين الأشغال بأحد المعبرين المشتركين مع موريتانيا (الداخلية)

تعهّد وزير الداخلية الجزائري إبراهيم مراد، بفتح المعبرَين الحدوديَّين الثابتَين المشتركَين مع موريتانيا، «قريباً»، بينما كان البلدان أعلنا من قبل بدء العمل بهما في أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتبحث الجزائر عن أسواق لمنتجاتها، خارج المحروقات، في غرب أفريقيا، وتعدّ موريتانيا بوابة لها لتحقيق هذا التوجه.

وصرح مراد، (السبت)، في ختام زيارة له لمحافظة تندوف (جنوبي غرب)، القريبة من الحدود مع موريتانيا، بأن نسبة تقدم أشغال المعبرَين الحدوديَّين الثابتَين، الجزائري والموريتاني، فاقت 99 في المائة، مؤكداً «أن ذلك سيسمح بتسلمهما قريباً»، مشيراً إلى أن «اللمسات الأخيرة الخاصة بالمعبرَين الحدوديَّين الثابتَين الجزائري و الموريتاني، قيد التنفيذ تحسباً لإطلاقهما قبل نهاية السنة الحالية».

من اجتماع وزير الداخلية بالمسؤولين المدنيين والأمنيين في تندوف (الداخلية)

ووفق تصريحات الوزير، التي نقلها الإعلام العمومي، «يُعوَّل على هذين المعبرين كثيراً بالنسبة للتبادلات التجارية بين الجزائر وموريتانيا»، مبرزاً أن بلاده تكفلت أشغال إنجازهما «في إطار علاقة التعاون وحسن الجوار، التي تربط البلدين الشقيقين، ضمن استراتيجية ينتهجها الرئيس عبد المجيد تبون، التي بدأنا نجني ثمارها اليوم». ويقصد خطة، تقول الحكومة إنها بصدد تنفيذها، تتمثل في تطوير التجارة مع البلدان التي تجمعها حدود مع الجزائر، خصوصاً مع تونس وليبيا وموريتانيا، علماً بأن العلاقات مع المغرب، في القطاعات جميعها، متوقفة منذ سنين طويلة بسبب خلافات البلدين حول نزاع الصحراء، كما أن الحدود مغلقة منذ 1994.

وأضاف مراد أن مشروع المعبرَين، «تم تجسيده في ظرف وجيز وبأيدٍ جزائرية، وسيسمح بإنشاء المنطقة الحرة للتبادل التجاري التي سبق أن أعلن عنها الرئيس»، معلناً أنه كلف خزينة الدولة نحو 18 مليون دولار.

معرض المنتجات الجزائرية في نواكشوط عند إطلاقه في فبراير 2023 (وزارة التجارة الجزائرية)

كما أشار إلى المشروع الضخم في تندوف، وهو «منجم غار جبيلات» لاستخراج الحديد (ما بين 40 و50 طناً سنوياً حسب تقديرات الحكومة)، ومشروع بناء سكة حديد «مما سيحدث ديناميكية كبيرة لم تشهد لها المنطقة مثيلاً». ووعد بأن تندوف «ستصبح قطباً من الأقطاب الاقتصادية المتميزة».

ومع تطور أشغال المشروعين، اجتمعت «اللجنة الثنائية الحدودية الجزائرية - الموريتانية»، مرات عدة؛ لبحث مشكلات سكان هذه المناطق، خصوصاً غياب الطرق المعبّدة. وتم العمل على بناء طريق تمتد على مئات الكيلومترات وسط صحراء وعرة، بين مدينتي تندوف الجزائرية والزويرات الموريتانية. ويُعوَّل على هذه الطريق، لرفع فرص الاستثمار وإقامة مشروعات شراكة في القطاعات ذات الأولوية، وترقية وتكثيف التبادلات الاقتصادية والتجارية والثقافية والرياضية بين المناطق الحدودية، وفق تصريحات سابقة للمسؤولين من البلدين.

صالة الاستقبال بأحد المعبرين الحدوديين (وزارة الداخلية الجزائرية)

ويشار إلى أن الجزائر وليبيا أعادتا فتح معبر غدامس الحدودي، خلال الشهر الحالي، بعد أن كان مغلقاً منذ اندلاع الأزمة في ليبيا عام 2011.

