في التصوير: عودة جديدة لمخرج لا يغيب

ألفريد هيتشكوك
ألفريد هيتشكوك
TT

في التصوير: عودة جديدة لمخرج لا يغيب

ألفريد هيتشكوك
ألفريد هيتشكوك

لم يسدل موت ألفرد هيشتكوك في التاسع والعشرين من شهر أبريل (نيسان) سنة 1980 الستار عليه إلا جزئياً. المخرج البريطاني الملقّب -بحق- بسيد التشويق، كان قد توقف عن الإخراج سنة 1972 عندما أنجز «حبكة عائلية» (Family Plot) الذي عرضه مهرجان «كان» في العام ذاته. لكن، وعلى عكس غالبية المخرجين الراحلين، استمر حضور هيتشكوك أبحاثاً وكُتباً وأفلاماً. في النطاق الأخير، وبعد صرف النظر عن فيلم هزيل القيمة عنوانه «هيتشكوك» (أخرجه ساشا جرفاسي)، هناك نحو 20 فيلماً تم إنجازها منذ وفاته حتى العام الماضي.
لكنّ جلّ هذه الأفلام من الفئة القصيرة، والمخرج البريطاني مارك كوزينز ينجز حالياً فيلماً طويلاً عن هيتشكوك بعنوان «اسمي ألفرد هيتشكوك My Name is Alfred Hitchcock». أحد الدوافع لتحقيق فيلم عن هيتشكوك، كما يقول المخرج لمجلة «سايت آند ساوند» أن الأفلام السابقة في معظمها تمحور حول إعادة تقديم تحليلات حول أهم أفلامه مع التركيز على كيف صنع التشويق وعلاقته بالممثل وتفضيله النساء ذوات الأعناق الطويلة.
هذا صحيح تماماً لكنه لا ينفع كمبرر لفيلم جديد إلا بالموازاة مع رؤية جديدة يمكن استيحاؤها من العنوان. هيتشكوك، كما يرجح القريبون من المشروع، سيتبلور كما لو أنه يتحدّث عن نفسه. كوزينز بذاته يشير إلى أنه استنبط وسيلة تقنية لا يريد كشفها لكي يفعّل العنوان على هذا النحو فيبدو هيتشكوك كما لو كان يسرد بنفسه نص الفيلم.الفيلم بات جاهزاً للعرض لكنه لن يُعرض قبل أن يجد لنفسه مهرجاناً يختاره بدقّة. المشروع سيستحق اهتمام المهرجانات بسبب موضوعه، كما بسبب خلفية مارك كوزينز السينمائية، إذ سبق وأنجز «قصّة الفيلم» (عرضه «كان» في الدورة العام الماضي) و«عواصف جيريمي توماس» وكلاهما في غضون العام الماضي.
السبب الذي يجعل هيتشكوك مقصداً فنياً دائماً يعود إلى أن المخرج شكّل من البداية رؤية خاصة لما يريد إنجازه، وكيف؟ ماذا يفضل الحديث فيه (الجريمة ولغزية ارتكابها) وكيف سيعالجها (العنصر التشويقي). وبمراقبة أفلامه الأولى في العشرينات والثلاثينات نلحظ كيف قبض على النبض الذي يتيح له ذلك تنفيذاً وإيقاعاً ومن أي وجهة نظر.
اللقطة الأولى من فيلم «المستأجر» (The Lodger) عالية تلتقط نوافذ شقق لمبانٍ سكنية لندنية يطل منها ساكنوها على شيء يقع في الشارع تحتها. لقد سمعوا صرخة امرأة فهبّوا للاستطلاع.
تلك اللقطة توازي، بعد 45 سنة على ذلك الفيلم، اللقطة الأولى من فيلم «فزع» (Frenzy) من حيث إن الكاميرا تبدأ محلّقة أو مرتفعة قبل أن تهبط على جمهور معيّن. هذا نجده كذلك في أفلام أخرى له مثل «الطيور» (1963) و«سايكو» (1960).


مقالات ذات صلة

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.