استقبال تاريخي لإنتراخت بطل «يوروبا ليغ»... والحزن يخيّم على رينجرز

الفريق الألماني عوّض موسمه المخيب محلياً باللقب القاري وضَمِن مكاناً مباشراً في «الأبطال»

لاعبو إنتراخت على منصة التتويج يحتفلون بكأس «يوروبا ليغ» (أ.ب)
لاعبو إنتراخت على منصة التتويج يحتفلون بكأس «يوروبا ليغ» (أ.ب)
TT

استقبال تاريخي لإنتراخت بطل «يوروبا ليغ»... والحزن يخيّم على رينجرز

لاعبو إنتراخت على منصة التتويج يحتفلون بكأس «يوروبا ليغ» (أ.ب)
لاعبو إنتراخت على منصة التتويج يحتفلون بكأس «يوروبا ليغ» (أ.ب)

حفر فريق إنتراخت فرانكفورت الألماني اسمه في قائمة الشرف لأبطال «يوروبا ليغ» عقب الفوز على غلاسجو رينجرز الاسكوتلندي بركلات الجزاء الترجيحية 5 - 4 بعد التعادل (1 - 1 في الوقتين الأصلي والإضافي) بالنهائي الذي أُقيم على ملعب «رامون سانشيز بيسخوان» في مدينة إشبيلية الإسبانية.
ولم يكتفِ إنتراخت بكأس البطولة وحجز مكان في دوري الأبطال الموسم المقبل، بل أيضاً منحه هذا التتويج فرصة خوض مباراة كأس السوبر الأوروبية أغسطس (آب) المقبل مع الفائز من بين ريال مدريد الإسباني وليفربول الإنجليزي في نهائي دوري أبطال أوروبا التي تقام يوم 28 مايو (أيار) الحالي.
وبعد موسم مخيب محلياً أنهاه في المركز الحادي عشر، منح هذا اللقب فرانكفورت مقعداً بين كبار أوروبا، وأعاد البهجة لجماهيره المتحمسة التي خرجت أمس بالآلاف لاستقبال الفريق بعد عودته من إشبيلية.
واصطفّ عشرات الآلاف من المشجعين في الطرق الرئيسية من المطار لوسط مدينة فرانكفورت، ما تسبب في حالة من الارتباك والتصادم مع رجال الأمن، لكنّ الغالبية احتفلوا بشكل سلمي بأول لقب كبير للفريق منذ تتويجه بكأس الاتحاد الأوروبي عام 1980. وتحدث بيرند نيوندورف، رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم، قائلاً: «إنجاز هائل لكرة القدم الألمانية التي جرى تمثيلها ببراعة من جانب إنتراخت فرانكفورت».
كذلك أشاد هانزي فليك، المدير الفني للمنتخب الألماني بالفوز، واصفاً إيّاه بأنه «نجاح هائل لإنتراخت وللمدرب غلاسنر وأفراد جهازه المعاون... أدّوا عملاً رائعاً».
وقال فولكر بوفيير، رئيس وزراء ولاية هيسن، التي ينتمي إليها إنتراخت: «نحن فخورون للغاية بهذا الأداء». وقال سيبستيان رودي، قائد الفريق: «سيستغرق الأمر سنوات قليلة لأدرك ما يعنيه هذا التتويج، بينما علّق كيفين تراب حارس المرمى: «دائماً ما كنّا نبحث عن التفوق، لكن لا توجد كلمات لوصف ما تحقق».

نحو 100 الف مشجع احتشدوا وسط فرانكفورت للاحتفال بفريقها (د.ب.أ)

