بداية معقّدة ودورة طموحة لـ«كان»

المهرجان انطلق بفيلم لم يستحق العرض

لقطة من الفيلم الياباني المنتظر «بروكر»
لقطة من الفيلم الياباني المنتظر «بروكر»
TT

بداية معقّدة ودورة طموحة لـ«كان»

لقطة من الفيلم الياباني المنتظر «بروكر»
لقطة من الفيلم الياباني المنتظر «بروكر»

حسناً، إذا كان لا بد من الصراحة، فإن بداية الدورة الـ75 سيئة. والأسوأ أنها تقترح احتمال حدوث أشياء سيئة أخرى. أشياء مختلفة ومتعددة قد يقع بعضها وقد لا يقع، لكن هذا هو المهرجان الأكبر في عالم السينما والخطأ يتضاعف بحسب حجم المهرجان. التجاوزات أو الأخطاء أو حتى الهفوات التي قد ترتكبها مهرجانات صغيرة يمكن تبريرها حتى من دون قبولها، لكن مع مهرجان بحجم «كان» تتحوّل إلى بقع ملوّنة على ثوب أبيض كان عليه أن يبقى نقياً وناصعاً.

- جزء من البهجة
لا نتحدث عن فيلم الافتتاح بعد. هذا كان صدمة بحد ذاتها حتى من بعد أن توقع هذا الناقد لها أن تكون. الحديث عن أشياء سارت في خط سير معاكس لكل التوقعات. الوحيدون الذين لم يعلنوا شعورهم بالأسف لوقوعها هم المسؤولون في أركان المهرجان المختلفة وبالطبع مديره التنفيذي (أو كما يُسمى هنا بـ«المفوّض العام») تييري فريمو.
هذا العام رغب المهرجان في تأسيس نظام جديد هو تطوير لنظام العام الماضي: تستخدم هاتفك لكي تحجز كرسيك كصحافي أو كناقد. مقبول. تكتشف بعد حين أن الحجز لم يتم لأن خللاً تقنياً ضرب كل التأسيس وخلق فوضى عارمة لا تدري معها إذا ما كنت ستشاهد الفيلم فعلاً أم لا (غير مقبول). الحل هو العودة إلى ما رغب المهرجان تفاديه (أو هكذا نعتقد) وهو التجمّع الهائل لمئات الصحافيين والنقاد على رصيف الشارع كما لو كان ذلك إيذانٌ بأزمة الطحين المقبلة.
نعم، الصفوف الطويلة جزء من بهجة ما تتضاءل كلما طال الانتظار، لكن الأمر سريعاً ما ينقلب إلى نوع من العقاب. هذا بالطبع قبل أن يُعاقبنا فيلم الافتتاح الذي انتظرناه.
وراء الكواليس هناك ما هو أصعب وقعاً. لو أن أحداً حاول اليوم إجراء حديث مع أركان هذا المهرجان وجب عليه تقديم لا الأسئلة فقط، بل النسخة الكاملة التي تشمل الأسئلة والأجوبة المرسلة إليه قبل ذهابها إلى الصحيفة التي يمثلها. وحتى لو أن المقابلة كانت وجهاً لوجه، فإن على الصحافي إعادة النص المنوي نشره إلى الإدارة قبل السماح له بذلك، وإلا كان من شأن التبعات أن يخسر حظوته على أكثر من نحو. وما حدث بوضوح مع الصحافي السينمائي أندرياس وايزمان، أحد المحررين الرئيسيين لموقع «ديدلاين» يفسر الوضع على أكمل وجه.
أندرياس استجاب للطلب وبعث بالأسئلة ووصلته الأجوبة ومعها طلب إرسال النسخة الأخيرة (سمّها «فاينال كَت») إلى إدارة المهرجان. أذعن الصحافي وحين تسلمها من جديد فوجئ باختلافها عن النسخة الأولى.
يذكر الصحافي الأميركي أن شيئاً مماثلاً أيضاً حدث مع مجلة فرنسية كان من بين الأسئلة التي اعتبرت محرجة أو قد تشكل وقعاً سلبياً إذا ما نُشرت واحد عن الغياب شبه الدائم للمخرجين الأفرو - أميركيين. حين تسلمت المجلة النسخة التي تمّت مراجعتها من قِبل الإدارة لوحظ أن السؤال والجواب تم شطبهما من النسخة السابقة.
لا بأس أن معظمنا يقبل ما تفرضه التكنولوجيا علينا باسم التقدّم في كل المحالات كأمر مسلّم به، لكن هل من الصحيح أن يصل الأمر إلى قيام مهرجان كرر كثيراً أنه يصون الحرية الفنية والتعبير عن الذات (وبرهن على ذلك أكثر من مرّة بالفعل وبشكل ما زال يدعو للإعجاب) بممارسة الرقابة على النصوص المكتوبة؟

