بايدن يبدأ جولته الآسيوية بزيارة مصنع «سامسونغ» في كوريا الجنوبية

واشنطن تكشف عن مبادرة «الإطار الاقتصادي لمنطقة الهندي والهادي» لإقامة سلاسل إمداد من دون الصين

بايدن يزور مصنع «سامسونغ» لأشباه الموصلات الأساسية التابع لشركة «سامسونغ» الكورية الجنوبية العملاقة في بيونغتايك بسيول (رويترز)
بايدن يزور مصنع «سامسونغ» لأشباه الموصلات الأساسية التابع لشركة «سامسونغ» الكورية الجنوبية العملاقة في بيونغتايك بسيول (رويترز)
TT

بايدن يبدأ جولته الآسيوية بزيارة مصنع «سامسونغ» في كوريا الجنوبية

بايدن يزور مصنع «سامسونغ» لأشباه الموصلات الأساسية التابع لشركة «سامسونغ» الكورية الجنوبية العملاقة في بيونغتايك بسيول (رويترز)
بايدن يزور مصنع «سامسونغ» لأشباه الموصلات الأساسية التابع لشركة «سامسونغ» الكورية الجنوبية العملاقة في بيونغتايك بسيول (رويترز)

لم يكن اختيار مصنع «سامسونغ» ليكون أول محطة للرئيس الأميركي جو بايدن في رحلته الآسيوية الأولى له منذ توليه منصبه بالبيت الابيض اعتباطياً، فالتزود بأشباه الموصلات الأساسية في صناعة معظم الأجهزة الحديثة من الهواتف إلى السيارات والأسلحة عالية التقنية يشهد نقصاً ضمن التباطؤ العام لسلاسل الإمداد العالمية الذي يهدد بتقويض التعافي الاقتصادي من وباء كوفيد. ومن قاعدة أوسان الجوية التي هبطت طائرته فيها، توجّه بايدن يرافقه الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك - يول، الذي تولى منصبه في بداية الشهر الحالي، إلى المصنع التابع لشركة «سامسونغ» الكورية الجنوبية العملاقة في بيونغتايك بسيول. وقال بايدن لدى وصوله إلى المكان، إن التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية «أحد أعمدة السلام والاستقرار والازدهار» في العالم. وشدد بايدن على ضرورة أن تعمل كوريا الجنوبية والولايات المتحدة من أجل «الحفاظ على مرونة سلاسل إمدادنا وموثوقيتها وسلامتها». وتوفر كوريا الجنوبية نحو 70 في المائة من إنتاج العالم من أشباه الموصلات. كما اعتبر بايدن أن زيارته يمكن أن تساعد البلدين في تشكيل «تحالف اقتصادي وأمني جديد يعتمد على التكنولوجيا المتقدمة والتعاون فيما يتعلق بسلاسل الإمداد». وصرح أستاذ الدراسات الكورية في جامعة أوسلو فلاديمير تيخونوف لوكالة الصحافة الفرنسية، بأن «أشباه الموصلات باتت سلعة استراتيجية» في وقت تحاول فيه الولايات المتحدة إعادة بناء صناعتها الوطنية. وأضاف أن بايدن «يحتاج إلى تعاون سامسونغ في هذا الشأن». ومن المنتظر أن تكون كوريا الجنوبية أحد الأعضاء المؤسسين في إطار العمل الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادي الذي يسعى له بايدن. ورداً على سؤال عن معارضة الصين لإطار العمل الاقتصادي، قال يون للصحافيين أمس (الجمعة)، إن الانضمام لإطار العمل لا يتعارض مع علاقات كوريا الجنوبية الاقتصادية مع الصين. وتعكف شركة «هيونداي موتور» على صياغة خطط لبناء مصنع جديد للسيارات الكهربائية في الولايات المتحدة، وقد يتزامن إعلان هذا مع زيارة بايدن.