ورافق الفريق نحو 50 ألف مشجع إلى إشبيلية، ومع ذلك كان هذا العدد أقل من عدد مشجعي رينجرز الذين توجهوا إلى المدينة الإسبانية، بينما تابع المباراة نحو 60 ألف مشجع عبر أربع شاشات عملاقة في استاد إنتراخت فرانكفورت.
وابتسمت القمصان البيضاء مجدداً لإنتراخت بعد أن سبق وكانت فأل الحظ في تحقيق كبرى المفاجآت بإطاحة العملاق الإسباني برشلونة ومن ثم وستهام الإنجليزي في ربع ونصف النهائي.
من جهة أخرى، حُرم رينجرز من لقب قاري ثانٍ بعد وحيد في كأس الكؤوس الأوروبية عام 1972، وكان رينجرز قد خسر لقب المسابقة أيضاً في عام 2008 أمام زينيت سانت بطرسبورغ الروسي عندما بلغ نهائي البطولة للمرة الأولى، في آخر نسخة قبل مسمّاها الحالي.
وكانت هذه المرة الثالثة التي يلتقي فيها الفريقان في المنافسات الأوروبية والمرة الأولى منذ 62 عاماً، بعد مواجهتَي الدور نصف النهائي لكأس أوروبا للأندية البطلة (مسابقة دوري أبطال أوروبا بمسمّاها القديم)، عندما تغلب إنتراخت فرانكفورت على رينجرز 6 - 1 و6 - 3 قبل أن يخسر 7 - 3 أمام ريال مدريد الإسباني في المباراة النهائية التي أُقيمت في غلاسجو.
وكوفئ فرانكفورت على مشواره الرائع بالبطولة حيث نجح فريق المدرب النمساوي أوليفر غلاسنر في المسابقة من دون هزيمة، وأصبح ثالث فريق فقط يحقق ذلك في البطولة بعد تشيلسي الإنجليزي 2018 - 2019 وفياريال الإسباني 2020 - 2021.
كما أصبح غلاسنر أول مدرب نمساوي يُتوج بلقب بطولة أوروبية كبرى منذ إرنست هابيل مع هامبورغ الألماني في كأس أوروبا للأندية البطلة عام 1983.
أما رينجرز فسبق أن أخرج فريقين ألمانيين، أولهما بروسيا دورتموند في الملحق المؤهل إلى الدور الـ16، ولايبزيغ من نصف النهائي، إلا أنه فشل في تكرار ذلك في الاستحقاق الأهم.
وبعد أن خسر لقبه بطلاً للدوري المحلي لصالح غريمه سلتيك، أمل رينجرز التعويض قارياً، إلا أنه أضاع الفرصة بعدما كان متقدماً بهدف النيجيري جو أريبو في الدقيقة 57 قبل أن يعادل الكولومبي رافائيل سانتوس بورّيه لإنتراخت في الدقيقة 69 ليجر المباراة لوقت إضافي ثم ركلات الترجيح. وسيكتفي رينجرز الآن بمحاولة الفوز بنهائي الكأس المحلية غداً (السبت) ضد هارتس.
وأعرب الهولندي جيوفاني فان برونكهورست، مدرب رينجرز، عن حزنه لفشله في إضافة لقب جديد إلى خزائن ناديه وأيضاً التأهل المباشر إلى دور المجموعات بدوري الأبطال الموسم المقبل.
وسيكون على رينجرز، وصيف الدوري الاسكوتلندي، خوض الطريق الصعب، حيث سيشارك في الدور الثالث التمهيدي لتصفيات دوري الأبطال. وقال فان برونكهورست مدافع برشلونة وهولندا السابق، إن رينجرز أظهر قدرته على مواجهة أبرز الفرق الأوروبية، وأوضح: «أظهرنا ذلك في النهائي ولم يقف الحظ معنا، لكن في الموسم الجديد سيكون علينا البدء من جديد. سنجتهد ونتطور كفريق. نريد تكرار الظهور في هذا الدور، لذا سيكون علينا مواصلة التقدم في الموسم المقبل. سنبدأ من الصفر وسنجتهد من أجل التتويج بالألقاب».
وكال فان برونكهورست المديح للفريق على أدائه الذي قدمه طيلة البطولة حيث لم يتوقع الكثيرون بلوغه النهائي.
وتابع: «أنا فخور للغاية باللاعبين. لأننا عانينا من تحديات بسبب الإصابات في الكثير من المباريات وقدمنا كل ما لدينا مثلما حدث في النهائي. أُتيحت لنا الفرص، خصوصاً في نهاية الوقت الإضافي، لكنّ ركلات الترجيح مقامرة ولم نكن الفائزين».
ووجد جيمس تافرنير، قائد رينجرز، صعوبة في تقبل الهزيمة. وقال: «أنا حزين، لكن فخور بكل واحد من اللاعبين والنادي والمشجعين. أردنا أن نجعل الجميع فخورين لكننا فشلنا في ذلك. الخسارة بركلات الترجيح مؤلمة للغاية».