وقد اشتغلت الأجهزة الأمنية والعسكرية الجزائرية والموريتانية، طويلاً، موازاة مع تقدّم أشغال بناء المعبرَين، ضمن خطة تأمين المنطقة، وذلك بتكثيف دوريات حرس الحدود من الجهتين... والمعروف أن هذه الجهة من الصحراء، تعدّ ملاذاً للمهربين وتجار السلاح والمخدرات، وشبكات تهريب البشر.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أطلقت وزارة التجارة الجزائرية معرضاً بنواكشوط، يخص بيع المنتجات خارج المحروقات. وصرّح مسؤول شركة المعارض والتصدير الحكومية، بأن «هذا الفضاء سيعطي قفزة نوعية للمنتوج الجزائري في أسواق موريتانيا والدول المجاورة». وفي الشهر ذاته، فتحت الجزائر فروعاً لبنوكها الحكومية في نواكشوط وداكار، ضمن خطتها لتنشيط التجارة في منطقة غرب أفريقيا.

وخارج البترول والغاز، تُصدِّر الجزائر منتجات زراعية، منها التمور والحمضيات، وأجهزة كهربائية للاستعمالات المنزلية. وقالت الحكومة إن قيمة صادراتها خارج المحروقات بلغت 7 مليارات دولار عام 2022، معلنة عزمها مضاعفة هذا الرقم مع نهاية هذا العام.

والمعروف أن الصين والاتحاد الأوروبي، هما أبرز شركاء الجزائر التجاريين، إلى جانب تركيا.


محافظ استثمارية قيمتها 2.4 مليار دولار للمشاريع الرأسمالية المستدامة بجازان

أمير منطقة جازان خلال تدشين المشاريع الرأسمالية (الشرق الأوسط)
أمير منطقة جازان خلال تدشين المشاريع الرأسمالية (الشرق الأوسط)
TT

محافظ استثمارية قيمتها 2.4 مليار دولار للمشاريع الرأسمالية المستدامة بجازان

أمير منطقة جازان خلال تدشين المشاريع الرأسمالية (الشرق الأوسط)
أمير منطقة جازان خلال تدشين المشاريع الرأسمالية (الشرق الأوسط)

أعلنت الهيئة الملكية للجبيل وينبع، ممثلة في مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية، (الأحد) الانتھاء من أعمال ترسیة 53 مشروعا متنوع الأھداف والمخرجات، ترتبط بثلاث محافظ رئیسیة، وتجاوزت تكلفتھا 9 ملیارات ریال سعودي (2.4 مليار دولار أميركي)، وذلك خلال حفل الانتهاء من أعمال الترسية للمشاريع الرأسمالية برعاية الأمير محمد بن ناصر بن عبد العزيز أمير منطقة جازان، وحضور وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف، ورئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع المهندس خالد السالم، وعدد من ممثلي الشركات الاستثمارية وشركات القطاع الخاص.

وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وقال وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف، إن «المشاريع تمثل، 24 مشروعا للبنى التحتية، و18 مشروعا للمرافق العامة والإسكان، و11 مشروعا للخدمات المساندة التي سيكون لها تأثير مهم في جذب الاستثمارات».

وأضاف الخريف أن «هذه الأحداث تؤكد على مكانة السعودية الريادية على الساحة الدولية والإقليمية، وتأتي تتويجا لما تشهده من حراك اقتصادي كبير على مختلف المستويات».

رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع المهندس خالد السالم (الشرق الأوسط)

من جهته، قال رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع المهندس خالد السالم إن «هذه المشاريع تأتي ترجمة لـ(رؤية المملكة 2030)، التي تستهدف جعل مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية مركزاً اقتصادياً عالمياً جاذباً للاستثمار».

وأضاف السالم، أن «المشاريع ستسهم في توفير أكثر من 10 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، ودعم النمو الاقتصادي في منطقة جازان».

محفظة الخدمات المساندة

وتضمنت المحافظ المعلن عنها، محفظة الخدمات المساندة بواقع 11 مشروعاً، لتكون الممكّن الرئیسي في إعداد الدراسات الفنیة والتصامیم الھندسیة للمشاریع الرأسمالیة، وتوفیر الدراسات الجیوتقنیة ودراسات الرفع المساحي للمدینة، ویمتد نطاقها لتشمل الدراسات والفحوصات البیئية، وذلك لتعزيز جھود الاستدامة البیئیة بالمدینة، ویوفر ذلك عقوداً لدراسات المخطط الإرشادي للتوسعة الشرقیة والجنوبیة بالمدینة بإجمالي مساحة تتجاوز 152 كیلومتراً مربعاً.

