محمد المجذوب لـ«الشرق الأوسط»: أغنّي أجمل بعدما أصبحتُ أباً

تردّد لحن أغنية محمد المجذوب الجديدة، «هيدي حالتي»، في باله طوال فترة حمل زوجته. أراد له كلمات خارج التعقيد، ميّالة إلى الهضامة. كان لا بدّ من تنفيذه بشكل يروق للطفولة أيضاً. فالنجم السوري أب للمرة الأولى، توقظ الأبوة مشاعره العميقة. أغنيته للأغلى على قلبه: ابنه وزوجته، ومنهما إلى المراهنين على الحب.
يكتب محمد حيدر الكلمات، والمجذوب يلحّن بنفسه. «الآن أغنّي بجمالية أكبر»، يقول لـ«الشرق الأوسط». تتوجه الأغنية في مقطعها الأول إلى القادرين على الإسعاد، وهم الأطفال، البهجة والحلاوة. ومن ثَم يغني للحبيبة الزوجة: «أصدق حب في حياتي وتبت عإيديكِ خلاص. شو حلو غرامك، إحساسك كلامك». «لأنه لحني، تمكنتُ من التفاصيل وقدّمت لوناً جديداً».
الأغنية من إنتاج «يونيفرسال ميوزيك مينا»، شريكة نجاحه. يشعر محمد المجذوب بالاطمئنان لانتمائه إلى أسرتها، فهي «محترفة، تهمّها مصلحتي». يدرك أنّ الفنان يحتاج إلى أكثر من رأي ليكوّن مشورة مكتملة، والتقدّم مفتاحه الثقة المتبادلة والحرص على الصورة والمحتوى.
من مفاتيح نجم «الحب الحب»، إتقانه الغناء الرومانسي. لم تبدّل الأيام نظريته، وكلما اشتدّت الأزمة واستحال التحمّل، تأكد أن دور الفنان التخفيف عن البشر: «الناس مُرهقة بما يكفي، فلا أجد الغناء الدرامي مناسباً في الظرف الصعب. الأسهل على الفنان غناء الآلام. عُمر الأغنيات الحزينة طويل، لكن الغناء المُبهج يصبح بمثابة نداء من أجل الحياة».
لا يخفي أنه يهوى الغناء الدرامي ويميل إلى نمطه الموسيقي. يغريه أنه «لا يموت» وله بصمة عصية على الزمن. إنما صوت داخلي يذكره برسالته الفنية: إسعاد الإنسان. لكن ماذا عن الوقوع في التكرار؟ ألا يتشابه الغناء الرومانسي وخفقان القلوب؟ يجزم بأنّ التكرار أحد ألدّ خصومه. لا يدعه يطل برأسه ولا يسمح بأن يرخي ظلاله: «يستحيل أن تتشابه أغنياتي، فدائماً هناك الفارق في سرعة الإيقاع والكلام واللحن. ليس سهلاً غناء الحب. إنه بمرتبة التحدي. الكتابة عنه من الأصعب، فالكلمات تقريباً مستنزفة. على الفنان تنويع طريقة الغناء، وإن غنّى موضوعاً يمسّ البشرية، كالحب».
تستعجل عليه شركة الإنتاج لإصدار مزيد من الأغنيات، فيفضّل التروّي. يتحدث بصراحة عن الجوّ الفني المُسيطر: «منذ مدّة ولم أسمع ما يطربني. نجوم كبار غائبون عن الساحة. أتحمّل مسؤوليتي حيال الناس والذوق العام، ولا أغنّي ما لا أقتنع به».
يلمح شحاً في فرادة الملحنين والشعراء، «رغم أن مصر ولّادة، إنما في منطقتنا علينا البحث بجهد عن أغنية جميلة»، ويعترف بأن بعض الأغنيات تنجح وإن طُرحت في أي وقت، علماً بأن توقيت إصدار الأغنية مهم ولا يمكن الاستخفاف به. تسبقنا الأحداث، وهذه الحقيقة تشغل رأس محمد المجذوب وتُسبب القلق: «أعيش صراعاً مع نفسي مع كل إصدار. لا يفارقني الخوف. محبة الناس تجعلني أطمئن، ويساعدني تفاعلهم على الشعور بالارتياح. في (هيدي حالتي)، أغني لوناً جديداً يتطلّب بعض الوقت ليألفه الجمهور، وراضٍ عما تحققه من أرقام وأصداء».
يختصر مكانته الفنية: «الفنانون كثيرون والمنافسة محتدمة، فينبغي أن أكون بحجمها. غايتي أخذها إلى مكان يشبهني، لا أن أدعها تجرّني إلى أمكنة تشبهها. أبحث عن التجديد وأخطط لمشروع موسيقي أكثر من الاهتمام فقط بمنطق الأغنية الضاربة. أفكاري تتزاحم في رأسي وألوان كثيرة أطمح لغنائها».
يشكر الله على كونه مقدّراً بين الناس، لا يحترق على أشياء لم تتحقق ما دام الوقت أمامه: «غنيت على أهم المسارح وامتلأت مقاعد حفلاتي. أغنياتي ناجحة وأسعى إلى المزيد بجهدي، لا بالواسطة ولا باتصال تزكية من أحد». لا يكف عن التفكير بالمكانة الراقية، ورغم سنّه الصغيرة وما يسميه «تواضع مسيرتي»، يكبر حرصه على الاسم والسمعة وما يصنع الأثر. ولادة طفله أدريان جعلته يفكر بالغد، بدل العيش «يوماً بيوم». يترك جانباً محمد الفنان ويلتحف ثوب الأب. يبدو أنه ثوب عزيز على قلبه، فعند ارتدائه يصبح «إنساناً أحلى». من أجل طفله، «سأضاعف تعبي على أرشيفي فيفتخر بي». يصدّق الشعور الذي أخبروه عنه، بأنّ الأبوة مسألة عظيمة، «واليوم أنصح أصدقائي بالزواج، ويلا جبلك ولد وشوف شو حلو». تكفي نظراته ليشعر بالكون بين يديه، «وقد بدأ يتعرف إليّ فيمنحني حباً لا أملك وصفه. منذ ولادته وأنا أعشق البقاء في المنزل، فحين أطيل الغياب أعود متلهفاً بصحبة شعور رائع لم أعرفه من قبل».
يتفادى استعمال حساباته في مواقع التواصل لمشاركة جوانب من حياته الشخصية. المتابع يعلم أنها لتسويق فنه والإعلان عن جديده. هو قرار يتمسك بصوابه، خصوصاً بعد الإنجاب، فيقول: «أتعمّد البقاء على مسافة، فكيف إن تعلق الأمر بعائلتي؟ البعض يجعلك تمتنع تماماً عن نشر صورة واحدة، بعدما يفيض الحقد وتطفو الكراهية. أنا فنان تحت الضوء، أرفض الأذية لابني وزوجتي. أخشى التعليق الجارح والمسّ بالكرامات، ولا أريد لهما الغرق في المستنقع. أشاء لو أشارك أحبتي بنِعم الله عليّ، ثم أتراجع. أجنّب عائلتي حريق الأضواء».