«الاتحادية» العراقية تبطل «الأمن الغذائي» قبل التصويت عليه

حكمت بعدم صلاحية حكومة تصريف الأعمال في إرساله إلى البرلمان

مزارع يحصد الحنطة في محافظة الديوانية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
مزارع يحصد الحنطة في محافظة الديوانية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

«الاتحادية» العراقية تبطل «الأمن الغذائي» قبل التصويت عليه

مزارع يحصد الحنطة في محافظة الديوانية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
مزارع يحصد الحنطة في محافظة الديوانية الشهر الماضي (أ.ف.ب)

أحبطت المحكمة الاتحادية العراقية العليا، المختصة بالفصل في النزاعات الدستورية، أمس، مشروع قانون «الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية» المقدم من الحكومة إلى البرلمان، قبل أن يتمكن الأخير من إقراره والتصويت عليه داخل القبة النيابية. ومشروع القانون الذي تقدمت به قبل نحو شهرين أطراف التحالف الثلاثي -المؤلف من الكتلة الصدرية، والحزب الديمقراطي الكردستاني، وتحالف السيادة- يواجه منذ أسابيع معارضة سياسية داخل البرلمان تتقدمها قوى في «الإطار التنسيقي».
وكان من المقرر أن يصوّت البرلمان هذه الأيام على مشروع القانون الذي خصص له 35 تريليون دينار عراقي (نحو 20 مليار دولار). وفي حين تدافع قوى التحالف الثلاثي عن أن مشروع القانون سيتيح توفير الأموال اللازمة للحكومة لتسيير أمور البلاد، مع تعثر إقرار قانون الموازنة الاتحادية، ترفض قوى «الإطار التنسيقي» ذلك، وترى أن المشروع يمثل هدراً للمال العام وبديلاً غير مناسب عن مشروع الموازنة المالية العامة.
وبعيداً عن الجدوى الاقتصادية والمالية التي يتجادل حولها الطرفان (التحالف الثلاثي والإطار التنسيقي)، نظرت المحكمة الاتحادية في حكمها، من الزاوية القانونية والدستورية لمشروع قانون الأمن الغذائي. وجاء حكم أبطال القانون بناءً على طلب تقدم به رئيس الجمهورية برهم صالح، وعدد من أعضاء البرلمان يتعلق بتفسير عبارة «الأمور اليومية» الواردة في المادة (64 - ثانياً) من دستور البلاد الدائم التي تنص على أن «يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، إلى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدة أقصاها 60 يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مستقيلاً، ويواصل تصريف الأمور اليومية».
وطبقاً لتفسيرها لعبارة «الأمور اليومية»، رأت المحكمة الاتحادية العراقية أن حكومة رئيس الوزراء الحالية التي يقودها مصطفى الكاظمي، لا يحق لها «اقتراح مشاريع القوانين وعقد القروض أو التعيين في المناصب العليا للدولة والإعفاء منها أو إعادة هيكلة الوزارات والدوائر»، بوصفها حكومة تصريف أعمال عادية. وذلك يعني إبطال قانون «الأمن الغذائي» المقدم إلى البرلمان من الحكومة.
وجاء قرار المحكمة الاتحادية بالتزامن مع تحذيرات أطلقها رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، من تبعات تشريع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي. وقال المالكي، الذي يعدّ من بين أبرز الشخصيات السياسية وأكثرها نفوذاً في «الإطار التنسيقي»، في معرض رده على أسئلة الصحافيين عبر نافذة التواصل مع وسائل الإعلام، «إن العالم مقبل على أزمة في المواد الغذائية الأساسية، ويتفاوت تأثيرها وشدة وطأتها من بلد إلى آخر، وذلك على خلفية تداعيات استمرار الحرب الأوكرانية - الروسية، وأن العراق من الدول التي تتأثر بهذا النقص الغذائي بسبب الانخفاض في الإنتاج الزراعي، لا سيما الحبوب ومنها الحنطة، وكذلك لزيادة الطلب الدولي على السلع الغذائية وندرة المعروض منها عالمياً، مع ارتفاع أسعارها».
وأضاف أن «هذا الواقع يفرض مسؤولية جسيمة على الحكومة والسعي الدؤوب من قِبلها من أجل توفير الأموال اللازمة لسد الحاجة إلى المواد الغذائية الأساسية، والحيلولة دون نقصانها في الأسواق». وشدد المالكي على «ألّا يكون هذا المطلب المشروع والحاجة الملحة مدعاة لمخالفات قانونية ودستورية، أو قيام الحكومة بتصرفات خارج صلاحياتها بوصفها حكومة تسيير أعمال ذات مهام محددة ومقيدة مالياً، ويجب عليها الاعتماد على السوابق الحكومية في إيجاد الحل». وأشار إلى أن «الحكومات في الأعوام التي تعجز فيها عن تقديم الموازنة السنوية للبلاد، أو يتعطل إقرارها في البرلمان، كانت تلجأ إلى حل قانوني ودستوري واضح وسليم، وذلك باستخدام مبدأ السلف من وزارة المالية لتغطية نفقات تأمين المواد الغذائية الأساسية».
يشار إلى أن بعض المراقبين المحليين يرون أن في حكم المحكمة الاتحادية جانباً سياسياً لا يمكن تجاهله رغم الإطار القانوني والدستوري الذي يتمتع به، ويتمثل الجانب السياسي في إحراز قوى «الإطار التنسيقي» هدفاً في مرمى منافسيهم وخصومهم من قوى «التحالف الثلاثي»، لأن الحكم جاء في صالح «الإطاريين» الذين تقدموا إلى المحكمة بالاشتراك مع رئيس الجمهورية في طلب تفسير عبارة «الأمور اليومية»، علماً بأن الرئيس برهم صالح مرشح حزب «الاتحاد الوطني» الكردستاني لمنصب رئاسة الجمهورية، هو الحليف الكردي السياسي لقوى «الإطار التنسيقي» في مقابل تحالف الحزب «الديمقراطي» الكردستاني، بزعامة مسعود البارزاني مع قوى «التحالف الثلاثي».
في غضون ذلك، وافقت منظمة «أوبك» على زيادة إنتاج النفط العراقي إلى 4.5 مليون برميل يوميا بدءاً من يونيو (حزيران) المقبل.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

