مهرجان «كناوة» بالصويرة يختتم فعالياته بحوار موسيقي مغربي جزائري

الدورة الـ 18 جمعت فنانين من كل القارات.. ودعت إلى إنصاف نساء أفريقيا

عروض فنية رائعة جمعت فنانين من ثقافات وحساسيات موسيقية مختلفة («الشرق الأوسط»)
عروض فنية رائعة جمعت فنانين من ثقافات وحساسيات موسيقية مختلفة («الشرق الأوسط»)
TT

مهرجان «كناوة» بالصويرة يختتم فعالياته بحوار موسيقي مغربي جزائري

عروض فنية رائعة جمعت فنانين من ثقافات وحساسيات موسيقية مختلفة («الشرق الأوسط»)
عروض فنية رائعة جمعت فنانين من ثقافات وحساسيات موسيقية مختلفة («الشرق الأوسط»)

على مدى أربعة أيام، استمتع أهل الصويرة وزوارها بحفلات موسيقية تألق خلالها فنانون من مختلف أطراف العالم، جعلوا من موسيقى «كناوة» ذريعة للمزج بين مختلف الاختيارات والأشكال الموسيقية العالمية.
ومع الحفل المشترك الذي جمع المغربي حميد القصري بالأفغاني هومايون خان، خلال حفل الافتتاح، انتهاء بالمغربي محمود غينيا والجزائري كريم زياد. كما شكل حفل فرقة «السفراء» المالية، أحد أجمل الفقرات التي حظيت بمتابعة جماهيرية لافتة، تم خلالها تقديم أغان تحمل استلهامات تقليدية ممزوجة بنفحة الفونك وإيقاعات من أميركا اللاتينية، تألق خلالها كل من سليف كيتا والشيخ تيديان سيك وأمدو باكايوكو، وهم نجوم بارزون في الساحة الفنية الأفريقية، حققوا مشوارا فنيا متألقا بشكل فردي، قبل أن يؤسسوا، في السبعينات، فرقتهم، التي تتغنى بأفريقيا والسلام العالمي. وكرست دورة هذه السنة من مهرجان الصويرة، عبر برنامجها، الذي جمع متعة الموسيقى بفضيلة النقاش الاجتماعي والثقافي والاقتصادي السياسي، لذلك قدمت التظاهرة فنانين طبعوا ببصمتهم موسيقى تنهل من معين الثقافة الأفريقية الذي لا ينضب، مع الانفتاح على موسيقى باقي العالم، بشكل يحتفي بتلاقح الثقافات ويعكس روح المهرجان.
كما عرفت التظاهرة إقامة «شجرة الكلمات»، في دورتها العاشرة، التي تتغيا التعريف بالتقاليد «الكناوية»، وإبراز المواهب الجديدة في هذه الموسيقى، حيث شكلت هذه الفقرة خشبة مفتوحة مليئة بالأنغام وفضاء للقاءات والحوار ومرآة للحفلات الموسيقية، جمعت فنانين محترفين وهواة، وموسيقيين مشاركين في المهرجان، فضلا عن برمجة عروض في الفنون التشكيلية والفوتوغرافية بعدد من أروقة العرض بالمدينة، خاصة برواق العرض التابع لبرج باب مراكش التاريخي، الذي احتضن معرضا جماعيا في الفنون التشكيلية لسبعة فنانين مغاربة، أغلبهم صويريون، وفضاء العرض بـ«دار الصويري»، الذي احتضن معرضا للصور الفوتوغرافية للفنان صابر الموكيل، قدم فيه أعمالا تجسد وترصد الحركات العجيبة لفناني «كناوة».
ومع تنوع وثراء برنامج الدورة الـ18، التي اختتمت فعالياتها ليلة أول من أمس، بـ«حوار موسيقي» مغربي جزائري، تجاورت خلاله إيقاعات «كناوة» ذات العمق الأفريقي بالجاز الأميركي، بدت المدينة كما لو أنها قصيدة تستعصي على الأوزان والقراءة الواحدة، بينما أكد تدفق عشاق المدينة وموسيقى «كناوة» بالآلاف على ساحات المدينة أهمية المراهنة على الثقافة لتحقيق التنمية في مختلف أبعادها. ويحسب لمهرجان «كناوة»، تفرده في الجمع بين جمهور متعدد الطبقات واللغات والأعراق والديانات والاختيارات السياسية، حيث يتماهى مع أجوائه الوزراء والسفراء ورجال الفن والمال والأعمال والسياسة والعاطلون عن العمل والطلبة والأطفال والآباء والأمهات، بينما تبقى غالبية هذا الجمهور من الشباب الحالم، الذي يتميز بلباسه وتسريحة شعره الخاصة، وفي أغلب الأحيان بضفائر طويلة وحقائب صغيرة، كما لو أنها بيوت متنقلة، يضعونها على ظهورهم، معطين الانطباع، وهم يذرعون الأزقة والساحات، كما لو أنهم في رحلة لا تنتهي للبحث عن شيء ما في مكان ما، كل هذا، فيما يترك أصحاب المقاهي والمطاعم وتجار المدينة انطباعا بأنهم يتمنون لو أن أيام السنة كلها مهرجان «كناوة»، بينما يراهن القائمون على التظاهرة على ألا تنحصر قيمة هذا الموعد السنوي في تنشيط أو مشاهدة حفل فني، بل أن تصير الثقافة طريقة حياة ورافعة لتنمية المدينة، بينما تلامس مختلف مجالات عيش السكان.
ولا يخفي المنتخبون بالمدينة سعادتهم بالقيمة المضافة التي منحتها المهرجانات الفنية لـ«مدينة الرياح»، ويعترفون بأنه «مع الرقي المتواصل لمهرجان (كناوة)، بشكل خاص، ارتقت المدينة، فأطلقت بها استثمارات ضخمة غيرت من وجهها بشكل جذري». وكانت خلاصات دراسة أنجزت لتقييم الأثر الاجتماعي والاقتصادي للمهرجان على المدينة، خلال الفترة ما بين 1998 و2013، قد أبرزت أن 60 في المائة من المستجوبين يربطون الصويرة بالفن، وبمهرجان «كناوة»، بينما يرى 89 في المائة أن المهرجان مهم للمدينة، كما بينت الدراسة أن كل درهم استثمر في المهرجان عاد بالنفع على المدينة بقيمة 17 درهما.
وبينما يبحث زوار المدينة عن راحة البال ومتعة الاستجمام والموسيقى، ويقتنص الموسيقيون هذا الموعد السنوي لتعميق اختياراتهم الفنية، لم يكن أمام أهل الصويرة، للسنة الثامنة عشرة على التوالي، وفي نفس التوقيت، تقريبًا، إلا أن يغيروا عادة التوجه، مساءً، نحو شاطئ المدينة ليتأملوا زرقة البحر ومشهد غروب الشمس، بينما أبصارهم تحدق في ظلمات المحيط، كما لو أنهم يستعيدون حكاية السلطان العلوي، سيدي محمد بن عبد الله، الذي رسم مدينتهم، قبل نحو ثلاثة قرون، متجهة نحو البحر والغرب.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.