تبلغ نانسي عجرم عامها الـ39 بقلب يخفق للحب وزحمة الأحلام. كانت في الحادية عشرة حين غنّت الطرب، فأبهرت ونالت ميدالية ذهبية في برنامج «نجوم المستقبل». وقفت آنذاك بإطلالة لافتة، تبشّر بولادة نجمة من لبنان. لم يُقلق الصغيرة ما يُحكى عن أثمان الشهرة وضريبة بلوغ القمم. سحرها الغناء وتصفيق المعجبين، وبتشجيع العائلة، احتوت في صوتها مزيج البراءة والثقة لتنطلق في مشوار الفن. تمر السنوات لتثبت أن نجوميتها في محلّها.
في 16 مايو (أيار) عام 1983. حجز القدر مقعداً أمامياً لطفلة وُلدت في الأشرفية البيروتية. المرء خيارات، فإن أحسن الانتقاء، تقدّم الصفوف وأثبت مكانة لائقة. حين صدر فيديو كليب «أخاصمك آه» بكاميرا نادين لبكي، كانت شرارتها قد بدأت تملأ الفضاء الفني. وبعد كليب «آه ونص»، تناقل بعضهم أوصافاً كـ«الانطلاقة الصاروخية» للحديث عن شهرة الفنانة الجميلة. بإغراء ظل حذراً من الابتذال، ودلع عرف الحدّ بين الأنوثة والرخاوة، أدّت نانسي عجرم شخصية نادلة في مقهى، تنتقل من تقديم الشاي للزبائن إلى الرقص والغناء. بالدلال أيضاً، دعكت الغسيل في الجرن و«نفضته» فنشرته على وَقع «بص بص بص»، و«نص نص نص»، والحبيب يحترق بالشوق، بينما ابنة الحي الشعبي تلبس الشبشب بإصبع، تشتري الخضراوات من بائع على العربة، وببساطة تغني مع النسوة في الشاحنة: «ما فيش حاجة تيجي كده».
هذه بدايات نجمة أتقنت إمساك الخيط حتى صنعت ثوبها. منذ انطلاقتها، وهي لا تطل في فيديو كليباتها فنانة فقط، بل فنانة وممثلة. شكّلت مع المخرجة نادين لبكي ثنائية لا ترضى بالسائد. فالفيديو كليبات بتوقيعها ورقة رابحة للأغنية، ترفع أسهمها وتوسّع انتشارها. وبعد الإيقاعي الشعبي وأجواء الأحياء المكتظة، إطلالة مخملية، بجرأة لبكي ودخول جيجي لامارا على الخط: «يا سلام، أدّ إيه حلو الغرام»، نقلتها من لون إلى آخر. وباللونين تمكّنت. (39 عاماً)، هو عمر أضاءه ذكاء الخيار، فإدارة الأعمال بقيادة لامارا، رفيق الرحلة. أحياناً، ما يصنع الفارق هي فرصة تمنح الإنسان مجالاً لاقتناص الحياة. و«تحالف» نانسي - جيجي مثال لحصاد النجاح.
تحمل الأقدار نادين لبكي إلى منافسات السينما العالمية، وتترك أثرها في وجدان نانسي الممثلة. كل فيديو كليب هو موعد جديد مع شخصية جديدة. تغني بأدوات الممثل: الملامح، والنظرات، والانفعالات، ولغة الجسد. لا تقدم حضوراً تمثيلياً عابراً، في أغنيات الفرح والزعل. ذروة التألق في كليب «ما تعتذر» (إخراج سمير السرياني). تجيد النجمة صناعة الحالة وتصدّر المشهد، بالاختلاف عن الأنماط والسعي إلى الميزة.
لا تطمئن إلى النجاح المضمون في جيبها، فيصيبها الاطمئنان بالكسل. تجتهد كأنها لا تزال في البدايات، تناديها النجومية وبشغف تلبي النداء. الاكتفاء يعني العودة إلى الوراء، وصاحبة «سلامات سلامات» تتطلع إلى الأمام. تصعد الدرجات وتراقب ارتفاع السلّم. يغريها الطريق. الوصول ليس أجمل ما في الرحلة.
يسيران جنباً إلى جنب، بالعناق وتماسك الأيدي، أمومة نانسي عجرم وفنها. أعجبت الشابة ذات العينين الزرقاوين طبيب الأسنان فادي الهاشم، بعد حضورها إلى عيادته لإصلاح الآلام. وبدل أن يداويها دفعة واحدة، اختار التذرّع بالمداواة على مراحل لكسب الوقت. تزوّجا وهما اليوم والدان لثلاث فتيات. و«يا بنات يا بنات يا بنات، الّلي ما خلفش بنات، ما شبعش من الحنيّة وما دقش الحلويات».
مشوار فني كرّس نانسي عجرم فنانة الأطفال من دون تعمّدها امتهان هذا الخط. كان ألبوم «شخبط شخابيط» 2007. إهداء إلى كل طفل تحمله الأغنية إلى أماكن يحبها، وأغنية «شاطر شاطر» إطراء لطفولة ترتفع معنوياتها بكلمة وتبني بالحب ثقة بالنفس. نجوم يمرّون في تحكيم برنامج المواهب الخاص بالأولاد «ذا فويس كيدز»، لكن نانسي عجرم أكثر مَن يُحسب على الأطفال. هي واحدة منهم، وهم بعض منها. تتكلم لغتهم وتغني ألحانهم، فتلوّن لهم أحلامهم اللطيفة.
ذات يوم من شهر يناير (كانون الثاني) 2020. تصدّت عائلة الفنانة لامتحان صعب. يظن المرء أنّ جدران منزله آمنة ولن يحدث ما يهدد السكينة. لكن المصيبة تحصل من دون إنذار. ينظر البعض إلى حياة النجمة نظرة «حسد»، وبغلاظة يتساءل عن هنائها لامتلاكها المال والشهرة والعائلة والأولاد. تُدسّ شائعات كطلاقها من زوجها أو وفاتها بحادث سير، غايتها تعكير مزاجها وضخّ السلبيات. ونانسي تتصدى بلباقة. تُبقي حضورها في مواقع التواصل للصورة المفضلة عن نفسها، فلا تنجر خلف أحقاد ولا تقع في وحول الردح. تحمي اسمها وعائلتها من استفحال الشرّ.
ولعلّ المحنة الكبرى ليلة اقتحام منزلها، ستمكث في ذاكرتها طوال العمر. فالفنانة الحائزة على «جائزة الموسيقى العالمية» ثلاث مرات، كادت فجيعة تدمّر حياتها. تنظر إلى سنواتها الـ39 اليوم، بحمد على مكروه لم يقع، وبشكر على خيرات تنالها بتعبها. منذ «محتاجة لك» في عام 1998 إلى ألبوم «نانسي 10» الأخير، والحفلات فشارات المسلسلات. والفنانة ترجو من الحياة نعمتين: حماية النجاح وسلامة العائلة.
نانسي عجرم في عامها الـ39... ليس الوصول أجمل ما في الرحلة
النجمة اللبنانية أتقنت إمساك الخيط وصنعت ثوبها
نانسي عجرم في عامها الـ39... ليس الوصول أجمل ما في الرحلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة