لا يبدو قصر النظر مخيفاً إلى هذا الحد، لكنه بتزايد مستمر بين الناس حول العالم. وبسبب هذه الحالة، تقف الصين عاجزة عن إيجاد عدد كافٍ من الطيارين؛ ويفقد العالم نحو 244 مليار دولار من الإنتاجية العامة سنوياً بسبب هذه الحالة.
والخطير في الأمر، أن هذا الوضع ليس سوى بداية فقط، فبحلول عام 2050. من المتوقع أن يعاني أكثر من نصف سكان العالم من قصر النظر، وشبح العمى سيهدد ما يصل إلى 10 في المائة منهم.
في الماضي، كانت المشكلة وراثية، أما اليوم فإن الحالات الجديدة تُعزى بشكل متزايد إلى الأطفال الذين يقضون وقتاً طويلاً أمام الشاشات، وقليلاً للغاية في ضوء الشمس، الأمر الذي يحول دون تطور عيونهم بشكل صحيح.
وجدت الأبحاث أن منع قصر النظر لا يقتضي سوى قضاء الوقت الكافي في الخارج في ضوء الشمس، وقد طور المصمم تود براشر، وعالم سابق في وكالة «ناسا»، زوجاً جديداً من النظارات يهدف إلى إصلاح قصر النظر دون إجبار أي شخص على تغيير سلوكه. وبالفعل، وصل الاثنان حديثاً بفضل اختراعهما هذا، إلى المرحلة النهائية في جوائز «وورلد تشينجينغ أيدياز».
في واقع الأمر، لا تمثل النظارات سوى مجرد إطار، وهي ببساطة تحاكي الهواء الطلق. وعندما تمتص دقيقة واحدة فقط من ضوء الشمس أو ضوء المصباح القوي، فإنها تتوهج لمدة 25 دقيقة كاملة على ذات الطول الموجي الدقيق لأشعة الشمس، التي تساعد العين على التطور. ويعتقد مبتكرا النظارات أن تجربة هذا الطول الموجي مرتين في اليوم يكفي لمواجهة الإصابة بقصر النظر.
وفي هذا الصدد، قال براشر: «تقنيتنا سلبية تماماً، ولا تحتاج إلى شحنها، وتتوهج في الظلام».
جدير بالذكر، أن شركة «بريتشرز بيترلاب» هي التي طورت النظارات. وتعد هذه النظارات أول مشروع عام من جانب الشركة، وتتميز بتصميم دائري عصري. وتكمن نقطة تميزها في قدرتها على التوهج عند الطول الموجي المناسب لتنشيط الدوبامين في شبكية العين، وهو ناقل عصبي رئيسي يؤثر على نمو العينين: 480 نانومتر. ونجح براشر في مزج هذه الصبغة الضوئية في راتنج الزجاج بحيث لا تتعرض للخدش وكأنها طبقة طلاء بسيطة. وأوضح قائلاً: «إذا كنت في غرفة مظلمة، فسترى تأثيراً متوهجاً رائعاً بحق. أردنا إزالة الوصمة عن (علاج قصر النظر)، ولذلك تحمل الكثير من النظارات صورة عبوات كوكا كولا، لاعتقادنا أن هذا سيجعل مظهرها أكثر مرحاً». وتقف نظارات «براشر» اليوم، في انتظار الحصول على براءة اختراع، الأمر الذي يستلزم التصديق عليها من قبل طرف ثالث. ومع هذا، يبقى المنطق من ورائها سليماً، فبدلاً عن بناء وتركيب الإضاءة لبثّ 480 نانومتر داخل المدارس وفي المكاتب حول العالم، يعتقد أنه من الأسهل والأكثر فعالية من حيث التكلفة إنتاج نظارات متوهجة.
وحتى هذه اللحظة، لم يتخذ القائمون على النظارات الجديدة قراراً بخصوص ما إذا كانت ستُطرح في السوق، أو ستُصدر تراخيص لآخرين تمكنهم من استغلال هذه التكنولوجيا. الواضح أن الأمر برمته يعتمد كثيراً على الطبيعة الدقيقة لتمويل هذا المشروع، الذي لم يحدد حتى هذه اللحظة.
وبخلاف نظارات علاج قصر النظر، صور براشر منتجين آخرين تحت مظلة مؤسسة «بريتشرز بيترلاب»، ويتعاون فيما يخص المنتج الأول مع «أوكلي» ويستفيد في إطاره من أبحاث «ناسا» حول إيقاع الساعة الرياضية وذلك لمساعدة الرياضيين، أو أي شخص يسافر، على التغلب على الاضطرابات التي تصيب المرء خلال الرحلات الجوية الطويلة. أما المنتج الثاني، فيعتمد على ضوء الأشعة فوق البنفسجية، ففي يناير (كانون الثاني) شرع براشر في التعاون مع عالم آخر لاستخدام هذا الضوء في قتل الجراثيم دون الإضرار ببشرة المرء، وبماء تركيبات إضاءة يمكن تركيبها في المباني لتنقية الأسطح.
- خدمات «تريبيون ميديا»
مصمم وعالم من «ناسا» يتعاونان لمكافحة مشكلة قصر النظر
مصمم وعالم من «ناسا» يتعاونان لمكافحة مشكلة قصر النظر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة