يتحدث قائد المنتخب الألماني وبايرن ميونيخ فيليب لام في المقال التالي عن أن فوز بايرن ميونيخ بلقب الدوري الألماني الممتاز للمرة العاشرة على التوالي هذا الموسم لم يُترجم إلى نجاح في دوري أبطال أوروبا، ويواجه النادي العديد من التحديات للبقاء في القمة. ويشير إلى أنه إذا رأى العديد من المواهب المتميزة لهذا الجيل أن الدوري الإنجليزي أكثر جاذبية من نظيره الألماني، فقد يتسبب ذلك في حدوث مشكلة كبرى لبايرن ميونيخ والدوري الألماني الممتاز بأكمله:
خلال الفترة بين عامي 2013 و2022 لم يفز سوى ناد واحد فقط بلقب الدوري الألماني الممتاز، وهو نادي بايرن ميونيخ، الذي توج باللقب عشر مرات على التوالي. وتعد هذه الهيمنة المطلقة على الساحة المحلية أمراً جديداً في الدوريات الخمسة الكبرى في أوروبا. ولم تكن مثل هذه الإحصائيات معروفة في أوروبا إلا من خلال أندية مثل سكونتو ريغا، ودينامو زغرب، وروسينبورغ، أو دينامو برلين من دوري الدرجة الأولى في ألمانيا الشرقية السابقة والذي كان يعرف باسم «أوبرليغا».
ودائماً ما كان بايرن ميونيخ ينافس على البطولات والألقاب. وخلال الخمسين عاماً الماضية من الدوري الألماني الممتاز، فاز العملاق البافاري باللقب 30 مرة، ويعود الفضل في ذلك بشكل أساسي إلى الهوية الفريدة التي يمتلكها هذا النادي، والتي تنتقل من جيل إلى آخر بنجاح منقطع النظير.
لقد تم وضع الأساس من قبل سيب ماير وفرانز بيكنباور وجيرد مولر، وهم لاعبون محليون نشأوا داخل جدران هذا النادي العريق وأصبحوا لاعبين بارزين من الطراز العالمي. لقد كانوا بمثابة هدية ثمينة للنادي ولعالم كرة القدم ككل. وبدءاً من هذا الجيل، الذي فاز بكأس أوروبا ثلاث مرات، بدأت هذه القيادة تنتقل إلى الأجيال الجديدة في العقود التالية. وفي نهاية السبعينيات من القرن الماضي، تولى لاعب كرة القدم أولي هونيس مسؤولية النادي، وقاده لأكثر من 40 عاماً، ولفترة طويلة مع زميليه السابقين بيكنباور وكارل هاينز رومينيغه. لقد جمعوا بين فهم كرة القدم والصفات القيادية، وساعدوا النادي على الوصول إلى مكانة استثنائية في ألمانيا.
ومنذ ذلك الحين، يعتمد النادي على مبدأ لا يمكن لأحد غيره الاعتماد عليه في ألمانيا، حيث يقوم النادي بتحديد وشراء أفضل اللاعبين الألمان أو أفضل اللاعبين في البوندسليغا. وفي بايرن ميونيخ يتعين على اللاعبين أن يثبتوا أنفسهم وسط منافسة شرسة. ويمكن القول إن أي لاعب ألماني يلعب بشكل منتظم في صفوف بايرن ميونيخ يلعب بشكل تلقائي في صفوف منتخب ألمانيا، مثل رومينيغيه وبول برايتنر في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، ولوثار ماتيوس وأندرياس بريمه وكلاوس أوغينثالر في أواخر الثمانينيات، وأوليفر كان ويورغن كلينسمان وماتيوس في منتصف التسعينيات، ومايكل بالاك في وقت لاحق.
وإذا كان هؤلاء اللاعبون ينتمون إلى المدينة أو المنطقة التي يوجد بها النادي، فهذا يعطي النادي قوة إضافية، فهذه هي الطريقة التي تتكون بها الفرق الرائعة. ومنذ عام 2005. وكما كان الحال قبل 40 عاماً، بنى بايرن ميونيخ فرقاً قوياً من اللاعبين المحليين من الطراز العالمي، ونجحت أنا وباستيان شفاينشتايغر وتوماس مولر في إضافة لمسة خاصة على شعار بايرن ميونيخ «ميا سان ميا» والتي تعني «نحن على ما نحن عليه». واليوم، يضمن مولر ومانويل نوير قيادة الفريق إلى الحصول على الألقاب والصعود إلى منصات التتويج، إلى جانب المهاجم البولندي الفذ روبرت ليفاندوفسكي بكل تأكيد. وفي عام 2020. فاز الفريق بالثلاثية ليكرر نفس الإنجاز الذي حققه في عام 2013.
ويمتلك بايرن ميونيخ كل المقومات التي تساعد على تحقيق النجاح: ملعب حديث، ومدينة رائعة، وجماهير هائلة. في الواقع، لا يوجد سوى عدد قليل للغاية من الأماكن الأخرى في ألمانيا التي تمتلك إمكانات مماثلة. لقد اقترض نادي هامبورغ أموالاً من الجماهير وهبط لدوري الدرجة الأولى مثل شالكه وفرانكفورت وبرلين وكولن. وكان بوروسيا دورتموند على وشك الإفلاس قبل عقدين من الزمن. وهكذا، فإن البوندسليغا، التي تعد ثاني أقوى دوري في العالم من الناحية المالية، تنتظر منذ عام 1997 لكي يحصل أي نادٍ آخر غير بايرن ميونيخ على بطولة كأس أوروبا.
لكن من ناحية أخرى، فإن هذا يجعل الأمور مريحة وسهلة بالنسبة لبايرن ميونيخ. ونظراً لأن المنافسة المحلية ليست على قدر المنافسة الدولية، فإن بايرن ميونيخ يستفيد أكثر من أي نادٍ آخر في ألمانيا من النمو الاقتصادي في كرة القدم الأوروبية. ومنذ عام 1998، نجح العملاق البافاري في زيادة عائداته بأكثر من ستة أضعاف. وبالتالي، لا يكاد أي فريق آخر قادر على منافسته فيما يتعلق بالتعاقد مع اللاعبين الجدد. إن هذه الميزة الهائلة تسمح لبايرن ميونيخ أن يتغلب سريعاً على فترات الضعف وأن يجدد صفوفه ويضخ دماء جديدة بسرعة.
ومن ناحية أخرى، بدأ الخطر يلوح في الأفق الآن. فمنذ أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، عندما قدم الصناعيون الإيطاليون الدعم المتبادل لكرة القدم كرعاة، أصبح الدوري الإيطالي الممتاز هو البطولة الأقوى في العالم على مدار عشر سنوات. ولعب ماتيوس، وبريمه، وكلينسمان، ورودي فولر، وتوماس هاللر، والغالبية العظمى من القوام الأساسي لمنتخب ألمانيا الفائز بكأس العالم عام 1990، في إيطاليا في أفضل فترات مسيرتهم الكروية. وخلال هذه الفترة، كان نادراً ما يخلو النهائي الأوروبي من يوفنتوس أو ميلان، ولم يفز بايرن ميونيخ بلقب دوري أبطال أوروبا.
والآن، قد نواجه عشر سنوات من هيمنة الدوري الإنجليزي الممتاز، بسبب التمويل الضخم من رجال الأعمال الأثرياء للغاية من جميع أنحاء العالم، ومن الدول التي ترغب في تحسين سمعتها من خلال الأحداث الرياضية الكبيرة. وخلال هذا العام، كادت المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا أن تكون بين ناديين إنجليزيين للمرة الثالثة في غضون أربع سنوات. وكان موسم 2019 - 2020 هو الاستثناء، عندما لُعبت بطولة دوري أبطال أوروبا بشكل مصغر وفي ظل ظروف معقدة بسبب تفشي فيروس كورونا، وهو الموسم الذي فاز فيه بايرن ميونيخ بلقب البطولة الأقوى في القارة العجوز مرة أخرى.
لكن هذه الفترة المماثلة للهيمنة الإيطالية في السابق يمكن أن تكون لها عواقب وتداعيات كبيرة. في عام 2014. انتقل ليفاندوفسكي إلى بايرن ميونيخ قادماً من بوروسيا دورتموند. أما اليوم، فينتقل أفضل المديرين الفنيين في العالم إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، ولم يعد أفضل اللاعبين في الدوري الألماني الممتاز ينتقلون إلى بايرن ميونيخ بطبيعة الحال. وكما حدث انتقل إيرلينغ هالاند إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، كما حدث مع كاي هافرتز وتيمو فيرنر قبل عامين، وهناك تكهنات بشأن رحيل سيرج غنابري أيضاً. وإذا رأى العديد من المواهب المتميزة لهذا الجيل أن الدوري الإنجليزي الممتاز أكثر جاذبية من نظيره الألماني، فقد يتسبب ذلك في حدوث مشكلة كبرى لبايرن ميونيخ والدوري الألماني الممتاز بأكمله.
ولن يتمكن بايرن ميونيخ من الاعتماد على دعم ألمانيا في هذه المنافسة بين الدوريات، كما أن ضعف البوندسليغا قد يؤدي إلى ضعف النادي على المدى الطويل. ربما تحدث هذه العملية على أرض الواقع بالفعل الآن. وخلال الفترة بين عامي 2010 و2016. وصل بايرن إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا ست مرات وإلى المباراة النهائية ثلاث مرات في سبعة مواسم. لكن. وهذا الموسم، تم إقصاء الفريق قبل الوصول إلى الدور نصف النهائي للمرة الثانية على التوالي، وكانت هذه المرة ضد فياريال الإسباني.
يأتي هذا في وقت يشهد رحيل جيل الإدارة القديم. فعلى مدار فترة طويلة من الزمن، كان هونيس يقود نادي بايرن ميونيخ وكأنه مالكه، وكان يتعامل معه على أنه العمل الوحيد له في الحياة. واليوم، هناك لاعبان سابقان يتوليان القيادة مرة أخرى، وهما حسن صالح حميديتش وأوليفر كان، الفائزين بدوري أبطال أوروبا عام 2001. وتتمثل مهمتهما الآن في تدعيم صفوف الفريق، في الوقت الذي يتحدث فيه الجميع عن ضرورة إبرام تعاقدات جديدة وضخ استثمارات قوية ولا يتحدث أحد عن المواهب الشابة - بطريقة تناسب النادي والدولة، من خلال نجوم محليين وعالميين يقودون بايرن ميونيخ خلال الفترة المقبلة.