حركة انفصالية داخل حزب بنيت تفجر أزمة سياسية جديدة

رئيس «القائمة العربية» أعلن أن كتلته لن تسقط الحكومة

رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت (أ.ب)
TT

حركة انفصالية داخل حزب بنيت تفجر أزمة سياسية جديدة

رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت (أ.ب)

أعلن رئيس «القائمة العربية الموحدة» للحركة الإسلامية، النائب منصور عباس، أن كتلته لن تكون سبباً في إسقاط الحكومة، فيما كشف عن تحرك انفصالي داخل حزب «يمينا» الذي يقوده رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بنيت، لتبدأ الدورة البرلمانية المقبلة الأسبوع المقبل بأزمة سياسية من داخل بيته بالذات.
فقد ذكرت مصادر مقربة من حزب «يمينا»، الذي كان قد حصل في الانتخابات الأخيرة على سبعة مقاعد خسر اثنان منها بانشقاق رئيسة الكتلة، عيديت سيلمان، والنائب عاميحاي شيكلي، أن ثلاثة نواب يجرون اتصالات مكثفة للانسحاب من الحزب وتشكيل كتلة برلمانية جديدة. والثلاثة هم: وزيرة الداخلية إييلت شاكيد التي تعتبر شريكة بنيت في تأسيس الحزب ورفيقة دربه منذ أن كانا يعملان في مكتب رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو وانسحبا من الليكود سنة 2008، ومعها النائبان أفير كارا ونير أوروباخ. وقالت المصادر إنهم يشعرون بقرب انهيار الحكومة ويتعرضون لضغوط شديدة من اليمين المتطرف؛ ولذلك ينوون تشكيل كتلة تبقى بشكل مؤقت في الائتلاف الحكومي ولكنها تكون مستقلة عن «يمينا». وبذلك، يبقى بنيت بكتلة من نائبين فقط. وهذا يجعل من المستحيل أن يبقى رئيساً للحكومة لوقت طويل.
وانتشرت في تل أبيب، أمس، أنباء تقول إن بنيت نفسه لم يعد متفائلاً باستمرار حكومته، ويقول للمقربين منه إنه يقدر بأنه لم يتبق من عمر هذه الحكومة سوى شهر واحد.
وبحسب محلل الشؤون الحزبية في صحيفة «هآرتس» يوسي فيرتر، فإن «سقوط الحكومة لا يتعلق بالسؤال إذا كانت ستسقط أو متى ستسقط، وإنما بكيف ستسقط».
ونقل على لسان بنيت، أمس الجمعة، قوله، إنه يعتبر حكومته أعجوبة، وقال: «حتى بعد ألف سنة، لم أكن لأفكر بإمكانية تشكيل حكومة كالحكومة الحالية، فهي تضم ثمانية أحزاب من أقصى اليمين (حزب «يمينا» برئاسته وحزب «تكفا حدشاه» برئاسة وزير القضاء غدعون ساعر، وحزب «يسرائيل بيتينو» برئاسة وزير المالية، أفيغدور ليبرمان) ومن أحزاب وسط (حزب «يش عتيد» برئاسة وزير الخارجية يائير لبيد و«حول لفان» برئاسة ووزير الدفاع، بيني غانتس) – واليسار الصهيوني (حزب العمل برئاسة وزيرة المواصلات ميراف ميخائيلي وميرتس برئاسة وزير الصحة نتسان هوروفتش)، إلى جانب القائمة الموحدة (الحركة الإسلامية الجنوبية) برئاسة النائب منصور عباس). ووفقاً للخبير فيرتر، فإن هناك من فسر تصريح بنيت، أمس، على أنه بداية الانفصال بين هذه الأحزاب.
وكان رئيس «القائمة الموحدة» منصور عباس قد التقى بنيت ولبيد وطمأنهما بأنه «لن يبادر إلى إسقاط الحكومة، ولن يسجل على حركته أنها طعنت بها وأدت إلى تفككها». وقال إنه يتعرض لضغوط شديدة من داخل حزبه ومن الأحزاب العربية والصحافة والجمهور الواسع، بغرض حمله على اتخاذ خطوة كهذه احتجاجاً على سياسة الحكومة المتطرفة في الموضوع الفلسطيني واقتحامات الأقصى والتوسع الاستيطاني والعدوانية والبطش تجاه الفلسطينيين. ولكنه يرفض ذلك ويواصل جهوده لنجاح تجربة وجود ممثلين عن المواطنين العرب في الحكومة، وأكد أن فشل التجربة يجب ألا يسجل على اسمه.
وقال عباس إنه يحاول التأثير على سياسة الحكومة من داخل الائتلاف وعن طريق الحوار مع بنيت ولبيد وبقية المسؤولين، أيضاً في الموضوع الفلسطيني، ولكن وجوده ورفاقه في الائتلاف جاء أولاً لغرض خدمة المجتمع العربي. وأضاف: «هنا نحن حققنا مكاسب كبيرة. لم تنفذ كل الوعود بعد، لكن هناك حراكاً مهماً في مكافحة العنف والجريمة وهناك ميزانيات كبيرة وصلت إلى البلديات العربية وهناك ارتفاع في ميزانية التعليم وهذا ليس بالشيء القليل».
المعروف أن القانون الإسرائيلي لا يجيز إسقاط حكومة من دون ضمان تشكيل حكومة بديلة. فلكي يتم نزع ثقة عن الحكومة ينبغي طرح مشروع قانون يحظى بتأييد 61 نائباً ويكون مسمياً رئيس حكومة بديلاً يحظى بالثقة. وعليه، فإن مثل هذا الاقتراح لن يمر في التركيبة الحالية للكنيست، حيث إن المعارضة الملتفة حول نتنياهو، المنافس الأساس على رئاسة الحكومة، يقوم على قاعدة برلمانية من 54 نائباً (من مجموع 120). فهناك في المعارضة ستة نواب آخرين يمثلون الأحزاب العربية في القائمة المشتركة وهؤلاء لن يصوتوا إلى جانب حكومة برئاسة نتنياهو. ولهذا، فإن المخرج الوحيد من الأزمة هو الذهاب إلى الانتخابات مرة أخرى. ولكن توجد مشكلة في هذا المخرج، إذ لا توجد له أكثرية، ولن يكون هناك حل للأزمة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.