كما ستكون قضية كوريا الشمالية على جدول محادثات الرئيسين الأميركي والكوري الجنوبي. وتخلى كيم جونغ - أون زعيم كوريا الشمالية عن تجميد اختبارات الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، ويبدو بصدد استئناف اختبار قنابل نووية، وربما يفعل ذلك أثناء وجود بايدن في المنطقة. وأشار البيت الأبيض إلى أن الرئيس الأميركي لن يذهب إلى المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين. وأبدت إدارة بايدن مراراً استعدادها للتواصل مع كوريا الشمالية، لكن الأخيرة لم تتجاوب وكثفت إطلاق الصواريخ منذ بداية العام. وتتوقع سيول وواشنطن أن تستأنف بيونغ يانغ التجارب النووية على الفور، بعد أن أجرت ست تجارب بين عامي 2006 و2017. وأكدت إدارة بايدن قبل مغادرته واشنطن، أنّه وفقاً للمخابرات الأميركية، هناك «احتمال حقيقي» أن تقوم كوريا الشمالية بعمل «استفزازي» بعد وصول جو بايدن إلى سيول، الجمعة. وقال مستشار الأمن القومي جايك ساليفان إن ذلك قد يعني «تجارب صاروخية جديدة، تجارب صواريخ بعيدة المدى أو تجربة نووية، أو كلتيهما»، قبل أو أثناء أو بعد جولة بايدن. كذلك أكد ساليفان أن إجراء كوريا الشمالية تجربة نووية سيؤدي إلى «تعديلات في وضع قواتنا المسلحة بالمنطقة»، لكنه نفى أن يُنظر إلى مثل هذا الحدث على أنه انتكاسة لدبلوماسية جو بايدن. وأضاف: «من شأن ذلك أن يؤكد إحدى الرسائل الرئيسية لهذه الرحلة، وهي أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب حلفائها وشركائها». وأشار الأستاذ في جامعة الدراسات الكورية الشمالية يانغ مو جين إلى أن كوريا الشمالية ستتابع على أي حال نتائج اجتماع يون وبايدن، «وبناء على النتيجة، ستقرر تسريع أو إبطاء» برامج أسلحتها، على حد قوله.
وأوضح ساليفان أنّ الولايات المتحدة تريد «تأكيد صورة ما يمكن أن يكون عليه العالم إذا اجتمعت الديمقراطيات والمجتمعات المنفتحة لإملاء قواعد العمل وفق حس القيادة» الأميركي. وتابع: «نعتبر أن هذه الرسالة ستصل إلى بكين. لكنها ليست رسالة سلبية وليست موجهة إلى دولة واحدة». لكن القضايا الأمنية لم تكن على رأس جدول أعمال الجمعة. وقال ساليفان إن الرئيس جو بايدن قد يتحدث مع نظيره الصيني شي جينبينغ في الأسابيع المقبلة. وأضاف: «لن أُفاجأ إذا تحدث الرئيس بايدن والرئيس شي مرة أخرى في الأسابيع المقبلة». وتحدث ساليفان يوم الأربعاء مع يانغ جيه تشي، مستشار شي للسياسة الخارجية. وقال إنه تحدث «مباشرة معه بشأن مخاوفنا إزاء أنشطة كوريا الشمالية النووية والصاروخية ووجهة نظرنا بأن هذا ليس في مصلحة الصين».
- مبادرة «الإطار الاقتصادي لمنطقة الهندي والهادي»
وبعد سيول، يتوجه الرئيس الأميركي الأحد إلى طوكيو، حيث يشارك في القمة الإقليمية للتحالف الرباعي (كواد) الذي يضم أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة. ويلتقي قادة الدول الأربع الأسبوع المقبل، في طوكيو سعياً للتوصل إلى أرضية توافق بمواجهة الصين. ويجتمع تحالف «كواد» الثلاثاء، في وقت يحذّر فيه الكثيرون من أن بكين تراقب عن كثب الرد الدولي على غزو أوكرانيا وتدرس خياراتها من أجل «إعادة توحيد» تايوان مع البر الصيني. وقال روبير دوجاريك من معهد الدراسات الآسيوية المعاصرة في جامعة «تمبل» لوكالة الصحافة الفرنسية، إن قادة «كواد» سيبحثون «سبل تعزيز الردع والتعاون العسكري» بمواجهة الصين، مؤكداً أنهم «سيظهرون لبكين أنهم يعملون معاً لاحتوائها وردعها».
ويصل بايدن الأحد إلى اليابان، ومن المتوقع أن يغتنم لقاءاته مع رئيس الوزراء فوميو كيشيدا لعرض مخاوفه حيال بكين. وأوردت وسائل إعلام أن بايدن وكيشيدا سيصدران إعلاناً مشتركاً شديد اللهجة يؤكدان فيه استعدادهما لـ«الرد» على السلوك الصيني الذي يقوض الاستقرار في المنطقة. وحذر كبير مسؤولي الشؤون الخارجية في الحزب الشيوعي الصيني يانغ جيشي بشأن تايوان، بأنه إذا استمرت الإدارة الأميركية «في الطريق الخاطئة، فستوصل الوضع حتماً إلى نقطة خطيرة». ويبدو أن واشنطن تسعى إلى التهدئة، إذ أكد مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض أن رسالة بايدن «لا تستهدف أي بلد تحديداً». وستكشف الولايات المتحدة مبادرة تُعرف باسم «الإطار الاقتصادي لمنطقة الهندي والهادي»، وهو تجمع تجاري جديد يعد وسيلة لإقامة سلاسل إمداد من دون الصين. وقال ميشيتو تسورووكا المحاضر في جامعة كيو، إن «كواد بدأ كإطار أمني، لكن لديه الآن برنامجاً موجهاً أكثر نحو الاقتصاد» على ضوء الصعوبات مع الهند حول المسائل الدفاعية. ومن المستبعد أن تتمكن قمة 23 مايو (أيار) من تغيير هذا الوضع برأي جيتندرا ناث ميشرا، الدبلوماسي الهندي السابق والمدرس بجامعة جيندال العالمية. وأشار إلى أن واشنطن وحلفاءها «أثبتا أنهما يدركان حاجة الهند إلى حماية روابطها الاستراتيجية والعسكرية مع روسيا لتطوير قدراتها بمواجهة الصين». وتابع أن «الضغط على الهند لا يخدم حاجة الغرب إلى إقامة تحالف للتصدي للصين».
- تايوان تنشر منظومة دفاعية ضد «المسيرات المعادية» في 45 قاعدة
وفي إطار مشروع مدته خمس سنوات ويستمر حتى عام 2026، وافق الجيش التايواني على مشروع لتركيب أنظمة دفاع محلية بطائرات من دون طيار في 45 قاعدة بجميع أنحاء البلاد، «لتحييد غارات الطائرات من دون طيار المعادية»، إذا لزم الأمر. وستنفق وزارة الدفاع 4.3 مليار دولار تايواني (146 مليون دولار أميركي) لشراء أنظمة الدفاع من دون طيار، من تصميم معهد تشونغ شان الوطني للعلوم والتكنولوجيا في تايوان. وسيتم نشر تلك الأنظمة في قواعد جوية وبحرية وصاروخية بجميع أنحاء البلاد، بما في ذلك، تلك الموجودة في المناطق الجبلية النائية والجزر النائية التابعة لتايوان. وبحسب الجيش التايواني، فقد تم تصميم النظام لتعطيل وتحييد الطائرات من دون طيار التي تشارك في «المراقبة الجوية المعادية»، وغيرها من الأنشطة الخبيثة المحتملة. ويستطيع هذا النظام اكتشاف وتتبع وتصنيف الطائرات من دون طيار الصغيرة عن بعد، قبل إعطاء الأمر بتعطيل أنشطتها. وحذر معهد تايوان للدفاع الوطني وأبحاث الأمن، من أن الطائرات الصينية من دون طيار قد تشكل تهديداً كبيراً لجيش تايوان، في حالة نشوب حرب عبر المضيق. وقال أخيراً إن الصين تهيمن بالفعل على سوق الطائرات من دون طيار الاستهلاكية والتجارية العالمية.
ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، تصاعد التوتر في منطقة المحيطين الهادي والهندي، خصوصاً بين الصين وتايوان، التي تعدها بكين جزءاً من أراضيها، وتسعى لاستعادة السيطرة عليها، بالقوة إذا تطلب الأمر. وصعدت الصين من طلعات طائراتها في المنطقة الأمنية التايوانية، ومن دورياتها البحرية ومناوراتها العسكرية في المنطقة، في ظل ادعاءات بسيادتها على بعض الجزر في بحر الصين الجنوبي. وهو ما تسبب في خلافات مع عدد من دول المنطقة أيضاً، بينها فيتنام والفلبين، على السيادة في تلك المياه.


