فوضى الحرب تُفرغ ليبيا من العقول والكفاءات المتميزة

وزير التعليم السابق يعتبر أن هروبهم سيؤدي إلى تولي من هم أقل قدرة على إدارة مؤسسات البلاد

أحمد لنقي (من صفحته على «فيسبوك»)
أحمد لنقي (من صفحته على «فيسبوك»)
TT

فوضى الحرب تُفرغ ليبيا من العقول والكفاءات المتميزة

أحمد لنقي (من صفحته على «فيسبوك»)
أحمد لنقي (من صفحته على «فيسبوك»)

حذر أكاديميون وسياسيون ليبيون من تسارع عمليات هجرة العقول والكفاءات الليبية المختلفة خارج البلاد، في ظل عدم تهيئة الأوضاع في البلاد لاحتوائهم، وتهيئة البيئة المناسبة لهم.
وقال وزير التعليم بالحكومة الليبية المؤقتة السابقة بشرق ليبيا، فوزي بومريز، إن البلاد شهدت هجرة واسعة لهذه الكفاءات، خصوصاً بعد «ثورة 17 فبراير (شباط)» 2011. مشيراً إلى أن «المخيف في الأمر هو عدم اكتراث الحكومات المتعاقبة، التي تولت المسؤولية بعد الثورة لخطورة هذا الملف، وكثرة الأعداد المهاجرة». وأنه «لم تتم دراسة أسباب هذه الظاهرة، أو محاولة وضع الحلول للتخفيف من تداعياتها، عبر التواصل مع تلك العقول المهاجرة للاستفادة منها في بناء دولة حديثة، خصوصاً أنهم أدرى بالبيئة الليبية مقارنةً بأي عناصر أخرى قد يتم استقدامها». كما لفت إلى أنه «سلّم قبل مغادرته منصبه نهاية 2020 لحكومة (الوحدة) مبادرة لبناء قاعدة بيانات خاصة بتلك الكفاءات».
ورأى بومريز أن «إفراغ ليبيا من الكفاءات البشرية سيؤدي حتماً إلى تولي من هم أقل كفاءة وقدرة على إدارة مؤسسات الدولة، وهو ما سيؤدي بالضرورة لتدني مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، خصوصاً في قطاعات مهمة كالصحة والتعليم، مما سيُدخل البلاد حلقة مفرغة من هدر الميزانيات».
وحول أسباب الهجرة، قال بومريز إن «الوضع الطارئ الذي تعيشه البلاد، من فوضى وانهيار لمنظومة الدولة وغياب مؤسساتها، يعد بعض أسباب هجرة الكفاءات، مقارنةً بدول أخرى بالمنطقة، لكن هناك أيضاً أسباب أخرى كالإغراء المادي في الدول المستضيفة، والتمتع بمستوى معيشي أفضل لهم ولأسرهم».
أما محاضر العلوم السياسية بجامعة السوربون وعدد من الجامعات الأوروبية، الأكاديمي الليبي المبروك درباش، فضرب مثالاً على أزمة هروب الكفاءات بعدد الأطباء الليبيين الموجودين في ألمانيا وكندا، في حين يعاني الليبيون من تكلفة السفر خارج ليبيا للعلاج. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «افتقاد الكفاءات في القطاعات كافة لن يؤدي كما يتوقع البعض لجمود الوضع الراهن، وإنما لتراجع البلاد لعقود طويلة، بحيث سيكون الأمر بمثابة ضريبة مؤجلة ولكن ثقيلة التكلفة».
وأوضح درباش، الذي اضطر للهجرة عام 2011 عقب فصله من عمله كأستاذ للتخطيط الإداري والاستراتيجي بكلية العلوم السياسية بجامعة طرابلس لأسباب سياسية: «هناك عوائق تحول دون عودة تلك الكفاءات للعمل من الداخل الليبي، وهي تقريباً نفس أسباب هجرتهم بالمقام الأول». وتابع موضحاً: «بعيداً عن الإغراءات المالية ونسق الحياة المنظم وتوفر الإمكانيات للتفوق والبحث العلمي، إلا أن الأسباب الحقيقة تكمن في استمرار الصراع السياسي بتداعياته الأمنية، فضلاً عن زيادة الاستقطاب والتطرف الفكري».
ورأى درباشي أنه إلى جانب «سيادة القبيلة والجهوية وتصاعد وتيرة الفساد المالي والإداري، يظل الأخطر هو توظيف الدين لدرجة تصل للمتاجرة بما هو مقدس، وتعامل البعض مع صاحب الرأي المغاير أو الفكر الليبرالي على أنه مرتد».
أما الخبير الاقتصادي الليبي، سليمان الشحومي، ففسر تراجع أعداد الكفاءات جراء الهجرة بما شهدته البلاد نهاية العام الماضي، عندما تقدم ما يقرب من 5 آلاف مواطن للانتخابات البرلمانية، حيث أظهر الفحص الأمني لأوراقهم أن نسبة كبيرة منهم ليسوا إلا «مزوري شهادات تعليمية وأصحاب سوابق، ومع ذلك تكالبوا على الترشح لقيادة السلطة التشريعية بالبلاد، وبالتالي إصدار القرارات والتشريعات السياسية والاقتصادية». وقال الشحومي لـ«الشرق الأوسط»: «هذا مجرد مثال بسيط يُظهر تراجع أعداد الكفاءات لاضطرار كثير منهم للخروج والهجرة، بسبب ما فُرض من تصنيفات سياسية في بداية ثورة فبراير، وعدم قدرة من تبقى من الكفاءات الموجودة بالداخل على المنافسة، أو عزوفهم».
وبخصوص تصوراته للحل يرى الشحومي «أنه يبدأ بالاحتفاء بإنجازات هذه الكفاءات المهاجرة بشكل مناسب، مع إجراء مسح شامل لأعدادهم، نظراً لوجود ضبابية كبيرة حول هذا الأمر، ومعرفة تخصصاتهم قبل دعوتهم للعودة»، منوهاً إلى ضرورة خلق بيئة اجتماعية واقتصادية محفزة لهم. وقال في هذا السياق: «لكن قبل هذا لا بد من توافر الأمن، فانتشار المجموعات المسلحة بالشوارع يُشعر أي مواطن بالخوف حتى لو لم يتم الاعتداء عليه، خصوصاً إن كان لديه أطفال».
من جانبه، أكد عضو المجلس الأعلى للدولة، أحمد لنقي، أن ليبيا لن تستقر دون توحد للمؤسستين الأمنية والعسكرية، وقال إن توحيد المؤسستين سيُنهي إشكالية المجموعات المسلحة، وسيؤدي أيضاً لوجود حكومة تفرض سيطرتها على ربوع البلاد كافة، وهذا من شأنه دعمها لتبني نظم وأفكار اقتصادية حديثة تستهدف توظيف أفضل لأموال النفط في تمويل، وتنفيذ المشاريع الإبداعية للشباب، وبالتالي يتم استقطابهم للداخل بدلاً من هجرتهم.


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.