قرويون قرب خاركيف يعيدون بناء منازلهم بعد تحريرها

سكان يخرجون أغراضهم من منزلهم المدمّر في فيلخيفكا شرق خاركيف السبت (أ.ف.ب)
سكان يخرجون أغراضهم من منزلهم المدمّر في فيلخيفكا شرق خاركيف السبت (أ.ف.ب)
TT

قرويون قرب خاركيف يعيدون بناء منازلهم بعد تحريرها

سكان يخرجون أغراضهم من منزلهم المدمّر في فيلخيفكا شرق خاركيف السبت (أ.ف.ب)
سكان يخرجون أغراضهم من منزلهم المدمّر في فيلخيفكا شرق خاركيف السبت (أ.ف.ب)

يشهد الطريق المؤدي إلى فيلخيفكا في شرق خاركيف الأوكرانية؛ حيث توقفت دبابتان روسيتان وأخرى أوكرانية، جميعها معطلة، على القتال العنيف الذي دفع الأوكرانيين إلى طرد الروس باتجاه حدودهم، واستعادة القرى المحتلة منذ بدء الغزو الذي شنته موسكو.
وجرت معركة استعادة فيلخيفكا، بحسب سكان القرية، في نهاية شهر مارس (آذار)؛ لكن الجيش الأوكراني منع الوصول إلى المنطقة حتى أيام قليلة مضت. وفي مؤشر على عودة الهدوء مؤخراً، يستلقي جنود يرتدون قمصانهم الداخلية تحت أشعة الشمس.
وفي دلالة رمزية، تمت كتابة عبارة «آزوف كانت هناك» مرفقة برمز الكتيبة الأوكرانية الشبيه بالصليب المعقوف النازي، على إحدى الدبابات بجوار الحرف «Z» الذي رسمته القوات الروسية، حسبما أفادت وكالة «الصحافة الفرنسية» في تقرير لها.
ودُمرت عشرات المنازل في هذه القرية التي يبلغ عدد سكانها حوالي ألفي نسمة، جراء القذائف والانفجارات والحرائق. ويمكن مشاهدة الملابس والدمى والأجهزة المنزلية في الشوارع؛ حيث ينتشر الحطام ومخلفات الذخيرة. وطال الحريق مدرسة ضخمة مكونة من طابقين.
- «الجحيم كان هنا»
وبقيت جثة جندي روسي متروكة السبت في حديقة المبنى، في حين تناثرت صناديق من الذخيرة الفارغة المضادة للدبابات، وأكياس النوم، ومواد غذائية، إلى جانب كرة سلة وكتب مدرسية في صالة الألعاب الرياضية التي كان الروس يستخدمونها على الأرجح كمهجع.
ومن بعيد، تدوي بانتظام انفجارات، دون أن يكون من الممكن معرفة ما إذا كانت ناجمة عن إزالة الألغام أو نيران المدفعية. وبالقرب من المدرسة، يوزع المتطوعون الطعام على عدد قليل من السكان المتبقين.
احتل الروس المنطقة منذ بدء الحرب في 24 فبراير (شباط) والهجوم على خاركيف، على ما أكد إدغار أندريسوفياتش، وهو عامل كهرباء لم يغادر القرية قط.
وأوضح أندريسوفياتش أن عدد الروس الذين كانوا موجودين بالفعل، ازداد فجأة في نهاية مارس. بعض السكان يتحدثون عن 26 مارس، وآخرون عن 25 أو 24 منه، واستخدموا القرية وخصوصاً المدرسة. فر معظم السكان في ذلك الوقت. وأكد أندريسوفياتش: «قال لنا الروس: (إذا لم يطلق جيشكم النار فلن نطلق النار). سألتهم: ماذا يفعلون هناك؟ أجابوني: (نقوم بالتحرير)».
في اليوم التالي، تم قصف المدينة بكثافة، ودارت معارك عنيفة. قال ليوبوف إيفانيفنا، البالغ من العمر 70 عاماً: «القرية دُمرت شيئاً فشيئاً. سقط عدد هائل من القذائف. إذا لم تسمع أو تشاهد ذلك من قبل، فلا يمكنك أن تدرك ما حصل. منازل دُمِّرت» مضيفاً: «كان الأمر مروعاً».
ويقول فيكتور إيفانوفيتش: «لأكون صريحاً، الجحيم كان هنا. كانت منازلنا تنفجر وتحترق. لقد أنقذت منزلي بإخماد حريق». ورجع إفغين زاغوميني من أجل «إعادة بناء المنزل، علينا أن نقيم في مكان ما. لن نعيش في مترو الأنفاق (في خاركيف؛ حيث لجأ السكان لحماية أنفسهم) إلى الأبد».
- الخوف من عودة الروس
وبدأ سيرغي بيلينيخين، وهو نجار، بالفعل عمله. وقال بعد أن ثبَّت ألواحاً خشبية على النافذة: «أشعر بأنني لا أملك منزلاً بعد الآن. لم يتبقَّ سوى الجدران، فلا نوافذ ولا سقف» مضيفاً: «بإذن الله، سأنتهي قبل حلول الخريف». وتابع: «لماذا أحزن؟ لا تزال الجدران صامدة بينما فقد الجيران كل شيء. عائلتي على قيد الحياة وولداي (في الثالثة والسابعة من العمر) بصحة جيدة».
حتى وإن غادر الروس، فإن السكان لا يشعرون بالاطمئنان. تقع الحدود على بعد حوالي 30 كيلومتراً فقط، ولا تزال القوات الروسية متمركزة على بعد حوالي 10 كيلومترات من خاركيف.
وأقر إدغار أندريسوفياتش: «إنها قريبة جداً. لقد جاؤوا إلى هنا كما لو كانوا في منزلهم. أنا قلق»، مؤكداً أنه سيبقى «لأطول فترة ممكنة».
وقال سيرغي الذي لم يكشف عن لقبه: «الروس ليسوا أشخاصاً جيدين. قد يتمكنون من العودة. أنا قلق. إنهم يواصلون إطلاق النار»، مضيفاً: «لكنني ولدت هنا. وترعرعت هنا. إنه مسقط رأسي. لن أغادر. إنه حياتي كلها».


مقالات ذات صلة

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».