حكم الفلبين مجدداً في عهدة عائلة ماركوس

مع فوز ابن الديكتاتور الراحل بانتخابات الرئاسة

فرديناند ماركوس الإبن (أ.ب)
فرديناند ماركوس الإبن (أ.ب)
TT

حكم الفلبين مجدداً في عهدة عائلة ماركوس

فرديناند ماركوس الإبن (أ.ب)
فرديناند ماركوس الإبن (أ.ب)

كانت الفلبين على موعد أخيراً مع حدث سياسي غريب من نوعه، وذلك مع فوز فرديناند ماركوس «الابن» - الشهير بلقب «بونغبونغ» - (64 سنة) بالانتخابات الرئاسية، واستعادته بالتالي منصب الرئاسة. وبفوزه هذا يخلف ماركوس الرئيس الحالي رودريغو دوتيرتي، الذي تقتصر ولايته وفق نص الدستور على فترة واحدة فقط. مع العلم أن ابنة دوتيرتي كانت على قائمة ماركوس مرشحة لمنصب نائب الرئيس.
ومن ثم تتردد التساؤلات على ألسنة كثيرين حول العالم بخصوص كيف صوتت الفلبين، الدولة الأرخبيل في شرق آسيا، وبغالبية كبيرة لابن الديكتاتور السابق فرديناند ماركوس «الأب»، الذي أطيح به وبنظامه الديكتاتوري قبل 36 سنة.
في أحد أكبر الانتصارات الانتخابية في تاريخ الفلبين، تمكن فرديناند ماركوس «الابن»، أو «بونغبونغ»، من تحقيق فوز لافت بانتخابات رئاسة الجمهورية في الفلبين حاصداً ما يقرب من 60 في المائة من الأصوات. ونقل المتحدث باسم الرئيس المنتخب عنه قوله: «أقول للعالم: لا تحكموا علي بما فعله أهلي، وإنما احكموا على أفعالي!».

