«التيار الصدري» و«الإطار التنسيقي» يرميان كرة تشكيل الحكومة في ملعب المستقلين

إثر انتهاء مهلة الأربعين يوماً

«التيار الصدري» و«الإطار التنسيقي» يرميان كرة تشكيل الحكومة في ملعب المستقلين
TT

«التيار الصدري» و«الإطار التنسيقي» يرميان كرة تشكيل الحكومة في ملعب المستقلين

«التيار الصدري» و«الإطار التنسيقي» يرميان كرة تشكيل الحكومة في ملعب المستقلين

اختتم زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر مهلة الأربعين يوماً التي منحها لخصومه (الإطار التنسيقي) لتشكيل الحكومة، بتغريدة شكلت مفاجأة قبل موعد «9 شوال» الحالي. فبعد يوم من إعلان «الإطار التنسيقي» عن مبادرة لحل أزمة الانسداد السياسي في البلاد بعد مرور 7 أشهر على إجراء انتخابات وصفت بـ«المبكرة»، رامياً الكرة في ملعب المستقلين لتشكيل الحكومة، أعلن زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، خطته لتشكيل الحكومة المقبلة، وذلك برمي الكرة في ملعب المستقلين أيضاً. المستقلون؛ الذين تختلف التقديرات حول عددهم الحقيقي نظراً إلى الخلاف حول مفهوم النائب المستقل، لم يعلنوا موقفاً واضحاً بشأن مبادرتي أهم كتلتين برلمانيتين شيعيتين في البرلمان العراقي. لكن النائب المستقل حسين عربب، منسق «تحالف العراق المستقل»، أبلغ «الشرق الأوسط» أن «النواب المستقلين سوف يطرحون في غضون يومين رؤيتهم بشأن قضية الانسداد السياسي والمبادرات المطروحة». وفيما امتنع عن التعليق بشأن موقف المستقلين مع أي من المبادرتين؛ فإنه أقر بوجود «وجهات نظر مختلفة بين النواب المستقلين بخصوص إمكانية المشاركة في الحكومة وتسلم مناصب تنفيذية من عدمهما».
إلى ذلك؛ حدد الباحث العراقي فرهاد علاء الدين، رئيس المجلس الاستشاري العراقي، فئات المستقلين في البرلمان العراقي. وقال علاء الدين في تغريدة له على «تويتر» إن «المسؤولية على المستقلين وهم أنواع». وحدد علاء الدين مستويات المستقلين كالتالي: «مستقل حق وحقيقي؛ وعددهم أقل من 7، ومستقل إطاري (تابع للإطار التنسيقي الشيعي) وعددهم 10»، بينما هناك «مستقلون تابعون لتحالف (إنقاذ وطن) (بزعامة مقتدى الصدر) وعددهم يتراوح بين 7 و10، بينما هناك مستقل متحزب وهؤلاء ميولهم وتمويلهم من قبل حزب ما أو شخصية وعددهم بين 24 و30». وعد علاء الدين أنه بموجب هذا الوضع؛ فإن «الانسداد مستمر».
وفي حين نصت مبادرة «الإطار التنسيقي» على جلوس الجميع إلى طاولة حوار واحدة؛ لا سيما الكتلتين الشيعيتين «الإطار» و«التيار» مع دعوة المستقلين الى اختيار شخصيات من بينهم لتشكيل الحكومة، فإن الصدر قطع أي طريق للحوار مع خصومه في «الإطار التنسيقي»، مطالباً النواب المستقلين بالانضمام الى تحالفه مع منحهم مساحة أكبر لتشكيل الحكومة. الأوساط السياسية العراقية ترى أن دعوة كل من «الإطار التنسيقي» و«التيارالصدري» إلى جلب المستقلين؛ كل إلى تحالفه، تأتي من منطلق أن نحو جميع النواب المستقلين ينتمون إلى المكون الشيعي؛ وبالتالي، فإن طريقة استيعابهم في أي من الكتلتين تكون أسهل لو كانوا من مكونات مختلفة. الكتلة الوحيدة المستثناة هي كتلة «الجيل الجديد» الكردية التي يتزعمها رجل الأعمال الكردي المعارض ساشوار عبد الواحد. وبينما ترى الأوساط ذاتها أن محاولات إغراء النواب المستقلين بهدف الانضمام إلى أي من التكتلين سوف تجعلهم بمثابة بيضة القبان؛ فإنه من جانب آخر تعكس عمق الأزمة التي تعانيها العملية السياسية في العراق، بالإضافة إلى البيت الشيعي الذي انقسم إلى تحالفين متصارعين. فـ«التيار الصدري» يسعى منذ ظهور نتائج الانتخابات التي أجريت في 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 وتصدر نتائجها بواقع 75 نائباً، إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية، بينما جاءت نتائج غريمه «الإطار التنسيقي» متباينة مع خسارة كبيرة لكل قواه طبقاً للنتائج التي أعلنتها المفوضية. وكان تحالف الصدر الثلاثي الذي ضم «تحالف السيادة» السُنّي بزعامة محمد الحلبوسي وخميس الخنجر و«الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، حاول تشكيل الحكومة عبر مرشحه لرئاسة الجمهورية عن «الحزب الديمقراطي الكردستاني». لكن جميع محاولات التحالف الثلاثي فشلت وعبر 3 جلسات برلمانية بسبب امتلاك «الإطار التنسيقي» و«الاتحاد الوطني الكردستاني» و«عزم» السُنّي ما بات يسمى «الثلث المعطل». وفي سياق محاولة الصدر إحراج خصومه بتشكيل حكومة خلال مدة منحها لهم هي 40 يوماً؛ فإن لجوء الطرفين الشيعيين إلى المستقلين يعني أن كلا الطرفين بات عاجزاً عن تشكيل حكومة جديدة؛ الأمر الذي يمهد لإمكانية بقاء الحكومة الحالية فترة أطول مع منحها صلاحيات استثنائية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم