مصور مصري يؤرخ بعدسته حياة المصريين

يرصد أحوالهم وحكاياتهم في قصص مصورة

المصور المصري أحمد هيمن
المصور المصري أحمد هيمن
TT

مصور مصري يؤرخ بعدسته حياة المصريين

المصور المصري أحمد هيمن
المصور المصري أحمد هيمن

تستطيع أن تقرأ قصة واحدة في اليوم، وإن كنت من هواة القراءة بشغف، يمكن أن تقرأ اثنتين أو ثلاثا، لكن تجربة القصة المصورة توفر لك الاستمتاع بأكثر من قصة في ساعة واحدة، خاصة إذا كانت لأشخاص ووجوه أصحاب تجربة في الحياة.
فالفوتوغرافيا تستطيع أن تنقل بوضوح أبعاد الملامح والوجوه، وتحكي طموح الكادحين، وأحلام الفتيات في ارتداء فستان بسيط دون مضايقة الآخرين لها في الشارع.
ولأن الوجوه حكايات، تحمل دائما تفاصيل ومواقف مخبأة عن الآخرين، تنتظر فقط فرصة جيدة لتشاركها مع العالم، استخدم المصور المصري أحمد هيمن عدسته، لالتقاط صور تتحدث عن نفسها، لأناس عاديين في محافظات مصر وليس القاهرة فقط، ثم يقوم بنشرها عبر مشروعه الجديد صفحة «مصريين» على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، ومعها تعليق عن قصة صاحب الصورة أو أكثر ما يميز اللقاء.
ولا يتناول المصور، فئة محددة بعينها، فتستطيع أن تجد صورة لبائع حلوى غزل البنات في الإسكندرية، يقول فيها ««أنا بدعي ربنا كل يوم إني أرجع البيت سليم»، وصورة أخرى، لأحد الأشخاص يستخدم ساقا صناعية بدلا من ساقه التي فقدها، ويشارك في بعض الأنشطة الرياضية، معبرا عن انزعاجه من تعامل الآخرين معه على أنه من ذوي احتياجات خاصة.
وعن فكرة صفحة «مصريين» وبدايتها يحكي المصور الصحافي أحمد هيمن لـ«الشرق الأوسط»: في 15 فبراير (شباط) من عام 2011. وبعد مرور الـ18 يوما الأولى في ثورة يناير (كانون الثاني)، قمت بتصوير فيديو بعنوان «مصر بكره» يعبر فيها المصريون عن أحلامهم وما يخطر في بالهم، عن رؤيتهم لشكل مصر في المستقبل، في غمرة الفرح والحماس بتنحي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، فجاءت الإجابات والأحلام كلها صادمة بالنسبة لي، فكان معظمها يدور حول مشاكل التعليم والصحة والمواصلات والمعيشة، تلك الأمور والحقوق البديهية للمواطن العادي التي لا يحصل عليها بسهولة!
ثم مر الوقت، وبطبيعة عملي كمصور صحافي بإحدى الصحف المصرية، أقابل شرائح المجتمع المصري بكل فئاته، كنت أشعر بالفضول تجاه أحلام الناس العادية، وحمسني أيضا مشروع «هيومن أوف نيويورك» للمصور الأميركي براندون ستانتون، حيث كان يتلقط صورا عشوائية لسكان نيويورك ويرفق معها ما يتحدث عنه صاحب الصورة.
ويكمل هيمن «في البداية كان تفاعل الناس معي في الشارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي جيدا، ثم انشغلت وأحبطت قليلا، شعرت أن ما أصوره لن يغير شيئا، إلى أن سافرت إلى دبي وقابلت مؤسس هيومن أوف نيويورك، وحضرت لقاء عن تجربته وكيف يؤثر الإنسان في حياة الآخرين ويغير هذا من شخصه ومن مجاله المهني ويزيده إيجابية تجاه نفسه ومجتمعه، فعدت وكلي حماس مرة أخرى، وركزت أكثر على القصص الملهمة والمميزة التي تدفع قارئها ومشاهديها إلى التفكير في أمر إيجابي جميل لنفسه ولأحبابه وللآخرين. وقمت بطرح صورة يومية مع تعليق وقصة صاحبها، فزاد التفاعل مع المشروع ووصل عدد متابعيه إلى 102 ألف متابع في أقل من شهر، وحاليا قمت بتطوير الأمر، حيث طرحت فكرة جديدة في تصوير فيديو قصير في أقل من 20 ثانية، عن قصة مميزة لأحد الأشخاص، لأن المشاهدة والسمع لهما تأثير آخر على النفس».
ويكمل هيمن «هدفي من تلك الصور واللقاءات أيضا، هو أن نضع مرجعا لنا، نؤرخ للحظات والمواقف المميزة في حياتنا، عبر تجارب أناس عابرة لا نعرفهم ولا يعرفوننا بشكل شخصي، أن يصبح هذا ملجأ لكل شخص يشعر باليأس وانعدام الأمل، خاصة في الفترة التي تعيشها مصر من تطورات سريعة فاقت قدرتنا على الاستيعاب في بعض الوقت».
تحمل الصور جميعها، قصصا واقعية وحقيقية لأصحابها، مثل بائع عصير القصب الذي يشعر بالفخر و«العزوة» بالتفاف أطفاله من حوله، وكذلك حارس المعبد المصري، الذي يحلم أن يدرك المصريون قيمة الكنوز الأثرية التي لديهم وأن يحترموا الأثر ويقدروه.
وعن أطرف الصور التي قابلها هيمن قال: «صورة الفتاتين التوأمتين، اللاتي قالا فيها نصاً: (عمر ما حد فينا قال للتاني /كل سنة وانتي طيبة/ في عيد ميلادنا... ولا حتى بنجيب لبعض هدية في اليوم دا، مرة سألتها: هو احنا ليه مش بنقول لبعض /كل سنه وانتي طيبة/!!! قالتلي /هو في حد بيقول كل سنة وانت طيب.. لنفسه/)، فوجئت بعدها بكم من الرسائل الإيجابية من أشقاء توائم يروون قصصهم ومواقفهم الحياتية، حينها عرفت أني وصلت لما أريد».
وعن أمنيات هيمن لتطوير مشروعه التوثيقي «مصريين»: «أتمنى أن أعرض صوري في معرض كبير يلف مصر بمحافظاتها، يحضره في الأساس أصحاب اللقطات الذين قمت بتصويرهم والحديث معهم، لأننا في النهاية نشبه بعضنا البعض! أهل سيوة وأهل القاهرة وأهل بحري وقبلي، لذلك تعمدت أن لا أكتب أسماء ولا تصنيفا لصاحب الصورة».
ومن أكثر الأشياء إيجابية في وجهة نظر هيمن حول صفحة «مصريين»، رد فعل المصريين المقيمين في الخارج، حيث يقومون بمتابعة الصفحة بشكل يومي «تأتيني رسائل إيجابية بشكل عظيم من المصريين في الخارج، يعبرون فيها عن اشتياقهم لمصر، وأنهم يشاهدون في الصور والحكايات، امتداد مصر وأهلها معهم أينما كانوا، لذلك كنت أصر أن أضع تعليقا باللغة العربية والإنجليزية على كل الصور، حتى يستطيع كل العالم أن يقرأ عنا، فنحن نستحق».
ويذكر أن المصور الصحافي اختير مؤخرا ضمن أكثر من 500 شخص مؤثر في الوطن العربي على شبكات التواصل الاجتماعي بدبي.