محفظة البنية التحتية

وشملت أھداف ومخرجات أعمال الترسیة محفظة البنیة التحتیة والطرق التي حوت 24 مشروعاً، وتضمنت مشاریعھا تطویر البنیة التحتیة للمنطقة الصناعیة والمنطقة الاقتصادیة الخاصة بما یقارب 11.5 كیلومتر مربع، وللمنطقة السكنیة ومركز المدینة بما یقارب 4 كیلومترات مربعة، وتطویر إنشاء شبكة طرق بالمدینة بأكثر من 19 كیلومترا طوليا لخدمة مناطق المدینة كافة، وإنشاء محطات وشبكات التوزیع الكھربائي بسعة 1.5 غیغا فولت أمبیر، ومحطات وشبكات قنوات التبرید بمیاه البحر بسعة 160 ألف متر مكعب في الساعة بطول 10 كلم ممتدة من وإلى داخل البحر.

الأمير محمد بن ناصر يتوسط المشاركين والمستثمرين (الشرق الأوسط)

محفظة الإسكان والمرافق

وبلغ عدد مشاریع محفظة الإسكان والمرافق 18 مشروعاً، بتكلفة إجمالیة تتجاوز 3 ملیارات ریالٍ سعودي (780 مليون دولار أميركي)، وتمثلت مخرجات مشاریع المحفظة في إیجاد وحداتٍ سكنیة «فلل وشقق» لخدمة قاطني المدینة بمختلف الفئات، وعددٍ من المرافق العامة المساھمة في رفع جودة الحیاة بالمدینة، مثل المرافق التعلیمیة، ومركز الأعمال للجھات الحكومیة والمركز الحضاري، وعددٍ من المرافق الأخرى التي ستسھم في إدارة وتشغیل المدینة، مثل مبنى ومستودعات الإدارة العامة للتشغیل والصیانة، ومبنى ومختبرات إدارة حمایة ومراقبة البیئة ومحطة الإطفاء بالمنطقة الصناعیة.

مدينة ذكية

إلى ذلك، قال مدير عام تطوير الاستثمار في مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية نواف الوادعي، إن الهيئة الملكية وقعت أكثر من 30 مليار ريال مع أكثر من 25 مستثمراً في مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية، مشيراً إلى أنها مرتبطة بالمشاريع الرأسمالية ذاتها التي جرى الإعلان عنها اليوم، مشيراً إلى أن المشاريع ستمكن الاستثمارات النوعية، ويعود ذلك للميزة التي تتميز بها الهيئة الملكية، حيث توفر بنى تحتية ضخمة للمستثمرين كافة، ولديها كثير من المزايا التنافسية بما فيها الموقع الجغرافي المميز الذي يعد لاعباً أساسياً في جذب المستثمرين، إلى جانب الحوافز المالية والتنظيمية والتشغيلية.

وكشف الوادعي، عن أن الهيئة الملكية، تعمل على خلق مدينة ذكية حديثة تقنياً، تسخر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في حل المشاكل الحضرية، كما تستخدم البيانات المكتسبة لإدارة الأصول والموارد والخدمات بكفاءة، وذلك مواءمةً لبرنامج التحول الوطني في أنسنة المدن.

وفيما يتعلق بالبنى التحتية المتكاملة، أكد مدير عام الشؤون الفنية في مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية، منصور العباس، على «الهدف الرئيسي في خلق بنية تحتية متكاملة مضمنة في محفظة البنية التحتية والطرق التي تعد من أهم مخرجات مشاريع هذه المحفظة من حيث تطوير البنية التحتية للمنطقة الصناعية والمنطقة الاقتصادية الخاصة، والمنطقة السكنية، وتطوير إنشاء شبكة طرق بالمدينة، وإنشاء محطات وشبكات التوزيع الكهربائي، لخدمة كبار مستثمري منطقة الصناعات الثقيلة التي تعد شريان مشاريع المنطقة».

وأضاف أنه حول تحقيق مستهدفات الاكتفاء الذاتي، «تعمل الهيئة الملكية على تمكين نمو قطاع الثروة الحيوانية والسمكية وقطاع الصناعات الغذائية والسعي في تحسين مستوى المملكة في مجال الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي بتطوير ما مساحته 3 ملايين متر مربع من البنية التحتية لمنطقة الصناعات الغذائية».


الرياض وبكين تتجهان للتعاون في الطاقة والموارد والبنية التحتية  

وزير الاستثمار خلال افتتاح ورشة عمل من ضمن جولة «استثمر في السعودية» التي أقيمت في الصين (الشرق الأوسط)
وزير الاستثمار خلال افتتاح ورشة عمل من ضمن جولة «استثمر في السعودية» التي أقيمت في الصين (الشرق الأوسط)
TT

الرياض وبكين تتجهان للتعاون في الطاقة والموارد والبنية التحتية  

وزير الاستثمار خلال افتتاح ورشة عمل من ضمن جولة «استثمر في السعودية» التي أقيمت في الصين (الشرق الأوسط)
وزير الاستثمار خلال افتتاح ورشة عمل من ضمن جولة «استثمر في السعودية» التي أقيمت في الصين (الشرق الأوسط)

تتحرك السعودية والصين نحو تنمية الاستثمارات في صناعة السيارات والبطاريات الكهربائية وتقنية المعلومات، وذلك بعد لقاء وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح، في مدينة غوانجو الصينية، عدداً من المسؤولين التنفيذيين لشركات عدة تعمل في هذه الصناعات.

وتستضيف بكين مؤتمر الاستثمار الصيني - السعودي، يوم الثلاثاء، الذي تنظمه وزارة الاستثمار السعودية بتنسيق مع غرفة التجارة الصينية لاستيراد وتصدير الآلات والمنتجات الإلكترونية، وذلك على هامش زيارة وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح إلى الصين الشعبية ومنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة، خلال الفترة من 7 - 12 ديسمبر (كانون الأول) 2023.

وقالت وزارة التجارة الصينية إن الوزير وانغ ون تاو اجتمع مع الوزير الفالح في بكين، وناقشا توسيع التعاون في التجارة والاستثمار. ونقلت الوزارة عن وانغ قوله إن الصين ترغب في التعاون مع السعودية، من أجل دفع مبادرة «الحزام والطريق» الصينية، ومبادرة «رؤية 2030» السعودية، وأن البلدين سيوسعان أيضاً التعاون في مجالات الطاقة والموارد والبنية التحتية والتكنولوجيا.

القطاعات الحيوية

وعُقدت ورشات عمل استثمارية في مدينة غوانجو يوم السبت، تمهيداً لإجراء مناقشات مهمة حول القطاعات الحيوية، بما في ذلك الطاقة والبتروكيميائيات والصناعات التحويلية.

وسيعزز المؤتمر جهود المملكة في تطوير مسار الشراكة الاستراتيجية السعودية - الصينية القائمة في المجال الاقتصادي والاستثماري والتجاري، تحت مظلة «رؤية 2030» التي تعزز مثل هذه الشراكات الاستراتيجية، والنهوض بأنشطة التجارة والاستثمار والاقتصاد في مجالات عدة، ومبادرة «الحزام والطريق» الصينية التي تربط آسيا بأفريقيا وأوروبا.

ومن المتوقع أن يشارك في هذه الفعالية أكثر من 700 شخصية من ممثلي الحكومات رفيعي المستوى، وكبار المسؤولين والرؤساء التنفيذيين والمستثمرين، ورواد الأعمال الذين يتطلعون إلى استعراض ومناقشة الفرص والمبادرات الاستثمارية لزيادة التعاون المشترك بين البلدين.

وستتضمن أعمال المؤتمر جلسات حوارية عدة حول عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك في مجالات الطاقة النظيفة، والمال والاستثمار، والتعدين والمعادن، إضافة إلى عدد من ورشات العمل التي ستتطرق لمجالات السياحة والترفيه، والأمن الغذائي والزراعة والخدمات اللوجيستية والشحن وسلاسل الإمداد، والاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي، والصناعات التحويلية والتكنولوجيا الحديثة والمتقدمة.

الزيارات الميدانية

كما يزور الوزير السعودي عدداً من المدن الصينية لعقد اجتماعات مع قيادات الشركات في تلك المناطق، وستقيم الفرق الفنية في الوزارة، على هامش زيارته، عدداً من ورشات العمل والزيارات الميدانية في تلك المدن، لبحث فرص التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك لتعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية، يشارك فيها ممثلو القطاعين الحكومي والخاص من البلدين.

ومن جهة أخرى، شارك وزير الاستثمار السعودي في ندوة ضمن قمة «الأولوية» من تنظيم مبادرة مستقبل الاستثمار في منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة التي عُقدت يوم الثلاثاء الماضي، وأشار فيها إلى الدور المحوري الذي تلعبه منطقة الشرق الأوسط في ازدهار دول الجنوب، في ظل قيادة المملكة لحركة التقدم، مشدداً على أن الطاقة والتحول الرقمي سيكونان بمثابة أداتين لتحقيق تنمية تقود المنطقة إلى العالمية.

كما شارك في لقاء الطاولة المستديرة مع نخبة من قيادات الشركات ورجال الأعمال، ناقشوا فيه سُبل تعزيز الشراكة الاستثمارية والاقتصادية.

الذكاء الاصطناعي التوليدي

ومن جهة أخرى، شاركت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا»، في جلسة عمل بعنوان «الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي – الإنتاجية والنمو» في مدينة شنغن الصينية، وذلك على هامش زيارة وزير الاستثمار والوفد المرافق له من القطاعين الحكومي والخاص إلى جمهورية الصين الشعبية ومنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة. ومثّل الهيئة خلال ورشة العمل التي عُقدت خلال الزيارة، الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للذكاء الاصطناعي في «سدايا» الدكتور ياسر العنيزان، الذي تناول خلالها مبادرات ومشروعات الذكاء الاصطناعي التوليدي في المملكة، لا سيما في مجالات الصحة واللغة العربية والرؤية الحاسوبية والطاقة والبيئة.

وبيّن العنيزان أن «سدايا» عملت على عدد من المبادرات منها تنظيم سلسلة ملتقيات في الجامعات السعودية لتعزيز المعرفة بمجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، وإبراز فوائده الجمّة للبشرية، وإطلاق مسرعة «غاية» الذي يعد الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المختص بتحويل النماذج المبتكرة إلى أعمال ناجحة قائمة على الذكاء الاصطناعي، ويستهدف روَّاد الأعمال ومؤسسي الشركات الناشئة التقنية.

يُذكر أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يعرّف بأنه فرع من الذكاء الاصطناعي يستخدم تقنيات تعلُّم الآلة (Machine Learning) لإنشاء بيانات أو محتوى جديد بناءً على بيانات موجودة. وتأتي مشاركة «سدايا» انطلاقاً من اهتمامها بتبادل الخبرات مع مختلف دول العالم، وإبراز جهودها في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يؤكد فيه الخبراء أن الريادة فيه ستكون لمن يمتلك القواعد والاستراتيجيات الأساسية لتلك التقنيات الابتكارية والتقنية التي أخذت في التطور بشكل سريع جداً.


المصريون يترقبون مسار الجنيه بعد الانتخابات الرئاسية بشيء من الخوف

مصريون في أحد مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية بالقاهرة - 10 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
مصريون في أحد مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية بالقاهرة - 10 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

المصريون يترقبون مسار الجنيه بعد الانتخابات الرئاسية بشيء من الخوف

مصريون في أحد مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية بالقاهرة - 10 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
مصريون في أحد مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية بالقاهرة - 10 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

لا يكاد يخلو حديث بين اثنين في مصر، إلا وتغلب عليه أزمة ارتفاع الأسعار المستمر، للسلع والخدمات والمنتجات الغذائية، حتى أن الأمر بلغ بالبعض شراء أي شيء وكل شيء حالياً قبل التعويم المتوقع أو بالأحرى خفض الجنيه المتوقع بعد الانتخابات الرئاسية.

زيادة الإقبال على بعض المنتجات والسلع، تحوطاً للتخفيض المتوقع، ساهم في ارتفاعها بشكل شبه يومي، وذلك أمام تصريحات حكومية متضاربة بين «لن يكون هناك تعويم» و«انتهاء أزمة الدولار قريبا جدا» و«أزمة العملة ستكون من التاريخ».

حتى إن كثرة التصريحات المتضاربة قسمت المصريين إلى فريقين، الأول يتبنى الرأي المتفائل الصادر من بعض الوزراء والمسؤولين، والآخر ينتهج الرأي المتشائم الصادر من بعض المسؤولين أيضاً. وبين هذا وذاك، ذهب المصريون إلى الانتخابات الرئاسية التي بدأت الأحد وتنتهي الثلاثاء بأحاديث جانبية عن أزمة السكر والأرز، وارتفاع أسعار المنتجات الغذائية لمستويات قياسية، ورفع الحد الأدنى للأجور؛ وغلفت هذه الأحاديث الخوف من التداعيات الاقتصادية لحرب إسرائيل - غزة على مصر.

تراجع في الأثناء معدل التضخم في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مدعوما بتباطؤ زيادة أسعار المواد الغذائية. إذ أفادت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر الأحد، أول أيام الانتخابات الرئاسية، بتراجع التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 34.6 في المائة في نوفمبر مقارنة بـ35.8 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول).