مقالات ذات صلة

بايدن يطلق حملة جمع التبرعات وترمب ينهي القطيعة مع «سي إن إن»

الولايات المتحدة​ بايدن يطلق حملة جمع التبرعات وترمب ينهي القطيعة مع «سي إن إن»

بايدن يطلق حملة جمع التبرعات وترمب ينهي القطيعة مع «سي إن إن»

يتجه الرئيس الأميركي بايدن إلى مدينة نيويورك، الأسبوع المقبل، للمشاركة في حفل لجمع التبرعات لحملة إعادة انتخابه. ويستضيف الحفل المدير التنفيذي السابق لشركة «بلاكستون»، وتصل قيمة التذكرة إلى 25 ألف دولار للفرد الواحد. ويعدّ حفل جمع التبرعات الأول في خطط حملة بايدن بنيويورك، يعقبه حفل آخر يستضيفه جورج لوغوثيتيس، الرئيس التنفيذي لمجموعة «ليبرا غروب» العالمية، الذي دعم الرئيس الأسبق باراك أوباما، ويعدّ من المتبرعين المنتظمين للحزب الديمقراطي. ويتوقع مديرو حملة بايدن أن تدر تلك الحفلات ما يصل إلى 2.5 مليون دولار.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ بايدن يدعو رئيس مجلس النواب الأميركي للتفاوض حول أزمة سقف الدين

بايدن يدعو رئيس مجلس النواب الأميركي للتفاوض حول أزمة سقف الدين

أعلن البيت الأبيض أن الرئيس جو بايدن أجرى محادثة هاتفية الاثنين مع رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي حول أزمة رفع سقف الدين الوطني للولايات المتحدة، ودعاه للتفاوض شخصيا الأسبوع المقبل. وقال بيان مقتضب إن بايدن دعا مكارثي وكبار القادة الجمهوريين والديموقراطيين الآخرين في الكونغرس «لاجتماع في البيت الأبيض في 9 مايو(أيار)». بصفته رئيسا للغالبية الجمهورية في مجلس النواب، يملك مكارثي سلطة رقابية أساسية على الميزانية الأميركية. ومع ذلك، كان بايدن واضحا بأنه لن يقبل اقتراح مكارثي ربط رفع سقف الدين بخفض كبير في الإنفاق على برامج يعتبرها الديموقراطيون حيوية للأميركيين. وزاد هذا المأزق من احتمال أول

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب يتعهد «سحق» بايدن انتخابياً

ترمب يتعهد «سحق» بايدن انتخابياً

تعهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، «سحق» الرئيس جو بايدن في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فيما أدلى نائبه مايك بنس بشهادته في إطار تحقيق فيدرالي بشأن هجوم 6 يناير (كانون الثاني) 2021 على مبنى الكابيتول. وقال ترمب، الخميس، أمام حشد من نحو 1500 مناصر، «الاختيار في هذه الانتخابات هو بين القوة أو الضعف، والنجاح أو الفشل، والأمان أو الفوضى، والسلام أو الحرب، والازدهار أو الكارثة». وتابع: «نحن نعيش في كارثة.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ هجوم على ترشح بايدن للرئاسة بسبب عمره: قد يموت على الكرسي

هجوم على ترشح بايدن للرئاسة بسبب عمره: قد يموت على الكرسي

قالت المرشحة للرئاسة الأميركية نيكي هايلي إن الرئيس الأميركي جو بايدن قد يموت في منصبه في حال أعيد انتخابه. وسلطت حاكمة ولاية ساوث كارولينا السابقة البالغة من العمر 51 عامًا، وسفيرة دونالد ترمب السابقة لدى الأمم المتحدة الضوء على سن بايدن، وقالت لشبكة «فوكس نيوز»: «أعتقد أنه يمكننا جميعًا القول إنه إذا صوتنا لجو بايدن، فإننا نعول حقاً على الرئيسة هاريس، لأن فكرة أنه سيبلغ سن 86 عاماً ليست عادية». عندما أعلنت ترشحها لسباق الرئاسة، دعت هايلي جميع المرشحين الذين تزيد أعمارهم على 75 عامًا إلى اختبار معرفي - والذي سينطبق على بايدن البالغ من العمر 80 عامًا، ودونالد ترامب البالغ من العمر 76 عامًا. يظ