صفعات وضرب بالهواتف والمأكولات... بعض هدايا جمهور الحفلات إلى المغنِّين

المغنية الأميركية بيبي ريكسا مصابة بجرح في الحاجب بعد أن رماها معجب بهاتفه (إنستغرام)
المغنية الأميركية بيبي ريكسا مصابة بجرح في الحاجب بعد أن رماها معجب بهاتفه (إنستغرام)
TT

صفعات وضرب بالهواتف والمأكولات... بعض هدايا جمهور الحفلات إلى المغنِّين

المغنية الأميركية بيبي ريكسا مصابة بجرح في الحاجب بعد أن رماها معجب بهاتفه (إنستغرام)
المغنية الأميركية بيبي ريكسا مصابة بجرح في الحاجب بعد أن رماها معجب بهاتفه (إنستغرام)

خلال إحدى حفلاته الأخيرة في بيروت، فوجئ المغنّي السوري «الشامي» بأحد الحاضرين الذي صعد إلى المسرح ووجّه إليه حركة نابية، بعد أن رفض الفنان الشاب ارتداء الكوفيّة نزولاً عند رغبة المعجب. أثارت تلك الحادثة الاستغراب، فبعد أن كان المعجبون يقتحمون خشبات المسارح لاستراق قبلة أو صورة مع مطربيهم المفضّلين، ها هم يحطّمون الحواجز الأخلاقية بينهم وبين الفنان.

لكن إذا كانت تلك التصرّفات العدائية من قبل المعجبين تجاه الفنانين طارئة على العالم العربي، فهي تُعد سلوكاً رائجاً في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا منذ عام 2021، وتحديداً بعد عودة الحفلات الموسيقية عقب جائحة «كورونا».

تعرَّض المغني الشامي قبل أسابيع لحركة نابية من معجب اقتحم المسرح (إنستغرام)

هاتف وسِوار على وجهَي ريكسا وأيليش

قبل أسابيع، وخلال حفلٍ لها في أريزونا، التقطت عدسات الكاميرا الفنانة الأميركية الشابة بيلي أيليش وهي تتلقّى سواراً على وجهها. بدت أيليش ممتعضة من هذا التصرّف الذي قام به أحد الحاضرين، فما كان منها إلا أن رمت السوار جانباً. أيليش، محبوبة الجيل الصاعد، معتادة على مواقف كهذا؛ في عام 2019 جرى تطويقها من قبل مجموعة من المعجبين؛ حيث حاول أحدهم خنقها بينما سرق آخر خاتمها.

قبل أيليش، تعرَّض عدد كبير من الفنانين لاعتداءات بأغراضٍ من العيار الثقيل، وأكثر أذى من مجرّد سوار. كان على المغنية بيبي ريكسا التوجّه من حفلها في نيويورك إلى المستشفى مباشرة، بعد أن رماها شخصٌ من بين الحضور بهاتفه على وجهها. وفي وقتٍ ظهرت ريكسا بعد الإصابة مجروحة الحاجب، جرى توقيف المعتدي الذي قال إنه تصرّف على هذا النحو آملاً في أن تلتقط الفنانة صوراً بهاتفه.

دجاج مقلي ومشروبات ورماد موتى

من بين الحوادث الصادمة، الصفعة التي تلقّتها المغنّية آفا ماكس من شخصٍ صعد إلى المسرح، بينما كانت تؤدّي أغنية خلال حفل لها في لوس أنجليس. أما المغنّي هاري ستايلز فكانت حصّته من هذه الظاهرة المستجدة قطعة دجاج مقلي أصابت عينه خلال إحدى حفلاته.

إلى جانب الهواتف التي نال مغنّي الراب دريك نصيبه منها كذلك خلال حفل في شيكاغو عام 2023، غالباً ما يلجأ الحضور إلى رمي الفنانين بالدّمى، وقطع الملابس، والمأكولات، والمشروبات. هذا ما حصل مع المغنية كاردي بي التي وجّه إليها أحد حاضري حفلها في لوس أنجليس كوباً من المشروب، فما كان منها سوى أن رمته بالميكروفون. إلا أن صدمة المغنية بينك كانت الأكبر من بين زملائها، فخلال إحيائها حفلاً في لندن، قام فردٌ من الحضور بنَثر رماد والدته المتوفّاة على المسرح!

مغنية الراب كاردي بي تضرب معجباً بالميكروفون بعد أن رماها بالمشروب (يوتيوب)

إن لم يتطوّر الأمر إلى رمي الفنان بأداة ما، غالباً ما يلجأ الحاضرون مفتعلو المشكلات إلى حِيَل أخرى، كتصويب فلاشات الكاميرا إلى وجه المغنّي بهدف إزعاجه، أو كالصراخ والسعي إلى الانخراط في محادثة معه.

في المقابل، يلوم بعض متابعي هذا المشهد المستجدّ الفنانين أنفسهم، على اعتبار أنّ بعضهم يعمد إلى رمي الجمهور بأغراض خاصة به، مثل القبعات والملابس والنظارات، ما دفع بالحضور إلى اكتساب تلك العادة والقيام بالمثل.

