ماسك يجمع 7 مليارات دولار لصفقة «تويتر»

أنباء عن قيادته الشركة «مؤقتاً»... وغموض حول الإعلانات

أبدا إيلون ماسك حرصه على شراء «تويتر» (رويترز)
أبدا إيلون ماسك حرصه على شراء «تويتر» (رويترز)
TT

ماسك يجمع 7 مليارات دولار لصفقة «تويتر»

أبدا إيلون ماسك حرصه على شراء «تويتر» (رويترز)
أبدا إيلون ماسك حرصه على شراء «تويتر» (رويترز)

أكد إيلون ماسك، أنه ضمن مبلغ 7.14 مليارات دولار لتمويل شراء «تويتر»، ذاكراً بين المستثمرين لاري إيليسون أحد مؤسسي شركة «أوراكل» ورجل الأعمال السعودي الأمير الوليد بن طلال.
وفي وثيقة رفعها إلى الهيئة الناظمة للبورصة الأميركية (SEC)، ذكر ماسك صاحب شركتي «تيسلا» و«سبايس إكس»، ما مجموعه 19 مستثمراً وافقوا على المساهمة في شراء شبكة التواصل الاجتماعي هذه.
وسيساهم الملياردير لاري إيليسون، الذي شارك في تأسيس مجموعة «أوراكل» للمعلوماتية، بمليار دولار. ومن بين كبار المساهمين صندوق الاستثمارات «سيكويا كابيتال» (800 مليون دولار) و«فاي كابيتال» (700 مليون)، فضلاً عن منصة تبادل العملات المشفرة «باينانس» (500 مليون دولار).
أما الأمير الوليد بن طلال فسيضع بالتصرف نحو 35 مليون سهم يملكها في «تويتر»، ما إن تنجز عملية البيع من أجل المحافظة على مشاركة في رأسمال الشركة التي يريد ماسك سحبها من التداول في بورصة نيويورك. وتبلغ قيمة هذه الأسهم حوالي 1.9 مليار دولار بسعر الشراء الذي اقترحه ماسك، وهو 54.20 دولار للسهم الواحد.
كان الأمير الوليد بن طلال اعتبر عرض ماسك في البداية غير كافٍ مقارنة بـ«القيمة الفعلية لتويتر». وغرد الأمير السعودي مساء الخميس، «من الرائع التواصل معك يا صديقي (الجديد) إيلون ماسك». وأضاف: «أظن أنك ستكون رئيساً ممتازاً لـ(تويتر) من أجل تفعيل قدرتها الهائلة إلى أقصى الحدود».
ومن بين المستثمرين الآخرين شركة «بينانس» للأصول المشفرة وشركة لرجل الأعمال النافذ بقطاع العقارات في نيويورك ستيفن ويتكوف، و«دي.إف.جيه غروث آي.في»، التي تستثمر أيضاً في «ذا بورينغ كامباني» و«سبيس إكس» و«سولار سيتي» و«تسلا».
وأفادت «رويترز»، الأسبوع الماضي، بأن ماسك أجرى محادثات مع شركات استثمارية كبيرة وأثرياء بشأن الحصول على مزيد من التمويل لاستحواذه على «تويتر»، وتقليل أمواله في الصفقة.
وستسمح هذه المساهمات المالية لماسك، أغنى أغنياء العالم، بخفض قيمة القرض من مصرف «مورغن ستانلي»، ومن مؤسسات مالية أخرى من 12.5 مليار دولار إلى 6.25 مليارات. وقال ماسك للهيئة الناظمة، إنه سيواصل البحث عن مصادر تمويل أخرى لدى مساهمين في «تويتر»، من بينهم مؤسس هذه المنصة ورئيسها السابق جاك دورسي.
وفي غضون ذلك، قال مصدر مطلع، إن من المتوقع أن يصبح إيلون ماسك رئيساً تنفيذياً لـ«تويتر»، بصورة مؤقتة، بعد إنهاء صفقة الاستحواذ بقيمة 44 مليار دولار على شركة خدمات التواصل الاجتماعي، فيما اقترب الملياردير من الحصول على أموال من أجل الصفقة.
وماسك، أغنى رجل في العالم، هو أيضاً الرئيس التنفيذي لشركة «تسلا»، ويرأس مشروعين آخرين هما «ذا بورينغ كامباني» و«سبيس إكس». وانخفضت أسهم «تسلا» بنسبة ثمانية في المائة مساء الخميس، إذ شعر المستثمرون بالقلق من أن انخراط ماسك في «تويتر» يمكن أن يشتت انتباهه عن إدارة شركة صناعة السيارات الكهربائية الأكثر قيمة في العالم.
من ناحية أخرى، زادت أسهم «تويتر» مكاسبها وارتفعت بنحو أربعة في المائة إلى 50.89 دولار، لتكون أكثر قرباً من سعر الصفقة البالغ 54.20 دولار، إذ راهن المستثمرون على أن التمويل الجديد جعل إتمام الصفقة أكثر ترجيحاً.
ومن المتوقع أن يظل باراغ أغراوال، الذي تم تعيينه رئيساً تنفيذياً لـ«تويتر» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في منصبه حتى إتمام بيع الشركة لماسك. وكانت «سي إن بي سي» هي أول من أورد الخميس أن ماسك يخطط ليصبح الرئيس التنفيذي لـ«تويتر» بشكل مؤقت.
لكن في المقابل، قال ثلاثة مسؤولين تنفيذيين بوكالات إعلان لـ«رويترز»، إن شركة «تويتر» واجهت إحجاماً عندما كانت تعرض فرصاً للدعاية، مساء الأربعاء، في فعالية بمدينة نيويورك، إذ لا تزال خطط شركة التواصل الاجتماعي تحت قيادة الملياردير إيلون ماسك مبهمة.
فقد غرد الرئيس التنفيذي لشركة «تسلا»، الذي قرر شراء «تويتر» مقابل 44 مليار دولار، قائلاً إنه ينبغي ألا تكون هناك إعلانات على المنصة حتى تتمكن من التحكم بشكل أكبر في سياسات تعديل المحتوى.
وأخبرت شركة «تويتر» موظفيها في اجتماعات داخلية وفي إفصاحات عامة بأن نشاطها الإعلاني وعملياتها الأخرى ستستمر بشكل طبيعي حتى إتمام الصفقة، لكن الشركة لم تستطع التكهن بالتغييرات التي قد يجريها ماسك.
وقال مارك ديماسيمو مؤسس وكالة الإعلانات «ديماسيمو غولدستين»، مشيراً إلى عرض «تويتر» للمعلنين مساء الأربعاء، «أياً كان ما تقوله (تويتر)، ما يريد أي أحد معرفته حقاً هو كيف سيكون الوضع في المستقبل».
وحققت شركة التواصل الاجتماعي أرباحاً بلغت خمسة مليارات دولار في عام 2021، معظمها من الإعلانات الرقمية على موقعها الإلكتروني وتطبيقها. وقال أليكس ستون، نائب الرئيس الأول لمقاطع الفيديو المتقدمة وشراكات الوكالات في «هورايزون ميديا»، «أود أن تتحدث (تويتر) عن الأمر لأن هناك الكثير من الفضول».
وأعلنت «تويتر» في عرضها (نيوفرونت) عن توسيع شراكاتها مع شركتي الإعلام «كوندي ناست» و«إسينس»، اللتين ستنشئان برمجيات مرئية وصوتية على «تويتر». وسيتمكن المعلنون من شراء مواقع إعلانية يتم تشغيلها بجوار مقاطع الفيديو تلك.