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ بايدن سيلتقي 18 من قادة المحيط الهادئ في بابوا غينيا الجديدة

بايدن سيلتقي 18 من قادة المحيط الهادئ في بابوا غينيا الجديدة

أعلن وزير خارجية بابوا غينيا الجديدة اليوم (السبت)، أن الرئيس الأميركي جو بايدن سيلتقي 18 زعيما من قادة منطقة جنوب المحيط الهادئ خلال زيارته للأرخبيل في مايو (أيار) المقبل في إشارة إلى حملة متجددة لجذب حلفاء في المنطقة. وقال وزير خارجية بابوا غينيا الجديدة جاستن تكاتشينكو إن بايدن يخطط للقاء أعضاء كتلة منتدى جزر المحيط الهادئ في العاصمة بينما تحاول الولايات المتحدة تكثيف حملتها الدبلوماسية لجذب حلفاء في المنطقة. وبين القادة المدعوين رئيسا وزراء أستراليا ونيوزيلندا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

قاضية أميركية تمنع استخدام أدلة قديمة لتوجيه اتهامات جديدة لكومي

جيمس كومي (رويترز)
جيمس كومي (رويترز)
TT

قاضية أميركية تمنع استخدام أدلة قديمة لتوجيه اتهامات جديدة لكومي

جيمس كومي (رويترز)
جيمس كومي (رويترز)

أصدرت قاضية فيدرالية أميركية، السبت، قراراً يمنع وزارة العدل، مؤقتاً، من استخدام مجموعة من الأدلة لتوجيه اتهامات جديدة إلى المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي.

ومنذ عودته إلى السلطة في يناير (كانون الثاني)، يحضّ الرئيس الأميركي دونالد ترمب وزارة العدل على الملاحقة القضائية لكومي، البالغ 64 عاماً، ولغيره من خصومه السياسيين.

وفي سبتمبر (أيلول)، وُجّه الاتهام إلى كومي بتقديم بيانات كاذبة إلى الكونغرس وعرقلة إجراءات الهيئة التشريعية، لكن القاضية الفيدرالية كامرون كاري ردّت في الشهر الماضي القضية، بعدما خلصت إلى أن المدعية العامة التي وجّهت الاتهام عُيّنت خلافاً للقانون.

وفي تطوّر جديد، السبت، أصدرت القاضية كولين كولار-كوتيلي أمراً يقع في 4 صفحات يمنع الحكومة، أقله حتى يوم الجمعة، من الوصول إلى فحوى اتصالات جرت بين كومي وحليفه المقرب والمحامي السابق دانيال ريتشمان.

هذا القرار يمنع عملياً إدارة ترمب من استخدام الأدلة نفسها لتوجيه اتهامات جديدة في الأيام المقبلة.

وكان محامي ريتشمان قد دفع أمام المحكمة بأن الإدارة الأميركية انتهكت حقه في التعديل الدستوري الرابع الذي ينص على عدم جواز المساس بحق الناس بأن يكونوا بمنأى من تفتيشهم وتفتيش منازلهم ومستنداتهم ومقتنياتهم من دون سبب، وكذلك من إصدار مذكرة بهذا الخصوص إلا في حال وجود سبب معقول.

وقال المحامي إن السلطات «تحتفظ بنسخة كاملة من جميع الملفات على حاسوبه الشخصي».

وعُيّن كومي مديراً لمكتب التحقيقات الفيدرالي في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما في 2013، وأقاله ترمب في 2017.

وجاءت الاتهامات بعد أيام على حضّ ترمب وزيرة العدل بام بوندي علناً على التحرّك ضدّ كومي وغيره ممن يعدهم أعداءً وخصوماً سياسيين.

وجرى توجيه الاتهام إلى كومي على خلفية شهادة أدلى بها تحت القسم أمام لجنة في مجلس الشيوخ في عام 2020، في إطار تحقيق بشأن ما إذا كان أعضاء في فريق حملة ترمب للانتخابات الرئاسية تعاونوا مع موسكو من أجل إيصاله إلى السلطة في انتخابات عام 2016.

إضافة إلى قضية كومي، ردّت القاضية كامرون كاري القضية المرفوعة ضد المدعية العامة لنيويورك ليتيشا جيمس، للسبب نفسه.


قلق أميركي من تعميق الشراكة الروسية - الهندية

مودي لدى استقباله بوتين في نيودلهي يوم 4 ديسمبر (إ.ب.أ)
مودي لدى استقباله بوتين في نيودلهي يوم 4 ديسمبر (إ.ب.أ)
TT

قلق أميركي من تعميق الشراكة الروسية - الهندية

مودي لدى استقباله بوتين في نيودلهي يوم 4 ديسمبر (إ.ب.أ)
مودي لدى استقباله بوتين في نيودلهي يوم 4 ديسمبر (إ.ب.أ)

أثارت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الهند حالة من اليقظة في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التي عدّت الشراكة المتجددة بين نيودلهي وموسكو بمثابة تقويض مباشر لجهودها الرامية لوقف تمويل حرب روسيا في أوكرانيا. ويجمع محللون على أن الزيارة، برمزيتها وما أفرزته من اتفاقيات، تمثل رسالة «تحدٍ» و«استقلالية استراتيجية» واضحة موجهة إلى واشنطن.

غير أنه وبالرغم من توقيعها سلسلة اتفاقيات جديدة تعيد تثبيت علاقاتها مع روسيا إلى مستوياتها الاستراتيجية، تجد الهند نفسها في مرحلة شديدة التعقيد في سياستها الخارجية، في وقت تشهد فيه العلاقات الهندية - الأميركية توتراً متصاعداً بسبب إصرار نيودلهي على الحفاظ على شراكتها التاريخية مع الكرملين.

ومنذ لحظة الاستقبال الحار الذي خصّ به رئيس الوزراء ناريندرا مودي ضيفه الروسي، مروراً بالعشاء غير الرسمي في مقر إقامته، وصولاً إلى مراسم الوداع، حرصت نيودلهي على إظهار أن العلاقة مع موسكو «ثابتة مثل النجمة القطبية»، كما قال مودي بعد توقيع الاتفاقيات. وقد منح مودي بوتين إشادات لافتة، مثنياً على «قيادته وبصيرته»، في رسالة واضحة لواشنطن بأن الهند لا تعتزم التخلي عن سياسة «الاستقلال الاستراتيجي» التي تُبقي خطوطها مفتوحة مع جميع الأطراف.

توتر غير مسبوق

بالنسبة لإدارة الرئيس دونالد ترمب، باتت الهند جزءاً من ساحة ضغط أوسع على روسيا. فالإدارة ترى أن الشراكة الهندية - الروسية توفر لموسكو منفذاً اقتصادياً ودبلوماسياً يخفف من حدة العقوبات الغربية. ومُنذ عام 2022، عدّت واشنطن أن نيودلهي تحولت إلى «مغسلة للكرملين»، بعد أن قفزت وارداتها من النفط الروسي من 2 في المائة إلى أكثر من ثلث إجمالي وارداتها.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال قمة منظمة شنغهاي في تيانجين يوم 1 سبتمبر (رويترز)

وأمام هذا المسار، رفعت الإدارة الأميركية الرسوم الجمركية على السلع الهندية إلى 50 في المائة، وفرضت عقوبات على شركات شحن وتأمين وبنوك تُسهّل تجارة النفط الروسي. وقد دفعت الضغوط الأميركية عدداً من كبرى التكتلات الهندية، مثل «ريلاينس»، إلى وقف معظم مشترياتها من الخام الروسي تفادياً للعقوبات الثانوية.

لكن موسكو تؤكد أن هذا التراجع «مؤقت»، وأنها تطور آليات التفاف جديدة لضمان استمرار تدفق النفط إلى السوق الهندية. وتراقب واشنطن من كثب أي تعمق إضافي في العلاقات الروسية - الهندية، خصوصاً بعد توقيع اتفاقيات جديدة تشمل الطاقة والتكنولوجيا والتصنيع.

وأشار معهد هدسون إلى أن الهند عادت إلى وضعها الافتراضي المتمثل في «التحوط» في تحالفاتها، «مرسلة إشارة إلى الولايات المتحدة بأن لديها خيارات متعددة». بل يرى بعض المحللين أنه «كلما زاد استهداف ترمب وإدارته للهند، ترسخت في الهند قناعة بأهمية علاقتها مع روسيا».

معادلة السلاح والتجارة

رغم الضغوط الأميركية، يبقى المجال الدفاعي حجر الزاوية في العلاقة الروسية - الهندية. إذ لا تزال أكثر من 60 في المائة من ترسانة الهند روسية المنشأ، من الطائرات المقاتلة إلى أنظمة الدفاع الجوي، وصواريخ «براهموس» المشتركة التطوير.

جانب من لقاء بوتين ومودي على هامش أعمال مجموعة «بريكس» شهر أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

وخلال القمة الأخيرة، أكدت موسكو استعدادها لصفقات جديدة، بينما تواصل الهند تقدير المخاطر، خشية تفعيل واشنطن لعقوبات قانون «كاتسا». وفي خلفية هذا المشهد، تستخدم نيودلهي العروض الروسية بوصفها أداة مساومة مع واشنطن للحصول على أنظمة أميركية أكثر تقدماً، مُدركة أنها تحتاج إلى موافقة ضمنية من الولايات المتحدة قبل الدخول في صفقات كبرى جديدة مع موسكو. فالهند تُعدّ ركناً أساسياً في الرؤية الأميركية لموازنة صعود الصين، ما يمنحها هامشاً محدوداً لكنه مُهم، في مواجهة الضغوط.

التوازن مع الصين

الكرملين من جهته يسعى إلى تنويع شراكاته في آسيا، وتقليل اعتماده المفرط على الصين، التي تحولت إلى أكبر مشترٍ للطاقة الروسية.

الرئيسان الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين وبينهما رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أثناء لقائهم بمدينة تيانجين الصينية في سبتمبر (أ.ب)

وتحاول موسكو تعزيز وارداتها من السلع الصناعية والزراعية الهندية، ومعالجة الاختلال التجاري الكبير الذي تتجاوز فيه صادراتها إلى الهند 60 مليار دولار مقابل 5 مليارات فقط في الاتجاه المعاكس.

وتُشكّل المشاريع النووية، ومنها محطة «كودانكولام» التي تبنيها «روساتوم» في تاميل نادو، ومشاريع الصناعات الدوائية والطاقة، ركائز إضافية في هذا التوجه. وقد أكد بوتين استعداد بلاده لـ«استمرار الإمدادات غير المنقطعة من الطاقة» للاقتصاد الهندي المتنامي.

التكنولوجيا ساحة تنافس جديدة

التعاون التكنولوجي برز في الزيارة بصفته أحد أهم مجالات التعاون بين نيودلهي وموسكو. فإلى جانب عروض نقل تكنولوجيا المقاتلة «سو 57»، تكشف وثائق حصلت عليها أجهزة أوروبية، ونشرتها صحيفة «واشنطن بوست»، عن جهود روسية بقيادة أندريه بيزروكوف، الجاسوس السابق الذي أصبحت حياته أساس مسلسل اسمه «الأميركيون»، لاختراق قطاع التكنولوجيا الهندي عبر مشاريع مشتركة تشمل الأمن السيبراني والحوسبة المتقدمة.

ترمب ومودي في مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض في فبراير الماضي (رويترز)

وتُوضّح الوثائق أن هذه المبادرة لا تقتصر على تعزيز «السيادة التكنولوجية» الروسية، بل تهدف أيضاً لفتح أبواب النفوذ داخل الأنظمة التقنية الهندية، من خلال مشاريع، مثل تطوير معالجات وطنية تعتمد على «إلبروس» الروسية، أو إدخال نظام التشغيل «باس آلت» في مؤسسات حكومية، بما فيها الدفاعية. وقد أبدت نيودلهي اهتماماً ببعض هذه المشاريع، وجرى توقيع اتفاقيات أولية لمجمعات إنتاج مشتركة.

غير أن محللين غربيين يحذرون من أخطار «أبواب خلفية» أمنية قد تسمح لموسكو بالتسلل إلى البنية التحتية الرقمية الهندية، خصوصاً مع سوابق العقوبات الأميركية على شركات سيبرانية روسية مرتبطة بالاستخبارات. كما تشير الوثائق إلى تواصل روسي - صيني حول بعض هذه المشاريع، ما يثير تساؤلات إضافية بشأن تأثيرها على الأمن القومي الهندي.

كيف سترد واشنطن؟

أمام هذا المشهد المتشابك، يتوقع مراقبون أن تسعى واشنطن إلى رفع مستوى الضغط على نيودلهي إذا مضت قُدماً في تنفيذ الاتفاقيات الموقعة مع موسكو.

عسكرياً، أي صفقة سلاح روسية كبرى مثل توسيع منظومة «إس 400»، أو تعاون في إنتاج «سو 57» قد يؤدي ذلك إلى تفعيل عقوبات «كاتسا»، مع ضعف احتمال منح إعفاء استراتيجي لنيودلهي في ظل الإدارة الحالية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يسير إلى جانب نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء جمعهما في ألاسكا يوم 15 أغسطس (د.ب.أ)

اقتصادياً ونفطياً، ستواصل الولايات المتحدة مراقبة التزام الهند بسقف أسعار النفط الروسي، وقد توسع العقوبات على شركات شحن وتمويل مرتبطة بالتجارة النفطية لإغلاق أي ثغرات تمكّن موسكو من الالتفاف على سقف الأسعار.

تكنولوجياً، من المتوقع أن تدرس واشنطن استهداف الشركات الروسية المشاركة في مشاريع سيبرانية داخل الهند، وقد تضغط على الشركات الأميركية لعدم التعاون مع أطراف هندية منخرطة في المبادرات التكنولوجية الروسية.

تتقدم الشراكة الروسية - الهندية بثبات، لكنها تتقدم أيضاً داخل حقل ألغام دبلوماسي واقتصادي أميركي. الهند، التي تعتمد على روسيا في أمنها القومي وعلى الولايات المتحدة بوصفها بوابتها الاقتصادية والتكنولوجية نحو المستقبل، تحاول تعزيز استقلاليتها الاستراتيجية وعدم الانحياز، فيما تسعى موسكو إلى استثمار هذا التوازن لمواجهة عزلتها الدولية، وتقليص هيمنة الصين عليها.

لكن قدرة نيودلهي على الحفاظ على هذا التوازن ستتوقف على عاملين: مدى نجاح روسيا في تجاوز العقوبات الغربية، ومدى استعداد واشنطن لتقبُّل دور للهند، بحيث لا تدور بالكامل في فلكها.


وزير الحرب الأميركي: سنجري اختبارات على الأسلحة النووية «مثلما يفعل الآخرون»

وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث (رويترز)
وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث (رويترز)
TT

وزير الحرب الأميركي: سنجري اختبارات على الأسلحة النووية «مثلما يفعل الآخرون»

وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث (رويترز)
وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث (رويترز)

أعلن وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث، مساء السبت، أن الولايات المتحدة ستجري اختبارات على الأسلحة النووية ووسائل إطلاقها، «تماماً مثلما يفعل الآخرون»، في إشارة على ما يبدو إلى روسيا.

وقال هيغسيث، في كلمة ألقاها أمام منتدى للدفاع في كاليفورنيا، إن أميركا لا تحاول تغيير الوضع الراهن الخاص بتايوان.

وأضاف أن وزارته ستعمل على ضمان قدرة الرئيس دونالد ترمب على التفاوض من منطلق قوة في منطقة المحيط الهادئ، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية متفائلة بشأن إقدام الحلفاء في منطقتي المحيطين الهندي والهادئ على زيادة ميزانية الدفاع.

ووصف وزير الحرب الأميركي إسرائيل وكوريا الجنوبية وبولندا وألمانيا بأنها من بين «الحلفاء المثاليين»، لكنه شدد على أن الحلفاء الذين يتقاعسون في قضية الدفاع الجماعي يواجهون عواقب وخيمة، حسب تعبيره.