مبعوث أوروبي يتوجه إلى سوريا للتباحث مع القيادة الجديدة

أشخاص يمرون أمام المباني المدمَّرة في بلدة جوبر السورية بالغوطة الشرقية على مشارف دمشق (أ.ف.ب)
أشخاص يمرون أمام المباني المدمَّرة في بلدة جوبر السورية بالغوطة الشرقية على مشارف دمشق (أ.ف.ب)
TT

مبعوث أوروبي يتوجه إلى سوريا للتباحث مع القيادة الجديدة

أشخاص يمرون أمام المباني المدمَّرة في بلدة جوبر السورية بالغوطة الشرقية على مشارف دمشق (أ.ف.ب)
أشخاص يمرون أمام المباني المدمَّرة في بلدة جوبر السورية بالغوطة الشرقية على مشارف دمشق (أ.ف.ب)

قالت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، اليوم الاثنين، إن مبعوث الكتلة إلى سوريا سيزور دمشق، للتحدث مع القيادة الجديدة للبلاد، في حين تكثف القوى الغربية انخراطها، بعد الإطاحة ببشار الأسد.

وأضافت كالاس، في مؤتمر صحافي، قبل اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي: «سيذهب ممثّلنا في سوريا إلى دمشق، اليوم»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشارت كالاس إلى أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيناقشون في بروكسل «طريقة التعامل مع القيادة الجديدة في سوريا وإلى أي مستوى ستصل علاقتنا معها». وأكدت «بالنسبة إلينا، لا يتعلق الأمر بالأقوال فقط بل بالأفعال التي تسير في الاتجاه الصحيح».

وعقب سقوط بشار الأسد، أعربت الجهات الدولية الفاعلة عن تفاؤل حذر مع تعهد الإدارة الجديدة في سوريا حماية الأقليات وتشكيل حكومة تشمل جميع الأطراف.
في سياق متصل، بحث المبعوث الأممي لسوريا، جير بيدرسون، وقائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع أمس، ضرورة إعادة النظر في القرار الأممي 2254 بعد الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد، في الثامن من الشهر الحالي.

وأفادت وكالة الأنباء السورية «سانا» بأنه «خلال لقاء قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع مع المبعوث الأممي لسوريا جير بيدرسون، جرى بحث ومناقشة ضرورة إعادة النظر في القرار 2254 نظراً للتغيرات التي طرأت على المشهد السياسي، مما يجعل من الضروري تحديث القرار ليتلاءم مع الواقع الجديد».

وأكد الشرع «أهمية التعاون السريع والفعال لمعالجة قضايا السوريين، وضرورة التركيز على وحدة أراضي سوريا، وإعادة الإعمار وتحقيق التنمية الاقتصادية».

وأضاف: «تحدّث عن ضرورة التعامل بحذر ودقة في مراحل الانتقال، وإعادة تأهيل المؤسسات لبناء نظام قوي وفعال، بالإضافة إلى ذلك جرى تأكيد أهمية توفير البيئة الآمنة لعودة اللاجئين، وتقديم الدعم الاقتصادي والسياسي لذلك».

وأشار الشرع إلى «ضرورة تنفيذ هذه الخطوات بحرص شديد ودقة عالية، دون عجلة، وبإشراف فِرق متخصصة؛ حتى تتحقق بأفضل شكل ممكن».

ووصل بيدرسون إلى دمشق، أمس الأحد، في أول زيارة له بعد إسقاط نظام الأسد، مُعرباً عن أمله في رؤية «نهاية سريعة للعقوبات». بينما قالت كالاس إن اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين، المقرر عقده في بروكسل، اليوم الاثنين، الذي يتضمن سوريا على جدول أعماله، لن يتناول مسألة زيادة الدعم المالي المقدم لدمشق، بخلاف ما قدَّمه الاتحاد الأوروبي بالفعل عبر وكالات الأمم المتحدة.