ماركوس «الابن» كان قد شغل في الماضي منصب نائب حاكم وحاكم وعضو الكونغرس في إلوكوس نورتي، معقل عائلة ماركوس منذ عقد الثمانينات فصاعدا. كما انضم إلى مجلس الشيوخ عام 2010، لكنه خسر بفارق ضئيل مقعد نائب الرئيس أمام محامية حقوق الإنسان السابقة ليني روبريدو عام 2016، التي كانت أقرب منافسيه في السباق الرئاسي لعام 2022.
مع هذا الفوز الانتخابي الأخير تعود عائلة ماركوس إلى قصر مالاكانيانغ الرئاسي في العاصمة مانيلا، الذي أمضى فيه «بونغبونغ» فترة طويلة من عمره، وهرب منه والداه عام 1986، ويومذاك كان «بونغبونغ» في سن الثامنة والعشرين من العمر. وفي خضم ثورة شعبية تاريخية طالب فيها الملايين بإطاحة الحكم القائم، لقبت بـ«الثورة الصفراء»، نقلت طائرة هليكوبتر عائلته من القصر الرئاسي في الفلبين. ومن ثم طردت العائلة من البلاد لتستقر بعد نجاح الثورة في منفاها بجزر هاواي (ولاية هاواي الأميركية).
ولكن، مع تأهب ماركوس «الإبن» لتولي مهام الرئاسة، تدور حوله تساؤلات كثيرة مثل: هل سيوفر حياة أفضل للفلبينيين ويوحد دولة تعاني الاستقطاب؟
هل سيتمكن من تهدئة المخاوف المتزايدة بخصوص عودة الديكتاتورية، وضمان حماية حقوق الإنسان وانتصار الديمقراطية؟
هل سيضمن ألا تمس سيادة البلاد ومصالحها الوطنية في مواجهة مخاوف من التعرض لعدوان الصيني؟
هل بمقدوره استعادة الثقة وطمأنة الشركاء الخارجيين للبلاد، خاصة الولايات المتحدة واليابان، بخصوص التزام الفلبين بنظام دولي قائم على القواعد؟
وحده الزمن كفيل بالإجابة عن كل هذه التساؤلات، وتبين ما إذا كان الرئيس المنتخب سيرتقي إلى مستوى التحدي. غير أن الأمر الذي يستحق البحث والتأمل يتمثل بالعوامل التي ساعدت الرجل، رغم الإرث العائلي السلبي والمزعج، على إعادة عقارب الساعة إلى الوراء واستعادة الحكم في بلد نفي وعائلته منه ذات يوم.
- حقبة آل ماركوس
كان «بونغبونغ» في الثامنة من العمر عندما انتخب والده رئيساً عام 1965، ولقد استفاد المحامي فرديناند ماركوس «الأب» من خدمته العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية للارتقاء عبر السلم السياسي في الفلبين. وأثناء ترشحه للمنصب، عمد إلى سرد قصص عنه كبطل حرب، رغم أن ملفات الحكومة الأميركية أنكرت في وقت لاحق الرواية القائلة بأنه قاد مجموعة قتال ضد اليابانيين.
حكم فرديناند ماركوس «الأب» الفلبين 21 سنة، من عام 1965 حتى عام 1986، ولكن بين 1972 و1981 أحكم ماركوس قبضته على البلاد من خلال الأحكام العرفية، التي زعم أنها «ضرورية» لمكافحة تهديدات تواجه البلاد من جانب الشيوعيين والانفصاليين المسلمين. إلا أن جماعات حقوق الإنسان تقول إنه إبان تلك الفترة، تعرض المعارضون السياسيون للسجن التعذيب ومختلف أشكال التنكيل. وبالإضافة إلى القيود المفروضة على الحقوق المدنية والممارسات الوحشية للشرطة العسكرية، اتسم نظام ماركوس بالفساد على نطاق واسع، وجرى بالفعل نهب ما يقدر بنحو 10 مليارات دولار أميركي من أموال الشعب الفلبيني.
- اغتيال بنينيو أكينو
غير أن مسار الأمور أمام عائلة ماركوس بدأ في التحول عندما اغتيل السياسي المعارض اللامع بنينو أكينو، المنافس السياسي الأخطر لماركوس، عام 1983، وبعد ثلاث سنوات، نافست كورازون أكينو، أرملة أكينو، ماركوس على منصب الرئيس في انتخابات شابها التزوير.
ولكن عندما أعلن فوز ماركوس، تدفق المتظاهرون على شوارع العاصمة مانيلا لعدة أيام في ثورة شعبية حماسية (الثورة الصفراء). وعلى الأثر انشق ضباط الجيش لدعم أكينو، التي أدت اليمين رئيسة للبلاد في 25 فبراير (شباط) 1986.
في تلك الليلة، استسلم ماركوس أمام أكينو، وفر مع عائلته إلى هاواي. ولكن عندما هرب آل ماركوس وحاشيتهم من الفلبين، كانوا يحملون معهم ثروة طائلة من الأموال والأحجار الكريمة والمجوهرات، بما في ذلك تاج ذهبي وثلاثة تيجان مرصعة بالألماس. بيد أن ماركوس توفي في المنفى بمدينة هونولولو، (عاصمة هاواي) في سبتمبر (أيلول) 1989 بسبب أمراض الكلى والقلب والرئة عن عمر يناهز 72 سنة. ويومذاك، سُمح لعائلة ماركوس بالعودة إلى الفلبين عام 1991 بقرار من الرئيسة (آنذاك) كورازون أكينو، التي بحكم ماركوس وعائلته.
- طريق العودة
بعد هذا القرار بدأت عائلة ماركوس تتأهب لاستعادة السلطة. وظل أفراد العائلة يتبادلون المناصب داخل معقلها الجغرافي والسياسي ولاية إلوكوس نورتي، ما بين منصب الحاكم ونائب الحاكم ومقاعد في مجلسي النواب والشيوخ.
وحقاً، عاد كل من ماركوس «الابن» (بونغبونغ) ووالدته إيميلدا بسرعة إلى السياسة، وأعادا بناء شبكاتهما السياسية، وخاضا عشرات القضايا لاستعادة ثروة العائلة. وانتخبت إيميلدا ماركوس لعضوية في الكونغرس لأربع فترات. وأيضاً، أمضى ابنها 21 سنة في المناصب العامة، فخدم في الكونغرس وعمل حاكماً داخل معقل الأسرة ولاية إلوكوس نورتي. وترشح لمنصب نائب الرئيس عام 2016، لكن لم يحالفه الحظ. أما شقيقته، إيمي، فهي عضو في مجلس الشيوخ.
لقد عاشت عائلة ماركوس أسلوب حياة باذخ أثناء وجودها في السلطة، وأغدقت الأموال على أعمال الفنية باهظة الثمن وممتلكات في الخارج ومجوهرات، حتى مع تفاقم الديون ومعاناة الملايين من الفقر. كما صارت إيميلدا تجسيداً لنظام «الكليبتوقراطية» العائلية واكتسبت شهرة عالمية بمجموعتها الضخمة من الأحذية الفاخرة. وحتى اليوم، لم تستعد الفلبين بعد مليارات الدولارات التي تُتهم العائلة بنهبها.
- العلاقة بعائلة دوتيرتي
عموماً، تهيمن الشخصيات والأسر الحاكمة على المشهد السياسي الفلبيني، حيث تتركز السلطة في أيدي عدد قليل من أفراد النخبة والعائلات المؤثرة. وفي الحقيقة، كانت عائلة ماركوس وما زالت قوة سياسية بارزة في الفلبين واحتفظت بشبكة واسعة من العلاقات. ومن أجل الفوز في انتخابات 2022 تحالف «بونغبونغ» مع سارة دوتيرتي، ابنة الرئيس المنتهية ولايته رودريغو دوتيرتي. ومن ثم، كان الجمع بين إمكانيات هاتين العائلتين السياسيتين القويتين أكبر من أن تتغلب عليه منافسته روبريدو والحزب الليبرالي. وهنا يرى معلقون سياسيون أن «الابن» اتبع خطى «الأب» عبر تولي مجموعة متنوعة من المناصب العامة، والاستفادة من اسم عائلته والولاءات العائلية والإقليمية في تحقيق طموحاته الرئاسية.
وحسب المحلل الهندي أكاش ساهو، المحلل لدى مركز جنوب شرقي آسيا في نيودلهي، «رغم هزيمة ماركوس الابن عام 2016، قيل إن محاولته الفوز بمنصب نائب الرئيس كانت مجرد جولة تجريبية لحملة رئاسية عام 2022 وقبل ذلك بكثير، كان من الواضح أن ماركوس يتمتع بأفضلية على خصومه. والحقيقة أنها عودة غير عادية لعائلة اشتهرت ذات يوم بانتهاكات حقوق الإنسان على نطاق واسع ونهب ما يقدر بنحو 10 مليارات دولار... ولقد عملت العائلة لعقود على إحياء سمعتها، بالإضافة إلى محاولة تسليط الضوء على أوجه القصور في الحكومات المتعاقبة. وساعدت ضربة سياسية بارعة في بناء توافق مع ابنة الرئيس الحالي دوتيرتي في تيسير عودة آل ماركوس التي لم يكن من الممكن تصورها في السابق إلى الرئاسة. وبالفعل، فازت سارة دوتيرتي ـ كاربيو بمنصب نائب الرئيس. وفي ظل توافر موارد هائلة وشراكة استراتيجية مع آل دوتيرتي المدعومة بآلة سياسية قوية، لم يكن انتصار بونغبونغ أمراً مستبعداً».
أكثر من هذا، لعب الشباب دوراً مهماً في عودة «بونغبونغ»، ذلك أنه يتمتع الفلبين. بل، ويشكل الشباب الذين ولدوا بعد عام 1986، ما لا يقل عن نصف 65 مليون ناخب في الفلبين في الفئة العمرية من 18 إلى 30 سنة. وطبعاً لم يعش هؤلاء في عهد ماركوس «الأب»، وبالتالي ليس لديهم ذاكرة شخصية عن الأحكام العرفية أو خلفيات سقوط ديكتاتوريته. كذلك، حسب المحلل السياسي الهندي راغو مالهوترا «بما أن الكتب المدرسية صامتة عن هذه الفترة من تاريخ الفلبين، فغالباً ما لا يكون لدى هؤلاء الشباب معلومات عن العنف الذي شنته حكومة ماركوس ضد منتقديها». في المقابل، كتب باتريسيو أبيناليس، البروفسور الفلبيني المتخصص بمجال الدراسات الآسيوية بجامعة هاواي الأميركية، أن «شعبية ماركوس تستند إلى حنين الرخاء المزعوم والعصر الذهبي للمجتمع الفلبيني إبان ديكتاتورية والده في الثمانينات. ويدعي مؤيدو العائلة أن سنوات حكم ماركوس كانت نعمة للبلاد، مع بناء مشاريع البنى التحتية الكبرى، كالمستشفيات والطرق والجسور. أما «بونغبونغ» نفسه فقد صورته حملته الانتخابية «نصيراً للفقراء»، بينما حوالي خُمس الفلبينيين يعيشون في فقر مدقع. وكان قد تعهد خلال الحملة ببناء طرق أفضل، وتوفير خدمة إنترنت أفضل، والعمل على تقليل تكاليف المرافق والغذاء، وشددت الحملة على رغبته بتوحيد الفلبين، ما بدا أنه يؤثر على الناخبين».
أخيراً، بينما كانت حملة ماركوس «الابن» خلال عام 2022 كانت صامتة تقريباً، إذ لم يشارك في أي نقاش عام ولم يطرح أي بدائل سياسية حقيقية، كانت الأداة الأكثر فاعلية في حملته الأخيرة وسائط «تيك توك» و«فيسبوك» و«يوتيوب». ولقد تمكن من خلالها من إعادة تأهيل تاريخ عائلته وتقديم عهد والده باعتباره «فترة ذهبية» للفلبين.
- كيف ستكون السياسة الخارجية للفلبين في عهد ماركوس «الابن»؟