ويقل معدل التضخم السنوي المسجل في نوفمبر قليلا عما توقعه المحللون. وكان متوسط توقعات 18 محللا تم استطلاع آرائهم يرجح تسجيل التضخم 34.8 في المائة. وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار بنسبة 1.3 في المائة في نوفمبر مقارنة بواحد في المائة في أكتوبر. وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 0.2 في المائة لكنها زادت 64.5 في المائة على أساس سنوي.

وظل التضخم السنوي يسجل صعودا لمدة عامين ليصل إلى مستوى قياسي بلغ 38 في المائة في سبتمبر (أيلول). والمعدل المسجل في نوفمبر هو الأدنى منذ مايو (أيار).

ولا يعني تراجع التضخم في نوفمبر حلا لمشكلة ارتفاع الأسعار، نظرا لاستمرار أزمة شح الدولار في البلاد التي تستورد معظم احتياجاتها الغذائية والصناعية.

مسار الجنيه بعد الانتخابات

أكثر من سيناريو ينتظر الجنيه المصري بعد الانتخابات الرئاسية، بين مطالبات بمرونة سعر الصرف بشكل كامل، وخفض بنحو 20 - 25 في المائة، وثبات السعر الرسمي دون تعديل مع انتعاش للسوق الموازية.

ترى الإدارة المصرية أنه لن يكون هناك خفض في سعر الجنيه من دون حصيلة دولارية كافية لدى البنك المركزي المصري، وذلك لضمان نسبة خفض مقبولة عند السماح بذلك، بينما تطالب المنظمات العالمية الدولية (أبرزها صندوق النقد الدولي) بمرونة تامة في سعر الصرف.

وبالنظر إلى الوضع الحالي الذي يشتكي منه الجميع، مواطنين وصناعا ومنتجين وتجارا وموظفين، وفقراء وأغنياء، نظرا لأن عملية التسعير لأي منتج تخضع لسعر دولار السوق السوداء غير المستقرة، تنتفي الحاجة للسيناريو الثالث الذي يبقي على الوضع الحالي دون تعديل.

انخفض الجنيه بمقدار النصف مقابل الدولار منذ مارس (آذار) 2022. ورغم التخفيضات المتكررة في قيمة العملة، يبلغ سعر الدولار نحو 49 جنيها مصريا في السوق السوداء مقارنة بسعر رسمي يبلغ 31 جنيها.

وتشير المعطيات العالمية إلى توقف مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) عن عملية التشديد النقدي، مما يعني عودة جزء من الأموال الساخنة إلى الأسواق الناشئة، ومنها مصر، فضلا عن الإجراءات التي اتخذتها القاهرة لزيادة الاستثمارات الأجنبية وتقليل مدة إنشاء الشركات، عطفا على التطور الكبير في البنية التحتية التي شهدت تطورا كبيرا في البلاد، مما يعني أن المجال مفتوح لمعدلات نمو كبيرة، في سيناريو متفائل من دون أزمات مستجدة في المنطقة والعالم.

ووفقا للبنك المركزي المصري، سجل الاقتصاد معدل نمو بلغ 3.9 في المائة على أساس سنوي في الربع الأخير من عام 2022، وكذلك الربع الأول من عام 2023، وهو معدل مقبول بالنظر إلى التحديات المحلية والعالمية، غير أنه يأتي انخفاضا من 6.7 في المائة في السنة المالية 2021 - 2022.

ويجري صندوق النقد محادثات مع مصر لتوسيع حزمة دعم مالي مدتها أربع سنوات بقيمة ثلاثة مليارات دولار تم التوقيع عليها في ديسمبر (كانون الأول) 2022. وذلك بعد أن أوقف تقديم الدفعات في أعقاب تخلف القاهرة عن تنفيذ تعهداتها باعتماد سعر صرف مرن.

وقد تكون لهجة صندوق النقد الدولي المخففة مع مصر سلاحا ذا حدين، فقد يعتبرها البعض بداية لانفراجة مالية مقبلة، والبعض الآخر يراها زيادة لعبء الديون وخدمة الدين على البلاد. وبين هذا وذاك يترقب المصريون مسار الجنيه بعد الانتخابات الرئاسية بشيء من الخوف.

وعلى مصر أن تدفع نحو 42 مليار دولار ديون مستحقة في عام 2024، مما يعني أنه عام صعب هو الآخر على المصريين، منها 4.89 مليار لصندوق النقد الدولي.