يلجأ بعض حضور الحفلات إلى إزعاج المغنِّين بالصراخ أو بفلاشات الكاميرات (رويترز)

لماذا يعنّف الجمهور الفنانين؟

* كورونا وعزلة الحَجْر

إذا كان الجمهور في الماضي يرمي الفنان بالبيض أو الطماطم في حال لم يعجبه الأداء، فإنّ وسائل التعبير وأسباب الامتعاض تبدّلت كثيراً على أيادي «الجيل زد». يعزو خبراء العروض الموسيقية وعلماء النفس والاجتماع تفاقم تلك الظاهرة في السنوات الأخيرة، إلى الحجْر الذي فرضته جائحة «كورونا». بسبب العزلة وتوقّف العروض الترفيهية المباشرة، نسي بعض الناس لياقة التصرّف وأدبيّات السلوك خلال الحفلات، ولا سيما منهم الجيل الصاعد.

* أوهام السوشيال ميديا وأرقامُها

السبب الثاني الذي جعل المعجب يرفع الكلفة مع الفنان، ويعد نفسه متساوياً معه محطّماً الحواجز كلها، هي وسائل التواصل الاجتماعي التي أوهمت الجمهور بأنّ الفنان صديق له، وبأنّ ما بينهما معرفة ومشاعر حقيقية وليست افتراضية. يظنّ المعجبون أنهم بمتابعتهم للفنان، وبمعرفتهم أموراً كثيرة عنه، قد كسروا جدار البروتوكول، ونالوا اهتمام الشخصية المشهورة.

تتحمّل «السوشيال ميديا» كذلك مسؤولية تحويل الحفلات الموسيقية إلى عروضٍ من العنف ضد الفنان، بسبب هوَس الجيل الصاعد بمفهوم «التريند» وتجميع المشاهدات، ولا سيما على «تيك توك». يسعى الحاضرون إلى افتعال تلك المواقف النافرة بهدف أن يصيروا جزءاً من العرض، وأن ينشروا بالتالي فيديوهات لتلك اللحظات الغريبة على أمل أن تنال الرواج على المنصة، فيدخلون بدَورهم نادي المشاهير، ولو لأيام قليلة.

* حقدٌ ماليّ

من بين الأسباب التي حوّلت حفلات أشهر الفنانين إلى عروض من العنف، أسعار البطاقات التي قد تكون خيالية في بعض الأحيان. يلجأ الحاضرون إلى التعبير عن امتعاضهم من الغلاء، بأن ينتقموا على طريقتهم من الفنان. وما يزيد الأمر سوءاً ويستفزّ البعض، ظهور الفنانين أمام الناس وهم يرتدون الملابس والحلي ذات الأثمان الباهظة والماركات العالمية.

يترافق ذلك وقناعة لدى أفراد الجمهور الذين يقومون بأعمال نافرة، بأنّ عشقَهم للشخصية المشهورة يبرر العنف ضدّها إن لم تبادلهم الاهتمام؛ خصوصاً إذا أنفقوا الكثير من أموالهم لشراء بطاقات الحفل. فبعض الجمهور يذهب في إعجابه إلى حدّ اعتبار أنّ أي شيء مبرّر من أجل الحصول على لفتة انتباه أو نظرة من الفنان، حتى وإن اضطرّه ذلك إلى افتعال مشكلة أو ضرب المغنّي بأداة حادّة!

يعد بعض جمهور الحفلات كل التصرفات مبررة من أجل لفت انتباه الفنان (رويترز)

أدبيات سلوك الحفلات

من ليدي غاغا، إلى دوا ليبا، مروراً بجاستن بيبر، وكولدبلاي، وليس انتهاءً بمايلي سايرس وتايلور سويفت؛ لم ينجُ أحد من اعتداءات الجمهور الغريبة. فرض ذلك اتّخاذ مواقف من قبل الفنانين تجاه ما يحصل، فخلال إحدى حفلاتها في لوس أنجليس رفعت المغنية البريطانية أديل الصوت قائلة: «هل لاحظتم كم نسي الناس أخلاقيات الحفلات؟ إذا تجرّأ أحد على أن يرميني بغرض ما، فسأقتله».

أما رابطة معجبي تايلور سويفت، فقد ابتكرت دليلاً لأدبيّات السلوك في الحفلات، خوفاً على محبوبتهم من التعدّيات. مع العلم بأنّ المغنية الأميركية الشابة كانت قد نالت نصيبها من تلك التصرفات، وقد عاشت إحدى أكثر اللحظات غرابة، عندما هجم أحد المعجبين باتّجاه المسرح، وحاول التقاط قدمِها بينما كانت تغنّي، قبل أن يلقي عناصر الأمن القبض عليه.