> ثمة تساؤلات عديدة حول التحالفات الدولية للفلبين في عصر الاضطرابات الاستراتيجية المتزايدة. إذ من المقرر أن يتولى فرديناند ماركوس «الابن» (بونغبونغ) منصبه بعد ست سنوات شارك فيها الرئيس المنتهية ولايته رودريغو دوتيرتي في التودد إلى الصين إبان عهد شي جينبينغ، وخاطر بخلق فجوة مع الولايات المتحدة، الحليف الأمني التقليدي للفلبين.
ولكن عدداً من المحللين السياسيين يعتقدون أن السياسة الخارجية لـ«بونغبونغ» ستتماشى مع تحالفه الحالي مع ابنة دوتيرتي. وبالتالي، ستقر عناصر من الاستراتيجية الدبلوماسية للكل من والده ودوتيرتي الأب.
ومثل والده من قبله، أيد «الابن» الحفاظ على علاقات جيدة مع واشنطن. ومع أنه وعائلته يحافظون على علاقات وثيقة مع الحزب الشيوعي الصيني، أعرب الرئيس المنتخب عن قلقه بخصوص التوجهات القوية المتزايدة من جانب بكين في مواجهة الفلبين في بحر الصين الجنوبي. وجاءت تصريحاته بشأن الصين أقوى بكثير من تصريحات دوتيرتي عبر معظم فترة ولايته.
من ناحية أخرى، منذ فوزه في وقت سابق من هذا الأسبوع، تلقى «بونغبونغ» تهاني كل من الرئيسين جو بايدن والرئيس الصيني شي جينبينغ. وذكر بيان صادر عن البيت الأبيض المكالمة الهاتفية بين بايدن وماركوس الابن، أن بايدن أكد أنه يتطلع إلى العمل مع الرئيس المنتخب لمواصلة تعزيز التحالف الأميركي - الفلبيني، مع توسيع نطاق التعاون الثنائي في مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك احترام حقوق الإنسان. كذلك خلال المحادثة الهاتفية بين شي وماركوس الابن أخبر الزعيم الصيني الرئيس المنتخب أن بلديهما كانا «شركاء في السراء والضراء». وبالنظر إلى أن شي وبايدن كانا بين أوائل قادة العالم الذين هنأوا الرئيس المنتخب على فوزه، فهذا مؤشر إلى أن القوتين الكبريين تنظران إلى الفلبين على أنها ركيزة محورية واستراتيجية مهمة في منطقة المحيطين الهندي والهادي ذات الأهمية الاستراتيجية.
أما الهند، إلى جانب الحلفاء داخل الرباعي، فستراقب عن كثب العلاقات بين مانيلا وبكين. وبالنظر إلى خلفية ماركوس «العالمية»، فإنه ربما يكون أقل انعزالاً وأكثر ميلاً لمواصلة علاقات أوثق مع واشنطن، في حين يتبنى موقفاً متوازناً تجاه التنافس المحتدم بين واشنطن وبكين. ووفق الصحافي شارو سودان كاستوري، فإن لدى معظم الفلبينيين نظرة أكثر إيجابية تجاه واشنطن مقارنة مع بكين. وسيكون من المثير متابعة كيف سيتفاعل جيران الفلبين في منظمة «آسيان» مع الإدارة الجديدة في مانيلا. ومع تصريحات إعادة الفلبين إلى «مجدها الماضي» كدولة رائدة في جنوب شرقي آسيا، ربما يرغب ماركوس في اعتباره أكثر حضوراً من دوتيرتي في اجتماعات المنظمة الإقليمية الكبرى على مستوى المنطقة، وأن يضيف صوت بلاده إلى القضايا الإقليمية والعالمية. ولا شك، ستعتمد العديد من قرارات السياسة الخارجية لماركوس الابن على من يأتي به إلى حكومته، لا سيما في حقيبتي السياسة الخارجية والدفاع.
- بين التحديات الأبرز
ومع ذلك، أثار النقاد العديد من الأسئلة حول عودة ماركوس «الابن»، سواء على المدى القريب أو على المدى الطويل. ويتعلق السؤال الفوري بكيفية قيادة هذا الرجل للفلبين بمجرد أن يبدأ ولايته التي تبلغ ست سنوات في 30 يونيو (حزيران). والواضح أن الرئيس المنتخب سيرث من سلفه دوتيرتي التحديات التي تبدو دائمة، مثل الفقر والبطالة. كذلك سيواجه حركات تمرد إسلامية وشيوعية عنيدة فشلت سلسلة من الرؤساء بشكل كاف في التصدي لها. وفي هذا الصدد، يقول مالهوترا: «كرئيس، سيكون لماركوس تأثير كبير على الوكالات الحكومية التي تسعى لاسترداد 10 مليارات دولار سُرقت خلال فترة حكم والده. وبصفته حاكماً وعضواً في مجلس الشيوخ، فإنه كان قد بذل جهوداً كبيرة لحماية ثروة عائلته وعرقلة الجهود المبذولة لاسترداد ما سُرق من أموال البلاد. ولا تزال عائلة ماركوس تواصل تحدي أوامر المحكمة، وغالباً ما تستأنف الأحكام غير المواتية لها. وتستأنف إيميلدا ماركوس أحكام الإدانة الصادرة ضدها 7 اتهامات سنة.
من جانب آخر، يأتي فوز «بونغبونغ» بشرى طيبة لدوتيرتي، ذلك أنه من غير المحتمل أن يستجيب الرئيس المنتخب لمطالب محاكمة الرئيس المنتهية ولايته على آلاف عمليات القتل خلال حملته الدموية ضد المخدرات. وأيضاً، من غير المرجح أن يتعاون مع التحقيق الجاري في جرائم القتل من قبل المحكمة الجنائية الدولية. ويكاد يكون في حكم المؤكد أن عودة عائلة ماركوس إلى قصر مالاكانيانغ الرئاسي ستنهي الجهود طويلة الأمد لتعقب مليارات الدولارات المنهوبة من خزائن الدولة في الفترة من 1965 إلى 1986.


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة تتعهد بالدفاع عن الفلبين في بحر الصين الجنوبي

الولايات المتحدة​ الولايات المتحدة تتعهد بالدفاع عن الفلبين في بحر الصين الجنوبي

الولايات المتحدة تتعهد بالدفاع عن الفلبين في بحر الصين الجنوبي

تعهدت الولايات المتحدة أمس (الثلاثاء)، بالدفاع عن الفلبين في بحر الصين الجنوبي حيث يُجري الحليفان التاريخيان أكبر مناورات عسكرية مشتركة بينهما تهدف إلى مواجهة نفوذ الصين في المنطقة. ويشارك نحو 18 ألف جندي، أي نحو ضعف عدد العسكريين في مناورات العام الماضي، في هذه التدريبات السنوية التي تستمر أسبوعين وتسمى «باليكاتان» («جنباً إلى جنب» باللغة الفلبينية). وللمرة الأولى ستشمل العمليات إطلاق ذخيرة حية في بحر الصين الجنوبي الذي تطالب بكين بالسيادة عليه بأكمله تقريباً. وفي مؤتمر صحافي مشترك نادر في واشنطن، شدد وزيرا الخارجية والدفاع الأميركيان أنتوني بلينكن ولويد أوستن، ونظيراهما الفلبينيان على متانة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم الفلبين والولايات المتحدة تباشران أكبر مناورات عسكرية مشتركة

الفلبين والولايات المتحدة تباشران أكبر مناورات عسكرية مشتركة

باشرت الولايات المتحدة والفلبين، الثلاثاء، أوسع مناورات عسكرية مشتركة في تاريخهما، فيما يحاول البلدان الحليفان الوقوف في وجه نفوذ الصين المتصاعد في المنطقة. ويشارك نحو 18 ألف جندي في التدريبات التي ستتضمن للمرة الأولى إطلاق نار بالذخيرة الحية في بحر الصين الجنوبي الذي تطالب بكين بالسيادة عليه بصورة شبه كاملة. وتجري هذه المناورات السنوية المعروفة باسم «باليكاتان» ويعني بالفلبينية «جنباً إلى جنب»، بعد تدريبات واسعة أجرتها بكين لثلاثة أيام وتضمنت محاكاة ضربات محددة الأهداف وتطويق جزيرة تايوان التي تتمتع بنظام ديمقراطي وتعتبرها بكين جزءا من أراضيها. وتشمل مناورات «باليكاتان» تدريبات هبوط مروحيات ع

«الشرق الأوسط» (مانيلا)
العالم الفلبين تحدد 4 قواعد عسكرية إضافية يمكن لأميركا استخدامها

الفلبين تحدد 4 قواعد عسكرية إضافية يمكن لأميركا استخدامها

حددت الفلبين، أمس، الاثنين أربع قواعد عسكرية إضافية يمكن للولايات المتحدة استخدامها، إحداها قريبة من بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه، وأخرى على مقربة من تايوان. وأوضح الجهاز الإعلامي للرئاسة الفلبينية في بيان أن المواقع الأربعة تعد «مناسبة وذات فائدة متبادلة». وخلال زيارة قام بها وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إلى الفلبين في مطلع فبراير (شباط)، أعلن الحليفان عن اتفاق يسمح للجيش الأميركي باستعمال أربع قواعد إضافية «في مناطق استراتيجية» من البلد الواقع في جنوب شرقي آسيا. واشنطن ومانيلا حليفتان منذ عقود، وتربط بينهما معاهدة دفاعية أبرمت عام 2014، وتُعرف باسم اتفاق التعاون الدفاعي المعزز، تسمح لل