مشهد من الفيلم الفرنسي ـ السنغالي «أب وجندي»

- 3 أضلاع
للمهرجان طريقته الفريدة في الوقوف على قدميه طوال الوقت. من ناحية هناك خوف معظم النقاد والصحافيين من نشر حديث انتقادي حول المهرجان. من ناحية أخرى، هناك الحقيقة الأكبر التي مفادها أن مهرجان «كان»، رغم كل شيء هو عيد سينمائي مبهر ودليل صحة وعافية لكل جوانب الفن السابع. في أواخر التسعينات شن ناقد مجلة «ذا هوليوود ريبورتر» (آنذاك) تيم مكارثي هجوماً واضحاً على سياسة المهرجان بالنسبة لاختيارات الأفلام ملاحظاً أن 90 في المائة من أفلامه هي إما مبيعة سلفاً لشركات التوزيع الفرنسية أو أن شركات الإنتاج الفرنسية هي التي موّلتها جزئياً أو كاملاً. كلامه كان منطقياً، لكنه لم يغيّر في الممارسة هذا الثبوت على الخطأ.
الذي يحدث أن المهرجان هو ضلع والأفلام ومخرجيها ضلع والشركات الفرنسية هي ضلع ثالث وهذه الأضلع يتبادلون الزيارات والمنافع طوال الوقت. نعم مستوى العروض غالباً ما يشبع نهم الضلع غير المحسوب وهم المشاهدون (سواء هواة أو محترفين) لكنه ما زال فعلاً يشبه نشاط ناد مغلق.
في السادس عشر من هذا الشهر، قبل 24 ساعة من بداية الدورة 75 رسمياً أقيم مؤتمر صحافي التقى فيه فريمو مع الصحافة الفرنسية وبعض العالمية. من يتابع المؤتمر يكتشف دراية فريمو الماهرة في الدفاع ضد النقد الموجه.
مثلاً لمَ لم يعرض المهرجان في مسابقته الرسمية أي فيلم لمخرج أسود (من أفريقيا أو الولايات المتحدة - باستثناء سبايك لي). السؤال واضح وصريح وفيه صدق مؤكد. جواب فريمو على ذلك كان:
«يتطلب الأمر وقتاً لسينما لكي تقف على قدميها». لكنه أضاف إلى أن فيلم الافتتاح لقسم «نظرة ما»، وعنوانه «أب وجندي» هو بمثابة نموذج لفيلم أفريقي.
لكن فيلم «أب وجندي» هو - ككل فيلم جديد آخر هنا تقريباً - من تمويل فرنسي أمّن الغطاء المادّي وتم تصويره ما بين فرنسا والسنغال. أكثر من ذلك هو من إخراج رجل أبيض (ماثيو فاديبي).
المسألة بأسرها تعيد للذاكرة ما قامت به مجلة «سكرين» البريطانية سنة 2021 عندما أفشت بأن عدد الأفلام التي عرضها المهرجان الفرنسي لمخرجين سود في سنوات ما قبل الكورونا لم يزد على ثمانية أفلام (من بين 670 فيلماً رسمياً حتى العام 2019).

- طريق الريح
عجلة العروض التي بدأت بأعطال تقنية دارت من جديد بعد مشاكل اليومين الأوّلين ومنها ما يُعرض هنا وعيناه على أوسكار العام المقبل. خذ مثلاً فيلم الافتتاح «فاينال كَت»، حسب عنوانه، الإنجليزي (اقرأ عنه في زاوية «شاشة الناقد» أدناه) الذي، حسب ما قالته إحدى مجلات المهرجان السنوية، طامح بكل ثقة دخول دائرة الترشيحات من جديد. مخرجه الفرنسي ميشيل أزاناڤيسيس كان حظى بثلاثة أوسكارات سنة 2012: أفضل فيلم، وأفضل مخرج وأفضل ممثل (جان دوجاردا) ولو أن هذه الخلفية لن تنفع في محو عيوب هذا الفيلم.
من بين الأفلام التي قد تدخل المنافسة لاحقاً «زوجة تشايكوفسكي» للروسي كيريل سيريبرنيكوف و«سكارلت» للإيطالي بييترو مارسيللو. كلاهما شهدا قبولاً نقدياً هنا.
وحسب مصدر موثوق، سعى المهرجان لعرض بعض الأفلام الجديدة لمخرجيها لكن هؤلاء امتنعوا. من بينهم ترنس مالك الذي أنجز، في الوقت المناسب، فيلمه الجديد «طريق الريح» (The Way of the Wind) لكن مالك لم يستجب. من ناحية أخرى، تجنّب رومان بولانسكي التعامل مع «كان» بخصوص فيلمه الجديد «القصر» في الوقت الذي لم يشأ المهرجان الفرنسي طلب الفيلم لمشاهدته بسبب القضايا الجنسية الشائكة ذاتها التي ما زالت تحوم حول المخرج. مهرجان فنيسيا ليس معنياً بهذه الخلفية وكان عرض فيلم بولانسكي الأخير «ضابط وجاسوس» (2019) وسيعرض - على الأغلب - فيلم بولانسكي الجديد في دورته المقبلة.
لا يعني أي مما سبق أن مهرجان «كان» أقل شأناً في هذه الدورة مما كان عليه في أي دورة سابقة خلال السنوات العشر الأخيرة كمثال. العديد من الأسماء المهمّة تنتظر لحظة عرضها من بينها جديد الياباني كوري - إيدا هيروكازو «بروكر» وفيلم الأميركي جيمس غراي «زمن القيامة» وفيلم الكوري بارك تشان - ووك «إذن بالانصراف» ودراما الهجرة للمخرجين الأخوين جان - بيير ولوك داردين «توبي ولوكيتا».


مقالات ذات صلة

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

بدأت المرحلة الثانية لـ «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر قبل إعلان الفائزين في فبراير.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تجسّد لبنى في «خريف القلب» شخصية السيدة الثرية فرح التي تقع في ورطة تغيّر حياتها

لبنى عبد العزيز: شخصية «فرح» تنحاز لسيدات كُثر في مجتمعنا السعودي

من النادر أن يتعاطف الجمهور مع أدوار المرأة الشريرة والمتسلطة، بيد أن الممثلة السعودية لبنى عبد العزيز استطاعت كسب هذه الجولة

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

 مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)
مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)
TT

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

 مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)
مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات، خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» المقام في لوس أنجليس بمفاجأة رائعة ترفع من أهميّته غير المحسوبة في إعلامنا العربي ومنهج صنع الفيلم العربي عموماً.

يوم الخميس، أغلق المهرجان الآسيوي دورته الجديدة بإعلان فوز فيلم «مندوب الليل» بجائزته الكبرى. الفيلم هو أول أعمال المخرج السعودي علي الكلثمي، وعند الناقد كاتب هذه السطور، هو أفضل فيلم سعودي طويل خرج في الأشهر الاثني عشر الماضية.

حين رشّحته للمهرجان المذكور، اتصل بي رئيسه جورج شمشوم معبّراً عن دهشته: «أذهلتني جودة الفيلم حرفة وموضوعاً. كانت مفاجأة كبيرة لي بعدما سمعت عن كثيرٍ من الأفلام السعودية الجديدة، وكيف أنها باتت تُسهم في تغيير السائد والتقليدي. مع ذلك، فإن هذا الفيلم كان روعة».

لمن لم يسمع به من قبل أو سمِع به ولم يشاهده، «مندوب الليل» هو عن شاب (الجيد محمد الدوخي) يُطرد من عمله في شركة اتصالات هاتفية إثر مشادة بينه وبين مسؤوليه. والده مُعتل وشقيقته مطلّقة عادت لبيت أهلها مع طفلها. سيجد عملاً بصفته مندوب توصيل البيتزا. لكنه يكتشف طريقة أخرى للثراء وهي، سرقة مؤونة من الكحول المخبأة التي يبيعها أصحابها للأثرياء. بذلك يضع قدميه عند نقطة تحوّلٍ واعدة غير مدركٍ مغبّة ما قام به وكيف سيضع نفسه وأهله في خطر جسيم.

فوز ناصع

الفيلم ليس قصّة بوليسية، لكنه قصّة تشويقية، والتشويق فيه مُحكم. فيلم متقن كتابة وإخراجاً وتأليفاً وتصويراً وتمثيلاً ومصمم بدقة. مُعالج بدراية وفعّال في عرض التفاصيل بذكاء. وهو نتيجة رائعة لعملية لا بدّ استغرقت كثيراً من التّصميم المُسبق والتنفيذ.

لجانب هذا الفوز الناصع لا يجب أن ننسى أن العام الآيل إلى الرحيل خلال 40 يوماً من الآن، شهد اشتراك السينما السعودية في إحدى مسابقات مهرجان «كان» رسمياً لأول مرّة. الفيلم هو عملٌ جيّد آخر، لكن من وزن مختلف، عنوانه «نورة» ومخرجه هو الطموح توفيق الزايدي.

الاشتراك السعودي الرسمي في «مهرجان القاهرة» الذي يُنهي أعماله مساء الجمعة تَوزّع بين فيلمين هما، «ثقوب» لعبد المحسن الضبعان، و«فخر السويدي» لثلاثة مخرجين هم هشام فتحي وعبد الله بامجبور وأسامة صالح.

هذا الكم لا يوقف المد القادم: حديثٌ عن اشتراك سعودي مقبل في «مهرجان برلين» في فبراير (شباط) 2025، وتحضيرٌ مبكر لجعل الدورة المقبلة من «كان» مايو (أيار) تُنجز أكثر ممّا أنجزت الدورة الماضية من حضورٍ كمي ونوعي كبيرين.

محمود حميدة و«الفن السابع»

كُتب وتكريمات

بالنسبة لـ«مهرجان القاهرة»، هناك محاورٌ عدّة للحكم له أو عليه. هو واحد من المهرجانات العربية التي تقع في الربع الأخير من كل عام. هذا يصلح كمسافة زمنية تمنح المهرجان فرصة عمل لجمع وتجميع أفلام من كل حدبٍ وصوب، لكنه توقيت يحرمه من أن يكون منصّة انطلاق لأي غاية. لا يخرج فيلم من هنا ليجوب العالم. حتى الفيلم الذي يربح جائزة كبرى فإن حدود جائزته تنتهي مع إقلاع المخرج عائداً إلى بلده.

هذا ليس شأنه فقط، بل شأن كلّ المهرجانات العربية تقريباً باستثناء «مهرجان البحر الأحمر» ولو إلى حدٍ. هو أصبح محطة انطلاق، على الرغم من وجوده في هذا الرُّكن الزمني من السنة، وذلك لأنه حرص على عرض أفلام سعودية تستطيع الانطلاق منه والسفر كونها في الأساس جيدة وتستحق. عاملٌ آخر هو أن الغرب بات يعرف أن السعودية أصبحت لاعباً ثقافياً وفنياً واضحاً. ما عاد الرِّهان عليه، بل على ارتفاع شأنه مستقبلاً.

ما هو عبثي في كثير من المهرجانات العربية، أن تلك التي تُوزّع التكريمات والاحتفاءات باتت أمام مفترق طرق: لقد كُرّم معظم الحاضرين والذين كانوا حاضرين وقت تكريمهم. هناك آخرون يستحقون (كُتاب سيناريو، مديرو تصوير، مؤلفو موسيقى، ممثلون ونقاد ومؤرخون) لكن أحداً قلّما شعر بهم.

«فخر السويدي» (مهرجان القاهرة السينمائي)

على «مهرجان القاهرة» أن ينفض عنه الالتزام بالواجب لأنه واجب، وأن يبحث في طيّات السينمات العربية عمن يستحق «تكريمه» فعلاً.

ما هو لافت كذلك في «مهرجان القاهرة» أكثر من سواه، هو إصداره كتباً سينمائية. هذه عادة توقّفت عنها غالبية مهرجانات العالم الرئيسية منذ عقود، مدركة أن كتب الاحتفاء لم تعد تأتي بجديد يُضاف إلى ما صدر عن كلّ محتفى به.

يمكن للمهرجان المصري إصدار كتابٍ قيّم واحد عوض ثلاثة أو حتى اثنين.

خلال العام الحالي أصدر المهرجان كتاباً مميّزاً ومهمّاً من إعداد ناجي فوزي بعنوان «مختارات من الفن السابع». وكانت مجلة «الفن السابع» السينمائية الرائعة التي أسسها محمود حميدة في عام 1997 قد سدّت ثغرة كبيرة آنذاك في ثقافة الفيلم المطبوعة.

الكتابان الآخران هما «حلم عز» لرامي المتولّي و«سينما يسري نصر الله» لأحمد عزّت عامر. الأول لا يعدو عن بضع صفحات لممثل لم يختم بعد عقداً واحداً من شهرته، والثاني لمخرج يستحق كتاباً يحلّل أفلامه ما لها وما عليها. كتاب من المهرجان لأي مخرج أو سينمائي، يعني انحيازاً للإيجابيات فقط.

عدم إصدارها في الغرب لا يعني أنه قرار صائب، خصوصاً أن البديل لدينا يجب أن يكون مختلفاً وهناك كثير من الأفكار في هذا الشأن.