مقالات ذات صلة

قلق «كتيبة الشيخ منصور» الشيشانية الموالية لأوكرانيا يتصاعد على الجبهة الشرقية

أوروبا عناصر من الكتيبة الشيشانية الموالية لأوكرانيا يتفقدون منطقة وسط الهجوم الروسي على أوكرانيا في بلدة باخموت بأوكرانيا في 11 نوفمبر 2022 (رويترز)

قلق «كتيبة الشيخ منصور» الشيشانية الموالية لأوكرانيا يتصاعد على الجبهة الشرقية

تعدّ بلدة تشاسيف يار في شرق أوكرانيا، أحد معاقل المقاومة الأخيرة لمقاتلي حروب الشيشان، حيث تقاتل فيها «كتيبة الشيخ منصور» الموالية لأوكرانيا ضد القوات الروسية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا رمضان قديروف (أرشيفية - رويترز)

قديروف: مقاتلو «فاغنر» السابقون يتدربون مع قواتنا

قال الزعيم الشيشاني، رمضان قديروف، اليوم الاثنين، إن مجموعة كبيرة من المقاتلين السابقين بمجموعة «فاغنر» العسكرية الروسية الخاصة بدأت التدريب مع قوات خاصة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
آسيا الزعيم الشيشاني رمضان قديروف خلال اجتماع سابق في موسكو (رويترز)

روسيا: ليست لدينا معلومات عن صحة رمضان قديروف

قال الكرملين (الاثنين) إنه ليست لديه معلومات عن صحة الزعيم الشيشاني رمضان قديروف

«الشرق الأوسط» (موسكو )
أوروبا المتهم «فاليد د.» خلال إحدى جلسات محاكمته في ألمانيا (أرشيفية - د.ب.أ)

السجن 10 أعوام لروسي حاول قتل معارض شيشاني في ألمانيا

أصدرت المحكمة العليا في مدينة ميونيخ الألمانية، الخميس، حكماً بالسجن لمدة 10 أعوام بحق روسي حاول قتل معارض شيشاني يقيم في ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
أوروبا صورة تظهر الصحافية الاستقصائية الروسية إيلينا ميلاشينا في مستشفى بالعاصمة الشيشانية غروزني في 4 يوليو 2023 بعد تعرضها لاعتداء في الشيشان حيث ذهبت للقيام بتغطية صحافية (أ.ف.ب)

صحافية روسية تتعرض لضرب مبرح في الشيشان

تعرضت الصحافية الاستقصائية الروسية إيلينا ميلاشينا، الخبيرة بشؤون الشيشان، لاعتداء بعدما توجهت إلى هذه الجمهورية الروسية لتغطية إحدى القضايا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

من عصر دي ستيفانو إلى حقبة كارفاخال... ريال مدريد يواصل صنع المعجزات

الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)
الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)
TT

من عصر دي ستيفانو إلى حقبة كارفاخال... ريال مدريد يواصل صنع المعجزات

الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)
الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)

في مايو (أيار) 2004، قام طفل يبلغ من العمر 12 عاماً بشعر أصفر طويل ينتظره مستقبل مشرق، بوضع قميص ريال مدريد الأبيض بجوار أحد الأعمدة الموجودة في ملعب التدريب بالنادي الموجود به لوح من الغرانيت عليه العبارة الشهيرة «يحترم ماضيه، ويتعلم من حاضره، ويؤمن بمستقبله». وفي اليوم الأول من يونيو (حزيران) 2024، كان هذا الطفل، الذي أصبح رجلا يبلغ من العمر 32 عاماً بلحية رمادية وصنع تاريخاً حافلاً، يرتدي هذا القميص على ملعب ويمبلي، وقفز ليسجل برأسه في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا ليقود النادي الملكي لاستكمال أعظم إنجاز في تاريخه على الإطلاق. وأشير بهذا إلى داني كارفاخال.

لقد مر عشرون عاماً تقريباً منذ ذلك اليوم في عام 2004. في ذلك اليوم، وقف كارفاخال، وهو طفل صغير في أكاديمية الناشئين، إلى جانب ألفريدو دي ستيفانو، البالغ من العمر 78 عاماً، والذي يعد أهم لاعب في تاريخ أندية كرة القدم، ورمزا لكل شيء: الرجل الذي غيّر وصوله عام 1953 ريال مدريد ولعبة كرة القدم إلى الأبد، والذي شكّل أسطورة النادي وهويته. والآن، عندما يتعلق الأمر ببطولة دوري أبطال أوروبا؛ تلك المسابقة التي يشعر ريال مدريد بأنها أصبحت ملكا له، أصبح كارفاخال يتفوق على دي ستيفانو. قد يبدو هذا سخيفاً للبعض، لكن هذا هو ما حدث مؤخراً.

عندما فاز ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا عام 1960 بعد الفوز على إينتراخت فرنكفورت 7 - 3 في مباراة من أعظم المباريات عبر التاريخ (ب.أ)

لقد فاز عدد قليل من اللاعبين بنفس عدد بطولات دوري أبطال أوروبا التي فاز بها كارفاخال، حيث نجح خمسة لاعبين في الحصول على اللقب ست مرات، من بينهم أربعة من زملاء كارفاخال: فبعد الفوز على بوروسيا دورتموند في المباراة النهائية بهدفين دون رد على ملعب ويمبلي، انضم كارفاخال ولوكا مودريتش وناتشو فرنانديز وتوني كروس إلى باكو خينتو - الذي ظل رقمه القياسي المتمثل في أكثر اللاعبين فوزا بالبطولة صامدا لمدة 58 عاماً - كأكثر اللاعبين فوزا باللقب على الإطلاق. ويُعد كارفاخال هو اللاعب الوحيد من هذا الجيل الذي شارك أساسياً في جميع المباريات النهائية الست، على الرغم من أنه خرج مستبدلا في مباراتين منها. وقال كارفاخال والدموع في عينيه بعد الفوز على بوروسيا دورتموند في المباراة النهائية التي سجل فيها هدفا: «لقد جئت إلى هنا وأنا طفل صغير، والآن أنا هنا. سيكون من الصعب للغاية أن يكسر أحد هذا الرقم الذي حققناه».

لقد كان هناك كثير من الصور، وكثير من التصريحات، وكثير من اللحظات، التي ستظل خالدة في الأذهان بعد فوز «الميرنغي» بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الـ 15 – نعم المرة الخامسة عشرة، هل تصدقون هذا؟ لقد كانت هذه هي آخر مباراة للنجم الألماني توني كروس، الذي أعلن اعتزاله كرة القدم بنهاية الموسم الحالي. وسجل راقص السامبا البرازيلي فينيسيوس جونيور هدفاً أخر في المباراة النهائية للبطولة الأقوى في القارة العجوز، وهو لا يزال في الثالثة والعشرين من عمره، وهو الأمر الذي جعل المدير الفني لريال مدريد، كارلو أنشيلوتي، يرشح النجم البرازيلي للفوز بجائزة أفضل لاعب في العالم لهذا العام، قائلاً: «إنه يستحق الكرة الذهبية بلا شك». وقال جود بيلينغهام، الذي لا يزال في العشرين من عمره، إنه ظل متماسكاً حتى رأى أمه وأباه بعد المباراة. وأشاد بيلينغهام بأنشيلوتي قائلاً: «إنه يعرف جيدا ما يفعله». لقد فاز ريال مدريد باللقب هذا الموسم، بنفس الطريقة التي رأيناها من قبل، حيث يبدو الفريق عرضة للهزيمة في بعض الأوقات، لكنه يعود بكل قوة ويحسم الأمور تماماً لصالحه في نهاية المطاف.

كارفاخال وفرحة افتتاح التهديف لريال مدريد (أ.ب)

لم يكن أحد يشك في قدرة ريال مدريد على حسم اللقب، لم يخسر النادي الملكي أي مباراة نهائية في هذه البطولة منذ عام 1981، فقد لعب الفريق تسع مباريات نهائية وفاز بها جميعا. وقال كروس: «يبدو أنه لا يمكن هزيمتنا في مثل هذه المباريات. إنه لأمر جنوني أن أتساوى مع خينتو كأكثر اللاعبين فوزا بلقب هذه البطولة، وهو أمر لم أتخيل أبدا أنني سأحققه». ولا يقتصر الأمر على فوز ريال مدريد بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الخامسة عشرة في تاريخه فحسب، لكن النادي الملكي فاز أيضا بست من هذه البطولات في آخر عشر سنوات: من لشبونة 2014 إلى لندن 2024. وسيبقى إنجاز خينتو - لاعب ريال مدريد الوحيد الذي فاز بأول خمس كؤوس أوروبية في الفترة بين عامي 1956 و1960 قبل أن يفوز باللقب للمرة السادسة في عام 1966- خالداً.

ويظل فريق عام 1966 متفرداً للغاية، حيث كان ريال مدريد قد خرج من البطولة لأول مرة في عام 1960 - على يد برشلونة - وخسر المباراة النهائية في عامي 1962 و1964. وكان دي ستيفانو قد رحل، ولم يكن النادي في حالة جيدة من الناحية الاقتصادية. وكان الفريق الذي تغلب على نادي بارتيزان في نهائي عام 1966 مكوناً بالكامل من اللاعبين الإسبان. وإذا كان ذلك يساهم في عدم النظر إلى الفريق الحالي على أنه يحاكي الجيل الذهبي لريال مدريد، الذي فاز بأول خمس كؤوس أوروبية، فهناك عناصر أخرى تدعم ذلك أيضاً، وهي أن ذلك الفريق هو الذي بنى وشكّل هوية ريال مدريد، وكان فريقا لا يقهر، وهيمن على الساحة الكروية بشكل قد لا يضاهيه أو يحاكيه هذا الجيل. وبدلاً من ذلك، فاز الفريق الحالي لريال مدريد ببعض بطولاته الأوروبية خلال السنوات الأخيرة بصعوبة شديدة، بل وبقدر كبير من الحظ في نظر البعض. وكان هناك اتفاق على أن الفوز ببطولة عام 2022 كان «سخيفاً» بضع الشيء، إن جاز التعبير، ثم جاءت الخسارة الثقيلة برباعية نظيفة أمام مانشستر سيتي في العام التالي كأنها «عادلة» تماماً، لكي تعكس القوة الحقيقية للفريق.

ومع ذلك، وكما قال كروس بعد تلك الخسارة أمام مانشستر سيتي: «ليس من الطبيعي أن نفوز بدوري أبطال أوروبا طوال الوقت. آخر مرة سمعت فيها أن هناك نهاية حقبة في هذا النادي كانت في عام 2019، لذلك نحن بخير». لقد كان النجم الألماني محقا تماماً في تلك التصريحات، فقد كان ريال مدريد على ما يرام، بل وكان أفضل من أي ناد آخر. لقد فاز النادي بست كؤوس أوروبية في عقد واحد من الزمان، وهو إنجاز لا يضاهيه أي إنجاز آخر، بما في ذلك الإنجاز التاريخي الذي حققه النادي في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. في بعض الأحيان تكون بحاجة إلى الابتعاد قليلاً عن التاريخ الذي تصنعه لكي تدرك حجم الإنجازات التي حققتها بالفعل. الزمن يغير التصورات: يُنظر إلى الماضي بشكل مختلف، وفي يوم من الأيام سيصبح ما يفعله النادي حالياً ماضياً، وسيُنظر إليه على أنه شيء استثنائي.

لم يكن ريال مدريد في الخمسينات والستينات من القرن الماضي فريقا غير قابل للهزيمة أيضا، لكن لا يوجد أي شيء يمكن أن ينتقص من حجم الإنجازات التي حققها ذلك الفريق. وخلال السنوات الخمس الأولى التي فاز فيها ريال مدريد بكأس أوروبا، كان بطلا لإسبانيا مرتين، في حين فاز أتلتيك وبرشلونة بلقب الدوري ثلاث مرات خلال تلك الفترة. وعندما فاز ريال مدريد بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة السادسة، كان أتلتيكو مدريد هو من فاز بلقب الدوري المحلي. وكانت خمسة فرق - أتلتيك وبرشلونة وأتلتيكو مدريد وديبورتيفو وفالنسيا - أبطال إسبانيا عندما كان ريال مدريد بطلاً لأوروبا.

لكن ما المشكلة في ذلك؟ يكفي ريال مدريد فخرا أنه فاز بستة ألقاب لدوري أبطال أوروبا في عقد واحد فقط من الزمان! وفي الواقع، يمتلك الفريق الحالي لريال مدريد سجلا أفضل من الجيل الذهبي فيما يتعلق بعدد مرات الفوز بلقب الدوري. ويجب الإشارة هنا إلى أنه بعد عام 1966، بقي ريال مدريد 32 عاماً دون أن ينجح في الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا. لقد عاد ليفوز باللقب الأوروبي في عامي 2000 و2002، على الرغم من أن الفرق التي فازت باللقب في المرات السابعة والثامنة والتاسعة كانت مختلفة بشكل كبير، والدليل على ذلك أن روبرتو كارلوس وراؤول وفرناندو مورينتس كانوا هم اللاعبين الثلاثة فقط الذين شاركوا في المباريات النهائية الثلاث لهذه البطولات، وسجل زيدان ذلك الهدف الخرافي في نهاية أول موسم له مع النادي الملكي.