«الشرق الأوسط» (مانيلا)
العالم تحذير في الفلبين من حطام متوقع لصاروخ صيني

تحذير في الفلبين من حطام متوقع لصاروخ صيني

دعت وكالة الفضاء الفلبينية (فيلسا)، اليوم (الجمعة)، المواطنين، إلى توخي الحذر، بسبب حطام متوقع جراء إطلاق صاروخ صيني، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وفي تحذير لها، ذكرت الوكالة أنها تراقب الحطام من الصاروخ «لونغ مارش 4 سي»، الذي تم إطلاقه، بعد الساعة الثانية مساء اليوم، طبقاً لما ذكرته صحيفة «ذا ستار» الفلبينية. وأضافت أنه من المتوقع أن يكون الحطام غير المحترق قد سقط على مسافة نحو 398 كيلومتراً من منطقة باجو دي ماسينلوك في زامباليس. وتابعت: «من المستبعد أن يكون الحطام قد سقط على معالم أرضية أو مناطق سكنية، داخل الأراضي الفلبينية.

«الشرق الأوسط» (مانيلا)
العالم قتلى وجرحى بحريق عبّارة في الفلبين

قتلى وجرحى بحريق عبّارة في الفلبين

أفاد مسؤول في خفر السواحل بأن 31 شخصاً&nbsp; لقوا حتفهم وتم إنقاذ 230 بعدما شب حريق في عبّارة مساء أمس (الأربعاء)، قبالة إقليم باسيلان بجنوب الفلبين.<br /> &nbsp;

«الشرق الأوسط» (مانيلا)

دوما بوكو... رئيس بوتسوانا «العنيد» يواجه تحديات «البطالة والتمرد»

دوما بوكو
دوما بوكو
TT

دوما بوكو... رئيس بوتسوانا «العنيد» يواجه تحديات «البطالة والتمرد»

دوما بوكو
دوما بوكو

لا يختلف متابعو ملفات انتقال السلطة في أفريقيا، على أن العناد مفتاح سحري لشخصية المحامي والحقوقي اليساري دوما بوكو (54 سنة)، الذي أصبح رئيساً لبوتسوانا، إثر فوزه في الانتخابات الرئاسية بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. «عناد» الرئيس الجديد قاده، وعلى نحو مذهل، لإزاحة خصمه الرئيس السابق موكغويتسي ماسيسي ومن خلفه حزب قويّ هيمن على السلطة قرابة 6 عقود مرّت على استقلال بوتسوانا. ويبدو أن وعورة طريق بوكو إلى الانتصار لن تحجب حقيقة أن وديعة الفقر والفساد والبطالة و«تمرّد الاستخبارات»، التي خلفها سلفه ماسيسي، ستكون أخطر الألغام التي تعترض مهمة بوكو، الذي دشّن مع بلاده تداولاً غير مسبوق للسلطة، في بلد حبيسة جغرافياً، اقترن فيها الفقر مع إنتاج الماس.

إلى جانب «العناد في ساحة القتال» والتواضع المُقترن بالثقة في النفس، يبدو أن رهان الانتصار للفقراء والطبقات الدنيا هو المحرّك الرئيسي في المسارات المتوقعة للرئيس البوتسواني الجديد دوما بوكو. وبالفعل، لم يبالغ الرئيس المنتخب في أول تصريحاته لوسائل الإعلام عندما خاطب شعبه قائلاً: «أتعهد بأنني سأبذل قصارى جهدي وعندما أفشل وأخطئ، سأتطلع إليكم للحصول على التوجيه».

هذه الكلمات قوبلت باهتمام واسع من جانب مراقبين، بعد أداء بوكو (54 سنة) اليمين الدستورية أمام حشد من آلاف من الأشخاص في الاستاد الوطني بالعاصمة خابوروني، في مراسم حضرها قادة مدغشقر، وناميبيا، وزامبيا وزيمبابوي، وبدأت معها التساؤلات عن مستقبل بوتسوانا.

من هو دوما بوكو؟

وُلد دوما جديون بوكو عام 1969، في قرية ماهالابي الصغيرة التي تبعد 200 كلم عن العاصمة خابوروني، وترعرع وسط أسرة متواضعة، لكن اللافت أنه كان «يتمتع بثقة عالية في النفس واحترام أهله وذويه في طفولته وصباه»، وفق كلام لأقاربه لوسائل إعلام محلية. وهذه الصفات الإيجابية المبكرة، اقترنت لدى الرئيس الجديد بـ«إيمان عميق بالعدالة»، وفق عمته، وربما أكسبته هذه الصفات ثقة زملاء الدراسة الذين انتخبوه رئيساً لاتحاد الطلاب في المدرسة الثانوية.

أكاديمياً، درس بوكو القانون في جامعة بوتسوانا، لكنه - بعكس أقرانه اليساريين في العالم - كان منفتحاً على إكمال دراسته القانونية في الولايات المتحدة، وبالذات في كلية الحقوق بجامعة هارفارد العريقة، حيث تشربت ميوله اليسارية بـ«أفكار ديمقراطية» انعكست على مستقبله السياسي. أما عن المشوار المهني، فقد ذاع صيت بوكو بوصفه أحد ألمع محامين بوتسوانا.

مشوار التغيير

نقطة التحول في رحلة الرئيس الجديد باتجاه القصر الرئاسي، بدأت بتوليه زعامة حزب «جبهة بوتسوانا الوطنية» عام 2010.

يومذاك، كانت «الجبهة» تتمسك بأفكار شيوعية تلاشت مع أفول شمس الإمبراطورية السوفياتية، إلا أن بوكو بحنكته وواقعيته، مال بها نحو اشتراكية «يسار الوسط». ولم يتوقف طموح بوكو عند هذه النقطة، بل خطا خطوة غير مسبوقة بتشكيله ائتلاف «مظلة التغيير الديمقراطي» عام 2012، وهو تحالف من الأحزاب المعارضة للحكومة بينها «الجبهة». وأطلق بهذا الائتلاف عملياً «شرارة» التغيير بعد إحباط طويل من هزائم المعارضة أمام الحزب الديمقراطي البوتسواني، المحافظ،، الذي حكم البلاد منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1966.

طوال 12 سنة، لعب المحامي اليساري الديمقراطي بوكو دوراً حاسماً في قيادة الائتلاف، ولم ييأس أو يستسلم أو يقدم تنازلات على الرغم من الهزائم التي لحقت بالائتلاف.

وفي غمار حملة الدعاية بانتخابات الرئاسة البوتسوانية الأخيرة، كان المحللون ووسائل الإعلام منشغلين بانعكاسات خلاف قديم بين الرئيس (السابق) ماسيسي وسلفه الرئيس الأسبق إيان خاما، في حين ركّز بوكو طوال حملته على استقطاب شرائح من الطبقات الدُّنيا في بلد يفترسه الفقر والبطالة، وشدّدت تعهدات حملته الانتخابية عن دفاع قوي عن الطبقات الاقتصادية الدنيا في المجتمع وتعاطف بالغ معها.

ووفق كلام الصحافي إنوسنت سيلاتلهوا لـ«هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) كان بوكو «يناشد أنصاره الاقتراب من الناس والاستماع إلى شكاواهم». وبجانب أن أسلوب الرئيس الجديد - الذي استبعد الترشح لعضوية البرلمان) - كان «جذاباً وودوداً دائماً» مع الفقراء وطبقات الشباب، حسب سيلاتلهوا، فإن عاملاً آخر رجَّح كفّته وأوصله إلى سدة السلطة هو عودة الرئيس الأسبق خاما إلى بوتسوانا خلال سبتمبر (أيلول) الماضي من منفاه في جنوب أفريقيا، ليقود حملة إزاحة غريمه ماسيسي عبر صناديق الاقتراع.

انتصار مفاجئ

مع انقشاع غبار الحملات الانتخابية، لم يتوقع أكثر المتفائلين فوز ائتلاف بوكو اليساري «مظلة التغيير الديمقراطي» بالغالبية المطلقة في صناديق الاقتراع، وحصوله على 36 مقعداً برلماناً في انتخابات 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مقارنة بأربعة مقاعد فقط للحزب الديمقراطي. وبالتالي، وفق دستور بوتسوانا، يحق للحزب الذي يسيطر على البرلمان اختيار الرئيس وتشكيل حكومة جديدة. ولقد خاضت 6 أحزاب الانتخابات، وتقدم أربعة منها بمرشحين لرئاسة الجمهورية، في حين سعى ماسيسي لإعادة انتخابه لولاية ثانية رئيساً للدولة.

تكابد بوتسوانا التي يبلغ عدد سكانها 2.6 مليون نسمة

مستويات عالية جداً من البطالة نسبتها 27.6 % فضلاً

عن معدلات فقر تقترب نسبتها من 38 %

وبقدر ما كانت هذه الهزيمة صادمة للحزب الديمقراطي والرئيس السابق ماسيسي - الذي سارع بالاعتراف بالهزيمة في حفل التنصيب - فإنها فاجأت أيضاً بوكو نفسه، الذي اعترف بأنه فوجئ بالأرقام.

