بدأ الإلهام المتمم لمسرحية «ليلة واحدة»؛ الحدث المسرحي الذي دام تسع ساعات في مسرح «تارجت مارجين» في بروكلين، قبل نحو 3 آلاف ليلة. أو، لسرد القصة بطريقة أخرى، بدأت منذ أكثر من ألف سنة عندما ظهرت بعض الحكايات الشعبية الشرق أوسطية والهندية لأول مرة في المجموعات الأدبية العربية. وتتقاطر حكايات «الليلة الواحدة» المتداخلة، المعروفة باسم «ألف ليلة وليلة» أو «ذا أرابيان نايتس». وتضم بعض الطبعات العشرات من القصص؛ وربما المئات. لذا، عندما تفكر في الأمر، فإن 9 ساعات ليست طويلة للغاية على الإطلاق.
يقول ديفيد هيرسكوفيتس، المدير الفني لمسرح «تارجت مارجين»، أثناء محادثة فيديو أخيرة، «في واقع الأمر، من وجهة نظري، إنها مغامرة مطولة في سرد قصصي».
ظل مسرح «تارجت مارجين»، الموجود خارج شارع برودواي، يروي قصصاً لأكثر من 30 عاماً، واكتسب سمعة بتفكيك النصوص المعقدة وعرضها مرة أخرى مع الأزياء الملونة، والأضواء المبهجة، والمراحل المزخرفة التي تزين أرفف محلات المنتجات الرائجة. لا ينبغي أن تكون مفاجأة للشركة التي تنتقل بابتهاج من الأوبرا الألمانية إلى المأساة اليونانية إلى الفلكلور اليديشي، فإن الإقامة المطولة في الشرق الأوسط تعد من قبيل المفاجآت الخاصة. لكن الشركة لم تعمل أبداً في عرض على مدى سنوات عديدة، أو قدمت الكثير من الطعام للجمهور - من الفاكهة، والمعجنات، والفشار، والشوكولاته، وعلب التوفو، وطبق سيبيتشي العنب.
بدأ هذا العمل قبل حوالي 8 سنوات مع موي يوسف، الذي كان حينها مديراً فنياً مشاركاً، وصار الآن طالباً في ماجستير إدارة الأعمال. تناوب يوسف على قراءة «ألف ليلة وليلة» بصوت عال مع أعضاء آخرين في مكتب الشركة في فورت غرين، بروكلين.
هيرسكوفيتس لم يكن يعتقد أن أي شيء سوف يأتي بالضرورة منه. ولكنه أصبح مفتوناً بالقصص وتاريخها النصي المعقد.
وقال بحماس: «لا يوجد نص. ما لديكم هو تقليد من القصص، يشمل لغات، ثقافات، أدياناً، مواقع جغرافية مختلفة كثيرة جداً».
ولأنه راوٍ قصصي لفترة طويلة، تمتع أيضاً بأولوية السرد داخل القصص - خصوصاً القصة الإطارية (القصة التي تُروى في إطارها مجموعة من الحكايات). في هذه القصة، قرر الملك شهريار، الغاضب من خيانة زوجته، أن يتزوج عذراء كل ليلة، ثم يقتلها قبل أن تسنح لها الفرصة لخيانته. ويستمر في قتل بعض النساء إلى أن يقدم وزيره ابنته شهرزاد. في تلك الليلة الأولى - وبعد ألف ليلة - تروي قصة ممتعة للغاية بحيث يُجحم الملك عن إعدامها حتى يمكنها الاستمرار.
في عام 2017، مع انتهاء مشروع أونيل ونقل الشركة مؤخراً إلى مرآب تم تحويله في حي صانسيت بارك في بروكلين، بدأت ورش العمل. ثم تطورت ورش العمل هذه، التي كان العديد منها تحت قيادة أعضاء الشركة القدامى، إلى عروض عامة: «لا تنتبهوا للفتاة»، «مختبر سندباد»، «مرجانة والأربعين لصاً»، وواحد آخر بلقب لا يمكن ذكره.
ومن أجل ابتكار النصوص لهذه العروض، أخبرت الشركة بعضها البعض وأعادت سردها مراراً وتكراراً.
لم يتم نشر أي من هذه القصص بشكل صحيح، ليس فقط لأن «تارجت مارجين» نادراً ما واجه نصاً بشكل مباشر، وإنما أيضاً لأن القصص نفسها تدعو إلى وجهات نظر مستشرقة. والعديد من القصص، بما في ذلك القصة الإطارية، تروج لنظرة عالمية مناوئة للمرأة.
نشأت السيدة راوية الشاب، ممثلة من أصل لبناني، مع هذه القصص. عندما بدأت العمل مع «تارجت مارجين» في عام 2019، شعرت بالقلق إزاء كيفية سرد القصص. «هل نستطيع القول إن كل هؤلاء النساء العربيات يحتجن إلى الإنقاذ، وهو في الأغلب السرد الذي أخشاه، والذي يزعم أن الرجال العرب قساة، وأن النساء العربيات يحتجن إلى الإنقاذ؟»، كما قالت خلال مكالمة فيديو أجريت مؤخراً.
لكنها سرعان ما علمت أن «تارجت مارجين» يؤكد على عملية الإبداع التعاوني، الأمر الذي يشجع الحوار بين أعضاء الشركة. وقالت: «الأمر المدهش في العمل مع ديفيد هو إمكانية الحوار باستمرار».
أوقفت عمليات الإغلاق الوبائية هذه الاستكشافات بصفة مؤقتة. لكن خلال السنة الثانية من الوباء، شعر هيرسكوفيتس بالتوق للعودة إلى هذه الحكايات، مع عرض شامل من شأنه الجمع بين ما سبق أن أنشأته الشركة مع مواد جديدة، والقصص المستمدة من تقاليد وقصص شخصية أخرى أيضاً. وصار ذلك مسرحية «ليلة واحدة» مدتها 9 ساعات. وبالنسبة لبعض العروض، تقوم الشركة بتقسيم المادة على مدى ليلتين؛ وأحياناً أخرى يؤدونها من بعد الظهر إلى منتصف الليل. بعض العروض تبدأ من الغسق وتنتهي بالفجر.
قال هيرسكوفيتس عن هذه العروض التي تقام بين عشية وضحاها، «هذا هو الحلم. هذا ما تفعله شهرزاد».
وهذا يشكل تحدياً بالطبع للممثلين. وعندما اختبر الأداء الليلي بين عشية وضحاها في البداية، خلال بروفة الثياب، وجد فوغن ميرشانت أنه مرهق. وقال: «كان الأمر صعباً، وقاسياً للغاية». لكن الأمر أصبح أسهل منذ ذلك الوقت، وتمر الساعات سريعاً الآن، كما قال.
توافق راوية الشاب على ذلك بقولها: «تشعر بالتعب في النهاية، لكنك تشعر بالتحرر، وتشعر بالسعادة لأنك أنجزت الأمر».
هيرسكوفيتس يريد التحرر والفرح للجمهور أيضاً. مما يفسر الطعام، فضلاً عن مجموعة كارولين مراز اللطيفة، المليئة بالأرائك المريحة وحقائب القماش، والوسائد. ويجري تشجيع الفواصل للاستراحة. وإذا خلد أحدهم للنوم، فهذا لا بأس به أيضاً.
قال هيرسكوفيتس، «قد يكون هذا رائعاً. كما لو كنت طفلاً صغيراً، يخبرك أحدهم بقصة. وهذا أمر جميل».
- خدمة «نيويورك تايمز»