تزامنت تحذيرات غربية أمس من احتمال أن يطول أمد القتال في أوكرانيا لـ«سنوات مقبلة»، مع بروز مؤشرات جديدة إلى احتمال انزلاق الوضع نحو توسيع رقعة المعارك، وانضمام أطراف أخرى إلى النزاع الجاري.
برز ذلك من خلال إعلان بيلاروسيا تعزيز حشود عسكرية على الحدود مع أوكرانيا، رداً على انتشار قوات أوكرانية في المنطقة. في الوقت ذاته، حملت مطالبة مولدوفا بدعم أممي لدفع روسيا إلى الانسحاب من إقليم بريدنيستروفيه الانفصالي المحاذي لأوديسا الأوكرانية، إشارات إلى تفاقم التوتر مع موسكو.
وأعلنت وزارة الدفاع البيلاروسية أن مينسك تعمل على نشر وحدات من قوات العمليات الخاصة على عدة محاور في المناطق الحدودية مع أوكرانيا (شمالاً)، رداً على قيام الأخيرة بتركيز مجموعة قوامها 20 ألف جندي من القوات الأوكرانية بالقرب من حدود بيلاروسيا. وقال رئيس الأركان العامة النائب الأول لوزير الدفاع، فيكتور جوليفيتش، إن «الحشد الذي أنشأته القوات المسلحة لأوكرانيا في اتجاه محاور العمليات الجنوبية يتطلب رداً منا. ولضمان أمن جمهورية بيلاروسيا في الاتجاه الجنوبي، تم نشر وحدات قوات العمليات الخاصة في 3 محاور». وزاد أن هذا التطور جاء في إطار المرحلة الثانية من عمليات الجيش البيلاروسي الهادفة لفحص جاهزية قوات الرد الفوري. وتابع: «تتقدم الكتائب التكتيكية باتجاه الغرب والشمال الغربي. وسيتم تعزيزها بوحدات الدفاع الجوي والقوات الصاروخية والمدفعية، مما يضمن أداءها القتالي».
وأشار جوليفيتش إلى أن «الولايات المتحدة وحلفاءها في (الناتو) يعززون أيضاً وجودهم العسكري بالقرب من حدود الجمهورية، وقد تضاعف هذا التجمع في نصف عام». وأضاف نائب الوزير أن مجموعة سفن حربية تحمل صواريخ «كروز» ظهرت في البحر المتوسط وبحر البلطيق، وتم تعزيز مجموعة جوية في بولندا ودول حوض البلطيق. وقال: «كل هذا يشير إلى تهديد متزايد لجمهورية بيلاروسيا».
وأضاف المسؤول العسكري البيلاروسي أنه بالإضافة إلى ذلك، يجري «الناتو» مناورات واسعة النطاق في مناطق قريبة، فضلاً عن 7 تدريبات أخرى في البلدان المجاورة لبيلاروسيا. وزاد: «يتم استخدام قوات الاستطلاع والتخريب وقوات العمليات الخاصة، فضلاً عن عمليات الإنزال. كل هذا لا يشير إلى التوجه السلمي لهذه التدريبات».
وكانت مينسك قد أطلقت في بداية الشهر عمليات تدريب واسعة، شملت إعادة نشر جزء من القوات البيلاروسية، في إطار تقييم جاهزية وقدرة العسكريين على الاستجابة بسرعة لظهور حالات «تستدعي التدخل العاجل».
في الوقت ذاته، بدا أن التوتر يزداد أيضاً بالقرب من منطقة أخرى محاذية لأوكرانيا، من جهة حدودها في الجنوب الغربي؛ إذ دعت رئيسة وزراء مولدوفا، ناتاليا غافريليتسا، الأمم المتحدة إلى دعم جهودها لدفع الجيش الروسي إلى الانسحاب من إقليم بريدنيستروفيه (ترانسنيستريا) الانفصالي. وقالت غافريليتسا إن «مولدوفا تستخدم منصة الأمم المتحدة للمطالبة بانسحاب الجيش الروسي من إقليم ترانسنيستريا»، ولفتت إلى «انتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة التي تسيطر عليها مجموعات» موالية لموسكو. وأضافت أن «إدراج ذلك في قرارات الأمم المتحدة يبقي مشكلة الصراع في ترانسنيستريا على جدول أعمال المجتمع الدولي».
وكان التوتر بين روسيا ومولدوفا قد تفاقم خلال الشهر الأخير، وانتقدت روسيا بحدة ما وصفته بانتهاك لحقوق أقلية ناطقة بالروسية في هذه الجمهورية السوفياتية السابقة. وشهد إقليم بريدنيستروفيه الانفصالي موجة تفجيرات أخيراً، كما وقعت مواجهات محدودة في المناطق المحاذية لمدينة أوديسا الأوكرانية.