مقالات ذات صلة

لتعليق حسابه عام 2021... «إكس» تقدم تعويضاً لترمب بـ10 ملايين دولار

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

لتعليق حسابه عام 2021... «إكس» تقدم تعويضاً لترمب بـ10 ملايين دولار

توصَّلت شبكة التواصل الاجتماعي «إكس»، التي يملكها إيلون ماسك، إلى اتفاق مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعوِّضه بموجبه بـ10 ملايين دولار على تعليق حسابه.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار «تويتر» على هاتف محمول مع ظهور صفحة الرئيس ترمب في الخلفية (أ.ف.ب)

بنوك «وول ستريت» تقترب من بيع 3 مليارات دولار من الديون المرتبطة بشراء إيلون ماسك لـ«تويتر»

تقترب بنوك «وول ستريت» من بيع ما قيمته 3 مليارات دولار من القروض التي تدعم استحواذ إيلون ماسك على «تويتر».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ إيلون ماسك في الكابيتول بالعاصمة الأميركية واشنطن 5 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle

تقرير: ماسك يستغل ملكيته ﻟ«إكس» ومنصبه الحكومي لدعم سياسة ترمب وإخافة منتقديه

أشار تقرير لوكالة «أسوشييتد برس» إلى أن إيلون ماسك يستغل ملكيته لشركة «إكس» ومنصبه الحكومي لدعم سياسة ترمب وإخافة المنتقدين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا شعار منصة «إكس» (رويترز)

وزراء إسبان يعلنون مغادرة منصة «إكس» لعدّها وسيلة «دعاية»

أعلن ثلاثة وزراء إسبان الثلاثاء إغلاق حساباتهم على منصة إكس لعدّها وسيلة «دعاية»، غداة تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أوروبا وزيرة العمل الإسبانية نائبة رئيس الوزراء يولاندا دياز (رويترز)

بسبب تحية ماسك «النازية»... نائبة رئيس الوزراء الإسباني تنسحب من «إكس»

كشفت وزيرة العمل نائبة رئيس الوزراء في إسبانيا يولاندا دياز أنها ستنسحب من منصة «إكس» التابعة لإيلون ماسك بسبب سلوك الملياردير أثناء حفل تنصيب ترمب.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

«مؤتمر العُلا»… تعاون بين الأسواق الناشئة لمواجهة حالة عدم اليقين العالمية

مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا ووزير المالية السعودي محمد الجدعان (مؤتمر العُلا)
مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا ووزير المالية السعودي محمد الجدعان (مؤتمر العُلا)
TT

«مؤتمر العُلا»… تعاون بين الأسواق الناشئة لمواجهة حالة عدم اليقين العالمية

مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا ووزير المالية السعودي محمد الجدعان (مؤتمر العُلا)
مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا ووزير المالية السعودي محمد الجدعان (مؤتمر العُلا)

فرضت حالة عدم اليقين التي يواجهها الاقتصاد العالمي نفسها على «مؤتمر العُلا لاقتصادات الأسواق الناشئة» الذي جمع مجموعة من وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية وصناع السياسات في الأسواق الناشئة من أجل إيجاد طرق لمعالجة التحديات المشتركة بين الدول بهدف بناء اقتصاد عالمي أقوى وأكثر استدامة وشمولية لجميع الأمم، كما أعلن وزير المالية السعودي محمد الجدعان، في كلمته الافتتاحية.

وزير المالية السعودي محمد الجدعان خلال كلمته الافتتاحية (مؤتمر العُلا)

ويشكل المؤتمر الذي تنظمه وزارة المالية السعودية وصندوق النقد الدولي منصة لتبادل الآراء بشأن التطورات الاقتصادية المحلية والإقليمية والعالمية، ومناقشة السياسات والإصلاحات التي من شأنها أن تقي اقتصادات الأسواق الناشئة من تداعيات ما يجري حالياً أو من أي صدمات طارئة. وعُرض الكثير من العناوين، منها على سبيل المثال لا الحصر: ضعف النمو، وتنامي الاحتياجات التمويلية، وارتفاع مستويات الدين العام، وسط دعوة الجدعان إلى ضرورة تأسيس إطار عالمي لإعادة هيكلة الديون السيادية.

مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا (مؤتمر العُلا)

من جهتها، قالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، إن «الأسواق الناشئة ستحتاج إلى أن تكون لديها القدرة على التكيف والتأقلم والمرونة، وهذه ستكون المكونات للنجاح في المستقبل».

كان الملف السوري مدار اهتمام، حيث أعلنت غورغييفا فتح قنوات التواصل مع الحكومة السورية. وقالت لقناة «الشرق»: «بدأ التواصل بالفعل بين موظفينا والمسؤولين هناك حتى نستطيع سد فجوة البيانات التي ظلت تتسع خلال تلك السنوات الطويلة... ونتفهم حاجة المؤسسات الرئيسية كالبنك المركزي للحصول على دعم يمكّنها من بناء قدرات مؤسسات سوريا حتى تؤدي بكفاءة بما يفيد الاقتصاد والشعب». وأضافت: «نحن جاهزون من جانبنا لدعم سوريا حيث إنها دولة مهمة للغاية لشعبها وللمنطقة بأكملها، وسنتحرك بقدر ما تسمح به الظروف هناك. وعلمت «الشرق الأوسط» أن وفداً من الصندوق سيتجه قريباً إلى دمشق لبحث إمكانات وآليات التعاون. أما في مسألة لبنان، فينتظر صندوق النقد الدولي أن تحصل حكومة الرئيس نواف سلام على ثقة المجلس النيابي بناءً على البيان الوزاري لـ«يُبنَى على الشيء مقتضاه»، وفقاً للمصادر.

وقد استحوذت كلمة ممثل ثاني أكبر اقتصاد في العالم، محافظ بنك الشعب الصيني (البنك المركزي)، بان جونغشنغ، على اهتمام الحضور في وقت فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية على بكين قابلتها رسوم مضادة منها على واشنطن. وحرص على إرسال رسالة طمأنة مفادها أن الاقتصاد الصيني قوي بشكل أساسي، وذلك رغم التباطؤ الذي يعانيه اليوم. وأكد في الوقت نفسه أن الصين كغيرها من اقتصادات الأسواق الناشئة تواجه مخاطر من تصاعد الحمائية التجارية والتوترات الجيوسياسية وتفتت الاقتصاد العالمي.

محافظ بنك الشعب الصيني بان جونغشنغ (مؤتمر العُلا)

أما محافظ البنك المركزي التركي فاتح كاراهان، فأبدى استعداد البنك المركزي للتحرك في مواجهة المخاطر التي قد تنشأ في ظل دورة خفض أسعار الفائدة الحالية.

يأتي هذا المؤتمر بعد أقل من عام على إنشاء المكتب الإقليمي للصندوق في مدينة الرياض، لدعم اقتصادات المنطقة من خلال تقديم المساعدات الفنية التي تسهم في تحقيق التنمية المستدامة لتلك البلدان.

الديون السيادية

أكد وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، ضرورة وجود رؤية طويلة المدى لتحسين الظروف الاقتصادية للأسواق الناشئة وإيجاد حلول للديون السيادية. وأشار خلال كلمته الافتتاحية للمؤتمر، إلى أن الحدث يستعرض طرقاً لمعالجة التحديات المشتركة بين الدول بهدف بناء اقتصاد عالمي أقوى وأكثر استدامة وشمولية لجميع الأمم. وحسب الجدعان فإن الطريق إلى تحسين الاقتصاد العالمي ومعالجة التحديات ليس سهلاً، مشيراً إلى أن التعاون المتعدد الأطراف هو السبيل الأكثر فاعلية لتحقيق ذلك، وأن العمل يبدأ من المحادثات التي تُجرى في مؤتمرات مثل هذا.

وزير المالية السعودي محمد الجدعان (مؤتمر العُلا)

السياسة النقدية

وأوضح الجدعان أنه ستتم مناقشة الكثير من المواضيع المهمة في هذا الحدث مثل: التحولات الهيكلية، والديون المرتفعة، والظروف المالية المحدودة، بالإضافة إلى تأثير التقنيات، والسياسة النقدية، والتجارة والاستثمار، وبناء المرونة في مواجهة الصدمات المحتملة في الاقتصاد العالمي البطيء. وقال إن إحراز التقدم في هذه المجالات يتطلب أكثر من مجرد المهارات التقنية، «بل يستلزم معالجة التحديات في بيئة جغرافية معقدة ومتطورة». وشدَّد وزير المالية على ضرورة تعزيز التعاون بين الدول من الشرق والغرب كافة، والشمال والجنوب، بهدف خلق تأثير إيجابي على الشركاء التجاريين. وتابع أن هذا التعاون يستدعي من الحكومات والقطاع الخاص العمل معاً من أجل اقتصاداتهم، وتحضير المواطنين لمكان العمل في المستقبل من خلال رؤية طويلة المدى وخطة واضحة ومحددة. وأشار إلى أهمية العمل المشترك لمعالجة المخاطر الهيكلية مثل الديون المثقلة التي تهدد مكاسب التنمية، موضحاً أن هذا سيتطلب طرقاً مبتكرة للتعامل مع القضايا، بما في ذلك تحسين المبادرات العالمية مثل الإطار المشترك لإعادة هيكلة الديون.

وزير المالية السعودي محمد الجدعان (مؤتمر العُلا)

هدر الأموال

وأضاف الجدعان: «في وقت يصبح فيه رأس المال نادراً، يجب أن نستخدم كل دولار بكفاءة وفاعلية»، مؤكداً أن وقف هدر الأموال في المشتريات قد يوفر ما لا يقل عن تريليون دولار سنوياً على مستوى العالم، وفقاً لتقرير مجموعة البنك الدولي. ولفت إلى ضرورة أن تجتمع البلدان وتدير البيانات عالية الجودة، وأن تقوم بمراجعة الأداء باستخدام أفضل التقنيات المتاحة مع العمل بشفافية لزيادة المساءلة. ودعا الوزير السعودي إلى ضرورة تنفيذ الإصلاحات المالية وتنويع الاقتصادات وزيادة دور القطاع الخاص لتحسين التنافسية والكفاءة، مشيراً إلى أن تقديم المساعدة في مثل هذه الإصلاحات يتطلب التعاون بين الدول ذات الدخل المرتفع والدول الأكثر ثراءً.

ارتفاع الديون

من ناحيتها، قالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، إن ارتفاع الديون والموارد المالية المحدودة، إلى جانب الضغوط المتزايدة على الإنفاق، تمثل تحديات أمام الاقتصادات الناشئة، مؤكدةً أن الحوافز المالية المستخدمة لتعزيز الطلب المحلي على المدى القصير قد تؤدي إلى زيادة التضخم والاضطرابات المالية، داعيةً إلى التركيز على كفاءة الإنفاق بدلاً من الدفع نحو النمو المؤقت. وأشارت غورغييفا في كلمة لها خلال «مؤتمر العُلا»، إلى أن التضخم من المتوقع أن يعود إلى مستوياته المستهدفة بشكل أسرع في الاقتصادات المتقدمة مقارنةً بالأسواق الناشئة، مع تأثيرات سلبية محتملة جراء قوة الدولار الأميركي، التي قد تؤدي إلى تدفقات رأس المال للخارج، مما يزيد من تعقيد السياسة النقدية في تلك الأسواق.

وأضافت أن الإصلاحات الهيكلية تعد أمراً حيوياً لتحسين القدرة التنافسية وزيادة الإنتاجية، مما يسهم في تعزيز آفاق النمو المستدام، وأن تباطؤ نمو الإنتاجية أسهم في تباطؤ النمو العالمي خلال العقود الأخيرة، وإذا قلصت الدول النامية فجوات إنتاجيتها العامة مع أميركا بنسبة 15 في المائة فقط، فهذا سيضيف 1.2 نقطة مئوية إلى النمو العالمي. وفيما يخص تحسين بيئة الأعمال، أكدت غورغييفا أهمية تقليص الروتين وزيادة المنافسة وتشجيع ريادة الأعمال للاستفادة من مزايا التكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي، موضحةً أن التركيز على الإنتاجية والنمو القوي يمكن أن يساعد على تحقيق تطلعات الشعوب لمستويات حياة أفضل.

وأشارت إلى أن المستقبل الاقتصادي يتطلب تحولاً جذرياً في السياسات والفرص التجارية، مع التركيز على التعاون بين الدول لمواجهة التحديات الجديدة، خصوصاً في ظل التغيرات التكنولوجية والجغرافية والسياسية.

جانب من الجلسات الحوارية (مؤتمر العُلا)

جلسة وزارية

وشهد المؤتمر جلسة حوارية بعنوان «الديون المرتفعة والحيز المالي المنخفض» جمعت وزير المالية محمد الجدعان، ووزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف، وأيضاً وزير المالية والتخطيط الوطني في جمهورية زامبيا سيتومبيكو موسوكوتواني، ووزير المالية السابق في كولمبيا ماوريسيو كارديناس.

وذكر الجدعان أن العالم يواجه تحديات كبيرة في تعبئة المصادر اللازمة لدعم التنمية، وأن بلاده ستواصل مساعداتها التنموية رغم تخصيص ميزانيات كبيرة لتحقيق أهداف «رؤية 2030»، مبيناً أن جزءاً كبيراً من تلك المساعدات تم ربطها ببرامج صندوق النقد الدولي لضمان استخدامها بشكل مستدام يدعم الإصلاحات الاقتصادية لتؤثر إيجابياً على شعوب هذه الدول وتنويع اقتصاداتها. وأضاف أن الدول التي تعاني من صعوبات حادة في إدارة ديونها السيادية تحتاج بشكل ملحٍّ إلى الدعم متعدد الأطراف للتعامل مع تلك الأزمة. وأوضح أن التقارير الصادرة عن صندوق النقد الدولي، ومجموعة البنك الدولي، حول الدول ذات الدخل المنخفض وبعض الاقتصادات الناشئة، تُظهر أنها تنفق أكثر على خدمة ديونها مقارنةً بما تنفقه على التعليم والصحة معاً، وهو أمر غير مستدام.

الدين العام

من جانبه، قال وزير المالية الروسي إن بلاده على استعداد لإعادة هيكلة ديون الدول الأجنبية، وإن مواجهة أزمة الديون تكون باعتماد سياسة مالية حذرة، مشيراً إلى أنه على مدار السنوات الـ25 الماضية، تمت إعادة هيكلة ديون 22 دولة بقيمة نحو 30 مليار دولار. إلى جانب مبلغ مماثل من خلال اتفاقيات ثنائية.

أما وزير المالية السابق في كولومبيا، فقد تطرَّق إلى تبني بلاده فكرة «التقشف الذكي» بوصفها استراتيجية لمعالجة الصدمة التي واجهت البلاد خلال عام 2014، حيث تم التعامل مع الفارق البالغ 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عبر ثلاثة محاور: أولاً، معالجة نقطة مئوية واحدة من خلال زيادة مؤقتة في العجز المالي. ثانياً، زيادة الإيرادات الضريبية عبر فرض ضرائب جديدة. وأخيراً، خفض نفقات الحكومة بنقطة مئوية واحدة.

بدوره، تحدث وزير المالية والتخطيط الوطني في جمهورية زامبيا، عن الوضع الاقتصادي الذي واجهته البلاد في عام 2021، وقال: «كانت وضعية الدين العام كارثية، حيث بلغت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو 108 في المائة. ومن كل دولار تم جمعه من الضرائب، كانت 60 سنتاً تُخصص لتسديد الدين الخارجي، وليس الدين المحلي فقط. كما وصلت مخصصات رواتب موظفي الخدمة العامة إلى نحو 45 سنتاً من كل دولار.

اليوان الصيني

وفي كلمة لمحافظ بنك الشعب الصيني، بان جونغشنغ، أشار إلى أن الأسواق الناشئة عززت قدرتها على الصمود في السنوات الأخيرة، كاشفاً عن 4 تحديات رئيسية تواجه هذه الأسواق وطرق الاستجابة معها، موضحاً في كلمته خلال «مؤتمر العُلا للأسواق الناشئة»، أنه خلال العامين الماضيين، ورغم التقلبات في أسعار الفائدة، فإن التأثير على الأسواق الناشئة والنمو والأسواق المالية كان أقل وضوحاً، مقارنةً بالأزمة المالية العالمية في 2008.

وأرجع ذلك إلى التحسينات في أطر السياسات النقدية، وإدارة الاحتياطيات من النقد الأجنبي، وهياكل الديون في كثير من الأسواق الناشئة، مما عزز قدرتها الاقتصادية على الصمود. وفي عام 2016، كانت الأسواق الناشئة قد ساهمت بنحو ثلثي النمو العالمي، وفقاً لجونغشنغ. ورأى أن استقرار اليوان يُعد عنصراً أساسياً لضمان الاستقرار المالي والاقتصادي العالمي؛ مشيراً إلى أن الصين ستواصل السماح للسوق بلعب دور محوري في تحديد سعر الصرف، مضيفاً أنه في الوقت الذي شهد فيه كثير من العملات تراجعاً أمام الدولار، حافظ اليوان على استقراره.

«المركزي» التركي

كما كشف محافظ البنك المركزي التركي، فاتح كاراهان، في مؤتمر «العُلا لاقتصادات الأسواق الناشئة»، عن الاستعداد للتحرك في مواجهة المخاطر التي قد تنشأ في ظل دورة خفض أسعار الفائدة الحالية.

جانب من الجلسات الحوارية (مؤتمر العُلا)

ووفقاً لكاراهان، فإن البنك قد بدأ بتخفيض أسعار الفائدة تدريجياً منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حيث خفضها بمقدار 250 نقطة أساس في كل من ديسمبر ويناير (كانون الثاني). ومع ذلك، لفت كاراهان في وقت سابق من هذا الشهر إلى أن البنك «ليس في وضع التشغيل الآلي» بعد خفضين متتاليين، وأنه يمكنه وقف أو تعديل حجم تحركات أسعار الفائدة استناداً إلى البيانات الاقتصادية. وأشار إلى أن حالة عدم اليقين بشأن السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة، خصوصاً في أميركا تخلق مخاطر بالنسبة إلى اقتصادات الأسواق الناشئة، بما في ذلك تركيا. وقال: «هذا يعني أن البنوك المركزية يجب أن تتوخى الحذر الشديد. هناك مخاطر متعددة... ونحن مستعدون للتحرك».

وكان البنك المركزي قد حافظ على سعر الفائدة ثابتاً عند 50 في المائة خلال الأشهر الثمانية التي سبقت ديسمبر الماضي، لكنه خفضه تدريجياً ليصل حالياً إلى 45 في المائة.