التحشيد العسكري للميليشيات يتواصل في العاصمة الليبية

بينما استمر التحشيد العسكري للميليشيات الموالية لحكومة الوحدة الليبية المؤقتة في العاصمة طرابلس، كثّف رئيسها عبد الحميد الدبيبة من وتيرة نشاطاته الرسمية في محاولة لتأكيد سيطرته على الأوضاع.
ورصدت لقطات مصورة بثتها وسائل إعلام محلية، مساء أول من أمس، ما وصفته بحالة استنفار أعلنتها «الكتيبة 301» وهي بكامل عتادها في معسكرها جنوب غرب طرابلس، بتعليمات من الدبيبة. كما توجه في إطار إعادة تموضع الميليشيات المسلحة داخل ضواحٍ عدة بالعاصمة، رتل مسلح تابع لـ«اللواء 444 قتال» إلى منطقة صلاح الدين، تزامناً مع تحرك عناصر من «جهاز دعم الاستقرار» باتجاه وسط أبو سليم، وتحرك رتل مسلح من الزنتان تابع لأسامة جويلي، مدير إدارة الاستخبارات العسكرية، الذي أقاله الدبيبة من منصبه، إلى منطقة السواني. وجاءت هذه التحركات رغم تقييد المجلس الرئاسي، برئاسة محمد المنفي، باعتباره القائد العام للجيش الليبي، تحرك كل الوحدات العسكرية.
وفي إشارة إلى كتيبة القوة الثامنة (النواصي)، اتهمت القوى الأمنية في طرابلس «بعض الجهات الأمنية غير المنضبطة بالتدخل بشكل سلبي في العملية السياسية، من خلال اللجوء إلى القوة والمساس بالأمن العام، وعدم الانقياد لتعليمات السلطات العليا في البلاد». وشددت، في بيان، على أهمية احترام مبدأ التداول السلمي للسلطة، وعدم المساس بالمصالح العليا للمواطن، داعية الجهات المتورطة في أعمال إجرامية للامتثال للأوامر الصادرة من هذه السلطات.
من جانبه، أكد الدبيبة، مساء أول من أمس، خلال لقاء نظمته وزارة الشباب في طرابلس، على دور الشباب في إنجاح الانتخابات، كما شارك في حفل تخريج دفعة لصالح مصلحة أمن المرافق والمنشآت. وقال، في ملتقى لقيادات وأعيان فزان، إن الانتخابات «ستكون قريبة جداً، وستتم بأي شكل من الأشكال»، لافتاً إلى أنه قد يعهد للجنة المركزية للانتخابات البلدية بإجرائها في حال تعذر على مفوضية الانتخابات ذلك، واتهم مجلس النواب بالهيمنة عليها.
كما تعهد الدبيبة بعدم تساهل حكومته مع المجازر والمقابر الجماعية، التي تم اكتشافها في مدينة ترهونة، وقال، لدى اجتماعه مساء أول من أمس مع أهالي المدينة، إن الانتخابات، سواء البلدية أو التشريعية «لا بد أن تكون هدف الجميع». ونقل عن وفد الأعيان دعمهم الكامل للحكومة والخطوات، التي تتخذها في مجال دعم الإدارة المحلية.
من جهتها، قالت حكومة الدبيبة إن وفداً التقاه من أعيان مدينة مصراتة، بحضور أعضاء من المجلس البلدي، أكدوا دعمهم للحكومة وتقدير جهودها المبذولة في دعم الإدارة المحلية، وأعربوا عن رغبتهم في الاستقرار والسلام والحفاظ على المسار السياسي السلمي، وعودة الأمانة للشعب من خلال انتخابات حرة نزيهة. كما شددوا على ضرورة استمرار الحكومة في تقديم خدماتها لكل الليبيين، والعمل بشكل جاد لإنجاح الاستحقاق الوطني المهم، المتمثل في الانتخابات، واختيار سلطة تشريعية وتنفيذية منتخبة.
في غضون ذلك، نفت بلديات طرابلس الكبرى تورطها في دخول حكومة باشاغا للعاصمة، وانتقدت تصريح الناطق باسمها بالخصوص، مشيرة إلى أنها «بعيدة عن أي تصرفات سياسية، وعلى تنسيق مع وزارة الحكم المحلي بحكومة الوحدة». وقالت، في بيان متلفز، إنها بصدد مخاطبة النائب العام للتحقيق فيما وصفته بأكاذيب رددتها حكومة باشاغا.
وعلى صعيد متصل، أعلن وئام العبدلي، رئيس الشركة العامة للكهرباء، توقف أعمال تنفيذ مشروع محطة غرب طرابلس الاستعجالية، نتيجة الاشتباكات المسلحة بالمنطقة المحاذية للمشروع خلال اليومين الماضيين، وأوضح، في بيان، أن القيمة المالية لإصلاح الأعطال ستكون عالية، نتيجة تضرر معدات يتوجب استيرادها من الدول المصدرة لها وغير موجودة محلياً.
من جهة أخرى، دافعت وزارة العدل بحكومة الدبيبة عن «جهاز دعم الاستقرار» التابع للحكومة، واعتبرت، في بيان لها مساء أول من أمس، أن التهم، التي وردت في تقارير منظمة العفو الدولية عن حدوث تجاوزات غير مقبولة، وتفتقد الحجج والأصول القانونية الواقعية، ولم تنتظر انتهاء التحقيقات في هذه الوقائع. وحذرت من الإضرار بسيادة القانون، ومحاولة التأثير في سير العدالة، مشيرة إلى أن جميع أجهزة إنفاذ القانون تعمل وفق قانون الإجراءات الجنائية الليبي، وتحترم القضاء، وتعمل في خدمة الشعب الليبي.
بدورها، قالت المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز إنها ناقشت مع سفيرة مملكة النرويج في ليبيا، هيلدا كليميتسدال، التطورات الأخيرة في ليبيا، ومآلات الجولة الثانية من اجتماعات اللجنة المشتركة لمجلسي النواب والدولة، التي تختتم اليوم في القاهرة، بهدف التوصل إلى إطار دستوري توافقي وسليم، يمكّن من إجراء انتخابات وطنية في أقرب الآجال عملياً، مشيرة إلى أنهما أكدا مجدداً الضرورة الملحة للحفاظ على الهدوء على الأرض في الظروف الحالية وتجنب جميع الأعمال والخطابات الاستفزازية.
من جهته، جدد السفير الأميركي في ليبيا، ريتشارد نورلاند، عقب اجتماعه مع رئيس الكونغرس التباوي دعم بلاده لإشراك الأقليات وجميع المكونات الليبية الأخرى في البلاد في العملية السياسية الجارية، مشيراً إلى اتفاقهما على الحاجة إلى الهدوء في أعقاب اشتباكات طرابلس، وأهمية الحوار وسرعة التحرك نحو الانتخابات.