وتخشى مولدوفا من أن تكون الخطوة المقبلة للكرملين توسيع الهجوم لاقتطاع الإقليم بشكل نهائي؛ خصوصاً أن أحد الجنرالات البارزين قال أخيراً إن أحكام السيطرة الروسية في منطقة دونباس سوف «يفتح الطريق نحو بريدنيستروفيه».
على صعيد آخر، أكدت موسكو أمس أنها لا تسعى للقيام بخطوات أحادية لقطع العلاقات مع أوروبا، على خلفية تفاقم المواجهة بسبب الحرب الأوكرانية. ونقلت وسائل إعلام حكومية روسية عن نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر غروشكو، أن روسيا «لا تخطط لإغلاق سفاراتها في أوروبا رداً على إجراءات غير ودية من الغرب، وتوسيع عقوباته على موسكو». وقال غروشكو: «هذا ليس من تقاليدنا. لذلك نعتقد أن عمل مكاتب التمثيل الدبلوماسي مهم».
وكان محتجون على الحرب في أوكرانيا قد ألقوا مادة حمراء على السفير الروسي لدى بولندا، أثناء توجهه لوضع الزهور في المقبرة العسكرية السوفياتية في وارسو، للاحتفال بالذكرى السابعة والسبعين للانتصار على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. وأرسلت موسكو بعد ذلك «مذكرة احتجاج قوية»، ورأت أن الاعتداءات المتواصلة على الدبلوماسيين والمواطنين الروس في أوروبا تعكس تطوراً سلبياً للغاية.
ميدانياً، بدا أمس أن موسكو نجحت في تحقيق تقدم ملموس على محور القتال في إقليم لوغانسك. وأفادت وزارة الدفاع الروسية بوصول قوات الانفصاليين الموالين لموسكو في هذه المنطقة إلى الحدود الإدارية لـ«الجمهورية». وقال الناطق العسكري إيغور كوناشينكوف، إن «وحدات الشرطة الشعبية في جمهورية لوغانسك الشعبية، اخترقت بدعم من القوات المسلحة الروسية، بعد أن أكملت تحرير قرية بوباسنايا من القوميين، دفاع العدو العميق، ووصلت إلى الحدود الإدارية للجمهورية». وأضاف أنه تم نتيجة الهجوم القضاء على «ما يصل إلى 120 قومياً، وتدمير 13 مدرعة و12 مركبة».
وكان رئيس الشيشان رمضان قديروف الذي تخوض قواته القتال في مناطق شرق وجنوب أوكرانيا، قد أعلن قبل يومين سيطرة القوات الشيشانية الخاصة على مدينة بوباسنايا في لوغانسك، وشكل ذلك نقطة تحول مهمة أسفرت عن تسريع وتيرة تقدم القوات المهاجمة. ووصف قديروف بوباسنايا بأنها «بلدة مهمة واستراتيجية صعبة، عزز العسكريون الأوكرانيون على مدى سنوات مواقعهم فيها».
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها استهدفت 16 منطقة تتمركز فيها القوات والمعدات الأوكرانية بغارات جوية خلال الساعات الـ24 الماضية، إضافة إلى استهداف 407 مناطق أخرى، و33 مركز قيادة، و5 مستودعات، بضربات صاروخية ومدفعية. وقال الناطق العسكري إنه نتيجة الضربات تم القضاء على «380 من القوات الأوكرانية، وتعطيل 53 قطعة من المعدات العسكرية».
وذكر كوناشينكوف أنه خلال معركة جوية في مقاطعة خاركوف مساء أول من أمس، تم إسقاط طائرة من طراز «سوخوي- 25» تابعة للقوات الأوكرانية. وخلال الليل، دمرت الدفاعات الجوية الروسية 3 طائرات أوكرانية من دون طيار في دونيتسك ومدينة أوديسا. كما تم اعتراض صاروخ أوكراني من طراز «توتشكا- أو» وقذيفة من راجمة صواريخ «سميرتش» في دونيتسك، وقذيفتين أخريين في خاركوف.
ومنذ انطلاق عمليتها الخاصة في أوكرانيا، دمرت القوات الروسية ما مجموعه 163 طائرة أوكرانية، و124 مروحية، و793 طائرة مُسيَّرة، و300 صاروخ مضاد للطائرات، و2979 دبابة ومدرعة أخرى، و351 راجمة صواريخ، و1440 قطعة من المدفعية الميدانية، ومدافع «الهاون»، و2789 مركبة عسكرية خاصة.
تقدم روسي في لوغانسك يتزامن مع تحذيرات من توسيع نطاق المعارك
بيلاروسيا تنشر قوات على الحدود... ومولدوفا تطالب بانسحاب روسيا من أراضيها
تقدم روسي في لوغانسك يتزامن مع تحذيرات من توسيع نطاق المعارك
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة