قوات النظام تصد هجمات «داعش» على تدمر مستعينة بضربات جوية مكثفة

مقتل 300 شخص في المعارك الدائرة

جندي من الجيش النظامي يطلق النار على مجموعة من تنظيم داعش شمال شرقي تدمر أمس (أ.ف.ب)
جندي من الجيش النظامي يطلق النار على مجموعة من تنظيم داعش شمال شرقي تدمر أمس (أ.ف.ب)
TT

قوات النظام تصد هجمات «داعش» على تدمر مستعينة بضربات جوية مكثفة

جندي من الجيش النظامي يطلق النار على مجموعة من تنظيم داعش شمال شرقي تدمر أمس (أ.ف.ب)
جندي من الجيش النظامي يطلق النار على مجموعة من تنظيم داعش شمال شرقي تدمر أمس (أ.ف.ب)

صدّت القوات الحكومية السورية، أمس، هجمات شنها تنظيم داعش في محاولة للسيطرة على مدينة تدمر الأثرية في شرق سوريا، ودفعت، مدعومة بقصف جوي مكثف، مقاتلي التنظيم إلى التراجع نحو بلدة السخنة، بعد 3 أيام من معارك عنيفة، أسفرت عن مقتل 300 شخص، بحسب ما ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، مشيرًا في الوقت نفسه إلى ارتفاع حصيلة القتلى من التنظيم المتشدد في عملية الإنزال الأميركية إلى 32.
وأكد كل من محافظ حمص طلال البرازي، و«المرصد السوري لحقوق الإنسان» و«تنسيقية الثورة في مدينة تدمر»، أن القوات الحكومية استعادت السيطرة على مواقع خسرتها على أطراف مدينة تدمر، وأن مقاتلي التنظيم تراجعوا إلى السخنة، وبعض الأحياء الواقعة شمال المينة، والبساتين في جنوبها.
وتواصلت المعارك بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى، على بعد كيلومتر من تدمر المعروفة بموقعها الأثري المدرج على لائحة التراث العالمي والواقع في جنوب غربي المدينة، وذلك بعد أن انسحب التنظيم من «معظم الأحياء» الواقعة في الطرف الشمالي، التي كان نجح في دخولها خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وأكد «المرصد السوري» أن المعارك تركزت في ضاحية العامرية الشمالية، مشيرا إلى أن التنظيم «انسحب من معظم الأحياء»، بعد أقل من أربع وعشرين ساعة على دخولها. بدوره، ذكر محافظ حمص طلال البرازي لوكالة «الصحافة الفرنسية» أن القوات الحكومية «أفشلت هجوم التنظيم وأقصت عناصره من الأطراف التي كانوا يوجدون فيها في شمال وشرق مدينة تدمر»، مشيرًا إلى أن القوات النظامية «تمكنت كذلك من استعادة التلة المطلة على المدينة وبرج الإذاعة والتلفزيون في شمال غربي المدينة، بالإضافة إلى حاجز الست عند مدخل المدينة». وأشار إلى أن «الأمور بخير الآن في المدينة ومحيطها».
ونفى البرازي في تصريحات لقناة «روسيا اليوم» وجود أي مقاتل تابع لـ«داعش» في المدينة.
وأكدت «تنسيقية الثورة في مدينة تدمر«، أن التنظيم «انسحب من مبنى مديرية البادية الذي سيطر عليه أمس (أول من أمس) إلى أطراف الحي الشمالي باتجاه منطقة العامرية»، مشيرة إلى أن عناصره «يستقرون في محيط الصناعة والمعالف والعامرية وبعض البساتين الجنوبية الشرقية المحيطة بالمدينة، إضافة إلى انتشارهم على طريق عام حمص - تدمر».
وفيما ذكر التلفزيون الرسمي السوري نقلا عن مصدر عسكري أن «سلاح الجو استهدف أرتال إرهابيي تنظيم داعش الفارين من محيط بلدة تدمر باتجاه بلدة السخنة، ودمر عشرات الآليات بمن فيها»، قال الناشط عمر الديري المطلع على تطورات المعركة لـ«الشرق الأوسط»، إن مقاتلي «داعش» انسحبوا «تحت ضغط الضربات الجوية التي تكثفت بشكل كبير منذ بعد ظهر السبت، مما أجبر التنظيم على الانسحاب»، مشيرًا إلى أن القوات النظامية «دفعت بتعزيزات من حمص إلى البادية، لصد الهجمات، حيث بات مقاتلو التنظيم عرضة لنيران من الغرب والجنوب إلى جانب الضربات الجوية». وقال إن «داعش» بدوره، كان حشد مقاتلين من دير الزور ليل الجمعة السبت، في محاولة للسيطرة على تدمر.
وأكد المرصد أن الطيران الحربي استهدف بلدة السخنة التي كان التنظيم سيطر عليها في طريقه إلى تدمر، مما تسبب بمقتل خمسة أشخاص.
من جهتها، ذكرت تنسيقية تدمر أن بلدة السخنة «لا تزال تحت سيطرة التنظيم، واستهدفها النظام اليوم (أمس الأحد) بعدة براميل متفجرة»، مشيرة إلى أن «حقل الهيل والحفنة وأرك ومحيطهما ما زالوا تحت سيطرة التنظيم بينما يحاصر مقاتلوه المحطة الثالثة وفوج الهجانة».
وقتل نحو ثلاثمائة شخص في المعارك المستمرة في محيط مدينة تدمر، هم 57 مدنيا قضى 49 منهم إعداما على أيدي عناصر التنظيم المتشدد، وثمانية في القصف، و123 عنصرا من قوات النظام وقوات الدفاع الوطني الموالية لها، و115 عنصرا من تنظيم داعش.
وبدأ تنظيم داعش هجومه على تدمر الأربعاء. وللمعركة أهمية استراتيجية بالنسبة إلى التنظيم، كونها تفتح له الطريق إلى البادية السورية المحاذية لولاية الأنبار العراقية التي يسيطر عليها التنظيم. كما أنها مهمة من الناحية الدعائية، كونها محط أنظار الإعلام العالمي بسبب الآثار العريقة التي تحتوي عليها.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.