أنشيلوتي أكد أن الفوز بدوري الأبطال للمرة الـ15 كان أصعب من المتوقع (أ.ب)

وكان النادي قد بنى فريقه الغلاكتيكوس (العظماء) الشهير، لكنه تعثر، وواجه صعوبة كبيرة في الفوز باللقب العاشر، وظل الأمر على هذا النحو لأكثر من عقد من الزمان. وعلى مدار ستة أعوام متتالية، لم يتمكن ريال مدريد من تحقيق الفوز في الأدوار الإقصائية. لقد انتظر النادي اثني عشر عاماً، وهو ما بدا وكأنه وقت طويل للغاية، لكي يصل مرة أخرى إلى المباراة النهائية في لشبونة في عام 2014. وكان الفريق خاسراً أمام أتلتيكو مدريد حتى الدقيقة 92، قبل أن ينجح سيرخيو راموس في إحراز الهدف القاتل بضربة رأس قوية، لتكون بالتأكيد اللحظة الأكثر تأثيرا بعد ذلك في تاريخ ريال مدريد. وقال بول كليمنت، مساعد أنشيلوتي، في وقت لاحق: «كل صباح كل يوم عندما كان راموس يأتي، كنت أشعر بالرغبة في تقبيله». لقد كان الفريق ينتظر النهاية الأكثر صدمة، وكان كل شيء على وشك الانهيار، قبل أن يتدخل راموس وينقذ كل شيء.

وبدلا من ذلك، كانت هذه هي نقطة البداية والانطلاقة الحقيقية. لقد فاز ريال مدريد باللقب للمرة العاشرة. وبعد ذلك بعامين، فاز باللقب ثلاث مرات متتالية، في إنجاز استثنائي بكل تأكيد. لقد بدا الأمر وكأن النادي لن يكون قادرا على تكرار ذلك الأمر، خاصة بعد رحيل النجوم البارزين - كريستيانو رونالدو، وسيرخيو راموس، وغاريث بيل، وكاسيميرو، ورافائيل فاران - وكذلك المديرين الفنيين، حيث أقيل أنشيلوتي من منصبه في غضون عام واحد، ثم رحل زيدان، الذي بدأ مساعداً لأنشيلوتي وأصبح بعد ذلك المدير الفني الأكثر نجاحاً في البطولة.

لاعبو ريال مدريد يواصلون احتفالاتهم في حافلة جابت شوارع العاصمة (أ.ف.ب)

وكان ريال مدريد يعاني من أجل العثور على بديل مناسب. وفي أحد الأيام، تلقى خوسيه أنخيل سانشيز، المدير العام للنادي، مكالمة هاتفية من أنشيلوتي حول إمكانية تعاقد إيفرتون مع بعض لاعبي ريال مدريد على سبيل الإعارة. وخلال المحادثة، سأله أنشيلوتي عن الكيفية التي تسير بها عملية البحث عن مدير فني جديد، وقال له سانشيز إن الأمور لا تسير بشكل جيد. وعندئذ، قال أنشيلوتي مازحا: «حسناً، هناك مرشح واحد واضح، وهو أفضل مدرب في العالم (يعني نفسه)»، وقال: «هل نسيتم من قادكم للحصول على لقب دوري أبطال أوروبا للمرة العاشرة؟»، وفي اليوم التالي، تلقى أنشيلوتي اتصالاً بشأن توليه قيادة ريال مدريد، وفي غضون ثلاث سنوات، رفع ريال مدريد الكأس ذات الأذنين للمرة الحادية عشرة والمرة الثانية عشرة، ليكون هذا هو أفضل عقد من الزمان لأكبر ناد في العالم، بقيادة المدير الفني الأكثر نجاحاً على الإطلاق في هذه المسابقة، وبمشاركة أربعة من أنجح خمسة لاعبين في تاريخ النادي. أما كارفاخال الذي وضع الحجر الأول في ملعب التدريب قبل 20 عاماً، فكان هو من وضع اللمسة الأخيرة على الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الخامسة عشرة، في إنجاز استثنائي!

* خدمة «الغارديان»