تعزيز العدالة الاجتماعية

لعل بين «أسرار» نجاح بوكو، التي رصدها ديفيد سيبودوبودو، المحلل السياسي والأستاذ في جامعة بوتسوانا، «بروزه زعيماً حريصة على تعزيز العدالة الاجتماعية». وفي مسار موازٍ رفعت أسهمه خبرته الحقوقية وخاصة حقوق قبيلة الباساروا (السان)، وهم السكان الأصليون في بوتسوانا، وفق موقع «أول أفريكا». هذا الأسبوع، دخلت وعود الرئيس الجديد محك التجربة في مواجهة مرحلة بلد يعاني مرحلة «شكوك اقتصادية»؛ إذ تكابد بوتسوانا التي يبلغ عدد سكانها 2.6 مليون نسمة، مستويات عالية جداً من البطالة تبلغ 27.6 في المائة، فضلاً عن معدلات فقر تقترب نسبتها من 38 في المائة، وفق أرقام رسمية واستطلاعات رأي. وخلص استطلاع حديث أجرته مؤسسة «أفروباروميتر» إلى أن البطالة هي مصدر القلق «الأكثر إلحاحاً» للمواطنين مقارنة بالقضايا الأخرى.

الأرقام السابقة تصطدم بوعود أعلنها بوكو برفع الراتب الأساسي وعلاوات الطلاب ومعاشات الشيخوخة، والاهتمام بشريحة الشباب، علماً بأن نحو 70 في المائة من سكان البلاد دون سن الـ35 سنة. ويتمثل التحدي الأكبر بتعهد الرئيس بـ«تنويع الاقتصاد» الذي يعتمد في 90 في المائة من صادراته على الماس. لذا؛ قال الباحث سيبودوبودو لموقع «أول أفريكا» شارحاً: «حكومة بوكو في حاجة إلى تحويل الاقتصاد بحيث يخلق فرص العمل، وهذا أمر صعب في خضم ركود سوق الماس، أكبر مصدر للدخل في البلاد». في المقابل، يرى المحلل السياسي ليسولي ماتشاشا أن الرئيس بوكو «شغوف بالمعرفة والتعليم، ولديه دائماً فهم جيد للشؤون والقضايا الداخلية الجارية في بوتسوانا... وكذلك فهو جاد في إصلاح البلاد».

... الدافع الحقوقي

وفي موازاة الهاجس الاقتصادي، يبدو أن الدافع الحقوقي سيشكل عنصراً مهماً في أجندة بوكو الرئاسية؛ إذ عبر في مقابلة مع «بي بي سي» عن عزمه منح إقامة مؤقَّتة وتصاريح عمل لآلاف المهاجرين الذين وصلوا خلال السنوات الأخيرة بشكل غير نظامي إلى البلاد من الجارة زيمبابوي. وفي معرض تبريره هذا القرار، أوضح بوكو: «إن المهاجرين يأتون من دون وثائق؛ ولذا فإنَّ حصولهم على الخدمات محدود، وما يفعلونه بعد ذلك هو العيش خارج القانون وارتكاب الجرائم». ثم تابع مستدركاً: «ما يجب علينا فعله هو تسوية أوضاعهم».

ترويض مديرية الاستخبارات

لكن، ربما تكون المهمة الأصعب للرئيس الجديد هي ترويض «مديرية الاستخبارات والأمن»، التي يرى البعض أنها تتعامل وكأنها «فوق القانون أو هي قانون في حد ذاتها».

وهنا يشير الباحث سيبودوبودو إلى تقارير تفيد بأن الاستخبارات عرقلت التحقيقات التي تجريها «مديرية مكافحة الفساد والجرائم الاقتصادية» في قضايا فساد، تتمثل في تربّح بعض أقارب الرئيس السابق من المناقصات الحكومية، وأنباء عن انخراط الجهاز الاستخباراتي في أدوار خارج نطاق صلاحياته، وتضارب عمله مع الشرطة ومديرية الفساد. «وبناءً على ذلك قد تبدو مهمة بوكو صعبة في إعادة ترتيب مؤسسات الدولية السيادية، علماً بأن (مديرية الاستخبارات والأمن) كانت مركز تناحر بين الرئيس السابق وسلفه إيان خاما، كما أن المؤسسات التي كان من المفترض أن توفر المساءلة، مثل (مديرية مكافحة الفساد) والسلطة القضائية، جرى إضعافها أو تعريضها للخطر في ظل صمت الرئيس السابق».أخيراً، من غير المستبعد أن يفرض سؤال محاكمات النظام السابق نفسه على أجندة أولويات الرئيس الجديد، وفق متابعين جيدي الاطلاع، مع الرئيس السابق الذي لم يتردد في الإقرار بهزيمته. بل، وأعلن، أثناء تسليم السلطة، مجدداً أن على حزبه «التعلم الآن كيف يكون أقلية معارضة».